مثلث ابو النحاس المصري … البحار والمحيطات دائماً تكون الجانب الأكثر غموض وأثارة على سطح الأرض نظراً لبعدها عن الأنظار وعمقها المخيف الذي يكون صعب على الأنسان أن يصله وبالتالي البشر بدأوا يخترعون أساطير حول منطقة غامضة في البحر، الجميع سمع عن مثلث برمودا الموجود في المحيط الأطلسي،
وسمعنا أيضاً عن اختفاء سفن وطائرات بشكل غامض ومخيف وهذا أدى إلى انتشار الأساطير عنها، ولكن بالرغم من انتشار أساطير حول مثلث برمودا وتداول قصص بيننا عنه بغض النظر عن مدى صحتها إلا أن لم يخطر ببالنا مثلث برمودا المصري والذي يعتبر المقبرة الحقيقة للسفن والوجهة الأمثل لعشاق رياضة الغوص.
في الجهة الجنوبية الشرقية لمدينة غردقة المصرية وتحديداً في غرب جزيرة شدوان، أكبر جزيرة في البحر الأحمر المصري والتي تقع بأسم يعرف مقبرة السفن، لكن مثلث ابو النحاس ليس منطقة مرعبة كما انتم تتخيلون،
هو بالأساس منطقة هادئة في البحر الأحمر على شكل مثلث منعدم الدوامات المائية ولكن الغريب في هذه المنطقة أن أي سفينة في طريقها من خليج العقبة أو السويس لمضيق تيران تبدأ السفينة بالاختلال تماما، ولو قائد السفينة أن لم يكن يعلم بالمنطقة جيداً سوف يغرق في المنطقة خلال فترة زمنية قصيرة.
منطقة ابو النحاس هي منطقة المياه فيها مثل أي مياه مدن البحر الأحمر، مياه مليئة بالشعب المرجانية والأسماك مختلفة الأنواع والأشكال.
الشعب المرجانية في البحر الأحمر عموما تكون مرتفعة جداً لدرجة انها من الممكن أن تصل إلى قبل سطح البحر بمتر واحد، هذه الشعب نراها جميلة إلا أنها تمثل خطراً على السفن حيث تتواجد في الممرات الأساسية للسفن والمناطق الحساسة عند السفن.
بما أن منطقة ابو النحاس مياها هادئة وخالية من الدوامات فإن السفن لا تستطيع تحديد أماكن تواجد الشعب المرجانية.
وإلى الآن الباحثون لم يستطيعون تحديد عدد السفن الغارقة في منطقة ابو النحاس والسبب أن بعض السفن قد تدمرت تماما، وبعض الباحثين يتوقعون عدد السفن الغارقة هي 7 سفن، والسفن التي من الممكن أن نراها هي 5 سفن التي غرقت بسبب مثلث ابو النحاس.
على رغم من حقيقة مثلث ابو النحاس المرعبة للسفن إلا انها لا تشكل أي خطر على البشر، يمكننا الغوص فيها والتي تشكل وجهة سياحية وفيها صرح من السفن من عشرات السنين.
ستجد في مدينة غردقة ينظمون رحلات للغوص في غردقة و الجونى مروراً بالشعاب ابو النحاس، وكل ما عليك هو ان تستعد عند الصباح لتذهب إلى الشاطئ الذي تريد الغوص فيه وتتدرب في المكان المخصص للغوص وترتدي المعدات التي سوف تحصل عليها من المركب الذي تنطلق منه وسوف يكون معك مرشدين متخصصين في الغوص ويجعلك مستعداً للغوص ويكونوا معك خطوة بخطوة في قاع البحر و كل ما عليك هو تنفيذ الارشادات التي يتم أعطائها.
عندما تبدأ بالغوص و تتعمق في البحر ستجد حطام سفينة كارتنك، أقدم ضحايا مثلث ابو النحاس وهي سفينة بخارية كانت محملة بالركاب والبضائع وبسبب خطأ ملاحي اضطربت السفينة و اختل توازنها، إلا أن القبطان رفض أي مساعدة ألا بعد يوم من بوادر غرق السفينة، وبعد غرق 31 من الركاب وطاقم السفينة وطلب النجدة …
انقسمت السفينة إلى نصفين وانزلقت ما بين الشعاب المرجانية مع البضائع التي كانت تحملها في عام 1869 وكانت محملة بزجاج الصودا والذهب … وبعد أسبوع من غرق السفينة بدأت عملية الإنقاذ بمساعدة غواصين محترفين وقام باستعادة الذهب الموجود على السفينة و قام بترك السفينة معبئة بزجاجات الصودا الفارغة.
و بعد قرن من تواجد السفينة في البحر تغطت بالكامل بالشعاب المرجانية الملونة التي تعج بالحياة البحرية وتعطي منظر ساحر وضوء مميز غامض جعل كارتنك واحدة من أكثر المناطق المضيئة والملونة في المنطقة كلها.
بعدما ننبهر بعرض الفريد على سفينة كارتنك سنجد بالقرب منها سفينة كريسولاكي، وهي سفينة يونانية كانت محملة بشحنة البلاط والأحجار في عام 1978، قبل أن تصدم بشعاب أبو النحاس والتي أدت إلى غرقها في الحال، والغواصون يدعون أن أسماك الزينة ينجذبون إلى سفينة كريسولا تحديداً.
والغريب في هذه السفينة أننا نقدر نرى جميع تفاصيلها من غرف ومخازن وحتى شحنة البلاط المحملة عليها.
وفي نفس العام التي غرقت فيه سفينة كريسولاكي، استعدت سفينة كيمون أم المحملة بالسيراميك للخروج من تركيا بقيادة القبطان خوان كفاليري، وبطريقها بالهند ومرورها بالتحديد بقناة السويس قرر كفاليري أن يأخذ قسطاً من الراحة،
فسلم القيادة إلى أحد أفراد طاقم العمل، وبعد عدة ساعات اصطدمت كيمون أم أثناء سيرها بسرعة بالشعاب أبو النحاس وحصل فيها خلل غير قابل للإصلاح، وبدأ طاقم السفينة يرسل إشارات استغاثة حتى استجابت أحد السفن العابرة ونقلت طاقم كيمون أم للسويس.
ولحسن الحظ أن السفينة ظلت عالقة في الشعاب المرجانية عدة أيام وأستطاع طاقم السفينة أنقاد جزء كبير من الحمولة قبل أن تزداد الرياح والتيارات المائية وتؤدي إلى سقوط السفينة واستقرارها في قاع أبو النحاس.
سفينة كيمون أم تعتبر سفينة مرعبة بعض الشيء وذلك لأن سطح السفينة تم تدميره بالكامل وأصبح كومة من الحطام، كما أن اثناء الغوص بداخلها سنجد فتحات توصلنا إلى غرفة المحركات المليئة بالأنابيب والصمامات التي قد تشعرك بالكآبة والاختناق، من المستحسن الخروج منها لأن لن تجد فيها إلى شيء جميل.
بعد الخروج من سفينة كيمون أم … سنقابل سفينة جينزا دي اليابانية وسفينة أولدن الألمانية اللتان تعتبران ضحايا الأحداث للشعاب أبو النحاس وتلقوا نفس المصير بعد مرورهم بالمثلث المشهود، وستجد بداخلهما الحياة البحرية المليئة بالضوء والشعاب المرجانية الملونة وأسماك الزينة.
اقرأ أيضاً… المنطقة 51 … ماذا تخفي؟
اقرأ أيضاً… كيف تتحول الظواهر الطبيعية إلى “سلاح بقوة القنبلة النووية”؟
اقرأ أيضاً… وادي الملوك في مصر (valley of the king)