إسلامقصص وحكايات

هاروت وماروت | من هم ؟ قصة ستصدمكم ! – حسن هاشم



هاروت وماروت

موضوعنا اليوم غريب، ملائكة وسحر وفتاة وعذاب ، قصة أثارت جدلا واسعاً عبر العصور.

ملكان منزلان وظيفتهما السحر والذي ستقرؤونه أقرب إلى الخيال ولكنه حقيقة.

قصتهما مذكورة في القرآن الكريم وفي كل الديانات والروايات صادمة وبعضها أكثر صدمة

ما قصة الفتاة التي شكلت حدثاً مفصلياً؟ وما قصة بئر بابل؟ وهل حقا لا يزالان في عالمنا حتى يومنا هذا؟

سنتكشف القصة كاملة لهاروت وماروت في هذا المقال

لطالما سمعنا منذ الصغر قصص عن الملائكة وعلاقتهم بالأنبياء وفي بعض الأحيان بالبشر كما أن سمعنا قصصاً كثيرة عن نزول ملائكة إلى الأرض لغايات مختلفة، كنزولهم على الأنبياء لينقوا تعاليم الخالق عز وجل أو لنزولهم لقبض الأرواح عند الممات وفي حساب القبر وغيرها.

ولكن موضوعنا اليوم منكم من سمع أو قرأ عنه و آخرون مروا مرور الكرام عليه والبعض لم يسمع بهم أو الأصح بهما…

قصة هاروت وماروت الملكان اللذان يثيرون حيرة المفكرين والباحثين إلى يومنا هذا

هاروت وماروت ملكان أنزلهما الله تعالى إلى الأرض بحسب الديانات السماوية واغلب الديانات الأخرى التي ذكرت قصتهما.

ارسل الملكان إلى مدينة بابل وارتبط اسمهما بالسحر وتعاليمه ومن غير المعروف على وجه التحديد زمن وصول هذين الملكين وبحسب آخر المفسرين فقط كان نزولهما بعد فترة من وفاة النبي سليمان عليه السلام لغاية محددة وسوف نذكرها لاحقا

وفي تفسيرات أخرة ان هذين الملكين نزلا بعد رفع نبي الله ادريس إلى السماء.

ومن أبرز الروايات الرواية اليهودية التي ذكرت في التلمود ولا سيما في مدراش يلكوت حيث ذكر هذان الملكان بإسمين ( شمرحزاي وعزائيل أو عزازيل ) تقول الرواية اليهودية أن الملائكة لما رأت ما يصعد إلى السماء من أعمال بني آدم غضبوا وطالبوا الرب ان يسلطهم على الأرض وكان جواب الرب أنكم إذا نزلتم إلى الأرض فسوف تستولي عليكم شهواتها

وطلب منه الملكان شمرحزاي وعزائيل ان ينزلوا إلى الأرض ويسكنوا فيها ليقدسوا اسم الله، فلما نزلا إلى الأرض سبحا ومجدا وعبدا الخالق إلى أن ارتكبوا المعاصي الكبرى بسبب فتاة رائعة الجمال اسمها في التلمود استير وفي اللغة العربية الزهرة .. تذكروا هذا الاسم جيداً فهو مرتبط بمعلومات صادمة سنذكرها لاحقا.

الجدير بالذكر أن الكتب اليهودية تذكر عدد من الملائكة الذين سكنوا الأرض وعلموا أهلها بعض الحرف، فقد ذكر سفراخنوخ الاول أن عزازيل علم البشر كيفية الدروع والتروس والخناجر وكذلك مواد التجميل لإغواء بني آدم، وشمرحزاي علمهم طرد الأرواح الشريرة، والملك اراوس علمهم كيفية نطق التعويذة السحرية، والملائكة براكيل وكوكبيل وعزقيل وسمساويل وسربيل تولوا تعليم علوم التنجيم وعلامات الأرض والشمس والقمر لغرض معرفة المستقبل.

هذا ما ذكر في الروايات اليهودية ولكن ما قول الإسلام في هذا الموضوع؟ هل تعلمون ان قصة هاروت وماروت مذكورة في القرآن الكريم؟ ولكن بصيغة مغايرة تماما للرواية اليهودية

فقد ذكر هاروت وماروت في سورة البقرة حيث قال الله عز وجل: ( واتبعوا ما تتلو الشياطين على مُلك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا، يعلمون الناس السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من احد حتى يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من احد إلا بإذن الله )

أما عن سبب نزول هذه الآية فيقول ابن الكثير في تفسيره ان يهود المدينة كانوا ليسألوا النبي محمد عليه الصلاة والسلام عن شيء في التوراة إلا واجابهم، فلما سألوه عن السحر نزلت هذه الآية، ولما ذكر النبي محمد عليه الصلاة والسلام النبي سليمان عليه الصلاة والسلام قال يهود المدينة إلا تعجبون لمحمد يزعم ان ابن داوود كان نبيا والله ما كان إلا ساحراً يركبوا الريح، فأنزل الله هذه الآية ليكذبهم ويبرأ نبي الله سليمان من افتراءاتهم.

ولكن هل هناك تفسيرات اخرى لهذه الآية؟ نعم!

انقسم المفسرون إلى قسمين..

قسم استنبط هذه الآية من التلمود اليهودي ومنهم من رفض الرواية اليهودية رفضاً قاطعاً لأن تتعارض مع مفهوم عصمة الملائكة في الإسلام.

أما الرافضين للرواية اليهودية فهم يربطون بين نزول هاروت وماروت إلى الأرض وبين النبي سليمان عليه السلام، حيث أورد ابن كثير والطبري وغيرهم مع مختصره أنه لما سلب النبي سليمان عليه السلام ملكه بسبب مرضه الشديد وعدم قدرته على إدارة شؤون مملكته،

 بدأت الشياطين بالصعود إلى السماء ليستمعوا لكلام الملائكة ثم يعودون أدراجهم إلى الأرض ليخبروا الكهنة بما سمعوا والذين بدورهم كانوا يخبرون الناس بما سيحدث ليدعوا قدرتهم على معرفة الغيب والمستقبل.

وكانت الشياطين تكتب السحر في غيبة سليمان عليه السلام ويعنونون ” هذا ما كتب آصف بن برخيا عن سليمان بن داوود من ذخائر كنوز العلم” و آصف بن برخيا بحسب المؤرخين هو الرجل صاحب الكتاب الذي اتى بعرش بلقيس إلى النبي سليمان عليه السلام، فلما استعاد سليمان ملكه جمع كل هذه الكتب ووضعها في صندوق دفنه تحت كرسيه ولم يقترب أحد من الشياطين من الكرسي ألا واحترق.

فلما مات سليمان وقل عدد العلماء الذين عرفوا ماذا فعل سليمان عليه السلام بكتب السحر وبعد مضي جيل وولادة جيل آخر، تمثل الشيطان بهيئة انسان إلى جماعة بني إسرائيل وأخذ يسوس لهم بأن سليمان لم يكن نبي بل ساحراً والدليل هو الصندوق تحت كرسيه،

عاود ابليس المحاولة مراراً بعد رفض بني إسرائيل لتكفير النبي سليمان في بادئ الأمر ولكن استمر ابليس بإغوائهم حتى حفر جماعة منهم تحت الكرسي واخرج الصندوق، فأشاع ابليس بين الناس ان سليمان كان ساحراً وكانت النتيجة كثرة السحرة الذين تتلمذوا على أيدي الشياطين وادعوا النبوة والغيب و أن السحر هو معجزة النبوة،

 فأنزل الله الملكين هاروت وماروت ليعلما الناس السحر ويفرقا بين السحر والمعجزة وبين الله تعالى في القرآن ان اقصى ما يعلمانه هو التفريق بين الزوجين ولا يتم إلا بمشيئة الله تعالى.

وكانوا يحذرون المرء بأنه فتنة وابتلاء من الله والقصد من ذلك هو تعليم السحر وهم بذلك انزلوا ليبينوا للناس ان سليمان عليه السلام لم يكن ساحراً بل كان نبياً والدليل معجزاته التي ابعد ما تكون عن السحر الذي يمكن ان يتعلمه الأنسان العادي أما المعجزة فهي من خصائص النبوة، هذا ليس كل شيء…

هل تعلمون أن هناك تفسيرات أخرى لعلماء المسلمين تتقابل بشكل ما مع الرواية التلمودية؟

ورد في هذه التفسيرات ان الملائكة تعجبوا من عصيان البشر في الأرض فأمرهم الله ان يختاروا من ينزل إلى الأرض وتركب فيه الشهوة كي ينظروا أيطيعون ام يعصون … فاختاروا هاروت وماروت فنزل الملكان إلى الأرض يعبدون الله ويسبحونه حتى اتتهم الزهرة الفتاة الجميلة…

كما ذكرنا سابقا ان الرواية التلمودية تحدثت عن نزول الملكين شمرحزاي و عزازيل إلى الأرض  وصولا الى لقائهما مع استير او الزهرة،

تقول الرواية اليهودية ان هذه المرأة الرائعة الجمال اختصمت للملكين فأبهروا بجمالها وحاولا مراودتها عن نفسها فلم تقبل وطلبت منهما ان يعلماها الاسم الذي يصعدان به الى الفضاء فلم يقبلا فطلبت منهما ان يعبدا الاصنام مقابل ان تسلمهما نفسها فرفضا ثم أنها طلبت منهما قتل طفل كان معها فرفضا قتل نفس بريئة،

 وطلبت منهما أن يشربا الخمر فقالا لبعضهما أنه أهون الشرور فلما شربا عبدا الأصنام ووقعا عليها ورآهما بهذه الحالة غلام مار فقتلاه خوفا من الفضيحة، وفي غمرة سكرهما أفصحا للزهرة عن اسم الله الأعظم فذكرته وصعدت للسماء وفي رواية أخرى أنها لم تسلم نفسها إلى الملكين بل صعدت الى السماء بعد ان عرفت الاسم الاعظم وكثواب من الله على حفاظها على نفسها وضعها الرب بين الكواكب السبعة كي لا ينساها البشر.

بعض الروايات اليهودية تقول ان هذه المرأة نسيت الاسم الذي تهبط به فمسخها الرب إلى كوكب والبعض الاخر يقول ان مسخها الى كوكب كان عقاب لها على اغوائها الملكين، نحن نتحدث عن كوكب الزهرة هذا ما ذكر في الرواية التلمودية،

نأتي الان للراوية الاسلامية، طالما اعتقدنا ان هذه الرواية لاوجود لها في التاريخ الاسلامي حيث ان المعتقد الراسخ في الديانة الاسلامية يقضي بعصمة الملائكة وتنزيههم عن المعاصي، ولكن ستفاجئ عندما تقرأ فكرها عند بعض كبار العلماء والمفسرين حيث تقول الرواية الاسلامية ان الزهرة كانت ملكة من الفرس وقد اختلفوا بسبب مسخها الى كوكب،

 فرقة تقول بسبب اغوائها الملكين بدون صعودها الى السماء وتضيف ان الملكين تشفعا بالنبي ادريس عليه السلام بعد ان أذنبا، أم الفرقة الاخرى فتقول بأن الزهرة لم تسلم نفسها إلى الملكين حتى يعلماها اسم الله الأكبر، فقال أحدهما أعلمها فرد الآخر إني أخاف الله فقال الذي أراد إعلامها فأين رحمة الله؟ ثم علماها الاسم فتكلمت به وصعدت إلى السماء فمسخت كوكباً.

اقرأ أيضاً… السيدة فاطمة الزهراء | كيف ماتت؟ ولماذا دفنها الإمام علي سراً؟

لكن ماذا حدث يا ترى لهاروت وماروت؟

الجزء الاغرب من موضوعنا هو الذي حدث لهاروت وماروت أو بالاصح أين هما هاروت وماروت، كما ذكرنا سابقا ان هناك روايتين لواقعة هاروت وماروت إحداها هي الرواية التلمودية التي استنبط منها بعض المفسرين الاسلاميين تفسيرهم تقول بإذناب الملكين والاخرى تنص ان نزول الملكين كان لقضاء مهمة بإذن الله تعالى،

 أما الرواية التي ترفض معصية الملكين بحكم عصمتهم فلم يزد المفسرون على الآية القرآنية شيئا بل اكتفوا بتفسير سبب نزول الملكين، لكن من المعروف ان الملائكة تعود للسماء بعد قضاء مهمتها على الأرض كما ملك الموت عزرائيل وملك الوحي جبرائيل إذن على الارجح وبأغلب الآراء ان الملكين عادا الى السماء بعد قضاء مهمتهما والله أعلم، لكن ما ذكر في الرواية التلمودية والتفسير الاسلامي القريب منها حقاً غريب،

تقول الرواية التلمودية انه بعد ان عصا الملكان اوامر الرب فقدا كل صفاتهما الملائكية وحبسوا في الأرض كسائر البشر واتخذا زوجات جميلات وولدا ولدين هما هواء وهياء أي هو وهي كما ان بعض المصادر ذكرت ان ترجمة الاسميين هو هيلا هوب وأن هذان الولدان قضيا مع نسلهما في طوفان نوح عليه السلام،

 نصل الان للرواية الاسلامية التي نصت على معصية الملكين، تقول الرواية انه بعدما افاق الملكين من سكرهما دهشا لمعصيتهما وندما ندماً شديد واخذا يتوسلا لله ان يصفح عنهما فخيرهما الله بين عذاب الدنيا وعذاب الأخرة فاختارا عذابا الدنيا كي ينالا مغفرة الله في الآخرة.

يضيف بعض المفسرين على هذه المعلومة انه لما افاق الملكان من سكرهما حاولا الطيران باستخدام الاسم المقدس فلم يستطيعا فعرفا انهما اذنبا فتشفعا بنبي الله إدريس عليه السلام الذي كان قد رفع الى السماء فقال لهما تخيرا بين عذاب الدنيا والأخرى فاختارا عذاب الدنيا،

 ولكن ما هو العذاب في رأيكم؟ هل تستطيعون أن تتصوروه؟

كان عذاب الملكين ان تم ربطهما بسلاسل حديدية ثقيلة وهم منكسا الرأس بمعنى أن أرجلهما كانت إلى الأعلى ورؤوسهم إلى الأسفل في بئر ماء في مدينة بابل ودخان الأرض كله يجتمع في البئر فيضرب أعينهما وهما عطشانان والماء أمامهما ولا يستطيعان الشرب، ولكن هل تعلمون انه بحسب هذه التفسيرات والروايات فإن عذاب الملكين على هذه الحالة وفي نفس البئر مستمر حتى يومنا هذا وإلى يوم القيامة.

اقرأ أيضاً… النبي زكريا | نبي قتله ابليس في جريمة لن ينساها التاريخ، من هو؟! | حسن هاشم

كما ذكرنا سابقاً فإن قصة هاروت وماروت ذكرت في الديانات السماوية حيث انها فصلت في الديانة اليهودية والاسلامية،

اما في الديانة المسيحية فيوجد لها تلميح عن الملائكة الساقطة المعذبة بسبب عصيانها في الرسائل في العهد الجديد المسيحي واللافت للنظر أن هذين الملكين ذكرا في الديانات الأخرى كالأرمنية في الكتب الهندية القديمة والزرادشتية،

 فبحسب المؤرخين الأرمن أن الأرمن القدامى كانوا يعبدون ألهين اسمهما باللغة الأرمنية هوروت و موروت حيث اعتقدوا ان هوروت و موروت هبطا من السماء ومالا إلى التناسل وهم أيضا اعتقدوا أن هذين الروحين يتحكمان في الرياح لذلك هما يساعدان الأرض على إنبات المحاصيل وإخراج الثمار بتسخيرهما الرياح التي كانت تسوق الأمطار.

نصل للكتب الهندية القديمة وبالأخص كتاب Mahabharata وهو كتاب مكتوب باللغة السانسكريتية القديمة ذكر هذا الكتاب روحين اسمهما سند و أبسند نالا في الزمان القديم من الإله برهما فضلا بسبب تقشفهما وزهدهما فتسلطا على الأرض والسماء واستوليا عليها فخاف الإله من أن يأخذا ملكه فخلق حورية اسمها تولوتما استطاعت بجمالها وحيلتها إيقاع العداوة والبغضاء بين الروحين حتى قتلا بعضهما فكافئها برهما وقال لها ستحيطين بجميع الدنيا التي تشرق عليها الشمس ولا يمكن لأحد أن يفتح عينيه فيكي لعظيم اشعة بهاءكِ

اما عن الزارداشتية إن الموسوعة البريطانية تقترح أن اصل الاسمان هاروت وماروت مشتق من اثنين من رؤساء الملائكة او الكائنات الطيبة السبعة او الستة الخالدة المحيطة بأهوارامزدا إله الخير في الاساطير الزرادشتية وهما كل من هوروتات التي تعني القداسة واميريتات التي تعني الخلود،

 هذا ابرز ما ذكر عن قصة الملكين هاروت وماروت التي مازالت الى يومنا هذا تثير حيرة المفسرين والمؤرخين والعلم اليقين عند الله وحده فما رأيكم؟ أي التفاسير التي قدمناها برأيكم يمكن أن تكون الصحيحة وهل تعتقدون ان هذين الملكين مازالا محبوسين على أرضنا هذه وبيننا في بئر موجود في ما تبقى من مدينة بابل القديمة ينتظرون خلاصهم يوم القيام؟

اقرأ أيضاً… احياء الموتى | من قصص الأنبياء واحياء النبي عيسى للموتى | مع حسن هاشم

اقرأ أيضاً… أصحاب الرس | قتلوه لأجل شجرة، أصحاب الرس والنبي المجهول ! حسن هاشم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى