الحياة والمجتمعصحة

مصاب بالإكتئاب – كيف تتحدث مع الشخص المصاب بالإكتئاب Depression



مصاب بالإكتئاب

هل تعلمون ما هو أول ما يريد أن يطمئن إليه المصاب بالإكتئاب الشديد حين يذهب الى الطبيب النفسي؟

يريد ببساطة أن يتأكد أنه ما زال إنسانا طبيعيا، أنه ليس بطريقه للجنون أو فقدان عقله، هذا الشص يمر بحالة غريبة جدا عليه وغير مفهومة

فالإكتئاب لا يصيب جانباً محدداً من إدراك الإنسان وعقله بل يصيب كل شيء، تخيل أن قواك الجسمية متراجعة ورغبتك في فعل اي شيء منعدمة وتركيزك يقترب من الصفر وقدراتك الذهنية متراجعة وليس هناك ما يمنحك السعادة ونومك قليل متقطع سنكتفي بهذا، تخيل كيف ستكون حياتك!

من مشكلات تصورنا للاكتئاب أن للكلمة ترجمة سيئة Depression الترجمة الادق هي انحطاط

يأتي الشص الى الطبيب النفسي وهو يعاني مما سماه احد المحللين النفسيين Alienation اي الاغتراب

ويريد أن يتأكد أن ما يشعر به هو ضمن نطاق تجربة البشر الممكنة وانه لم يتحول الى مجنون

ماذا يفعل بعضنا بحسن نية؟

يقول له انظر الى من قتلوا وهجروا من بيوتهم وإلى من يموتون حرقاً في الحروب وإلى المعتقلين الذين يموتون تحت التعذيب في السجون على الأقل أنت حي وعندك بيت وأهل ووظيفة، هون عليك

هذا لن يساعده أبداً

لماذا لا يساعد ذكر مصائب الأخرين الأشد قسوة وتذكير المرء أنه أفضل حالاً من كثير من الناس وأن كثيرين مروا بظروف أصعب وتجاوزوها

لماذا لا يساعد كل هذا في التخفيف من الاكتئاب ؟

هذه إحدى أكثر الأخطاء التي يقع بها الناس عن حسن نية خلال محاولتهم التخفيف عن المكتأب وتأتي غالبا بنتيجة عكسية، لماذا؟

أنت تقول له بنظره:

 أنت مجنون فعلاً، لا أرى أي منطق في أنك مكتئب، لا يقتصر الامر على كونك مكتئباً غير منطقي على اعتبار أن من يشبهونك في ظروفهم ليسوا مكتئبين

بل يتعدى ذلك إلى أن هناك من يعيشون حياة أسوأ بكثير وهم مع ذلك ليسوا مكتئبين

أنت مختل بالفعل وما تشكو منه يصعب علي فهمه

لهذا فالاستجابة الصحيحة مختلفة وما يجعلها صحيحة هي ليس انها تعود بالفائدة أي صحيحة بارغماتية بل هي صحيحة بالفعل اي حقيقة

هذه الاستجابة تعتمد بشكل أساسي على إعطاء مشروعية الألم أو ما يسمى validation انت تعاني وهذا كل ما يهمني

إذا كان هذا يؤلمك فهو يؤلمني

هذه تجربتك الذاتية وشعورك بها هو ما يمنحها المشروعية

كثيرون كانوا سيشتعرون بألم أكبر لو كانوا مكانك

وربما ما كانوا ليمتلكوا شجاعة ان يفصحوا عن ألامهم

أنت تواجه قلقك وخوفك، لا من ألمك فقط بل تواجه قلقك وخوفك من أن لا أفهمك ومن أن لا أِشعر بشعورك

تجربتك التي تجعلك تشعر بالاغتراب جزء من تجربتنا كبشر ويمر بها كثيرون أكثر مما تتصور

أنت ما تزال إنساناً ألمك الأن أكبر من احتمالك لكنه ليس أكبر من قدرتي على فهمه

الدكتور جان فوسيت يذكر ان كثير من مرضانا يأتون إلينا وهم يشعرون بالعار، امرأة تعرضت للاعتداء الجنسي وتغيرت حياتها بعدها، ولم تنجح في زواجها ورضيت بمهنة متواضعة، تأتي تجلس أمامك أنت الطبيب أنيق الثياب وصاحب المهنة المرموقة لتخبرك عن كل شيء سيء في حياتها وعن كل ما يثير الحزن والشفقة بل ربما النفور بالنسبة لها

لماذا ستثق بك انت وتخبرك انت وتتوقع ان تفهمها انت هذا هو اختبارك الاصعب، هذا هو ما يجعلك صديقاً

 أغلى ما على الانسان ألم إذا استئمنك صديق على مال أو أسرار أو نصيحة مخلصة وفرطت في الأمانة فهذا أهون من يستأمنك على ألامه ومخاوفه وقلقه فتفشل في تقديره او تستهين به

اقرأ أيضاً…من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟ – ملخص كتاب

اقرأ أيضاً… اكتشف نفسك – أليات اكتساب السلوك الإيجابي للمؤلف سام آر لويد

اقرأ أيضاً… اكتشف نفسك 2 – أليات اكتساب السلوك الإيجابي للمؤلف سام آر لويد – القسم الثاني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى