حول العالمعلوم الفلك والأرض

ناسا إرسال البشر إلى القمر بحلول 2024


لم تُطَوِّر وكالة ناسا مركبات إنزال؛ للهبوط على سطح القمر، وذلك منذ برنامج «أبولو» الذي انتهى في عام 1972.

بعد انقضاء خمسة عقود على إرسال البشر إلى القمر، كُلِّفَت وكالة ناسا بمهمة تكرار هذا الإنجاز بحلول عام 2024، وهو الموعد النهائي الطَّموح الذي حدده فريق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنْ ليس واضحًا كيف ستتخطى وكالة الفضاء بعض التحديات التقنية، والسياسية، والتمويلية الهائلة؛ لتنفيذ هبوط على القمر خلال أربعة أعوام ونصف عام فقط.

يقول رايان واتكينز، العالِم المتخصص في دراسة القمر في معهد علوم الكواكب، الكائن في سانت لويس بولاية ميزوري: إذا تهيأت الظروف جميعها معًا بشكل مناسب، فستتمكن ناسا من تنفيذ المهمة بنجاح، غير أنه يستدرك قائلًا: “لكنْ يجب أن تتهيأ الظروف جميعها”.


مهمة قمرية

 

ما زال على قادة وكالة ناسا اتخاذ قرارات أساسية حول كيفية سير هذه المهمة القمرية، المسماة «أرتميس» Artemis، نسبةً إلى الشقيقة التوأم لـ «أبولو» Apollo في الميثولوجيا الإغريقية. فالوكالة لا تمتلك صاروخًا جاهزًا لإرسال طاقم بشري إلى الفضاء السحيق، كما أنها لم تُطَوِّر مركبة إنزال للهبوط على سطح القمر منذ برنامج بعثة «أبولو»، الذي انتهي في عام 1972.

هناك أيضًا الكونجرس، الذي يتحكم في ميزانية الوكالة، والذي يبدو أن اهتمامه برصد الأموال لإتمام البعثة الفضائية إلى القمر قد بدأ يفتر على نحو متزايد.

وبينما تسعى وكالة ناسا جاهدة لتحقيق هذا الهدف الطموح، تسلك الصين خطى ثابتة على طريق إرسال رواد فضاء إلى القمر بحلول منتصف ثلاثينيات القرن الواحد والعشرين.

فقد أطلقت سلسلة من البعثات الفضائية القمرية غير المأهولة على مدار العقد الماضي، وفي يناير من العام الحالي، أصبح مسبارها «تشانجا-4» Chang’e-4 أول مركبة فضائية تُطْلقها دولة للهبوط على الجانب البعيد من القمر.

ويقول المسؤولون الصينيون إن هناك أربع مهمات روبوتية أخرى ستتبع هذه المهمة، بدءًا من مهمة «تشانجا-5» Chang’e-5، التي قد تنطلق في أمد قصير لدرجة مدهشة – في ديسمبر من العام الحالي – لتعود بعيّنات من صخور القمر، وتربته.

ويتوقع باحثو القمر أن تقوم هذه المهمات بتنفيذ تجارب علمية، وإرساء دعائم تأسيس قاعدة مستقبلية على سطح القمر.

ويقول كريستوف بايشل، الباحثُ من معهد لندن لسياسات الفضاء، وقوانينه: “خلال العقد القادم، أو العقدين القادمين، سنرى حتمًا رائد فضاء صينيًّا، تطأ قدماه سطح القمر”. 


مساعدات جاهزة

 

تراهِن ناسا على قدرة شركائها التجاريين على مساعدتها في الوصول إلى القمر مجددًا؛ وذلك من خلال تَوَلِّيهم لبعض المهام المحورية التي كانت تتولاها الوكالة خلال حقبة «أبولو».

وتتضمن هذه المهام إرسال التجارب العلمية والتقنية إلى سطح القمر، لإرساء الأساسات اللازمة لإرسال بعثة فضائية لاحقة تحمل طاقمًا بشريًّا.

في شهر مايو الماضي، أعلنت وكالة الفضاء أنها قد وقّعت عقودًا مع ثلاث شركات، سوف تحمل كل منها إلى القمر – على متن مركبات إنزال روبوتية – عددًا من التجارب، يصل إلى 14 تجربة.

وتعتزم إحدى هذه الشركات، وهي  شركة «أوربيت بييوند» Orbit Beyond في مدينة إديسون بولاية نيوجيرسي، إرسال مركبة إنزال إلى سهل الحمم البركانية، الموجود على سطح القمر، والمسمى «مير إمبيريوم» Mare Imbrium، في الربع الثالث من عام 2020.

وفي هذه الأثناء، تخطط الوكالة للاستمرار في تطوير صاروخها القادر على نقل الحمولات الثقيلة، وكبسولة طاقم الفضاء «أوريون» Orion، التي سوف تحمل رواد فضاء المهمة إلى الفضاء السحيق.

وقد أعيد طرح كل من الصاروخ، والكبسولة من نسخ سابقة كانت ناسا تعمل عليها لإرسال رواد فضاء لزيارة أحد الكويكبات، ولزيارة المريخ بعدها.

ومن المقرر أن يُجرَى الاختبار الأول للصاروخ والكبسولة معًا بدون طاقم بشري في موعدٍ ما، بعد منتصف عام 2020، ويُعتزَم إجراء أول اختبار لهما وعلى متنهما طاقم بشري في موعد آخر بعد عام 2022.


تصميم مركبة إنزال

 

ويتمثل أكبر تحد يواجه ناسا – في خضم سعيها للعودة إلى القمر – في الحصول على مركبة إنزال كبيرة، بمقدورها أن تحمل رواد الفضاء إلى سطح القمر، وذلك بعد إطلاقها مع كبسولة «أوريون»، محمولتَين على صاروخ الحمولات الثقيلة.

وقد صممت الشركات التجارية مركبات الإنزال تلك نظريًّا فقط، ومن بينها مركبة «بلو مون» Moon Blue – من تصميم شركة «بلو أوريجين» Blue Origin في كينت بولاية واشنطن، وهي شركة صواريخ، أَسَّسها الملياردير جيف بيزوس – ومركبة أخرى من تصميم شركة «لوكهيد مارتين» Lockheed Martin في دنفر بكولورادو، المستوحاة من تصميم مركبة الإنزال «فينيكس» Phoenix، التي هبطت على سطح المريخ في عام 2008، لكنْ لم يتم بناء أي من تلك المركبات، أو اختبارها، أو إرسالها للتحليق في الفضاء.

 

صَمَّمت شركات - من بينها شركة «بلو أوريجين» - مركبات إنزال؛ للهبوط على سطح القمر، لكنْ لم يتم إرسال أيّ من هذه المركبات للتحليق في الفضاء.

صَمَّمت شركات – من بينها شركة «بلو أوريجين» – مركبات إنزال؛ للهبوط على سطح القمر، لكنْ لم يتم إرسال أيّ من هذه المركبات للتحليق في الفضاء.


عوائق سياسية

 

اتسمت استجابة الكونجرس –  الذي يتحكم في ميزانية وكالة ناسا – بالفتور. ففي الخامس والعشرين من يونيو الماضي، وافق مجلس النواب – الذي يستحوذ عليه الحزب الديمقراطي – على مشروع قانون بشأن ميزانية إنفاق وكالة ناسا لعام 2020، يتجاهل التمويل اللازم لتنفيذ مهمة «أرتميس».

وما زال على مجلس الشيوخ – الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري – أن يتخذ قرارًا بشأن ميزانية ناسا المقترَحة لعام 2020، بما في ذلك طلب الوكالة لتمويل مهمة «أرتميس».

وقد أدّت النزاعات الطويلة مع الكونجرس الأمريكي بشأن التمويل إلى إحباط محاولتين، طَرَحَهما أسلاف الرئيس الأمريكي ترامب؛ للعودة إلى القمر.

فالخطة التي اقترحها جورج بوش الأب في عام 1989 لم تنجح قط في الحصول على تأييد الكونجرس. كما ألغى باراك أوباما في عام 2010 برنامج العودة إلى القمر، الذي أعلنه جورج بوش الابن في عام 2004، لكنْ كان ذلك بعد أن بدأ تطوير صاروخ الحمولات الثقيلة، الذي يريد ترامب استخدامه الآن.


صعوبات الرحلة

صعوبات الرحلة

في هذه الأثناء، تواجه الصين صعوبات مختلفة في مسعاها لإرسال بشر إلى القمر.

فقد سبق أن أرسلَتْ رواد فضاء إلى مختبرات فضائية في مدارات أرضية منخفضة، وهي تخطط لإكمال تشييد محطة فضاء في عام 2022، لكنها تفتقر إلى الخبرة في إرسال البشر إلى أبعد من هذا النطاق، إذ يتطلب ذلك مركبات فضاء وتقنيات هبوط أكثر تطورًا.

ويقول بايشل إنه من المحتمل أن يكون أكبر تحد يواجه الصين هو تطوير صاروخ يفي بالمهمة، مضيفًا: “كل شيء آخر يمكن بناؤه وتطويره، استنادًا إلى ما تمتلكه بالفعل”.

كاتب المقال :

أليكسندرا ويتزي

إليزابيث جيبني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى