تقنيةحول العالمشخصيات

كيف بدأت شركة Sony ولماذا هي متأخرة اليوم


من خلال جهاز Playstation بقيت Sony مسيطرة على سوق الألعاب إلى الآن، وقطاع Playstation من أكبر القطاعات التي تدخل إيرادات إلى شركة Sony.

هذا الكلام جعلني أبحث وأفكر وأرى ماهو تاريخ شركة Sony، فهي منذ الخمسينيات إلى 2007 كانت متربعة على عرش شركات التكنولوجيا.

وتعتبر في تلك الفترة كشركة Apple في وقتنا الحالي، ذات الابتكارات والفرقعة الإعلامية والمبيعات

كل ذلك كان في شركة Sony.

لكن حالياً نرى هذه الشركة وقد بدأت باتخاذ اتجاه آخر مختلف.

نشأة شركة Sony

كان شخص اسمه ماسارو إيبوكا مهندس ياباني كان يعمل في شركة تنتج معدات عسكرية في وقت الحرب، بعد انتهاء الحرب أغلقت الشركة، وكان يجب أن يبحث عن عمل آخر.

عمل بعد ذلك في شركة إلكترونيات يصلح أجهزة راديو، وكانت أموره ليست جيدة، لأن طموحه كان أن يؤسس شركة.

في ذلك الوقت في اليابان كانت ماتزال البلاد خارجة من حرب، وتحاول النهوض، فكانت هناك حالة لدى الشعب من أنه يريد أن يبني بلده من جديد.

فأحب ماسارو إيبوكا أن يؤسس شركة ويساهم في بناء اليابان الجديد، وضع إعلاناً في مجلة عن أفكاره وشركته وطموحاته وأنه يحتاج من يشاركه.

وهنا جاء أكيو موريتا وكان فيزيائياً، وكان ضابطاً في البحرية اليابانية، قرأ المقال وأعجب بالكلام فتواصل مع ماسارو إيبوكا والبعض يقول أنهما كانا صديقين من أيام البحرية اليابانية والحرب العالمية الثانية.

كوّن الاثنين فريقاً صغيراً، وأنشآ شركة أسموها توتسيكو عام 1946 برأسمال 500 دولار.

منتجات الشركة الأولى

المنتج الأول الذي اخترعوه وبدأوا بتصنيعه كان جهازاً لطبخ الأرز، عبارة عن طنجرة طبخ الأرز بالكهرباء

لكن المشروع فشل لأنه كان يحمص الأرز ولا يطبخه.

ثم قاموا باختراع الوسادة الكهربائية الحرارية، ولكن كان بها مشاكل أنها تحرق الفرشات، وأخذ الناس يعيدون المنتج وهذا كان فشلهم الثاني.

بعد ثلاث سنوات عام 1949 كان جهاز مسجل الصوت بدأ ينتشر في أمريكا، فأحضروا منه إلى اليابان وقاموا بصناعته وكانت هذه البداية الحقيقية للشركة مع أول جهاز تسجيل ياباني.

الترانزستور

في فترة بداية الخمسينات بدأ اختراع الترانزستور وأصبح متاحاً للاستخدامات العامة، وهذا الاختراع كان للأجهزة العسكرية لكن بعد الحرب العالمية الثانية بدأت الاختراعات بالظهور بالتدريج.

ماسارو إيبوكا سمع عن ذلك وأصر أن يحضر هذا الإختراع.

وفي عام 1952 أقامت Western Electric الشركة المالكة لهذا الاختراع، مؤتمراً للشركات التي ترغب بشراء حق استخدام اختراع الترانزستور. 

وحضر هذا الاجتماع أكثر من مائة شخص تقريباً، وممثلين عن أربعين شركة. فقام مسارو بالذهاب لذلك المؤتمر بكل ما يملك من مال واشترى حق استخدام الترانزستور بقيمة 25 ألف دولار.

كان هذا الرقم كفيلاً بأن يجعله يشهر إفلاسه لو أن اختراعه التالي فشل أيضاً.لكن لحسن الحظ أنه استطاع تصنيع راديو ترانزستور عام 1955، وهذا كان الاختراع أو التطوير الذي يستحق أن يشتريه الناس.

Sony ليست أول شركة تصنع جهاز راديو ترانزستور صغير، فقد كان هناك شركة أمريكية عام 1954 قبل أن تخرج Sony باختراعها قامت بتصنيع راديو ترانزستور. لكن الترانزستور المستخدم كان ضعيفاً.

استغلت Sony هذا واستطاعت أن تعدل في الترانزستور نفسه، وصنعت راديو بكفاءة عالية جداً وبالتالي الكثير من الناس اشتروا هذا الاختراع.

وهذه كانت فرصة لSony أن يأخذوا جهازهم، ويذهبوا إلى أمريكا ليسوقوه هناك، بما أنه أفضل من الاختراع الأمريكي الذي ظهر منذ سنة تقريباً.

الاسم الجديد للشركة

وكان هذا أول جهاز يحمل إسم الشركة الجديد Sony، وقد قاموا بتغيير الإسم لأنهم كانوا متوجهين إلى أمريكا وسيبدؤون بأن يكونوا علامة تجارية عالمية.

وإسم توتسيكو لن يكون اسماً مفهوماً خارج اليابان، فغيروا إسم الشركة.

وبما أنهم شركة متخصصة في الصوتيات وأجهزتها الالكترونية الصوتية، بحثوا في اللغة اللاتينية عن كلمة تعني شيئاً عن الصوتيات ووجدوا كلمة سونوس ومع التعديل أصبح الإسم Sony.

استمرت Sony في تطوير راديو الترانزستور طوال فترة الخمسينيات.

تلفزيون ترانزستور

وفي الستينيات بدأ التلفزيون بالانتشار بشكل أكبر فدخلت Sony في مجال التلفزيون، وأعلنت أنها ستقوم بابتكار كبير في مجال التلفزيونات وصنعت تلفزيون ترانزيستور.

في عام 1968 صنعت تلفزيون Trinitron الملون وبيع في العالم كله.

المسجلات وشرائط الكاسيت

وفي السبعينات انتشرت شرائط الكاسيت ومشغلات شرائط الكاسيت، فمن هو المسيطر على السوق في ذلك الوقت Toshiba وبعض الشركات الأخرى.

فقامت Sony بشراكة مع Panasonic وطورت نموذجاً جديداً للتفوق في المبيعات، وهذه الشراكة لم تستمر طويلاً بينهما، فانفصلت الشركتان وصنعت شرائط الكاسيت خاصتها.

ولم تترك Sony الفرصة تفوتها في صناعة شرائط الفيديو فقامت بتصنيعها أيضاً وتفوقت على جميع من في السوق بهذا المجال أيضاً.

جهاز Walkman

في الثمانينيات أعلنت Sony عن جهاز Walkman الذي باعت منه مبيعات ضخمة جداً، ما يزيد 385 مليون جهازاً بسعر 150 دولاراً للقطعة حينها.

وبحساب التضخم من عام 1979 إلى الآن ستجد أن 150 دولاراً تساوي 523 دولاراً حالياً. لكن هل كان Walkman هو الاختراع الوحيد لشركة Sony في الثمانينيات.

كاميرا تصوير الفيديو

لا طبعاً، في تلك الفترة استطاعوا أن يخرجوا بكاميرا تصوير الفيديو وأيضاً قاموا بشراء قسم التسجيلات الخاص بشركة CBS ب 2 مليار دولار.

المجال السينمائي

وهذا سيعزز مبيعاتها من مبيعات Walkman، ودخلوا في مجال السينما عبر شرائهم لشركة Columbia Pictures بمبلغ 3.5 مليار دولار من شركة كوكا كولا.

و Columbia Pictures تعتبر أنها من أكبر ثلاث شركات للانتاج السينمائي في هوليوود في فترة الثمانينات والتسعينات.

وفي نفس الفترة تعاونت مع شركة Phillips في تصنيع السيديهات وأجهزة تشغيل السيديهات.

ألعاب الفيديو

Sony في التسعينيات لاحظت أن هناك مجالاً بدأ يكبر وله مردود جيد، وهو ألعاب Video Games، فأسرعت بإقامة شراكة مع شركة Nintendo لتصنع لها جهاز PlayStation.

فجهاز PlayStation ملك ل Nintendo وفكرتها، لكن لم يتفقوا بتلك الشراكة وانفصلا.

بعد انتهاء الشراكة أكملت Sony في فكرة PlayStation، واستطاعت أن تصنعه في النهاية. وباعت منه أرقاماً فلكية من المبيعات.

وأصبح قطاع PlayStation أكبر قطاع يدخل إيرادات لشركة Sony، تقريباً 22% من الإيرادات التي تدخل لشركة Sony تأتي من PlayStation.

مجال الكمبيوتر والجوالات

في نفس الفترة بدأت بتصنيع Vaio Laptops ولم تترك المجال للشركات الأخرى بل دخلت السوق وباعت أيضاً مبيعات جيدة جداً في تلك الفترة.

في الألفينات كانت بداية انتشار الجوالات ورأت Sony أنها هل ستحتاج أن تبدأ من الصفر لتصنع جوالات؟ وقرروا شراء شركة موجودة بالفعل وتبدأ بالتطوير والتعديل عليها.

وبالفعل قامت بشراء شركة Ericsson وعدلت الإسم إلى Sony Ericsson وهذا كان في مجال الجوالات.

المجال المالي

بالإضافة إلى مجال التصنيع لم تترك شركة Sony مجال التمويل والمجال البنكي ومجال التأمين بل عملت فيهم منذ السبعينيات عندما قامت بالشراكات.

كل شيء مع Sony كان شراكة. بأي فكرة جديدة تجدها دخلت فيها بشراكة، وتعمل مع أي شركة تعمل، تشاركها وتأخذ الفكرة وتطورها وتستحوذ عليها وتغير اسمها.

في السبعينيات قامت بشراكة مع  شركة prefencial financial وقدرت أن تشتغل معهم في المجال المالي والتأميني

في بداية الألفينات استحوذت Sony على الشركة، وغيرت الإسم إلى Sony life ،  Sony Bank ، ستجد Sony في كل شيء، وبطاقات إئتمانية وفيزا.

وهذا المجال من المجالات التي تدخل لSony عائدات كبيرة تقدر ب 14% من إجمالي العائدات التي تدخل سنوياً للشركة.

مرحلة الركون

بدأ هذا الأمر بالتغير بداية من 2007 إلى 2010 إلى الآن، بدأت Sony تدخل في مرحلة خفوت لمعانها.

لن نقدر أن نقول أن نجمها بدأ بالأفول، أو بدأت في مراحل الفشل، لا يمكننا ذلك، فطريق النجاح يكون متراوحاً بين انخفاض وصعود.

لكن لو أن Sony تركت الأمور تتجه بهذا الاتجاه، فبالتأكيد يمكن أن لا نراها في العشرين أو الثلاثين سنة القادمة.

كل منتج مما ترونه بدأ يظهر له منافس يزيله عن الصدارة، بمعنى جهاز Walkman بدأ يظهر مقابله جهاز Apple Ipod فقضت عليه.

والجوالات Sony Ericsson ظهرت مقابلها منافسين كثر، أولهم Apple Iphone وبعدها الشركات الأخرى سواء Samsung ،HTC.وأي شركات أخرى في الفترة ما بين 2008 إلى 2018.

هذه الفترة تقريباً بدأت Sony بالركون، رغم المحاولات المستمية التي تحاول القيام بها في 2015 و 2016 تقريباً لكن الموضوع كان شبه منته بالنسبة لها.

أما في قطاع الترفيه والأفلام فظهرت شركة Warner Brothers وشركات أخرى تنافس وتسيطر على المجال لهم فقط ويحتكروا الإيرادات في ال Box Office.

في مجال التلفزيونات فشركة Sony و LG مكتسحين مبيعات التلفزيونات.

لم تركت Sony الأمور تخرج عن سيطرتها بهذا الشكل

أحد الأسباب هو وجود دول شرق آسيا الصاعدة، والتي لديها عمالة رخيصة، ولديها قدرة أن تصنع أي منتج تقريباً بتكلفة أقل وبجودة عالية.

في بداية التسعينيات والألفينيات كانت الجودة منخفضة نظير إمكانياتهم المتواضعة، لكن الآن أصبحت الصين ودول شرق آسيا الصاعدة لديها القدرة أن تخرج كفاءة أفضل بمائة مرة عن الكفاءة اليابانية.

وهذا ما جعل Sony تدخل في حالة من فقدان السيطرة على السوق، نظراً لأن أجور العمالة لديها مرتفعة نسبياً.

السبب الآخر هو حالة الركود التي ضربت اليابان في التسعينيات، وأثرت على عملية التصنيع والتوظيف في اليابان، وأثرت على منتجات Sony لأن أكبر سوق تبيع فيه هو السوق الياباني.

أزمة الركود هذه جعلت الناس يخافون من شراء أي منتجات في البلد، وهذه طبيعة الشعب الياباني دائماً حذر بسبب الطبيعة، بحيث يخاف أن يصرف.

خاتمة

هناك شيء أخير مهم لفت نظري، وهو ما جعلني أبحث أكثر عن Sony وتاريخها، من بداية Sony كانوا بارعين جداً في التعديل على أي فكرة موجودة، ويطوروها ويبيعوها.

بدأ ذلك من أجهزة التسجيل في الأربعينيات، وبعد ذلك اختراع الترانزستور الذي اشتروا حق استخدامه ومن ثم طوروه وكانت فرصتهم. وقس ذلك على جميع المجالات.

وبهذه الطريقة كانت تكتسح الأسواق وتسيطر على المجال، وخير مثال على كلامنا مجال الألعاب الذي ابتكر أجهزتها  شركات وطوروها وسيطر على سوقها شركات أخرى.

هل Sony يمكن أن تعود إلى المنافسة وتعود على رأس الشركات التكنولوجيا أم لا؟

مصطفى الصعيدي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى