إسلامشخصيات

سيرة أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف و أبو هريرة رضي الله عنه


السلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، واسمه عبد الله الزهري القرشي المدني أحد الأئمة وأحد كبار أعلام المدينة، مات أبوه عبد الرحمن بن عوف وهو صغير، ولذلك قلت روايته عنه.

وروى عن طائفة من الصحابة، وكان أبو سلمة طلابة للعلم مجتهداً كبير القدر، حجة قدوة، قال الزهري: أربعة من قريش وجدتهم بحوراً.

سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير و  أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وعبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود.

حديث أبو سلمة مع عائشة رضي الله عنها

وقال مرة لعائشة رضي الله عنها: إنما فاقنا عروة لكثرة دخوله عليك وقتما شاء، لأنها خالته، فقالت له رضي الله عنها:

وأنت؟ فما يمنعك أن تأتي فتجلس وراء الستر فتسألني عما شئت؟ فوالله ما وجدنا أحداً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصل لنا من أبيك.

ولكن كان فيه شيء من المعارضة لشيخه ابن عباس رضي الله عنهما، فكان كثير المعارضة له، فزوى عنه ابن عباس للعلم.

ولذلك كان يتأسف بعد ذلك وكان يقول: لو أني رفقت بابن عباس لأخذت منه علماً كثيراً.

طريفة حدثت معه

ومن الطرائف التي يذكرون، أنه كان مرة  مع أصحابه، فرأى من بعيد قطيعاً من الغنم فقال: اللهم إن كان سبق في علمك أن أكون خليفة فاسقنا من هذا القطيع شربة لبن.

قال فلما بلغوا القطيع فإذا هو تيوس كله، ومات رحمه الله سنة 94

أبو هريرة رضي الله عنه

أبو هريرة الدوسي الصحابي الجليل حافظ الصحابة، قال الشافعي: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره، وقال بقي بن مخلد الأندلسي: روى أبو هريرة خمسة آلاف وثلاثمائة وسبعة وأربعين حديثاً.

اتفق البخاري ومسلم على ستمائة حديث وتسعة أحاديث منها. وليس لأحد هذا العدد ولا ما يقاربه، وروى عنه أيضاً قوم كثيرون.

قال البخاري: روى عنه أكثر من ثمانمائة رجل بين صاحبي وتابع. وقد ذكرنا لكم البيتين الذين جمعا المكثرين من الصحابة:

سبع من الصحب فوق الألف قد نقلوا من الحديث عن المختار خير مضر

أبو هريرة سعد جابر أنس صديقة وابن عباس كذا ابن عمر

أبو هريرة واختلاف الرأي في اسمه

واختلف في إسم أبي هريرة رضي الله عنه واسم أبيه على أوجه كثيرة فقيل اسمه عبد عمر بن عبد غنم، وقيل اسمه عبد الله بن عبد شمس، وقيل اسمه كردوس بن عامر، وقيل غير ذلك.

لكن الذي رجحه الحاكم والنووي والذهبي وابن حجر أن اسمه عبد الرحمن بن صخر.

سبب تكنيته بأبي هريرة

واشتهر بكنيته أبي هريرة وكان سبب تكنيته بهذا، ما رواه الترمذي عن عبدالله بن رافع قال: سألت أبو هريرة لماذا كنيت بأبي هريرة؟ قال: كنت أرعى غنم أهلي، وكانت لي هرة.

فإذا كان الليل وضعتها في شجرة، فإذا كان النهار ذهبت بها معي، فلعبت بها، فكنوني أبا هريرة.

إسلامه

أسلم عام خيبر ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر وحضرها معه، ومذ أسلم لازم رسول الله صلى الله عليه وسلم ملازمة تامة، قانعاً بشبع بطنه.

ولذلك حضر ما لم يحضره غيره من المهاجرين والأنصار، لاشتغال المهاجرين بتجاراتهم واشتغال الأنصار بزراعاتهم وكان لا زراعة له ولا تجارة.

فلذلك روى الكثير الطيب كما تقدم.

فتح الله عليه بالرزق

وكان من أهل الصفة، وكانوا أهل الصفة من فقراء الإسلام، كانوا أضياف الإسلام، الذين لا يأوون لا على أهل ولا على مال.

وتقلبت الأيام بأبي هريرة ففتحت عليه الدنيا كما فتحت على إخوانه حتى كان يعجب هو على ما فتح لعيه من زره الدنيا.

روى البخاري وابن سيرين قال: كنا عند أبي هريرة وعليه ثوبان ممشقان من كتان، فتمخط، ثم قال: بخ بخ أبو هريرة يتمخط في الكتان.

ولقد رأيتني أخر في ما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجرة عائشة، حتى أسقط مغشياً علي من الجوع، فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي يظن أن بي جنون، وما بي من جنون ما بي إلا الجوع.

شدة فقر أبو هريرة

ومما يذكر أنه قال: كنت أعتمد على الأرض بكبدي من شدة الجوع، وأشد الحجر على بطني من شدة الجوع، وكنت أقف على طريقهم.

قال: وقفت مرة على طريقهم الذي يمرون منه، فجاء أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله، ما سألته إلا ليشبعني. قال: فمر ولم يفعل.

ثم مر عمر، فسالته عن آية في كتاب الله ما سألته إلا ليشبعني، فمر ولم يفعل، ثم جاء أبو القاسم صلى الله عليه وسلم، قال: فنظر إلي فعرف ما في نفسي وما في وجهي.

فقال: أبا هر. قلت: لبيك يا رسول الله. قال: الحق. قال: فذهب فدخل بيته، فاستأذن فأذن لي، فوجد قدحاً من لبن. فقال: ممن هذا؟ فقيل: أهداه فلان أو فلانة. فقال: أبا هر. قلت: لبيك يا رسول الله.

قال: ادع لي أهل الصفة. يقول أبو هريرة : وما يبلغ هذا القدح في أهل الصفة، كنت أنا أحق أن آخذه وأشرب اللبن أتقوى بها. يقول في نفسه.

فإذا جاء أهل الصفة، أمرني وكنت أنا الذي أسقيهم، فما عساي يبقى لي من هذه الشربة، ولم يكن بداً من طاعة الله وطاعة رسول الله.

قال: فدعوت أهل الصفة، فجاؤوا فاستاذنوا فأذن لهم، فجلسوا. فقال: أبا هر. فقلت: لبيك يارسول الله، قال: اسقهم. قال: فكنت أعطي القدح للرجل فيشرب حتى يروى، ثم يرد علي القدح.

فأعطيه للرجل، فيشرب حتى يروى، ثم أعطيه فيرده علي، حتى روي القوم كلهم. فأعطيت القدح لرسول الله فوضعه في يده، ونظر في أبي هريرة وقال: أبا هر. قلت: لبيك يا رسول الله.

قال: بقيت أنا وأنت. فقال أبو هريرة: صدقت يا رسول الله. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اقعد فاشرب، فشربت. ثم قال: اشرب. فشربت.

قال أبو هريرة: فما زال يقول اشرب حتى قلت لا والي بعثك بالحق ما أجد له مسلكاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرني. فأخذ القدح فحمد الله وسمى وشرب الفضلة.

قصته مع الحفظ

وحفظ أبي هريرة رضي الله عنه حفظ خارق، وحفظه هذا من معجزات نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسمعتم ما راج منذ وقت عن حفظ ابي هريرة حتى ألفت الكتب.

هذا وقد قيل مثله في وقت أبو هريرة، وقد تولى أبو هريرة الرد على نفسه. فقد قيل: قال أبو هريرة : يقولون، أكثر أبو هريرة ، والله الموعد.

وقد كنت ألازم رسول الله صلى الله عليه وسلم راضياً بشبع بطني، وإنه يوماً قال: من يبسط رداءه حتى أقضي مقالتي ثم يأخذه لا ينسى شيئاً سمعه مني أبداً. فوالذي بعثه بالحق ما نسيت شيئاً منه أبداً.

قصته مع عمر رضي الله عنه

وفي عهد عمر رضي الله عنه، استعمله عمر، فلما استدعاه فجاء بعشرة آلاف وكان من عادة عمر محاسبة عماله إذا رجعوا.

فقال له عمر لما رآى معه هذا المال: استأثرت بهذه الأموال يا عدو الله وعدو كتابه، فقال أبو هريرة : لست بعدو الله ولا عدو كتابه، ولكني عدو عدوهما.

فقال: فمن أين هذا المال؟ قال: خيل نتجت وأعطية تتابعت وغلة رقيق، فنظروا فوجدوه كما قال.

ولما كان بعد، أراد عمر رضي الله عنه أن يوليه، فكره ذلك، ولم يرد. فقال له عمر: تكره العمل وقد سأله من هو خير منك؟ يوسف عليه السلام.

فقال ابو هريرة : يوسف نبي بن نبي بن نبي، وأنا أبو هريرة بن أميمة.

دعابته

وكانت فيه دعابة رضي الله عنه لما كان أميراً على المدينة في عهد معاوية بن ابي سفيان، كان يركب الحمار ويضع عليه بردعة ويمر في الطريق ويقول: وسعوا للأمير.

وفضائله جمة رحمه الله ورضي عنه ومات أبو هريرة في الصحيح سنة سبع وخمسين.

أبو سلمة و أبو هريرة – سعيد الكملي

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى