أخبارإسلامالحياة والمجتمعتعليمعلوم الفلك والأرض

نظرية التطور ومن يقوم بدعمها

نظرية التطور شرح وتحقيق للدكتور إياد قنيبي : يتحدث الدكتور إياد قنيبي في هذا المقال عن تناقضات المؤمنين بنظرية التطور منذ نشأتها وحتى الوقت الحاضر.

من يدعم النظرية لئلا تسقط وما مصلحته؟

لا بد لطرزان أن يبقى معلقاً في الهواء، لكن الحبال التي يتعلق بها تتقطع تباعاً، لذلك علينا أن نمد له المزيد من الحبال على مدار الساعة، ليبقى معلقاً في الهواء. هكذا هي خرافة تطور الصدف، حبال قطعت وأدلة عطّلت وتزويرات كشفت، لكن بعدما أبقت الخرافة معلقة. ولا زال أتباعها يمدون لها الحبال لألا تسقط.

ما قصة قولهم حتى لو ظهر أن هذا الدليل من أدلة النظرية غير صحيح، لا يضر؟ فالأدلة عليها كثيرة جداً.

ما المشكلة ما دام العلم يكشف بطلان الأدلة المزورة؟

ألا يدل هذا على نزاهة العلم الغربي الذي ننتقده؟

هذا ما سنتعرف عليه في هذه الحلقة فتابعونا.

كيف ولدت نظرية التطور شرح

ولدت  نظرية التطورقبل مائة وستين عاماً. لو نظرت إلى أدلتها المزعومة وآلياتها المفترضة في ذلك الزمان، لعلمت أن أتباعها الآن مقرون بعدم صحة كثير منها. ومع ذلك فهم يؤكدون صحة النظرية. لماذا؟ لأن هناك الكثير من الأدلة التي ظهرت فيما بعد حسب زعمهم.

فالنظرية خرجت من عنق الزجاجة لحظة من اللحظات وأصبحت غير قابلة للمساءلة Unquestionable. فأعطى اتباعها بعد ذلك الحق لأنفسهم بأن يلبسوا نظارات داروينية ينظرون بها إلى كل شيء في الدنيا. فإذا تبين بطلان دليل مما تمسكوا به لسنوات، فإنهم يرددون عبارتهم المعروفة. حتى ولو لا يضر، فالأدلة كثيرة جداً.

تعالوا نستعرض شريط الزمن، سيكون هناك تكرار في بعض العناوين إخواني، لكن سنأتي تحت هذه العناوين بمعلومات جديدة تخدم موضوع حلقتنا.

أركيوبتريكس Archaeopteryx

في حياة داروين مدت لخرافته مجموعة حبال، أولاً حفرية Archaeopteryx التي اكتشفت عام 1861 في ألمانيا، وبنى عليها داروين وأتباعه من بعده فكرة تطور الطيور من الديناصورات، ويعتبرونها أقوى الأدلة على ذلك، يعتبرونها الحلقة الوسيطة بين الديناصورات والطيور وأعطوا لذلك خطاً زمنياً مزعوماً.

ثم بعد  140 عاماً، في عام 2000 اكتشفت حفرية لطائر هدمت هذا الخط الزمني ونشرت عنه مجلة science قائلة أنه قد يسبق Archaeopteryx. فنشرت نيويورك تايمز مقالة بعنوان: اكتشاف حفرية يهدد نظرية تطور الطيور. لماذا يهددها؟ لأنهم حتى يضبط السيناريو الدارويني كان يجب أن يكون أول طائر ظهوراً هو في نطاق زمني محدد. فادعوا أن Archaeopteryx هو هذا الطائر الذي يجب ألا يكون هناك طائر قبله. فإذا بهم يفاجئون بهذا الاكتشاف لطائر يقدّرون هم أنه كان قبل Archaeopteryx ب75 مليون سنة.

ثم توالت الاكتشافات حتى نشرت nature في عام 2011 مقالاً بعنوان Archaeopteryx لم يعد أول طائر بل وبدأ المقال بجملة: تحليل خصائص الحفرية يشير إلى أن Archaeopteryx ليس طائراً أصلاً. بالله عليكم؟ يعني بعد مائة وخمسين سنة اكتشفتم أن أحد أكبر متعلقاتكم لدعم الخرافة كان خطأً؟ فلماذا أنت حزين؟ ها هو العلم يصحح نفسه فما المشكلة؟

مشكلة نظرية التطور

لا يوجد مشكلة أبداً، إلا أن هذا الخطأ كان من ضمن ما كرّست فيه الخرافة في عقول الأجيال عبر قرن ونصف وانتشرت صورها في الكتب الدراسية والمواقع العلمية. لا مشكلة إلا أنه حتى بعد أن انقطع هذا الحبل، لم يسقط طرزان الخرافة. لأنه كان قد تعلق بحبال جديدة.

لا مشكلة إلا أن أتباع الخرافة يبقون نائمين أو متعامين عن انقطاع هذا الحبل. فيبقون يكررونه حتى بعد انكشاف عدم صحته علمياً كما في هذا الفيلم المنتج للأطفال عام 2015.

لا مشكلة إلا أنه في عام 2015 أيضاً: عدنان إبراهيم: متى عاش هذا الطائر العتيق؟ قبل 145 مليون سنة. معناها في النطاق السليم.

مع انقطاع حبل Archaeopteryx هل يعترفون بسقوط الخرافة؟ لا.

لماذا؟ }هل عندكم من علم فتخرجوه لنا { سورة الأنعام (148) نعم فهناك أدلة كثيرة جداً.

هاتوها.

سمكة السيلاكانث

قالوا وجدنا أحفورة لسمكة السيلاكانث، واضح أنها كائن تطور قبل 400 مليون سنة، وانقرضت قبل 66 مليون سنة، فهي الحلقة الانتقالية بين الأسماك والبرمائيات. وواضح أنها كانت تعيش قرب سطح البحر وكان لها رئتان. أترى هاهي الرئتان.

أتعرف لماذا لها رئتان؟ حتى يؤهلاها للتحول إلى البرمائيات التي ستكون جنس كائنات اليابسة كلها بعد ذلك. وزعانفها الممتلئة هي بدايات أقدام. ثم إذا بالسيلاكانث تكتشف حية عام 1938 وبكثرة، فليست منقرضة من ملايين السنين.

وفي أعماق المحيطات ليس قرب سطح البحر، ولديها كيسان هوائيان وليس رئتين، وفندت كل مزاعمهم. وظهر بطلان هذه الحلقة الانتقالية المزعومة تماماً، حتى نشرت nature هذا المقال، والذي جاء فيه: نصف قرن من الأبحاث يبين أنها، يقصد السيلاكانث، ليست الحلقة المفقودة المأمولة بين الأسماك وفقاريات اليابسة.

الكائن الانتقالي

انقطع إذا حبل الكائن الانتقالي بين الأسماك والبرمائيات كما انقطع حبل الإنتقال بين الزواحف والطيور.

هل اعترفوا بسقوط طرزان؟ لا. بل قالوا السيلاكانث كانت حية؟ إذن فهذا دليل على أنها توقفت عن التطور منذ ملايين السنين، نسيها الزمن. ومنذ هذا فالسيلاكانث أحفورة حية، يعني دليل حي بين أظهرنا على التطور وعلى صحة نظريتنا.

عدنان إبراهيم: سمكة السيلاكانث هذه، سمكة أحفورة حية، توصف هكذا، بأنها أحفورة حية، مستحاثة حية. تعيش من مئات ملايين السنين كما هي. هذه السمكة كانت فتحاً كبيراً في عالم العلم وفي عالم نظرية التطور.

فإذا كانت السيلاكانث منقرضة، فهي دليل على التطور، وإذا لم تكن منقرضة، فهي أيضاً دليل على التطور. وإذا كانت تعيش قرب سطح البحر، فهذا دليل على التطور، وإذا ظهر العكس بأنها في الأعماق فهذا أيضاً دليل على التطور. وإذا كان لديها رئتان فهذا يدل على التطور. وإذا لم يكونا رئتين فهو أيضاً دليل على التطور.

نعم من حقنا أن نفسر الأمور بهذا الشكل، فالأدلة على التطور كثيرة جداً.

رسومات هيكل للأجنة

قبل الإقرار بأن السيلاكانث، ليست انتقالية، كان حبل آخر قد مد لطرزان. رسومات هيكل Haeckel للأجنة والتي تظهر وجود تشابه كبير بين أجنة الكائنات المختلفة، ففرح بها داروين كثيراً. مد هذا الحبل لطرزان التطور عام 1868 ، أجنة الكائنات متشابهة في المراحل المبكرة، وهذا يعني أنها من أصل مشترك. منطق أعوج حتى لو صحت دعوى التشابه، ومع ذلك لم تصح الدعوى.

فمع كثرة الاتهامات من علماء الأجنة لهيكل بتزوير رسوماته اضطر عام 1909 للاعتراف في مقال نشرته مجلة Munchen Allgemeine Zeitung بأن نسبة 6 إلى 8% من الرسومات مزورة. وحاول هيكل تبرير هذا التزوير. أرتنا المجاري يا هيكل شيئاً مختلفاً عن 6 إلى 8% كما تلاحظوا.

بالمناسبة، ما أدراني أن هيكل اعترف بالفعل؟ هل أقلد في هذا أحداً كما يحلو لمن أفلسوا تماماً من الحجج وفشلوا في الرد على ما نطرحه؟ فأصبحوا يرددون أنت تكرر كلام الخلقوين النصارى؟

لا يا أعزائي، ابحثوا لكم عن لغوٍ آخر تغالبون به طرحنا. فإني والحمد لله أحرص على التوثق لأبعد حد ولا أقلد كببغاوات الخرافة. حتى أني طلبت من أخوة في ألمانيا أن يأتوا بمقال هيكل الأصلي بالألمانية، ففعلوا مشكورين وذهبوا لمكتبة ميونخ، فحصلوا على الرابط الالكتروني للمقال، وترجموه لي.

العلم يصحح نفسه

اعترف هيكل اعترافاً مراوغاً، المهم أعترف، فلم أنت حزين؟ ها هو العلم يصحح نفسه وينفي خبثه ويكشف الحقائق، فأين المشكلة؟

لا أبداً، لا مشكلة. إلا أن الكتب العلمية في المدارس والجامعات بقيت تستدل برسومات هيكل المزورة هذه مائة عام. مائة عام بعد الاعتراف المراوغ والأبحاث تنشر ما يكذب رسومات هيكل تماماً. كما في هذه الورقة العلمية والمعنونة بعنوان: ليس هناك مراحل جنينية محفوظة، يعني متشابهة تطورياً بشكل كبير بين الفقاريات، والتي استعرضت الكثير من الأبحاث المبذولة في المجال بالتفصيل، ووصلت إلى الاستنتاج التالي: بحثنا يطعن بشكل جاد في مصداقية رسومات هيكل. والكتب العلمية في سبات عميق وتبقى تنشر رسومات مزورة بعدها. هذه قائمة ب 13 كتاباً مختلفاً منها بقيت تنشرها إلى عهد قريب.

تشابه أقواس أجنة السمك والإنسان

في السنوات الأخيرة فقط بدأت هذه الرسومات تختفي من الكتب ليضعوا مكانها حبلاً جديداً لطرزان يسدون به فراغ الأدلة الجنينية على التطور. فقالوا هناك تشابه بين قواس موجودة في جنين السمك وجنين الإنسان، مما يدل على أصلهما المشترك.

فقط للعلم إخواني، هذه الأقواس هي التي تتحول في السمك بعد ذلك إلى الخياشيم التي تلزمها للتنفس تحت الماء. بينما تتحول في الإنسان إلى تراكيب في الأذن تلزم في السمع، وإلى الغدة جارة الدرقية التي تنظم كالسيوم الدم. تراكيب لا علاقة لها ببعضها، لا من قريب ولا من بعيد في الوظيفة بين السمك والإنسان. ومع ذلك فتشابهها الخارجي دليل بالنسبة لهم على الأصل المشترك. نعم، فلا بد من سد فراغ الأدلة الجنينية على التطور ولا أن يترك فارغاً.

والله أعلم كم سينامون على هذه النكتة قبل أن يزيلوها هي الأخرى من الكتب.

إذن، أين المشكلة؟ أبداً، لا مشكلة إلا أنك عندما تواجه أتباع الخرافة بهذه الحقيقة عن رسومات هيكل، فإنهم يردون بمثل ما ردت به المديرة التنفيذية للمعهد القومي لتعليم العلوم في حينه الدكتورة Eugenie Scot حيث قالت: من الواضح أن هيكل قد يكون زور الرسومات بعض الشيء لتبدو أقرب إلى فكرته. الآن، هل يصرفنا هذا عما نعرفه عن علاقة علم الأجنة بالتطور؟ولا لأدنى حد. لأن المفاهيم الأساسية لرسومات هيكل مدعومة بالأبحاث المعاصرة وما قبلها.

يعني حتى ولو لم يصح هذا الدليل، فالأدلة على التطور كثيرة جداً. التطور حقيقة غير قابلة للشك. فالأدلة كثيرة، واضح.

ولذلك تتمسكون بما أبطله العلم لنصرة خرافتكم هذه المدة كلها. مات داروين وهو مطمئن أن لطرزانه حبالاً.

قائمة وايدرزهايم ودعم النازية لنظرية التطور

ثم جاء بعده عالم التشريح الألماني أيضاً روبرت وايدرزهايم ليمد حبلاً آخر. فنشر عام 1893 قائمة ب 86 عضواً ضامراً، لا فائدة منها في رأيه. وطبعاً تهاوت هذه القائمة تباعاً كما بينا سابقاً.

طيب، أين المشكلة؟ العلم أبطل قائمة وايدرزهايم، أبداً، لا مشكلة. إلا أنه في هذه السنوات الطويلة قبل إبطال قائمة وايدرزهايم ورسومات هيكل وانتقالية Archaeopteryx وكلها في ألمانيا كما تلاحظون، كان هؤلاء العلماء يدورون بأدلتهم هذه في ألمانيا يروجون بها لخرافة داروين، حتى ابتلعها كثير من الألمان، مما هيأ الأرضية لهتلر أن يبث من خلال كتابه Mein Kampf فكرة تفوق العرق الآري. فخاض حروباً راح ضحيتها الملايين. وأطلق حملات Eugenics تحسين التكوين الجيني، التي قتل فيها كثيرين. مأساة تلخصها عينا هذا الضحية المسكين الأقل تطوراً في نظر مخابيل التطور.

وقد بيّن بروفيسور التاريخ في كاليفورنيا سيتي يونيفيرسيتي Richard Weikart بالأدلة في كتابه دين هتلر، تشجيع النازية ودعمها لخرافة التطور في المدارس والجامعات.

نعم، يقطع العلم حبال طرزان المصطنعة منها كأجنة هيكل أو المبنية على جهل كقائمة وايدرزهايم، لكن بعد كم من تسخير هذه الحبال لخدمة الخرافة ودمار الإنسانية؟

جمجمة إنسان بلتداون Piltdown

حبل مد لطرزان الخرافة عام 1912 وانقطع عام 1953 بعدما تبين للمجتمع العلمي أنها مزورة. في هذه الواحد وأربعين عاماً قبل اكتشاف تزويرها، كم بحثاً ومذكرة نشرت عن جمجمة بلتداون هذه حسب موقع nature؟ أكثر من 500 بحث ومذكرة. ادخل على الرابط وتأمل عناوين الأبحاث، تحليل فك جمجمة بلتداون، تحليل الضرس الأول والثاني السفليين لجمجمة بلتداون. ولا أحد منهم يكتب بالبحث ويحيل عليه مئة وخمسة من الأبحاث الأخرى.

لعبة يا جماعة، لعبة أولاد بمعنى الكلمة.

فكرة الحفريات الانتقالية

أكثر من 500 بحث ومذكرة على جمجمة مزورة، ولا بد أن نبقى نذكر إخواني، بأن فكرة الحفريات الإنتقالية من أساسها فكرة كوميدية للغاية. كما بينّا بالتفصيل في حلقتي: خاطبهم كأطفال و من سرق المليون.

حين بيّنا أنه مع التساهل الشديد، فإن الخرافة تتطلب توفر عدد لاحصر له من الكائنات الانتقالية فوق الأرض وتحت الأرض. فكيف عندما تعلم أن فكرة الكائنات الانتقالية تتعامل مع الكائنات بطريقة فوتوشوبية معجونية مضحكة تتجاهل التشفير الوراثي والفروقات في الأجهزة الداخلية وتراكيب الخلايا. والأهم من ذلك، أنها تتجاهل إنكارهم القصدي في الإنتقال من كائن لكائن.

يعني ليس هناك من يقصد تحويل كائن لآخر، كما توهم خطوطهم التدرجية، بل يسير الكائن خبط عشواء في كل اتجاه. فلك أن تتصور بعد ذلك كم هو كوميدي أن يمسكوا جمجمة كبيلداون، أو حفريات ك Archaeopteryx فيمحصونها، لتبدو كأنها تدل على صحة خرافتهم.

شبه إنسان نبراسكا

أثناء حبل بلتداون كان حبل شبه إنسان نبراسكا قد مد للخرافة عام 1922 بناءً على ضرس، إلا أن تبين أنه ضرس خنزير عام 1927، فانقطع الحبل. لكن بعدما ساعد هذا الضرس على البدء في تدريس خرافة داروين في مدارس العديد من الولايات الأمريكية.

هل عندما تم اكتشاف مهزلة أنه سن خنزير، سحبت الخرافة من الكتب؟ لا طبعاً. لأنه حتى وإن سقط هذا الدليل فهناك أدلة كثيرة جداً.

فك Ramapithecus

تعالوا نرى أحدها، بعد انقطاع حبلي بلتداون ونبراسكا، وجدوا فكاً، فافترضوا أنه لحلقة انتقالية بين الإنسان وأسلافٍ حيوانية، وسموه Ramapithecus، ورسموا على أساسه صورة كاملة وبقي طرزان متعلقاً بهذا الحبل حتى بداية الثمانينات. بعدما كثرت الأبحاث النافية لعلاقة هذا الكائن بالإنسان. فما عادوا يذكرونه.

حفرية لوسي

لكن عام 1974 قبل انقطاع حبل Ramapithecus كانوا قد مدوا حبل حفرية لوسي. والتي ادعوا أنها لشبه إنسان، وأعطوها إسماً علمياً رناناً Australopithecus afarensis .

وبعد أكثر من ثلاثين عاماً، بدأ هذا الحبل يتقطع بمثل هذا البحث الذي قام به دكاترة من أتباع الخرافة، والذين قالوا أن بحثهم يثير شكوكاً حول دور لوسي كسلف للإنسان. وهذا المقال المميز لإخواننا الباحثون المسلمون بعنوان: غوغل وحفرية لوسي. يبين لك بالتفصيل مدى التزوير والمخادعة في الاستدلال بهذه الحفرية.

جماجم Reiner

بعد مد حبل لوسي بعام، يعني عام 1975 بدأ البروفيسور في علم أصل الإنسان الألماني Reiner Protsch Von Zieten يمد حبالاً لطرزان عبر ثلاثين عاماً، وذلك بكثير من الجماجم التي ادعى أنها تعود لمراحل انتقالية بين الإنسان وأسلاف حيوانية. وامتلأت الكتب بنتاجه قبل أن يتم اكتشافه. حيث أصدرت لجنة من جامعة فرانكفورت قراراً يدينه بالتزوير في هذه الأدلة المزعومة عبر ثلاثين عاماً. وانتشر خبر Reiner في المواقع العالمية. ولم يكن Reiner قد نسي أن يستفيد لنفسه من خدمة الخرافة. إذ اتفق مع من يشتري منه جماجم شمبانزيهات، أدلة التطور المزعوم، وكأنه يقول للناس: تعالوا اشتروا جماجم آبائكم الأولين. تماماً كما كان رجال الكنيسة يستفيدون من إيمان الناس بخرافة صكوك الغفران.

طائر Archaeoraptor

أثناء تدلي حبال Reiner، مد حبل طائر Archaeoraptor لطرزان عام 1999. ووضعته National Geographic كصورة غلاف. وبيعت الحفرية  بثمانين ألف دولار. ثم انقطع الحبل عام 2001 ونشرت nature أنها حفرية مزيفة.

حفرية Ida

بعد انقطاع حبال Reiner ولوسي، تعلق طرزان بحبل إيدا Ida التي اشتراها الدكتور النرويجي جون هوروم بمليون دولار، وروج لها إعلامياً على أنها من أسلاف الإنسان الأولى عاشت قبل 47 مليون سنة. وأعطيت إسماً علمياً رناناً Darwinius masillae . تخليداً لذكرى داروين، حتى قالت عنها وسائل إعلام، أنها عجيبة الدنيا الثامنة. وتحمست غوغل وغيرت اللوجو الخاص بها لإيدا. وأصدرت BBC البريطانية و History Channel الأمريكية أفلاماً وثائقية عنها بعنوان الحلقة  The Link. ثم إذا بمجلة nature تنشر مقالاً ينفي صلة هذه الحفرية بالإنسان وتقول أنها أقرب أن تكون سلفاً لحيوان الليمور.

العظمة الذي قد يأتي لك بها طفلك، فتقول له يا بني إرمها واغسل يديك جيداً، هي نفسها التي يعمل عليها أتباع طرزان ضجة إعلامية واكتشافات ووثائقيات. ثم ما لبثت المواقع الإخبارية أن اتهمت الدكتور هيوروم بأنه تعمّد بهرجة حفريته ليسترد المال الذي دفعه عليها.

شبه إنسان Orce

حبل مد لطرزان عام 1984 بناءً على جزء من جمجمة وانقطع الحبل عام 1997 بعدما تبيّن أنها جمجمة حمار صغير.

موقع talkorigins.org وتعليقاً على كوميديا إنسان Orce، قال: مهما يكن وضع الأحافير فإنه لا يؤثر على صحة باقي أدلة تطور الإنسان، يعني الأدلة كثيرة جداً. كالعادة.

العظام الخلفية للحوت

قبل انقطاع حبل شبه إنسان Orce، كان حبل العظام الخلفية للحوت قد مد لطرزان عام 1989. إلا أن انقطع عام 2014. وقد بيّنا تفاصيل هذه الفضيحة في حلقة صح النوم.

طفل بذيل

لا تقلقوا، حبل آخر مد في العام نفسه، الدكتور كارل جيبرسون نائب رئيس بيولو غاس فاونديشن سابقاً، يعرض في محاضرة له صورة طفل بذيل. يعتبر هذه الصورة دليلاً على تطور الإنسان من أصول حيوانية ويقول أننا معاشر البشر لدينا جينات للذيل لكنها لا تعمل إلا في البعض. لكن تمت مواجهة جيبرسون بأن هذه صورة مزورة فوتوشوب أصلها من موقع فكاهي اسمه cracked.com وبأن ما يعتبره جيناً للذيل لا يعمل إلا في البعض، مخلفات أصول حيوانية هو في حقيقته جين منظم لنمو الخلايا يحتاجه كل إنسان.

أليس عيباً على جيبرسون، صور فوتوشوب ، وكذب في الحقائق، وخلط في كل شيء. أليس عيباً؟

بماذا ردّ دكتور جيبرسون؟ رد بأنه خدع بهذه الصورة لكن المبدأ الذي فيها مثبت بصور أخرى صحيحة، وحتى إذا هذا ليس صحيحاً فالأدلة كثيرة جداً.

أين هي هذه الأدلة الأخرى؟ تذهب إليها فإذا هي سراب.

دعوى خردة الجينوم

الDNA كثير منه Junk خردة لا فائدة منه، حبل غبي آخر مد وانقطع بعد نشر مشروع الجينوم عام 2012. وما عادوا يذكرونه. فلم الحزن، تم تصحيح الخطأ. بعدما استدل Kenneth Miller أستاذ البيولوجيا بجامعة براون بدعوى ال DNA الخردة هذه في أول يوم من محاكمة دوفر.

أتذكرون إخواني ما ذكرناه في الحلقة الماضية؟ عن المحكمة التي أقيمت ضد المدرسة التي أرادت تدريس الطلاب أن الحياة قد تكون جاءت بالتصميم، فعل فاعل وليس بالصدف العشوائية، وكيف أدين مجلس الأهالي الذي فعل ذلك، وحكم ضدهم وكانوا عبرة لمن يفكر في الخروج على آلهة التطور.

ذكر ميلر أثناء شهادته للتطور ضد التصميم أن أجزاءً من ال DNA خربانة broken وبها أخطاء، و nonfunctional بلا وظيفة، و just a mess عبارة عن خربطات.

أبطل مشروع الجينوم هذه المزاعم بعد 9 سنوات من صدور القرار ضد المدرسة. هل سُمح بعدها للمدرسة بتدريس أن هناك تصميماً في الكون من جديد؟ وأن التطور مشكوك في أمره على الأقل؟ لا طبعاً. لأنه حتى لو سقطت دعوى ال DNA الخردة فالأدلة على التطور كثيرة جداً.

أين هذه الأدلة؟

نأتي بها فإذا هي سراب في سراب، يكشفها العلم، لكن بعد ماذا؟ بعد أن تعيش عليها الخرافة عشرات السنوات. وتكرس في عقول ضحايا جديدة من الأجيال، وتؤدي دورها وتنتهي صلاحيتها.

قد تقول لي، يا أخي هناك علوم كان بها أخطاء وتم تصحيحها ، واستفاد الناس منها. فأقول لك علوم نافعة تقوم على ما لا يعارض العقل والفطرة والحس، أما خرافة التطور فقد بيّنا لك في حلقات سابقة أنها ولدت مناقضة لهذا كله وبقيت عديمة الفائدة تماماً.

ضع نفسك أخي مكان الشاب الذي كان يعيش قبل مائة عام أو أكثر أو أقل، كان يقال له مثل ما يقال لك الآن أيضاً. الأدلة على التطور كثيرة جداً، أنظر فيها الآن حبالٌ تقطعت، حتى باعتراف أتباع طرزان أنفسهم.

قد تقول لي، طيب لماذا تتكلم عن هذه الأدلة التي تركها أتباع النظرية أنفسهم، تكلم عن الأدلة التي لا زالوا يستشهدون بها؟

أنا هنا أثبت لك مبدأ الطرزانية الذي يستخدمه أتباع الخرافة، كلما انقطع حبل، مدوا حبلاً. وإلا فقد تناولنا الحبال التي يتعلق بها طرزان الخرافة حالياً، وقد قطعناها لك في الحلقات السابقة. قد لاتجدها في كتبهم بعد 10 أعوام أو 20 عاماً بالفعل، لكن بعد أن تكون حبال جديدة قد مدت لطرزان، وهكذا.

دعوى تشابه جينوم الإنسان والشمبانزي

نعم، قطعنا لك في الحلقات الماضية الحبال، ومن أبحاث كثير منها لأتباع طرزان أنفسهم، حبل أخطاء التصميم في شبكية العين، قطعناهم. الزائدة الدودية، قطعناه. الطيور التي لها أجنحة بلا فائدة، قطعناه. العظام الخلفية في الأفعى، قطعناه. حبل إنسان نيانتردال، قطعناه. التشابه في الكائنات، قطعناه. 99% تشابه بين جينوم الإنسان والشمبانزي، قطعناه. 99% من العلماء يؤمنون بالتطور، قطعناه. النظرية مفيدة لا غنى عنها وعالجت الناس وجائزة نوبل للكيمياء، قطعناه. حبل مقاومة البكتيريا للمضادات، قطعناه. تجربة لينسكي والبكتيريا الهاضمة للسيترات، قطعناه. وقطعنا غيرها.

وإخواننا في الباحثون المسلمون قطعوا مئات الحبال الأخرى في مئات المقالات المدعومة بالأدلة العلمية الحديثة.

من يملك الدليل

بعد ذلك، }هل عندكم من علم فتخرجوه لنا{ أين دليلكم الصلب الذي لا يفشل عند تعريضه لإدارة العقل الصحيح والبحث العلمي المحترم؟ أين دليلكم المحكم المتماسك؟ هل هو في الإبهار الفارغ؟ أم في خلط الحقائق في الخرافة؟ أم في الاستدلال بالجهل؟ أم في التسميات الفارغة؟ أم في مخاطبة الناس كأطفال؟ أم في الأخذ بالشبه والاشتباه؟ أم في الخنفشارية والإحالة على مجهول؟ أم في قائمة 14 مغالطة منطقية وحيلة نفسية التي تكلمنا عنها حتى الآن؟ وها نحن اليوم نضيف الحيلة الخامسة عشرة، الطرزانية.

( قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون) سورة الأنعام (148).

نريد علماً حقيقياً، لا سودو ساينس ولا فوتوشوب، ولا أفلامكم الهوليودية التي تخدعون بها السذج من الناس.

بدأنا سلسلة الحلقات ب ( هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) سورة البقرة (111) ، وقاربنا ختامها ب( هل عندكم من علم فتخرجوه لنا) سورة الأنعام (148) ، هذا هو المنهج القرآني منهج العلم والبرهان لا الخيالات والخرافات، فديننا والحمد لله قائم على محكمات وأدلة صلبة متماكسة مستقلة، على ضوئها نفسر المتشابهات فتنسجم المنظومة.

الدين الدارويني

أين نجد في دينكم الدارويني محكمة واحدة؟ أو دليلاً صلباً مستقلاً واحداً؟ ألستم يا أتباع الخرافة تتبعون متشابهات ديننا ابتغاء الفتنة لتضلوا الناس عنه؟ ألستم تحجبونهم عن المحكمات؟ فماذا لديكم لتقدموه للناس إلا المتشابهات والأوهام والخرافات؟

( قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا) سورة الأنعام (148)

لعلماء الحديث مقولة جميلة، أنه إذا كان الحديث الواحد في كل طرقه وضّاعون وكذابون ومتهمون بالفسق، فإن كثرة طُرق هذا الحديث لا تزيده إلا ضعفاً ورداً، ولا يجبر أحدها الآخر.

أحدهم يضع الحديث، الآخر يسرقه منه، الثالث تعجبه الكذبة، ويرى فيها تميزاً فيخرج به على الناس، وهكذا طرزان الخرافة. عندما تجد أتباعه يمدون له الحبال الواهية، فإنك تعلم أنهم ما فعلوا ذلك إلا لفقدهم الأدلة المستقيمة المحكمة المتماسكة. فلجاؤوا إلى الإغراق في الأكاذيب كما لجأ أسلافهم إذ قالوا ( لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) سورة فصلت (26).

الحكمة والاتقان

تذكروا إخواني أننا قطعنا هذه الحبال كلها، لكن ليس ذلك فقط بل بيّنا أن ما ليس مزوراً منها هو في الحقيقة دليل على عظمة الخلق وعلى تجليات القدرة والحكمة والإتقان، كما في حلقة تجربة البكتيريا الهاضمة للسيترات، وأجنحة البطريق، وتصميم العين، وتنويع الكائنات مع تشابه المادة الوراثية، وغيرها الكثير.

نحن في حلقاتنا هذه تزودنا بالمفاتيح التي تقطع حبال مبادئ هذه الأدلة المزعومة من أساسها، وكل فكرة أعضاء بلا فائدة بيّنا لك بطلانها وكيف ترد عليهم فيها بأنهم يمارسون مغالطة الاستدلال بالجهل وبأن عبء الدليل يقع عليهم هم. كل فكرة الاستدلال بالحفريات، بيّنا لك كوميديتها، وكيف ترد عليهم بإلزامهم بتبعات نظريتهم كما في حلقة من سرق المليون.

كيف تواجه ادعاءاتهم

كل مبدأ قدرة الطفرات العشوائية على عمل شيء، بيّنا كوميديته حين عرفناك بمعناه في حلقة خاطبهم كأطفال. مبدأ الشبه، مبدأ الإحالة على مجهول وغيرها وغيرها. قطعنا هذه المبادئ من أصولها بحيث إذا سمعت عن أي حبل جديد، فإنك تضعه في الخانة المناسبة مما سبق من مبادئ التضليل، فلا تكلف نفسك أن تعدل جلستك ولا تقوم من مكانك، بل تقطع حبالهم وتفرغ بالوناتهم التي يحجبون بها نور الشمس، وتفعل ذلك بأسلوب علمي، وأنت مسترخ من مكانك.

فإذا جاءك من يخادعونك فقل لهم ( لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم ) سورة التوبة. فقد رأينا ضلالكم فيما مضى، ورأينا كيف حذّر القرآن من عامة مغالطاتكم المنطقية.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأي قلبٍ أشربها نكت فيه نكتة سوداء. وأي قلبٍ أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء. حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مرباذاً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه.

فأسال الله أن يجعلنا وإياكم بيض القلوب، أتباع علمٍ وهدى، لا خرافات وهوى، فلا تضرنا فتنة ولا شبهة ولا علم زائف ما دامت السموات والأرض. بل ويتوقع منك أخي بعد هذه الحلقات، ألا تكتفي بموقف الراد على ما يريدونه من بالونات وحبال، بل تنبه الناس على هؤلاء البائعين الغشاشين الذين يبيعون الناس معلبات العلم الزائف الفاسدة.

خطر الداروينية

إذن إخواني فخلاصة ما ذكرناه من مشاكل طرزانية الخرافة هي، أنه حتى بعد إنقطاع الحبل بالأبحاث العلمية، فإن الكتب الدراسية والإعلام المسيس، تبقى تتعلق بالحبل زمناً طويلاً. وأن أتباع طرزان لا يقرون بسقوطه بعد ظهور انقطاع حباله تباعاً، بل يكررون العبارة الببغاوية: حتى ولو، فالأدلة كثيرة جداً، والصحيح أنها أكاذيب كثيرة جداً لا زالت تختلق. وأن الحبل ينقطع بعد توظيفه مرحلياً في تلويث عقول الأجيال وعقائدها وأخلاقها، والإجرام في حق البشرية.

