معظمنا تقريباً شاهد فيلم الفيل الأزرق، ولكثرة نجاح هذا الفيلم، أُصدر من الفيلم جزء ثاني، ومن حوالي شهر تقريباً، طُلب مني أن أبين أحسن روايات التي من الممكن أن تَصلح كأفلام.
ولكن عند التفكير في الموضوع، وجدت أن معظم الأفلام الحالية مبينة على روايات، مثل الفيل الأزرق، معظمها تكون أفلام ممتعة، أو فكرة حلوة أو غريبة، ولكن ليست فكرة تؤثر على حياتك.
يعني مثلاً لو شاهدت فيلم الفيل الأزرق، أو غيره من الأفلام التي تأخذ نفس الطابع، أنت غالباً لن تستفيد شيئاً منه في حياتك الشخصية، لن تتعلم معلومة معينة، لن تعرف شيئاً في التاريخ مثلاً.
فقررت أن أستعين بصديقي عمر معداوي من قناة روائي، بما أنه خبير في الروايات، دعنا نخرج روايات يستفيد منها الناس، ونرشحها للناس، وفي نفس الوقت نخرج أقوى خمس روايات عربية، تستحق أنها تكون أفلام.
وسنصنف الروايات حسب المراكز:
المركز الخامس رواية مدن الملح
الكاتب السعودي عبد الرحمن منيف، هذه الرواية مقسمة إلى خمس أجزاء، وتعتبر من أشهر الروايات العربية، ومن أشهر روايات الكاتب.
الرواية تتحدث بشكل رئيسي عن كيف الحياة في الخليج تطورت بشكل كبير، واختلفت بعد اكتشاف البترول.
كيف الدول التي كانت تعيش في البدو والصحراء، والحياة القاسية، تحولت إلى أغنى بلاد العالم، وكيف هذا أثر على الناس، وكيف أثر على عاداتهم، وتقاليدهم.
تحويل هذه الرواية لفيلم، سيكون توثيق لفترة مهمة جداً، حصلت في حياة دول الخليج، وعلاقتهم بالعالم، وهذه الرواية صحيح أنها خيالية، والشخصيات التي بها خيالية، ولكنها تعكس الواقع وطبيعة الناس في هذه المنطقة بشكل كبير.
المركز الرابع رواية زمن الخيول البيضاء
الكاتب ابراهيم نصر الله، يتحدث بها عن قصة فلسطين من الربع الأخير، من القرن التاسع عشر، وحتى عام النكبة، من خلال التركيز على قرية وأسرة واحدة، بمختلف أجيالها.
نرى مأساة شعب باختلاف حكامه، من الأتراك إلى الانكليز إلى اليهود إلى المهاجرين، لغاية حرب الجيوش العربية في ثلاثينيات القرن الماضي.
يعتبرها الكثير ذاكرة حية وتاريخ مهم، للسنوات ما قبل النكبة، ورداً على المقولة الساذجة أن الفلسطينيين، هم الذين باعوا أرضهم، وهي من أجمل روايات الكاتب.
فتحويلها إلى فيلم، سيكون عمل ملحمي ومهم، لكي لا ينسى أحد أبداً، أصل الذي حصل فعلاً.
المركز الثالث رواية يوتوبيا
الكاتب الدكتور أحمد خالد توفيق رحمه الله، والذي يعتبرها ناس كثر، أنها أفضل ما كتب من روايات وكتب مثل السلاسل وما وراء الطبيعة وفانتازيا.
يتخيل الكاتب فيها مصر بعد خمسة عشر سنة، وهي مقسومة لقسمين، القسم الأول يوتوبيا، في الساحل الشمالي، مدينة الأغنياء، والثاني يكون فيه المدن مثل القاهرة، لا يوجد فيه أي نوع من الخدمات، أو الحياة شبه الآدمية.
فيقرر شاب من الشمال بداعي الملل والتجريب، أن ينزل لتحت ويمارس هواية الصيد، صيد البشر، يقتلهم ويعود بجزء من قسم الضحية، يتباهى بهذه المغامرة، أمام أصدقائه.
بعد ثورة 2011 في مصر والذي حصل بعدها، ناس كثر قالوا أن الدكتور أحمد كان يرى المستقبل، فالطبقة الوسطى التي أصبحت قليلة يوماً بعد يوم، والفرق الذي اتسع بين الأغنياء والفقراء، وهي من روايات الكاتب الرائعة.
لا نستطيع أن نقول أن هذه الرواية لو تحولت إلى فيلم، سيكون خيالي مية في المية، لأننا بالفعل رأينا أجزاء منها في أعيننا، لكن تحويل رائعة العراب إلى حكاية يراها أكبر عدد من الناس، سيظل حلم يراوغ كل الذين قرأوا الروايات، لكي يظل التحذير ومصير يوتوبيا أمام أعيننا.
المركز الثاني رواية فرانكشتاين في بغداد
الكاتب العراقي أحمد سعداوي، القصة تدور حول بياع الأنتيكات والأشياء القديمة في بغداد، حيث يجمع جثث ضحايا الأفكار الإرهابية، ولصقها مع بعضها البعض، ويكون منها كائن بشري غريب.
وهذا الكائن ينتقم للضحايا التي يتكون جسده منهم، ويبدأ بسلسلة من أحداث القتل الغريبة، والتي دائماً يتم نسبها لمجهول.
لن نكون مبالغين لو قلنا أن هذه الرواية، هي واحدة من أجرأ الأفكار التي حصلت في روايات عربية في السنوات السابقة، والدليل على ذلك أنها فازت بجوائز كثيرة جداً عالمياً، وترجمة لأكثر من ثلاثين لغة مختلفة.
هذه الرواية لو تحولت إلى فيلم، سيكون فيلم قوي جداً، لو فعلاً نفذ بشكل جميل، لأن الفكرة مبتكرة وغريبة، وفي نفس الوقت تقرب لك الواقع الذي يعيشه الناس في العراق، بعد الحرب الأمريكية.
المركز الأول رواية ثلاثية غرناطة
للكاتبة رضوى عاشور رحمها الله، والتي تتحدث فيها الذي حصل لمسلمي الأندلس بعد سقوط آخر ممالك غرناطة، وتسليمها للإسبان القشتاليين، وهذه الرواية من أروع روايات الكاتبة.
والرواية تتكون من ثلاث أجزاء، غرناطة ومريمة والرحيم، وتبدأ بعد تسليم مفاتيح غرناطة لملكي أراغون وقشتالة، 1491
على مدار مئة سنة أو أكثر، نرى أثر سقوط الأندلس على الناس العادية، الظلم والاضطهاد الذي عانوا منه، تحويل ديانتهم بالإجبار للمسيحية، منع الكلام باللغة العربية، أو حتى تداول كتب المكتوبة بالعربية.
حتى أسمائهم تتغير للأسماء أخرى إسبانية، كل هذا نراه من خلال أسرة بسيطة في الأندلس، تحاول مواجهة كل التغيرات التي حصلت من حولها.
وهذه الرواية من الممكن أن تتحول إلى فيلم، وسيكون فعلاً عظيم، لأنه سيتيح لنا حكاية التاريخ من وجهة نظرنا نحن، فلا يوجد فيلم تحدث عن فترة الأندلس وسقوطها.
وهذه فترة نعتقد أن الجميع يحب أن يعرف عنها أكثر، كما أن الرواية تعرض الجانب الانساني المتعلق بأهل الأندلس أنفسهم.
ونجاح أي فيلم بجانب تفوقه في الجوانب الفنية، هو نجاحه بأن يصل إلى مشاعر المشاهدين كلهم.
وهذه كانت أقوى خمس روايات عربية نحن نرى أنها تستحق أن تكون أفلاماً، ونرى أنه من اللازم كل شخص أن يقرأها.
ونلاحظ أنه يوجد كثير من الأفلام الأجنبية مأخوذة عن روايات، سواء أكانت قديمة أو جديدة، وفي الأفلام العربية ليست هي بنفس القدر، رغم كم الروايات التي لدينا.
هل هذا بسبب جودة الروايات نفسها؟ أم أنها مشاكل انتاجية تواجهها السينما في الوطن العربي؟
المصدر: يوتيوب