صحة

ما هو تعريف الموت

ما هو تعريف الموت ؟

أنا إيمان الإمام، وهذه الاسبتالية، وسنتحدث عن الموت والحياة، في المنظور القديم والحديث، بالنسبة إلى الطب.

خلال القرن التاسع عشر لوحده، كان هناك أكثر من ثلاثين نظرية، تحاول أن تجد طريقة، نعرف بها الميت من الحي، لأن تعريف الموت، لم يكن شيئاً سهلاً على مر التاريخ.

تعريف الموت وإعلان الوفاة والسماعة الطبية

تعريف الموت وإعلان الوفاة والسماعة الطبية

واحدة من أشهر المحاولات في منتصف القرن الثامن عشر، كان تعريف الموت، بتوقف القلب والرئتين، عن النبض والتنفس، وهذا منطقي.

لأن توقف القلب والرئتين، أو اصابتهما، كان تأثير واضح جداً، على باقي الأعضاء، التي تتلف وتموت من بعدهم.

وباختراع السماعة الطبية، اقترح طبيب فرنسي في سنة 1846، أن الطبيب لو لم يسمع نبض الشخص لمدة دقيقتين، باستخدام السماعة، يستطيع أن يعلن الوفاة.

واعتبرت هذه الطريقة، أكثر طريقة مؤكدة، ومناسبة لتحديد الوفاة، ومنع حوادث الدفن، التي تحصل بالخطأ لبعض الأحياء.

الصاعق الكهربائي

إلى بدايات القرن العشرين، عندما كان يحدث تطور في مجال آخر غير المجال الطبي، كانت الكهرباء، بدأت تصل إلى البيوت في أمريكا.

وتكررت حوادث وفاة عمال توصيل الكهرباء، بسبب الصعق بالتيار الكهربائي، الذي كان يؤدي إلى رجفان وخفقان القلب، تنتهي بسكتة قلبية، ويتوقف القلب عن النبض.

وهنا تساءل مهندس كهربائي أمريكي، إذا كان القلب يتوقف عن العمل، عند تعرضه إلى تيار كهربائي، بشدة ولمدة معينة.

فهل من الممكن لتيار كهربائي آخر، وبمواصفات أخرى، أن يعيد النبض والحياة، واستمر في تجاربه على الفئران والكلاب.

ومع فريق من الأطباء والجراحين، في بحث علاقة القلب مع التيار الكهربائي، على مدار سنوات، إلى أن توصلوا إلى طريقة، الانعاش القلبي الرئوي اليديوي.

وبعده تم اختراع جهاز، يوصل إلى القلب، شحنات كهربائية محسوبة، تعيده لريتم النبض الطبيعي، وفي عام 1957 استطاعوا أن يطبقوا هذا الأمر، على البشر لأول مرة.

تطور الأجهزة الطبية الحديثة

عودة النبض لقلب الإنسان بعد توقفه، لم يكن معناه إعادته، هو إلى الحياة مرة أخرى، ولكن كان معناه، إعادة النظر في تعريف الموت.

خصوصاً أن هذه كانت البداية، لطوفان من الاختراعات، في الأجهزة الطبية، للمساعدة على استمرار الحياة.

أجهزة التنفس الميكانيكية، وأنابيب التغذية، والقسطرة، وأجهزة غسيل الكلى، ولأول مرة في التاريخ الطبي كله.

نعرف أن الجسم، ممكن أن يفقد وظائف مهمة، مثل النبض والتنفس، ثم تعود مرة أخرى، ويعود الإنسان إلى الحياة.

وزادت المخاوف من التسرع في الحكم بالموت، على بعض الحالات، وظهرت في المستشفيات، عدد كبير من الحالات، المثيرة للجدل.

تعريف الموت وتوقف الدماغ

حالات مثلاً، يتوقف فيها التنفس والنبض، ليس المشكلة في الرئة والقلب، وإنما في الدماغ، أي مشكلة في الدماغ، لتنظيم التنفس، كانت قادرة على أن توقف الرئتين عن العمل.

ولكن الآن، بدل أن نعلن الوفاة، نستطيع أن نوصل الجسم بأجهزة القلب والرئة الصناعية، ونعيد له نظام التنفس، والنبض الطبيعي.

والدم والأوكسجين، يلفون في الجسم، ويحافظون على سلامة باقي الأعضاء، أصبح لدينا جسم دافئ، وجهاز هضمي، وكلى وكبد، كل شيء سليم ويعمل.

حتى الحبل الشوكي والأعصاب الطرفية، وألياف العضلات، يعني جسم يستطيع أن يقوم بردود أفعال منعكسة، ويرفع اليد وينزلها بسلاسة.

جسم تستطيع أن تعتبره حي فعلاً، ولكن الدماغ تالف تماماً، وجهاز رسم الدماغ، يؤكد غياب أي نشاط كهربائي في الدماغ، ويبدو أن لا شفاء منه.

ولا يوجد جهاز، نستطيع أن نعيد الدماغ إلى الحياة، وهذا مختلف عن حالة الغيبوبة أو النوم، التي يستمر فيها نشاط الدماغ، بدرجات متفاوتة.

الغيبوبة أو الكوما

الغيبوبة أو الكوما

الأطباء الفرنسيين سمو هذه الحالة coma depasse أو ما بعد الكوما هي أكثر من الغيبوبة، وأقل من الموت.

فيكون أمامنا أجساد، لا نعرف أين هم بالضبط، في الفاصل بين الحياة والموت، فاقدين للوعي، ولأي وظيفة دماغية، ولكن لا زالوا يمتلكون أعضاء سليمة، بكامل صحتها.

هذا كله، كان يحصل في وقت، ثورة التجارب والتطوير، في مجال نقل وزراعة الأعضاء، في مجدها، وكل هذا كان يوجه إلى شيء واحد، إضافة تعريف جديد للموت.

مفهوم تعريف الموت

هذه المرة من منظور غير القلب والرئة، وتشكلت سنة 1968 لجنة مخصصة من مجموعة أطباء، في جامعة هارفارد.

ووضع أول تعريف للموت، بناءً على حالة الدماغ وهو:

توقف لا رجوع فيه، لجميع وظائف الدماغ بأكمله، بما في ذلك منطقة جذع الدماغ.

وتتالت محاولات وضع بروتوكولات، مع حالات الموت الدماغي، والتي كانت تؤكد أنه حتى بدون أي تدخل طبي، أو مساعدة من الأجهزة.

تستمر من خلايا الجسم نشطة، وتقوم بوظائفها، بعد إعلان الوفاة، وهذا لا يغير أي شيء في خطوات تحديد وقت الوفاة.

لأن موت كل خلايا الجسم، ليس من الضرورة، إعلان الوفاة طبياً وقانونياً.

متى يتم الإعلان عن حالة الوفاة

متى يتم الإعلان عن حالة الوفاة

البروتوكولات كانت تبحث الخطوات، التي من المفروض أن يتبعها الطبيب المتخصص، لكي يعلن بدقة علمية، أن هذا الشخص ميت دماغياً.

وفحوصات الجهاز العصبي، والتأكد من انقطاع التنفس، بدون مساعدة الأجهزة، واستبعاد أي سبب للأنواع المختلفة للغيبوبة المؤقتة، التي لها علاج.

واستبعاد أي حالة تسبب ارتباك نتائج الفحوصات، مثل تعاطي بعض الأدوية والمخدرات، وتكرار هذه الفحوصات، بعد عدد من الساعات.

والأخذ في الاعتبار، بعمر الميت، والتأكيد على مؤهلات الطبيب أو فريق الأطباء، الذين يستطيعون أن يقوموا بهذا التقييم.

وطبعاً استبعاد أي مصلحة أو علاقة للأطباء، بأي عملية نقل أعضاء، تحصل بعد إعلان الوفاة، كل هذا، والتعقيدات والتساؤلات لم تنتهي.

بين الرافضين لفكرة الموت الدماغي، التي تحول جسم سليم تماماً، لمجرد مجموعة من الأعضاء، تنتظر فقط أن تتوقف.

والمشككين في قدرتنا، على التحقق أصلاً من الموت الدماغي، كل مناطق الدماغ.

فحص الغدة النخامية

لاحظ وكتب طبيب في عام 2006، أنه لا يوجد أي بروتوكول، يحتوي على خطوة تقييم وظائف منطقة hypothalamus.

وهي المنطقة المسؤولة، عن توجيه الغدة النخامية، المعروف عنها، أنها المايسترو المنظم، لغدد الجسم.

وبالتالي، المنظم لضغط الدم والسكر، ودرجة الحرارة، ودورات النوم واليقظة، والأيض واستهلاك الطاقة، وغيرها الكثير.

أي أن هناك الكثير من الحالات، يتم إعلانهم كوفيات، وأدمغتهم لا زالت تفرز هرمونات منظمة، لضغط الدم، أي لا زالت هناك، مناطق في الدماغ تعمل.

ولو أن هذه المنطقة ليست مثيرة للجدل كفاية، فما العمل مع حالة، حصل لديها تلف في الكثير من مناطق الدماغ، ومنها مناطق الإدراك، ولكن جذع الدماغ يعمل وسليم.

أي أنه يتنفس وقلبه يدق، وعينيه مفتوحتان، ويمر بدورات من النوم واليقظة، ولكن ليس لديه أي إدراك لنفسه، أو البيئة المحيطة به.

فاقد القدرة عن التعبير أو التواصل، أو تكوين ذكريات أو أخذ قرارات، وعندها يكون السؤال، هل فعلاً من الضروري، أن يموت الدماغ كله، حتى نعلن حالة الموت الدماغي.

وكل هذا بدون أن نتطرق للتعقيدات، التي ليس لها نهاية في حالة الموت الدماغي، لسيدة حامل مثلاً، أي رحمها وجسدها سليمين، يستطيعون أن يتمموا عملية الحمل لآخرها، ولو نحن أجلنا إعلان وفاتها، لكنا أنقذنا الجنين مثلاً.

الموت هل هو حدث أم قرار؟

التفريق بين الميت والحي، وتحديد وقت الموت بدقة، ليس مهم فقط، لكي لا ندفن أحد ما لا زال حياً، وإنما لترتيب خطوات قانونية واجتماعية ودينية.

إعلان الوفاة، يعني نهاية زواج وشراكة في عمل، وبداية شعائر توديع الميت، باختلاف كل المعتقدات، الموت يعني توزيع مواريث، وتحقق قانوني بسبب الوفاة.

واستبعاد وجود جرائم، أو وجود جرائم وتوجيه اتهامات، الموت تجهيز الأنسجة والأعضاء السليمة، لعمليات النقل والتبرع، في الدول التي تسمح بهذا، أي بداية حياة جديدة، لكثير من المرضى على قوائم الانتظار.

ولكن بعلمنا لحالي، ولو تحدثنا على المستوى البيولوجي، لا يوجد لحظة نستطيع أن نسميها، لحظة الموت، ولا يمكن اعتبار الموت حدث، واحد فاصل.

وإنما هو عدة عمليات متتالية، في مساحة واسعة جداً من الوقت، والخلاف والأسئلة، والاعتراضات، داخل هذه المساحة، هو الذي يبدو لن يموت قريباً، وكل الأمنيات لكل المرضى ومحاربي الأمراض في كل مكان..

المصادر

شاهد أيضاً:

جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

ماكتيوبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى