إسلامشخصيات

الأمين والمأمون و الصراع السياسي


أبناء الرشيد – طارق سويدان

موضوعنا اليوم الصراع السياسي وآثاره الخطيرة من خلال قصة صراع أبناء الرشيد الأمين والمأمون.

كلما زادة خطورة المنصب السياسي الذي يتم الصراع عليه، كلما كان الأثر المترتب على هذا الصراع أكثر خطراً، الفوضى السياسية التي تنشأ بسببه أعلى وأشد.

استقرار مؤسسة الحكم من أسباب ازدهار الحضارات، وكثيرة هي الدول التي كان الصراع الداخلي السياسي فيها من أسباب زوالها.

التاريخ يحدثنا أن الصراع السياسي في ظل حكومات مستبدة بالذات، هو المفتاح لباب الخلاف والفتن واضطراب حياة الناس في أمنهم واستقرارهم وحياتهم.

كيف وصل الحكم إلى الأمين والمأمون

الخليفة العباسي الأول السفاح أوصى أن ولي عهده يكون أبو جعفر المنصور.  ومن بعد أبو جعفر المنصور ولي ولي العهد، يكون عيسى ابن موسى ابن عم أبو العباس السفاح.

لما تولى أبو جعفر أجبر عيسى على أن يخلع نفسه، وبايع لابنه المهدي ليكون هو ولي العهد.

وكرر المهدي نفس الخطأ وعهد بالأمر من بعده لابنه الهادي، وولي العهد يكون ابنه الثاني هارون الرشيد.

فلما تولى الهادي حاول أن يخلع هارون الرشيد، لكن لم يسعفه الوقت، ومات قبل أن يرتب هذه المسألة.

لماذا ولى هارون الرشيد ابنه الأمين

لما تولى هارون الرشيد الحكم أرتكب نفس الخطأ لكن بصورة أشد. ما فعله هارون الرشيد هذا الحاكم العظيم، وهي واحدة من أعظم أخطاءه، هذا الخطأ أدى إلى حصول مأساة في تاريخ المسلمين.

هارون الرشيد جعل ولاية العهد لابنه الأمين، رغم أن الأمين أصغر من أبنه الثاني المأمون. والسبب أنه كان يحب والدة الأمين زبيدة حباً شديداً وهي هاشمية.

أما المأمون فأمه فارسية جارية اسمها مراجل، تزوجها هارون الرشيد بسبب جمالها الشديد بعدما أن أعتقها.

فكانت أم المأمون فارسية وأم الأمين عربية والأمين أصغر مع ذلك قدمه على أخيه.

أمر أن يكون المأمون هو الخليفة بعد الأمين، أحس هارون الرشيد بخطأه وأحب أن يعالجه.

أعطى المأمون امتيازات ضخمة جداً جعلته مستقلاً بإدارة كل المناطق الشرقية للدولة الإسلامية.

خرسان والري والمناطق التي في جهة أفغانستان وباكستان إلى الصين. وكلها تحت حكم المأمون وبدون العودة للأمين.

لكنه لم يفعل هذا فقط، وإنما أيضاً أعطى ابنه الثالث وهو القاسم أبن هارون الرشيد امتيازات ضخمة في إدارة مناطق شمال الجزيرة، التي بين الفرات ودجلة ومناطق أرمينيا وتركيا وما حولها.

والتي كانت تحت حكم العباسيين بذلك الوقت، كل هذا التقسيم أدى إلى اشتعال الخلاف بين الأخوة الثلاثة الأمين والمأمون والقاسم.

فشعر الخليفة الأمين لمّا تولى أنه مقصوص الجناحين منزوع من أي سلطان أعظم بلاد الإسلام خارجة عن يده وهي بيد إخوانه.  وكثير من هذه المناطق فيها جيوش وقوات وليس له سيطرة عليها.

فطلب من أبيه أن يصحح هذا، فكتب هارون الرشيد البيعة في كتب موثقة أشهد على صحتها الناس وجعلها عند الكعبة.

وفي هذه الوثائق نصوص ملزمة للأمين والمأمون والقاسم، أن كل واحد منهم يحترم الأخر وكل واحد عنده ما يحكم والباقون يلتزمون بأوامره.

وكل واحد مسؤول عن المناطق التي هو وزعها، وله حق أن يتصرف في شؤون ما عهد إليه ويحترم كل طرف التزامات الطرف الأخر.

مبايعة الخليفة الأمين

لمّا توفي الخليفة هارون الرشيد، قام على أمر البيعة للأمين حاجب الرشيد الوزير الفضل ابن الربيع هو الذي أمر الناس أن يبايعوا الأمين.

ولكن الأمين هو الأصغر فبايعه الناس والقادة ومعظم الجيش. فشعر المأمون بثقل هذه المسألة عليه، كيف أن أخوه الأصغر منه يحكمه وهو موجود.

وكان المأمون كما ذكرنا يحكم المناطق الشرقية، ولكن أرسل يبايع أخاه ولم يفتعل أي مشكلة.

وزير المأمون والمقدم عنده هو الفضل ابن سهل وهو الذي زين له أن يخلع أخاه ويطلب الناس أن يبايعوه كخليفة لأنه هو الأكبر.

لكنه أمره بالتمهل ألا يذهب إلى أخيه في بغداد حتى تترتب الأمور.

أسباب الصراع بين أبناء هارون الرشيد:

أسباب الصراع بين الأخوة الثلاثة كانت ناضجة وجاهزة:

شهوة الحكم

لأن شهوة التفرد بالحكم غير عادية، فإذا ما وجد نظام دستوري لانتقال الحكم وعلاج الخلافات فهذه سوف تجعل الصراع السياسي متجدد في أي وقت لا محال.

الصراع الشعوبي

الصراع الذي يسمونه الصراع الشعوبي بين العرب وغير العرب، هذا الصراع النتن اليوم بين الطوائف الإسلامية.

هذا الصراع تمثل في الصراع بين الفضل ابن الربيع، الذي يمثل العنصر العربي والفضل ابن السهل يمثل العنصر الفارسي، وكل واحد منهم وزير لواحد من أبناء الرشيد.

مصالح البطانة

وهي التي لعبت دوراً كبيراً في إشعال الصراع، كل واحد يريد المزيد ويريد لصاحبه أن يتولى حتى تزيد مصالحه ومنافعه.

حكم الخليفة الأمين

تولى الحكم من جماده الأخرى 194هـ حتى محرم 198هـ. وقد تولى الأمين وعمره 23 سنة وحكم 5 سنين وبويع له بالخلافة ببغداد 193 هـ.

لما توفي هارون الرشيد أمر بإعطاء الجيش أي كل الجنود رواتب لمدة سنتين.

في هذا الوقت كان المأمون يحكم المناطق الشرقية، رغم أنه أعطى البيعة لأخيه لكنه وزّع على كل الجنود راتب سنة، إذن هذه الأموال توزع لأغراض سياسية ولكسب ولاء الجيش.

الفضل ابن الربيع كان له تأثير كبير جداً على الأمين، فهو من رتب له البيعة، وهو الذي جهز بعد وفاه هارون الرشيد أن لا أحد يثور على الأمين.

وكان هذا الفضل يكره المأمون، ويرى أن المأمون لو صار يوماً من الأيام خليفة، ستذهب وجاهته هو ويذهب سلطانه ونفوذه وأمواله التي بناها على مدى سنين، خاصة في عهد هارون الرشيد.

فزين للأمين أن يخلع أخاه المأمون من ولاية العهد وأن يعقد ولاية العهد لأبن الأمين موسى.

إذن، هارون الرشيد كان قد رتبها وأعطى المواثيق الكاملة، لكن هنا البطانة زينت للأمين أن يخلع المأمون الذي عهده كان موجوداً في الكعبة بالنسبة لهم.

لكن الفضل ابن الربيع بقي وراءه حتى قطع الخطبة التي في صلاة الجمعة لأخيه، كانوا يقولون أعز الله أمير المؤمنين كذا وولي عهده فأمر الناس بالتوقف.

وأزال اسم أخيه من المراسلات ومن الخطب كل هذا إيذاناً بالمجاهرة بالخلاف. وقبل أن ينزعه من ولاية العهد وهذا كله أدى لحروب وأهوال طويلة بين المسلمين.

في صفر سنه 195هـ أمر الأمين الناس ألا يتعاملوا بالدراهم التي عليها اسم أخيه كانت الدراهم عليها اسم الخليفة وولي عهده فمنعهم من التعامل بهذه الدراهم.

وأمر أن يدعى لولده على المنابر ولياً للعهد بدلاً من الدعاء للمأمون الذي كان قد اختاره هارون الرشيد.

القتال بين جيش الأمين وجيش المأمون

سار علي بن عيسى قائد جيوش الأمين على رأس جيش في خمسين ألفاً، واتجه نحو المناطق الشرقية في جهة الري حتى يقضي على سيطرة المأمون في هذه المناطق.

وقائد جيش المأمون وهو طاهر بن الحسين بدأ يعد العدة للدفاع.

حاول علي ابن عيسى أن يستغل معرفته السابقة بالبلاد وصلاته بالقادة الذين في هذه المناطق، وحاول إثارتهم على المأمون لكنه لم يستطع.

حاول أيضاً أن يرتب جيشه للهجوم، لكن علي بن عيسى جيشه كان في خمسين ألفاً، والمأمون لا يستطيع أن يرتب جيشاً من أربعة ألاف فاستهان بأمر طاهر.

طاهر كان ذكياً يحسن التخطيط، فلما طلب أصحاب علي ابن عيسى بث العيون أي أن يرسل الجواسيس قال: مثل طاهر لا يُستعد له.

فخرج طاهر من مدينة الري بجيش قليل العدد، حوالي أربعة ألاف، وحرض جنوده على القتال، ورفع على الرايات أن الخليفة بعد الأمين هو المأمون وهذه هي البيعة في أعناق الجميع.

فكان الهدف إعطاء الشرعية لجيشه حتى لا يخيّل للجنود أنهم خارجون على الخليفة. هم لم يخرجوا على الخليفة، هم خرجوا على الخليفة الذي نقض عهد الخليفة الذي قبله.

فاتخذ كل من الجيشين تشكيل القتال ووقف الواحد منهم أمام الأخر. وبدأ طاهر بمظاهرة سياسية فحمل صاحب شرطته بيعة المأمون يكلم الجيش الأخر بايعتم المأمون بعد الأمين كيف تنقضون العهد.

ودعا علي ابن الحسين إلى تقوى الله في البيعة التي أخذها ودعاه أن يلتزم بالبيعة.

فبدأ القتال في البداية لصالح علي بن عيسى، فهزمت ميمنته ميسرة طاهر هزيمة نكراء وأيضاً ميسرته هزمت على ميمنة طاهر فزحزحتها.

بدأ طاهر الآن يهزم من الجهتين فعندها أظهر كفاءه عسكرية عظيمة. فأمر أصحابه بالهجوم المركز بدل من نقض الميمنة والميسرة، هجوم مركز على قلب جيش علي بن عيسى.

وبسبب هذا الهجوم القوي تحول الموقف لصالح طاهر، فانسحب جناحي جيش الأمين وكثر القتل في أصحاب علي بن عيسى حتى سقط هو قتيلاً.

هذه الواقعة كانت بداية سلسلة من الانتصارات، قادت طاهر من الري إلى بغداد ينتصر انتصارات متتالية.

أثر الصراع بين الأمين والمأمون على مصر

هذا الصراع أدى إلى قيام العديد من الولاة والقادة في مصر وفي غيرها بالاستقلال عن الخلافة العباسية.

مصر على سبيل المثال من الأقاليم التي تأثرت بهذا الصراع وتنازع القادة حكمها، فتارة يحكمونها باسم الأمين وتارة باسم المأمون وأخرى يحكمونها بقرار جماعي للجيش.

انظروا الصراع المركزي ماذا فعل؟

لهذا نرى كيف تسبب الصراع على الخلافة بين الأمين والمأمون في خروج مصر كلها من سلطة الخلافة العباسة.

وإذا كان نقش اسم الخليفة على النقود هو من أبسط شارات السلطة، فالولاة في مصر في تلك الفترة المضطربة سلبوا حتى هذا الحق من الخلفاء العباسيين.

وتحكم الجيش والقادة العسكريون في زمام الأمور في مصر وأصبح في أيديهم الحل والعقد.  فصاروا يعزلون ويولون كما يشاؤون بدون العودة للخليفة.

الخلفاء متنازعون مع بعض واستمر هذا الحال حتى تمكن عبد الله بن طاهر من إعادة مصر تحت سلطة الخلافة العباسية في 211هـ والأمر مضطرب.

ظلت الدولة العباسية تواجه هذه المشاكل بعد وفاة الأمين والمأمون كل هذا الاضطراب سببه هذا الخلاف.

الصراع من أجل السلطة

قصة الأمين والمأمون أبناء هارون الرشيد وهذا الصراع الذي جرى بينهما.

بدأ الصراع واشتد ومما زاد موقف الأمين صعوبة هو حدوث فتنة عصيبة في صفوف جنود الشام الذين جاؤوا لنصرته فصارت بينهم مشكلة وتفرقوا عنه.

لما بدأت الأمور تتفلت من الأمين، هنا بدأت بعض المدن تتركه أيضاً فبايع أهل مكة و المدينة المأمون وخلعوا الأمين لأكثر من سبب.

أولاً لأنهم وجدوه هو الذي خان العهد ونزع البيعة من المأمون ووضعها لابنه وهذا ليس اتفاقهم.

ولما عرفوا منه من لهو ولعب واشتغال في أمور باطلة عن أمر الخلافة، بينما كان المأمون يجالس العلماء والفقهاء والأدباء.

على كل حال بدأت الجيوش تفد من كل الاتجاهات تساعد المأمون لحصار بغداد وإرغام الأمين على التنازل لأخيه.

حصار بغداد

وبدأ الحصار يشتد على بغداد حتى أصاب الخراب معظم ديارها وانتشر الفزع والخوف والغلاء والمجاعة.

كان صراعاً من أجل السلطة، هذا الصراع كان سبباً في مآسي عديدة في بغداد الجميلة التي كانت عاصمة الدنيا تتعرض لهذا الخراب.

لو كان لدى الأمين بعض الفطنة أو بعض الحرص على أمته ما فعل ذلك بل بادر للتنازل.

ليس عند المستبدين أي مشكلة بأن يخربوا، فلو حرص على عاصمته لبادر هو بالخروج من بغداد، على الأقل كان خرج بجيشه والتقى جيش المأمون خارج بغداد لكي يحميها.

وكان في وقتها يستطيع أن يرتب جيشه ويجنب العاصمة هذا الخراب، لكن الأمين اجتهد في المصابرة ودفع الحصار ودفع الجيوش.

لكن الناس بدأت تنفض من حوله، وملوا القتال. وما بقي في الطرقات إلا المجرمون والسفلة اجلكم الله.

وعندئذ ماذا فعل الأمين؟ بدأ يجند هؤلاء المجرمين والسفلة ويعطيهم رواتب حتى يحاربوا معه كما نرى بالمستبدين يأتوا بمرتزقة من خارج البلاد ومن داخلها.

فتجاوز الموضوع البيعة الشرعية إلى صراع سياسي مكشوف لا يهم لأي طرف سوى الانتصار.

طبعاً على امتداد الصراع توالت هزائم الأمين أمام المأمون، ومع الهزائم بدأ ينضم إلى المأمون ولاة الأقاليم، ينضمون إلى الخليفة الأقوى.

وأعلن هؤلاء نقض بيعتهم السابقة للأمين لأنه خان، وبايعوا للمأمون وأسفرت هذه المعارك عن هزيمة الخليفة الأمين الذي أصبح يسمى الخليفة المخلوع.

أما يذكركم هذا بمخلوعين يستغلون أموالهم ونفوذهم وملياراتهم لأجل العودة بأي شكل وأبناءهم للسلطة ولتخرب البلاد؟

مقتل الأمين

لما يأس من أمره الأمين، حاول أن يستعمل لنفسه عند أخيه المأمون، فأرس قائد الجيش عنده أرثمة بن أعين.

فلما أحس القائد الآخر طاهر بن الحسين، خشي أن يفوت شرف المكانة فتضيع جهوده السابقة ويحدث صلح فأمر بالقبض على الأمين.

ويقولون بالاحتياط على الأمين فأحاطوا به فأمر بعض جنوده من الأتراك غير العرب بقتل الأمين فدخلوا عليه ليلة الأحد 25 محرم سنه 198هـ وقتلوه بالسيوف وقطعوا رأسه.

ونصب رأسه على رمح ونصب الرأس على باب الأنبار ببغداد، وخرج الناس بأعداد غفيرة ينظرون إلى خليفتهم وقد قتل وقطع رأسه بهذه الطريقة.

بغياب السلطة السياسية وبغياب الأمن تشتد معاناة الناس وتتعرض حياتهم للخطر، مالم يبادروا هم بأنفسهم لاتخاذ إجراءات لحماية حياتهم وممتلكاتهم.

هذا الذي فعلاً حصل في ذلك والوقت ونراها هذه الأيام.

حكم المأمون:

عندما رأى الناس الظلم والتعدي والفساد وجدوا هؤلاء البلطجية الفاسدين يسيطرون على الأمور بدأ الناس يوجهونهم.

ورأوا أن السلطة غير قادرة على مواجهة ذلك، فهنا تنادى الصلحاء من كل حي اجتمعوا إلى بعضهم.

وقالوا إنما في الدرب الفاسق والفاسقان وأكثر شيء في الحي الواحد عشرة وقد غلبوكم وأنتم أكثر منهم. لو اجتمعتم حتى يكون أمركم واحداً لقمعتم هؤلاء الفساق.

وفعلاً بدأت المقاومة الشعبية وبهذه الطريقة استطاعوا مقاومة المفسدين والمخربين والبلطجية.

منذ ذلك الوقت وهذه الأمور موجودة، عندما أخذ الشعب إدارة الأمور بنفسهم لا يستطيع أحد أن يقف أمامه.

كان الذي يدبر الامر مع المأمون في مرو عاصمة خرسان التي فيها المأمون في ذلك الوقت هو الفضل بن سهل وهو الذي رتب كل هذه الأمور هو الذي رتب البيعة للمأمون.

يرى الفضل بن سهل لنفسه الفضل الأكبر في تأسيس دولة المأمون، فأراد لما سيطر المأمون كخليفة أراد هو كرئيس وزراء أن يستأثر بنفوذ الكلمة فيها فأصبح الصراع داخل حكم المأمون.

قائد الجيش طاهر في عهد المأمون ما زال في العراق فهنا احتال الفضل حتى عزل طاهر عن العراق وما حولها وعين الحسن بن سهل.

فتنة بغداد

طبعاً طاهر هو المسيطر على بغداد والذي فتحها للمأمون، والأن يعزل؟ فشاع في العراق بعد عزل طاهر أن الفضل بن سهل رئيس الوزراء سيطر على المأمون.

بل انتشر أنه جعل المأمون في قصر حجبه فيه بإقامة جبرية، وأنه هو الذي يبرم الأمور على هواه.

فغضب أهل العراق كيف خليفتهم يسيطر عليه بهذه الطريقة، واستخفوا بوالي العراق الذي عينه الفضل وهو الحسن بن سهل وهاجت فتنة بعد ما سيطر.

بدأت فتنة في كل الأقطار، ولم يجد الحسن بن سهل والي بغداد حوله أحد ينصره، فأرسل إلى هرثمة بن أعين.

وبعد عدة معارك في بغداد حاول أن يعيد الأمر إلى سيطرة المأمون، وفعلاً أستطاع هرثمة أن يسيطر على الأمور في سنه 200هـ.

لما فرغ هرثمة من تلك المهمة أراد يكون هو الأن القائد للجيش بعد طاهر، استطاع أن يسيطر على الأمور بعد أن كادت تهيج على المأمون.

لما فرغ أراد أن يتوجه للمأمون بنفسه بمرو حتى يطلعه على حقيقة الأحوال ولماذا الناس ثارت عليه وأن السبب هو استبداد رئيس الوزراء الذي عنده الفضل ابن سهل.

لكن الفضل أفهم المأمون أن هرثمة هو الذي أفسد البلاد، وفعلاً صدق المأمون فأخذوا هرثمة الذي أعاد الخلافة للمأمون بعد أن انتقضت عليه وحبسوه ودسوا له السم فقتلوه وقال انه مات.

قتل المأمون رئيس الوزراء الفضل بن سهل

وأخيرا وصلت الأخبار على حقيقتها إلى المأمون، كيف يتصرف رئيس الوزراء كل هذا التصرف وهو لا يعلم. هكذا يكون الخلفاء الحكام بغير وعي ومشغولين باللهو وأمور أخرى.

فهنا وصلت الأخبار كيف تطورت الأمور، من قتل أخاه، والآن يقتل قائد الجيش والقائد الذي قبله يعزل.

وكيف أن الفضل بن سهل رئيس الوزراء يستر عنه الأخبار، طبعاً أزعجه الأمر وكدره جداً كيف أنه كان سبباً بقتل هرثمه.

لما تحقق للمأمون أن الفضل قد كذبه وغشه، أمر برئيس الوزراء أن يقتل الفضل بن سهل وفعلاً قتلوه.

ووصل المأمون بنفسه إلى النهروان. وخرج إليه أهل بيته والقادة وسلموا عليه بالخلافة في صفر 204 هـ دخل المأمون بغداد.

يقول المؤرخون الملك الحقيقي للمأمون بدأ عندما وصل لبغداد إلا أن قبلها كانت الأمور غير مستقرة.

وتجلت مزايا المأمون العالية وأخلاقه وبدأ يسيس الناس بسياسة لين وليست بقمع.

الخاتمة

الحاكم الفعال لا يقمع شعبه، فقالوا ساس سياسة لين ليس فيها ضعف، وقوة لا يشوبها عنف.

وأخذت بغداد تعود إلى جمالها ونضارتها التي كانت لها في عهد أبيه هارون الرشيد.

وعظمت بها مرة أخرى الحركة العلمية، وبهذا انتهت فصول هذه المأساة التي لم تقف عند هذا الحد بل كان هذا الخلاف داخل البيت الواحد سلسلة من الخلع والخلاف بين الخلفاء وولاة العهد.

وسنوا سنه سيئة بهذه الطريقة وضع لبنتها الأولى صراع الأمين والمأمون ودفعت الأمة لوين؟

انشروا عني

يقول طارق سويدان ( الحاكم أجير عند الشعب وهو الذي يعينه ويعزله، الحاكم ليس سيفاً مسلطاً على الشعب )

طارق سويدان

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى