منذ ثلاثة أشهر، بدأنا نسمع عن الأزمة الاقتصادية، التي ستحصل في عام 2020، والجميع يؤكد ويجزم.
أنها ستكون أزمة تدمر الاقتصاد العالمي، ونلاحظ أن كل الاقتصاديين، غير مختلفين بأنها ستحصل أم لا.
بل الاختلاف يكون، على موعد حدوث الازمة، هل في آخر 2020؟ أم في آخر 2021؟ وهذا يستدعي طرح الأسئلة الكثيرة.
هناك نسبة 72% من الاحصائيات لأشخاص، يرون أنها ستحصل في عام 2020، فلماذا لا يتجهزون، ويستعدون لمنع حدوثها.
ما هي الأزمة الاقتصادية والركود الاقتصادي؟
التعريف العلمي لكلمة الركود، هو انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي، لربعين متتاليين، أي بمعنى، الركود هو ضعف عام في الأسواق.
وهو ناتج عن خوف الناس، لأن الناس عندما يشعرون بالخوف من المستقبل، فإنهم يحتفظون بالمال الذي لديهم، ويصرفون القليل منه فقط.
فتقل المشتريات عن الحد الطبيعي، الذي تعودوا عليه، وبالتالي، هذا سيؤثر على الشركات التي تبيع المنتجات في السوق.
أي أن هذه الشركات، ستقرر في النهاية، أن تقلل في الإنتاج، وإذا فعلت ذلك، فهي ليست بحاجة إلى كل العدد الكبير من الموظفين لديها.
أي ستضطر إلى تسريح عدد من الموظفين، إذاً لديك أشخاص أكثر ستخاف، ويبدأ الاستهلاك والإنفاق، يقل أكثر.
والشركات تخسر أكثر، والعمالة تقل أكثر، وأشخاص آخرون يتسرحون من عملهم، ويفقدون أعمالهم، فيخافون أكثر، وهي دوامة كبيرة.
الاقتصاد كله قد دخل هذه الدوامة، والنتائج تكون سلبية على الاقتصاد، وهذا التعريف البسيط لكلمة الركود.
تأثير الركود الاقتصادي على قطاعات الدولة
قلنا أن الركود يبدأ بالخوف من شيء يحصل، فيحرص الناس على أموالهم، والمصانع عند تقليل مبيعاتها، تقلل الإنتاج، وطالما الانتاج قد قل، فتسرح موظفين أكثر.
وعلى سبيل المثال، في قطاع البنوك، إن الموظفين الذين سرحوا من عملهم، كانوا قد سحبوا أقساط لشراء أشياء معينة، مثل منزل أو سيارة.
والآن عندما فقدوا عملهم، لن يستطيعوا دفع القسط، وبالتالي خلال الأشهر المتتالية، تتراكم الأقساط، والبنك يقرر بيع المنزل أو السيارة.
هذا الموضوع يكون على مجموعة كبيرة، على مستوى البلد، وطالما أن المعروض من المنازل كبير، والطلب كما هو، فهذا يجعل أسعار العقارات تقل.
والمستثمرين الذين يبنوا عقارات، لكي يبيعوها لاحقاً، يجدون أن الأسعار تقل، فتكون الخسائر أكبر، فتقل حركة البناء والإنشاء.
وهذا يسير على مصانع الحرير، والاسمنت، وكل القطاعات المشاركة في عملية البناء تضررت، لأن القطاعات تتداخل مع بعضها، فيدمر الركود كل قطاعات الدولة.
من أين جاء التأكيد من الاقتصاديين على حدوث الأزمة؟
من الطبيعي الحديث عن احتمال أن يمر الاقتصاد العالمي، بضعف، ولكن التأكيد كيف يكون؟ وبناء على ماذا؟
الموضوع أن النظام الاقتصادي لدينا، مبني على أسس ثابتة، وهناك شيء اسمه الدورات الاقتصادية، أي سنوات الصعود، وسنوات الركود.
وهذه الدورة، تحدث عادة كل عشر سنوات تقريباً، وهذا الكلام بدأ بعد اتفاقية برتينوز، بعد الحرب العالمية الثانية، عندما تم تأسيس النظام الاقتصادي الحالي.
إذاً لدينا كل عشر سنوات، سيكون هناك أزمة وانهيار، وهذا في حال عدم وجود أي حروب، فتكون كل ثمانية سنوات أزمة، وبوجود الحرب، تكون كل ثلاث سنوات.
الأزمة الاقتصادية في التاريخ
قبل عشر واحدى عشر سنة حصلت أزمات اقتصادية كثيرة، ففي عام 2008 كانت أزمة الرهون العقارية.
وفي عام 1999 قبلها بعشر سنوات، فقاعة الدوت كوم، وانهيار شركات التكنولوجية، وفي عام 1992 أزمة الادخار والقروض في أمريكا، مع تأثير حرب الخليج.
عام 1980 أزمة ارتفاع أسعار النفط، بسبب الثورة الإيرانية، عام 1973 حرب أكتوبر، وقطع إمداد النفط عن الغرب.
في عام 1969 الركود في نيكسون، و1960 ركود عائد إلى حرب أمريكا، على فيتنام، فكان الموضوع كل عشر سنوات، وكل تسع سنوات.
وكانت آخر أزمة إذاً، في عام 2008 أي المفروض أن الأزمة ستكون، في عام 2018 ولكن لم يحصل شيء لحد الآن، ولكن كل هذه المؤشرات، تؤكد أن الموضوع قريب.
كيف نكشف الركود الاقتصادي؟
تستمر الأزمة أو الركود في العادة، من سنة إلى سنة ونصف تقريباً، فلو زادت عند هذا الزمن، سندخل إلى الكساد، وموضوع مختلف أيضاً.
وأزمة الركود، لا تكتشفها إلا وأنت في وسط الركود، وترى النتائج الاقتصادية لديك، لربعين متتاليين، أي ستة أشهر.
فلو النتائج فيها جيدة، إذاً لا يوجد الركود، ولكن لو كانت تقل كل ربع أكثر من الآخر، فإذاً أنت في ركود، ويكبر الموضوع عندما تعرف، أنك دخلت في الركود.
مؤشرات وأسباب الركود
أكيد هناك أسباب جعلت الاقتصاديين يقولون، أن الركود سيكون في العام القادم 2020، وهي كالتالي:
الحرب التجارية
إن الذي يسبب الشرارة الأولى للركود هو الخوف، كما قلنا، والخوف يأتي من الحرب التجارية، بين أقوى اقتصادين، أمريكا والصين.
وهذا يؤثر على الاقتصاد والنمو، في الدولتين بشكل سلبي، فمن الممكن، بسبب الحرب التجارية هذه، أن ندخل في مرحلة الركود.
الحروب الفعلية
والسبب الثاني، هو الحرب الفعلية، مثل الحديث عن الحرب ضد إيران، ومشاركة كثير من الدول في هذه الحرب.
منطقة اليورو
وهي تمر بمشاكل صعبة جداً، بما فيهم ألمانيا، فأرقام ألمانيا الاقتصادية، أصبحت ضعيفة، وقد تدخل في مرحلة الإفلاس والديون.
والمصيبة الكبيرة، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فكل هذه الأمور ممكن أن تشعل الاقتصاد العالمي.
المؤشرات تؤكد الاقتراب من الركود والأزمة الاقتصادية
الركود في الوقت الحالي، عندما سيضرب الاقتصاد العالمي كله، ليس المشكلة، المشكلة هي من أين سيبدأ؟
ولكن لو بدأ، سيدخل فيه كل دول العالم، المرتبطة بالنظام الاقتصادي العالمي، وقد بدأ الحديث فعلاً عن هذا الموضوع، في الفترة الأخيرة.
في الشهر الفائت، ارتفع الحديث في غوغل عن احتمالية حدوث الركود القادم، وستجد أن نفس المعدل الذي تم البحث فيه في الشهر الثامن الفائت.
هو نفس المعدل، الذي تم البحث فيه، قبل الأمة المالية عام 2008، وهذا مؤشر قوي جداً.
سوء إدارة السندات المالية
السندات، هي عبارة عن أنك تعطي الحكومة المال، لكي تأخذ مقابلها الفوائد، ولها مدة زمنية معينة، ممكن أن تكون قصيرة أو متوسطة أو طويلة المدى.
والعائدات المالية على السندات قصيرة المدى، يكون أقل من العائدات المالية، ذات السندات طويلة المدى.
أي أنت ستضع مالك في البنك لمدة أكبر، والمفروض أن تأخذ عليها فائدة أكبر، من فائدة وضعها لمدة قليلة.
ويكون المنحنى التصاعدي مع الوقت، يزيد الفائدة، فلو وجدنا عدد الناس الذين يشترون السندات طويلة المدى أكثر، من الذي يشترون قصيرة المدى.
نفهم من هذا، أن عدد كبير من الناس، لا يريدون استثمار أموالهم، ولا يفتحون مصانع ولا شركات، ولا يردون أن يفعلوا أي شيء، فهم خائفون ويكتفون بالفائدة التي تأتي لهم.
هذا معناه، أنه لا يوجد شركات ولا مصانع جديدة سيتم إنشائها، وهذا معناه، أن عدد أقل من الوظائف، سيبدأ بالظهور.
وفي النهاية، نمو الاقتصاد، سيكون أقل، وسندخل في الركود، وهذا ببساطة يسمى في الاقتصاد انقلاب منحنى العقد.
وهذا الذي يحصل الآن، فالمنحنى وصل إلى الصفر وتحت الصفر، أي هناك إنذار كبير جداً، والاقتصاديين يهتمون به، ليأخذوا دلالات على قرب حدوث الركود.
كيف نحمي أنفسنا عند حدوث الأزمة الاقتصادية؟
يجب أن تحاول أن تتخلص من كل الديون، خاصة الكريديت كارد، فأنت لا تعلم ما هي الظروف القادمة.
حاول على قدر الامكان، أن تخفف من المصاريف، وزد في الادخار، فهي ستنفعك، فلو كنت تعمل في شركة ما، وقد تعثرت، واضطروا أن يطردوا العاملين.
فيجب على الأقل، أن يكون لديك مبلغ جيد، لمدة ستة أشهر تكفيك، وهناك في بعض الدول، أناس لا يستطيعون أن يفعلوا ذلك.
ولكن أنت مجبر، أن تجمع على الأقل المال، وتتصرف على هذا الأساس، حتى إذا لم تعد تعمل، فتستطيع أن تكفي نفسك، حتى تجد وظيفة أخرى.
أهم شيء، أنك تحتاج أن تطور نفسك في العمل، فلو كنت تحتاج شهادات مهنية، أو دورات، لتصل إلى مركز أعلى، فافعلها لتضمن مكانك في عملك.
أما لو كنت تعمل في البورصة، فحاول أن تنوع محفظتك من المال، على قدر استطاعتك، وحاول أن تهتم بالمعادن، خاصة الذهب، الذي بدأ بالتصاعد.