أهلا بكم بفيديو جديد في قناتكم الآن تعلم، إن شاء الله أن تكونوا بخير وفي أحسن حال.
الصحراء الكبرى ، هي صحراء هائلة المساحة وتقع في شمال أفريقيا، وهي ثالث أكبر صحراء في العالم بمساحة تبلغ 9.4 مليون كيلومتر مربع أي تقارب مساحة الولايات المتحدة الأمريكية بالكامل.
ورغم هذه المساحة الهائلة فإنه يعيش فيها ما يقارب 2.5 مليون شخص فقط يتركزون في المناطق التي تتواجد فيها الواحات ومصادر المياه الجوفية.
ولندرك كم هذا العدد ضئيل لو قارناه بمساحة الصحراء الكبرى، فأمريكا على سبيل المثال التي مساحتها تقريباً هي نفس مساحة الصحراء الكبرى، عدد سكانها 327.167.434 نسمة.
تاريخ الصحراء الكبرى
على مر التاريخ مثلت الصحراء الكبرى بمساحتها الشاسعة من الرمال وطقسها الملتهب، حاجزاً طبيعياً منع العديد من الحضارات الكبرى المطلة على البحر المتوسط.
مثل المصريين القدماء والفينيقيين والرومان والإغريق، وحتى الخلافة العربية الإسلامية، من مد نفوذها جنوباً إلى قلب القارة الأفريقية، والتوقف على حدود الصحراء العظيمة من الشمال والشرق فقط.
لكن الغريب أن هذه المساحة الهائلة لم تكن صحراء دائماً.
هناك العديد من الأدلة الجيولوجية والحفريات التي تثبت أنه على مدار الآلاف من السنين كانت هذه المساحة تتحول من صحراء رملية إلى أراضي خضراء عشبية مليئة بالمراعي والحيوانات المختلفة.
وثم تعود للتحول صحراء مرة أخرى وهكذا.
ومن المتوقع أن المرة القادمة التي ستتحول فيها الصحراء الكبرى إلى أراضي خضراء طبيعياً ستكون بعد 15 ألف سنة من الآن أي عام 17019. لو بقينا موجودين طبعاً لنشهد هذا الحدث العظيم.
من وقت لآخر ظهرت أفكار تحاول تغيير طبيعة الصحراء الكبرى لتحويلها إلى جنة من الأنهار والغابات، عن طريق التدخل البشري، بدلاً من الانتظار لحدوث الأمر طبيعياً بعد آلاف السنين.
وإذا حدث هذا، سيتيح مساحة هائلة يمكن أن يعيش عليها ملايين البشر، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل، وتحقيق نمو اقتصادي عالمي.
وزيادة مساحة التوسع العمراني لجميع الدول المحيطة بالصحراء الكبرى. وسيتسبب في تغيير مناخ المنطقة بالكامل وتحويله إلى مناخ أكثر قابلية للحياة.
بحر الصحراء الكبرى في الأدب الغربي
أول فكرة لتغير مناخ الصحراء الكبرى واستغلالها ظهرت من حوالي مائة سنة، في رواية خيالية اسمها غزو البحر للأديب الفرنسي الشهير جول فيرن.
والتي تكلم فيها عن فكرة غمر الصحراء الكبرى بالكامل بالمياه لتحويلها إلى بحر داخل قارة أفريقيا.
لكن على أرض الواقع فمشروع عملاق مثل هذا سيحتاج إلى تخطيط على أعلى مستوى، ودراسة التكاليف المادية الهائلة المتوقعة لتنفيذه.
أكبر مشلكتين واجهتا تنفيذ المشروع هما المنطقة المناسبة من الصحراء الكبرى لتنفيذ المشروع والتكاليف المادية.
منخفض القطارة في مصر
في عام 1912 وضع الجغرافي الألماني ألبرت بينسك تصوراً لأفضل منطقة في الصحراء الكبرى يمكن أن تكون نقطة البدء لتنفيذ هذا المشروع الضخم.
وهي منطقة منخفض القطارة في مصر. لكن لماذا منخفض القطارة بالذات؟ وما الذي يميزه عن غيره؟
منخفض القطارة هو ثاني أخفض منطقة عن سطح البحر في قارة أفريقيا بعمق 133- متر ومساحته تعادل ضعف مساحة دولة لبنان تقريباً. ويعيش حوله عدد ضئيل جداً من السكان يبلغ 363 نسمة فقط.
ولو تم إخلاء منخفض القطارة من السكان، وإعادة توطينهم في مكان آخر، سيكون من الممكن غمر المنخفض بالكامل بالماء من البحر المتوسط.
وتحويله إلى بحيرة صناعية ضخمة سيكون ترتيبها 13 على مستوى العالم من حيث الحجم، وهذا لأن منخفض القطارة قريب جداً من البحر المتوسط، ويبعد عنه مسافة 55 كيلو متر فقط.
ولو حدث هذا فسيتغير المناخ في هذه المنطقة، وستتحول آلاف الكيلومترات من الصحراء الجرداء إلى مدن ذات شواطئ مليئة بالحياة والعمران.
وسيكون من الممكن لمصر بناء عدد كبير من مصائد الأسماك لزيادة الثروة السمكية، وإنشاء الموانئ الجديدة التي ستفتح المزيد من الطرق العالمية.
الهدف من وراء مشروع منخفض القطارة
أول من وضع دراسة مبدئية عن مشروع منخفض القطارة هو الانجليزي دكتور جون بول عام 1927.
وتضمنت الدراسة حسابات عن معدل ملء المنخفض بالماء، ومعدل التدفق، وكمية الكهرباء التي يمكن توليدها عن طريق المشروع. ومشروع منخفض القطارة لم يكن بعيداً عن السياسة.
ففي سنة 1957 عرضت المخابرات المركزية الأمريكية على الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت دوايت أيزنهاور فكرة تمويل مشروع منخفض القطارة في مصر.
كوسيلة لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، ونشر السلام في منطقة الشرق الأوسط.
وهذا لأن هذا المشروع الضخم كان سيوفر فرص عمل بمئات الآلاف، والمئات من الوحدات السكنية حول المنطقة، وهذا سيجعل من الممكن إخلاء سكان فلسطين من أرضهم وإعادة توطينهم في منطقة المنخفض.
وأيضاً من وجهة نظر الأمريكيين، أن هذا المشروع كان سيوفر فرصة ذهبية لاستمالة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في صف المعسكر الغربي بقيادة أمريكا.
بدلاً عن ارتباطه بالمعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي.
إحياء المشروع من جديد
أما في السبعينات من القرن العشرين، تولى المهندس الألماني فريدريك باسلر رئاسة فريق لدراسة المشروع وتقديم استشارته الفنية التقنية للحكومة المصرية بخصوصه.
اقترح باسلر أن يتم حفر قناة أو نفق بطول 55 كيلومتراً، وعمق ستين متراً ما بين البحر المتوسط ومنخفض القطارة، وهذا سيؤدي إلى غمر المنخفض تماماً بمياه البحر.
وكان من المتوقع أن عملية حفر القناة ووصل منخفض القطارة بالبحر المتوسط وملئه بالمياه ستستغرق عشر سنوات تقريباً.
وبما أن المنخفض يقع في منطقة صحراوية شديدة الحرارة، فستتبخر المياه في المنخفض القطارة بشكل سريع.
وهذا سيسمح باستمرار تدفق المياه من البحر المتوسط بشكل منتظم، لمعادلة الكمية المتبخرة والحفاظ على منسوب الماء، وهذه العملية ستتيح فرصة استخدام المشروع في توليد الطاقة الكهربائية.
محطة الطاقة الكهربائية التي كان باسلر يخطط لبنائها بطول القناة من البحر المتوسط وحتى المنخفض كانت ستنتج ما يعادل 5800 ميجاوات من الطاقة.
وهذا كان سيجعل مصر تحتل المركز 11 على مستوى العالم من حيث إنتاج الطاقة الكهربائية حتى وقتنا الحالي.
وحالياً تحتل المركز 61 على مستوى العالم في انتاج الطاقة الكهربائية من الماء، عن طريق السد العالي في أسوان، والذي ينتج 2100 ميجاوات فقط.
الرجل الذي أراد ضرب مصر بالقنابل النووية
لكن أكثر عقبة واجهت تنفيذ هذا المشروع الضخم هي التكاليف الباهظة التي فاقت قدرات جميع المستثمرين، وحتى قدرات الحكومة المصرية.
وبناء على ذلك، وكعادة الألمان الذين يفكرون دائماً في حلول خارج الصندوق، طرح باسلر خطة في منتهى الذكاء وهي كالتالي:
اقترح باسلر أن يتم حفر 213 بئر بطول 55 كيلومتر من البحر المتوسط وحتى منخفض القطارة.
وأن يتم وضع قنبلة نووية قدرتها التدميرية تساوي 1.5 ميغاطن، أي أقوى بمائة مرة من القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما في اليابان، داخل كل بئر من هذه الآبار.
أي المحصلة سيكون لدينا 213 قنبلة نووية، كل منهم أقوى بمائة مرة من قنبلة هيروشيما. وبعد وضع القنابل في الآبار ستأتي الخطوة التالية، وهي إخلاء 25 ألف شخص من المنطقة المحيطة.
وتفجير هذه القنابل النووية في نفس الوقت، والذي سيعد أقوى انفجار في تاريخ البشرية، وسينتج عنه حفر القناة من البحر إلى المنخفض في الحال.
لكن طبعاً واجهت هذه الفكرة العجيبة العديد من العقبات التي منعت تنفيذها.
والتي منها مثلاً أن المسافة ما بين البحر المتوسط ومنخفض القطارة يتواجد فيها أكثر من 3 مليون لغم أرضي من مخلفات الحرب العالمية الثانية.
وهذا سيشكل خطراً كبيراً على حياة العمال والمهندسين الذين كان سيتم نقلهم إلى الموقع للبدء في التنفيذ.
وكان سينتج عن هذا الانفجار النووي الهائل كمية ضخمة من الاشعاعات، التي ستمنع بدء العمل في المشروع لسنوات عديدة.
ويمكن أن تهدد الدول المجاورة في المشروع، وتسبب فناء عدد كبير من الأسماك والثروة الحيوانية التي تتواجد بالقرب من المنطقة.
وأخيراً فالموجة الصدمية الهائلة التي ستنتج عن الانفجار العظيم، كانت ستتسبب في عدم استقرار الصفيحة الزلزالية في البحر الأحمر ما بين شبه الجزيرة العربية وقارة أفريقيا.
والتي تقع على بعد 450 كيلومتراً فقط من موقع الانفجار، وسيتسبب تحركها بشكل مدمر وغير متوقع.
لكن لحسن الحظ وكنتيجة طبيعية لخطورة المشروع وصعوبة تنفيذه، رفضت الحكومة المصرية خطة باسلر المجنونة، وأوقفت الدراسات الخاصة بتنفيذ المشروع إلى أجل غير مسمى.
لو أعجبكم الفيديو عن الصحراء الكبرى ومشروع منخفض القطارة، تابعوا قناتي وشكراً لكم.