لماذا نظرية التطور

يبقى سؤال، من يمد هذه الحبال لطرزان ولماذا؟ دعوى أن 99% من العلماء يؤمنون بخرافة التطور، هذه الدعوى رددنا عليها بالتفصيل في الحلقة الماضية. لكن سؤالنا اليوم، من يدعمها حقيقة، من يمد الحبال لطرزان كي لا يسقط؟

أصناف كثيرة من الناس:

أولاً من تتوقف حياتهم المهنية عليها، فطرزانية الخرافة أنتجت كثيراً من الأكاديمين المعتمدين عليها، الذين تتوقف ألقابهم العلمية، شهاداتهم الأكاديمية، حياتهم المهنية، ورواتبهم، مناصبهم، على بقاء طرزان معلقاً في الهواء.

تصور أن تقول لمتخصص في Evolutionary Biology أثبتنا أن الإسم الحقيقي لتخصصك هو دكتور في علم الأحياء الخرافي، ماذا ستكون ردة فعله؟

ثانياً كل فاشل في أن ينتج علماً نافعاً، لكن عنده خيال في الرسم ليخرج شبه إنسان من فك أو ضرس أو قحف جمجمة أو ضلع، سيمد لطرزان حبلاً. كل فاشل في أن ينتج علماً نافعاً لكن يستطيع في خياله الكوميدي الواسع أن يرسم لك سيناريو كيف نشأت الحواس أو الميول النفسية بالطفرات العشوائية، والانتخاب الأعمى، سيمد لطرزان حبلاً.

وستجد آلاف الأبحاث من هذا النوع، لا تساوي الورق الذي كتبت عليه.

الصور الفوتوشبية

ثالثاً كل مصممي ومنتجي ومخرجي الصور الفوتوشبية والأفلام الهوليودية المكرسة للخرافة في العقول، سيمدون لطرزان حبلاً.
رابعاً كل انتهازي سمع بانتشار الخرافات بأرض قوم، فأتى يلم العظام ويلصقها بعضها ببعض ويبيعها لهم، كما فعل البروفيسور Reiner وغيره من بائعي العظام، سيمد لطرزان حبلاً. فالمسألة أصبحت تجارة. كما رأينا مع هيوروم ومع Archaeoraptor وغيرهما.
خامساً كل مشعوذ من كهنة العلم الزائف، تُطبع الآلاف أو الملايين من النسخ من كتبه التي تقول الإله وهم، الكون أوجد نفسه من لاشيء، ويزوّر العلم في سبيل ذلك، مستغلاً جهل الناس، فيبيعهم كذبه وتخاريفه ويكسب الأموال والشهرة، سيمد لطرزان حبلاً.

نعم، لقد أنتجت طرزانية الخرافة عبر 160 عاماً مجموعة من الناس المنتفعين المتعلقين بها كما هي متعلقة بهم. جنود متفانون في خدمتها، سيمدون لها حبالاً ولن يسمحوا لها بالسقوط لأن سقوطها سقوط لهم. فكثير منهم لا يحسنون إلا خدمة وثن الخرافة، ولا يأكلون الخبز إلا من خدمته. العلاقة بين هؤلاء وطرزان علاقة حبل متدل على طرفي نقطة ارتكاز. فطرزان الخرافة معتمد عليهم، وهم معتمدون عليهز وسقوط أحدهما يعني سقوط الآخر.

إسقاط طرزان

بالنسبة لبعض هؤلاء، إسقاط طرزان يعني في ذهنه المبيت في الشارع ورفع لافتات homeless. طيب لنقنعه أن هذا أشرف له من تزييف العلم ومن تضليل الناس. تعالوا نقنعه بأن يتوكل على الله وبإيثار الحق على الخلق والالتزام بالأمانة العلمية، أنسيتم؟ هذه المعاني إخواني لا تعني شيئاً للتطور لأنها مشاعر صدفية جاءت بها الطفرات العشوائية لهذا الحثالة الكيميائية المسمى بالإنسان.

ومن المضحك أن ترى شباباً يشمئزون من تجار الدين وهم موجودون بالفعل، ثم يثق في تجار الخرافة وكأنهم سيتحلون بالأمانة العلمية ويعرضون لك الحقائق لوجه الله تعالى. بالنسبة للمعتمدين على الخرافة في حياتهم، فإنهم يقعون في حالة نفسية لا تسمح لعقولهم أن تخرج عن مسارات محددة. فالتفكير في بطلان نظرية التطور، مجرد التفكير بذلك ممنوع. الصور المظلمة لمستقبلهم دون طرزان، تقف في طريق تحرير عقولهم من الخرافة.

العبوديات الجاهلية

هي عبودية مثل باقي العبوديات الجاهلية، من جاء قبلهم صنع لهم وثن الخرافة، ساروا على الطريق، فوجدوا أنفسهم معتمدين على هذا الوثن في معيشتهم، ولا يستطيعون أو لا يريدون أن يتخلصوا من هذه العبودية. لقد أصبح هؤلاء سدنة جدداً لوثن الخرافة، لا بد للوثن أن يبقى وأن تضفى عليه الإنجازات وخوارق العادات، مع أنه من الذين }لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له{ سورة الحج (73). لكن لا بد أن يبقى ليبقى الناس يلقون في صحنه الأموال التي يلتقطها السدنة.

العالم بعد صدمة نيكسون حين فك الارتباط بين الذهب والدولار، أصبح بنفس الشكل. حبالهم ممدودة لأمريكا لأن سقوطها يعني سقوطهم اقتصادياً وسقوطهم يعني سقوطها. فكلٌ يدلل حبلاً للآخر. حاشية الرؤساء الفاسدين يتفانون في الدفاع عن فخامة الرئيس، لأن وجوده مسألة مصيرية بالنسبة لهم. فسقوطه يعني سقوطهم، كما أن سقوطهم يعني سقوطه. فيمد كلٌ منهم حبلاً للآخر.

هكذا الجاهليات القديمة والحديثة عموماً. وهذا يفرقها عن الإيمان بالله، حيث الحبل  ممدود من الله للناس. وهو غير محتاج إليهم ولا معتمد عليهم، بل الخلق كلهم محتاجون إلى حبله سبحانه.

فاقرأ وأنت تتأمل هذا المعنى قول الله تعالى: } واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا{ سورة آل عمران (103).

هل يعني هذا أنه لا يدعم خرافة التطور إلا المنتفعون والفاشلون؟

لا، بل هناك أصناف أخرى من مدلي الحبال.

مشكلة مع الكنيسة

سادساً كل من لديه مشكلة مع الكنيسة ولا يريد أن يبحث عن دين آخر صحيح، فالقسمة عنده ثنائية، إما الكنيسة وإما التطور. كذلك كل من لديه مشكلة نفسية مع الإيمان، أو أن يريد أن يتخذ إلهه هواه. ويريد في الوقت ذاته أن يبدو منسجماً مع نفسه، منطلقاً من أسس علمية لا شهوانية بهيمية، سيمد لطرزان حبلاً.
إلحاد الداروينيون

بيّنا بالتفصيل إخواني في حلقة عبدة الميكروبات، أن كلمة Evolution أصبحت تساوي بالضبط عبارة لا خلق عن قصد وإرادة. وأنها أفرغت من محتواها تماماً. ومن العشوائية والعماية واختلف أتباعها فيها غاية الإختلاف. لكنهم يتفقون على شيء واحد، إنكار الخلق.

ثم بيّنا في حلقتي إله فجوات الملحدين، والمخطوف. أن فيروس المادية الذي هو أساس خرافة التطور الصدفي ما هو إلا قناع للإلحاد. وذكرنا أقوال علماء أكدوا أنه مهما بدت تفاسيرهم سخيفة ومضادة للعقل والمنطق، فلا بد من قبولها حتى لا يتدخل الدين من جديد.فهي دين إلحادي، دين بمعنى الكلمة، وأتباعه يدافعون عنه ويمدون له الحبال كما يدافع المرء عن دينه.

دعم الدولة لطرزان

انضم إلى هذا كله دعم الدولة لطرزان، حيث مُنحت منظمة دراسة المناهج العلمية البيولوجية BSCS في أمريكا مثلاً، منحة مالية استخدمتها بدءً من عام 1963 في ملء الكتب الدراسية بمفاهيم خرافة التطور. وتضاعفت المساحات المخصصة لها من الكتب أكثر من عشرة أضعاف، بدعوى توافق ذلك مع دستور الدولة العلماني، واعتبار الخلق ديناً والتطور علماً.

هذا على الرغم من نشاط حركة Teach The Controversy تعليم الجدل. التي طالبت بأن يُطلع الطلاب في المناهج على الطعونات على نظرية التطور ليفكروا بأنفسهم ويخرجوا بقناعاتهم الخاصة، توافقاً مع حرية البحث العلمي التي يكفلها الدستور الأمريكي أيضاً. وجاءت استفتاءات شعبية بتأييد هذه المطالبة بنسبة كاسحة، ومع ذلك لا زالت الغلبة لأتباع طرزان. وأصبحت هناك منظمات مثل منظمة ملحدي أمريكا American Atheists التي أسستها الإباحية مادلين أوهاير عام 1963 أيضاً، تطارد قضائياً كل من يثور على آلهة التطور من الأكادميين. وكذلك الأكاديمية الأمريكية القومية للعلوم ذات الأغلبية الملحدة، والتي رأينا نماذج من تزويرها للحقائق خدمة للخرافة. مؤسسات بأكملها تدعم الخرافة.

هل هذا كله يفسر انتشار الخرافة بهذا الشكل؟

انتشار الخرافة

جوابي عن سؤالك هو: هل يعقل الفيروس الذي لا يرى إلا بالمجاهر الالكترونية أن ينتشر في جسد إنسان ويقضي عليه؟ والجواب نعم. إذا كان الإنسان ضعيف المناعة. وهكذا فيروس الخرافة، انتشر في جسد الغرب الذي كان منهكاً بخرافات الكنيسة، نافراً منها، مرهقاً من تسلطها. فبنى طرزان الخرافة مجده الموهوم على فشل خصمه، على مقولة: إن البغاث بأرضنا يستنسر.

تماماً كما تستمد الأنظمة الفاسدة الحياة من تخويف شعوبها من خصوم، توهم الناس أنهم شرٌ منها. وهذا كان واضحاً جداً في حلقة إله فجوات الملحدين. بعد هذا كله إخواني بقي أن نجيب عن السؤال الذي ألحّ به كثيرون منذ بدء سلسلة الحلقات هذه، وأخّرتُ الإجابة عنه عمداً. ماهو السؤال؟

لماذا تفترض تعارض هذه النظرية مع الإسلام؟ لماذا لا نصالح بينها وبين ديننا كما صالح بعض الغربيين بينها وبين دينهم؟

هذا ما سنجيب عنه جواباً شافياً كافياً بإذن الله في الحلقة القادمة، فتابعونا والسلام عليكم.

المصادر:

https://en.wikipedia.org/wiki/Archaeopteryx

http://darwin-online.org.uk/content/frameset?viewtype=text&itemID=F385&pageseq=399

https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0960982215009458

https://science.sciencemag.org/content/288/5474/2202.long

https://www.nature.com/news/2011/110727/full/news.2011.443.html

https://www.sciencedaily.com/releases/2000/06/000625231641.htm

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى