هل من الممكن أن يكون الزواج حراماً؟
إن أقوى وأهم ميثاق وضعه رب العباد سبحانه وتعالى، بعد الميثاق الذي أخذه على النبيين، الميثاق الغليظ، الذي هو بين الزوج وزوجته.
(وأخذنا منكم ميثاقاً غليظا) وهذا الميثاق، أصبح الآن من أضعف المواثيق، الموجودة بين الأسر والعائلات.
الكل يعلم أن الزواج، قد يكون فرضاً وقد يكون واجباً، وقد يكون مباحاً وقد يكون مكروهاً، وقد يصير الزواج حراماً، وسنتحدث عن آخرها بالتفصيل.
متى يصبح الزواج حراماً؟
الزواج يصبح حراماً، إذا أيقن طرف من الطرفين، أنه إن تزوج واقترن بها، أو اقترنت به، حدث ظلم بينهما، إما أن أكون ظالماً لنفسي، أو ظالم للطرف الآخر.
وكمثال على ذلك، إذا كان هناك شخصاً بخيلاً، كيف ترضى أمه وأبوه، أن يدلسان في العقد، ويقولان أن ولدهما، كريم الأخلاق، فبئس الأهل هم.
وعندما يتقدمون لفتاة مسكينة، وإلى أهلها، ويعلمون أن ولدهم بخيل، فهم وضعوا لأنفسهم بطاقة عضوية، في نادي شهود الزور.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والشرك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً صلى الله عليه وسلم، فاعتدل وقال: ألا وشهادة الزور، ألا وشهادة الزور، ألا وقول الزور، حتى قال الصحابة، ليته سكت.
ما الخلل الحادث في البيوت اليوم؟
هناك خلل كبير، لأن الرجل يريد أن يتقوقع على أرض، يقول فيها إنه صدم، وظلم بهذه الزيجة، والزوجة تقف على أرض هي وأهلها، ويقولون لقد خدعنا في الزوج.
وبعض الأزواج لهم عدة شخصيات، وكان الله في عون الزوجة، التي لها زوج متعدد الشخصيات، في خارج المنزل هو ملاك، طاهر وحكيم زمانه.
وفي منزله، يتحول إما إلى أبو جهل، أو إلى أبو لهب، ونريد أن نضع قواعد سريعة، لهذا الخلل، حتى نصل إلى تطبيع العلاقات بين الأزواج والزوجات.
التقدير والاحترام
لماذا لا نقدر أحزان الناس، فالناس عندما تغضب، يجب أن نعاملها معاملة المرضى، سواء كانوا رجلاً أو امرأة.
وهل هناك أشرف من الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن عائشة، وأمهات المؤمنين، وفي حادثة الإفك، عندما رميت بها عائشة رضي الله عنها.
قالت للرسول صلى الله عليه وسلم: نسيت اسم يعقوب، إنما أقول ما قاله أبو يوسف، فهي نسيت اسم سيدنا يعقوب، وهي تحفظ القرآن، لعظمة الخطب التي كانت به.
وأمنا خديجة، ذات الحسب والنسب، والغنى والثراء، عندما تزوجت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء حصار شعب أبي طالب.
حوصر الرسول وقومه، من مسلمهم وكافرهم، ما عدا أبو لهب، في الشعب لمدة ثلاثة سنوات، لدرجة أن آل البيت، وأقارب الرسول صلى الله عليه وسلم، كانوا يأكلون ورق الشجر.
وهذا الابتلاء الذي ابتليت به أمنا خديجة، لا تساوي لحظة من لحظات، الهم والابتلاء، الذي مر على أمنا عائشة رضوان الله عليها، في حديث الإثم، والابتلاء درجات.
ما الذي يريده الرجل من المرأة؟
يتمنى الرجل أن تكون زوجته، بالإضافة إلى أنها طيبة وعفيفة اللسان، أن يكون لديها ذكاء عاطفي، فمن الممكن أن تكون المرأة حاصلة على التعليم، وعلى أعلى الدرجات.
ومع ذلك، هو ليس شرطاً، أن يكون لديها ذكاء عاطفي، ولا ذكاء اجتماعي، وقد تستخدم ذكاء عقلها، في الإضرار بغيرها وبنفسها.
الذكاء العاطفي
الذكاء العاطفي، هو أن تنافق الزوجة في أهل زوجها، وتدعي أنها تحب أمه، وتدعي أنها تعشق أخته، مع أنها قد تدعو عليها في الصلاة.
ولكن المهم أن تدعي هذا الادعاء، وهو كذب مباح، والرسول صلى الله عليه وسلم، عندما تزوج أم حبيبة، لم يكن يحب أباها، فهو كان كافراً، وزعيم قريش.
وتزوج الرسول ابنة الكافر، ولم يسئ يوماً إلى أبو سفيان، وهو زعيم الكفر، ومقلب الأحزاب، على رسول الله، ولم يقل لها أبوك فعل كذا وكذا.
الزوج اليوم، ينتظر أي خطأ لأخ زوجته، حتى يهينها، فهل هي ستربيه مثلاً، هذا يحتاج إلى ذكاء عاطفي متبادل، والرجل إذا فضفض لا يريد تعاطفاً.
الفرق بين حديث المرأة وحديث الرجل
فهو عندما يتحدث عن مشاكله، لا يريد سوى الحل، ولكن المرأة إذا فضفضت، لا تريد حلاً، فهي تحتاج إلى التعاطف، فهما بعكس بعضهما.
الابتسامة في وجه الأزواج
ويريد من زوجته الابتسامة، فهي لا تكلف شيئاً، وهي مفتاح القلوب، كان الرسول بساماً، وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا في البيوت بسامات، في وجه رسول الله.
حتى وإن غارت احداهن، كانت تبتسم، وفي إحدى المرات، اشتكت صفية رضي الله عنها، أم المؤمنين للنبي صلى الله عليه وسلم، وبكت.
فكان يمسح دموعها، وهي تجهش في البكاء مرة أخرى، وعندما رأت أن الرسول، يلاطفها فزادت في الدلال، وأكملت بكاءها والرسول بدأ يتركها قليلاً.
فقالت صفية: يا عائشة، هل أعطيك ليلتي، وترضي عني رسول الله، فهذا ذكاء عاطفي، عندما اجتمعن حوله، وهو ينازع صلى الله عليه وسلم.
صفية بنت حي بن الأخطب، من سلالة كبيرة، جلست حول النبي الكريم مع نسائه كلهن، فقالت: يا رسول الله، وددت أن الذي بك بي.
فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم، بقية النسوة يتغامزن عليها، فقال: تمضمضن، قلن مما يا رسول الله؟ قال: من تغامزكن عليها، وإنها لصادقة.
صفات الحور العين
هناك صفتان من الحور العين في الجنة، لو تحققوا في المرأة، في بيت الزوجة، تسعد وتُسعد يقول الله تعالى (الحور مقصورات في الخيام)
والمرأة الصالحة، هي إما ستخرج مسلم شرائع، يصلي ويرفع علم لا إله إلا الله، أو مسلم شوارع، وأنتم أعلم بهذا.
الزوجة المتحببة إلى زوجها
يستحي بعض الأزواج وبعض الزوجات، أن يظهروا أمام الأهل، حب كل واحد منهما، للطرف الآخر (عُرباً أترابا).
العُرب أي عروب، والعروب هي المتحببة إلى زوجها، بالكلمة الطيبة، لزوجها ولأهله، وتظهر قيمته، وتكبره أمام أهله، والزوج يجب أن يفعل نفس الشيء مع أهلها.
الزوج والزوجة، ليسوا ملائكة، نحن بشر، لهذا الرجل، يريد العروب لا العبوس، وأن تكون بسامة، وحامدة لله على عيشها مع زوجها.
الزوج تريد الزوجة منه، الكلمة الطيبة، والتقدير والاحترام، وتكبيرها عند أهله وأهلها، وهذا يصنع الرصيد الجيد، لبناء الأسرة.
الخيانة الزوجية
نصيحة للزوج والزوجة، لو فضفضت لك الزوجة عن أهلها، فافعل كأنك لم تسمعها، وقل لها كلاماً طيباً، لأنه سيأتي يوم، لن تستغني الزوجة عن أهلها.
هناك خيانة ذكرها الله عز وجل في القرآن (وامرأة نوح وامرأة لوط إذ كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتهما).
قال بعض أهل العلم: لو ظن أحد من الناس، أن زوجة نوح وزوجة لوط، خانتهما، بالخيانة المفهومة عند الناس، فقد كفر، فالخيانة هنا، هي إخراج أسرار البيت إلى الخارج.
والحديث الشريف يقول: إن من أكبر الخيانات، أن يسر الزوج إلى زوجته حديثاً، وتصبح لتحدث به جاراتها، وأن تسر الزوجة إلى زوجها حديثاً، فيصبح ليحدث به الجلساء، فيصير الرجل أمام المجتمع عارياً، وتصير المرأة عارية.
الاحتواء والتفاهم
عند فشل الحياة الزوجية، هنا جعل الله مخرجاً، والطلاق موجود، فلماذا نعيش بعد الطلاق، لمدة طويلة في كراهية، ومحاولة أخذ الأولاد، وعدم الإنفاق على الأولاد.
وعندما نجلس مع الزوجين، لغاية الصلح، يقول أحدهم، لم أهنأ معه أبداً، لأنه يرى فقط السيئات، والحسنات يذهبن، ولا يتذكر أي شيء منها.
وأريد أن أقول للجمع، نحن نريد بيوتاً، تذكر الميثاق الغليظ، الله جعل العلاقة بين الزوج والزوجة دون قوانين، بل هي بالحب والنظر إلى الكتاب والسنة.
الإصلاح بين الزوجين
أنت أيها الزوج الكريم، والأب، ننصحك أن تتقي رب العباد عز وجل (وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين).
وأنت يا أيتها الزوجة أصلحي ما بينك وبين الله، يصلح بينك وبين الزوج، إذا كان ابن عبد العزيز من الخلفاء الراشدين، وحفيد بن الخطاب رضي الله عنه.
يقول عندما ذهب الذئب، يرعى مع الغنم: نحن قوم أصلحنا ما بيننا، وما بين ربنا، فأصلح الله ما بين الذئب والغنم.
فهل من المعقول، أن الذي بينك وبين زوجك، هو أكبر من الذي بين الذئب والغنم، وقد أصلح بينهما في زمن عمر، فلماذا لا تصلحوا فيما بينكم، وبين ربكم، حتى يصلح الله فيما بينكم.
وبإيجاز بسيط، أريد أن أقول، هل تتمنى أن يبلغك أن زوج ابنتك، قد ضربها على وجهها، أو بقبضة يده، وترضى عنه وتحبه؟
ولماذا تنسى أن زوجتك، هي مثل ابنتك، وهي أيضاً ابنة أهل لها، يخافون عليها، فاتق الله، كما تريد أن يتق زوج ابنتك الله فيها.
ولكن أن تتكبر وتتعالى عليها، وتنظر إليها نظرة التصغير، فهذا ليس هذا من شيم المسلمين أبداً، ونقول في النهاية، قول الشاعر أحمد مطر:
أنا لست شاعراً
أبصرت نار العار ناشبة
بأردية الغفاة
فصرخت: هبوا للنجاة
فإذا أفاقوا للحياة
ستحتفي بهم الحياة
وإذا تلاشت صرختي وسط الحرائق كالدخان
فلأنها صرخة شاعرِ
لا تبعث الروح الطليقة في الرفات.