إسلامشخصيات

أسماء بنت أبي بكر الصديق


الشيخ سعيد الكملي- زوجة الزبير بن العوام

أسماء بنت أبي بكر الصديق ، التميمية القرشية المدنية المكية، أم عبد الله بن الزبير الخليفة، وأخت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وكانت أكبر منها عمراً.

وأسماء بنت أبي بكر الصديق، كانت آخر المهاجرات وفاتاً، فقد توفيت عن عمر 73، ولقبت بذات النطاقين، وكان والدها وجدها وابنها كلهم من الصحابة.

ابنها عبد الله بن الزبير صحابي، وأسماء صحابية، وأبوها أبو بكر الصديق الصحابي الجليل، وجدها أبو قحافة الصحابي أيضاً.

أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين

ولقبت بذات النطاقين، بسبب ما رواه البخاري، أنها عندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الهجرة، أرادت أن تقيم سفرة له في بيت أبي بكر.

فلم تجد شيئاً تقدمه في السفرة، لا من الطعام ولا من الشراب، فقالت لأبي بكر: والله لا أجد شيئاً أشد به سفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا سقائه إلا نطاقي.

والنطاق، هو ما تشده المرأة على وسطها، فقال لها: فشقيه نصفين، فشقته، وبذلك لقبت بذات النطاقين، وعندما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر مهاجرين.

جاء أبو قحافة، جد أسماء إليها، وكان قد أصيب بالعمى، وقال يقصد ابنه في قوله: إن هذا قد فجعكم بنفسه وماله، فقالت: لا فقد ترك لنا شيئاً.

وعمدت إلى كوة في المنزل، وهو ثقب في الجدار، يضعون فيه أشياء مختلفة، ووضعت فيها حجراً ثم عليه ثوب، وأخذت بيد جدي ووضعت يده على الثوب، وقلت له: قد ترك لنا هذا.

يحسبه مالاً، فقال لي: أما إذ ترك لكم هذا فلا بأس، قلت: ولا والله ما ترك لنا قليلاً، ولا كثيراً، ثم جاء أبو جهل ومعه نفر من قريش، فخرجت إليهم قالوا لها: أين أبوك؟

قالت لهم: لا أدري والله أين هو، قالت: فرفع أبو جهل بده، فلطمني لطمة خر منها القرط من أذني، ومضت ثلاث، لا نعلم أين توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر.

زواج أسماء بنت أبي بكر من الزبير

حتى جاء رجل من أسفل مكة، يتغنى بأبيات من الشعر يقول فيها:

جزى الله رب الناس خير جزاءه رفيقين قالا خيمتي أم معبد

هما نزلاها بالهدى واهتدت به فقد فاز من أمسى رفيق محمد

فيا لقصي ما زوى الله عنكم به من فعال لا يجارى وسؤدد

ليهن بني كعب مقام فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد

فقالت أسماء: فعلمت أنه قد توجه إلى المدينة، وهاجرت أسماء إلى المدينة، وتزوجت الزبير بن العوام، وروى البخاري عنها قائلة: تزوجني الزبير وليس له مال، ولا مملوك ولا شيء.

غير ناضح وغير فرس، قالت: فكنت أسقي الماء، وكنت أخرز غربه، وكنت أحمل النوى، وكنت أعلف فرسه، وكنت أعجن، ولم أكن أحسن الخبز.

فكان يخبزن لي جارات من الأنصار، وكن نساء صدق، وكنت أحمل النوى، من أرض الزبير، التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها.

أحمله على رأسي، وكانت الأرض على ثلثي فرسخ، أي يزيد على مسافة ثلاثة كيلو متر، وقالت أسماء: إلى أن بعث لي أبو بكر خادماً يكفيني سياسة الفرس، فكأنما أعتقني.

وذكرت أسماء، أنها مرت وتحمل النوى، فوق رأسها، آيبة من أرض الزبير، فلقيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحاب له، فلما رآها رثى لحالها.

فأناخ بعيره، وأراد أن يحملها خلفه، فاستحيت أن تسير مع الرجال، وذكرت غيرت زوجها، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها استحيت، انصرف.

ولما عادت، أخبرت الزبير زوجها، وقالت له: قد أناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته، ولكن ذكرت غيرتك، فاستحييت، فقال لها: لحملك النوى على رأسك، أشد علي من ركوبك معه.

أسماء بنت أبي بكر والحجاج

عاشت أسماء طويلاً، وأدركت حصار الحجاج لابنها، عبد الله بن الزبير الخليفة، وكانت عجوزاً وقد أصابها العمى، وكانت تقول لابنها: عش كريماً ومت كريماً، لا يأخذك القوم أسيراً.

وكانت تسأل: لمن الدولة اليوم؟ فإذا قيل لها للحجاج، قالت: ربما أمير الباطل، وإذا قيل لها لعبد الله، قالت: اللهم انصر أهل طاعتك، من غضب لك.

ومرضت أسماء في تلك الأيام، فدخل عليها ابناها عبد الله بن الزبير، وعروة بن الزبير يزورانها، فقال لها عبد الله: كيف تجدينك؟ قالت: أجدني وجعة.

فقال لها: إن في الموت لراحة، فقالت له: أتتمنى موتي؟ فلا تفعل وضحكت، فقال عروة يفسر قولت أخيه: إنما عنى أخي، أن يموت هو، فتحزني أنتِ.

وكانت تقول له: والله لا أحب أن أموت، حتى أرى على أي طرفيك تأتي، إما أن تقتل فأحتسبك، وإما أن تظفر فتقر عيني، ولكن أراد الله أن يقتل، وأراد الله أن يصلب.

فلما صلبه الحجاج، دخل عليها وقال لها: يا أماه، إن أمير المؤمنين وصاني بك، فهل لك من حاجة؟ فقالت له: لست لك بأم، إنما أنا أم ذلك المصلوب، على رأس الثنية.

ومالي إليك من حاجة، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج في ثقيف كذاب ومبير، فأما الكذاب فقد رأيناه، تقصد المختار بن عبيد الثقفي.

وأما المبير فأنت، فقال لها: مبير المنافقين، وانصرف، فلما مضت ثلاث ليال وابنها مصلوب، ذهبت إلى الحجاج وقالت له: أما آن لذلك الراكب أن ينزل.

فقال لها: المنافق؟ فقالت له: والله ما كان منافقاً، والله لقد كان صواماً قواماً برا، فقال لها: اسكتي، فانك عجوز قد خرفت.

قالت له: والله ما خرفت، منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول في ثقيف، كذاب ومبير، وانصرفت.

غضب الحجاج من أسماء بنت أبي بكر

وفي تلك الأيام، أقبل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، حتى إذا وقف على عبد الله بن الزبير مصلوباً، قال له: السلام عليك أبا خبيب، السلام عليك أبا خبيب، السلام عليك أبا خبيب.

أما والله، لقد كنت أنهاك عن هذا، وقالها ثلاثاً، أما والله لقد علمتك صواماً قواماً، واصلاً للرحم، أما والله، لأمة أنت شرها، لأمة خير، ثم انصرف.

فبلغ الحجاج موقف ابن عمر وقوله، فأمر بإنزال عبد الله بن الزبير، وطرحه في مقبرة اليهود، ثم أرسل إلى أمه أسماء يستدعيها ابلرسول من عنده.

فأبت أن تأتي الحجاج، ورجع الرسول إلى الحجاج وأخبره، فقال له: والله لتأتيني، أو أبعثن لها من يسحبها من قرونها، فلما رجع الرسول إليها.

قالت: والله لا آتي إليه، حتى يأتي إلي من يسحبني من قروني، فلما رجع الرسول إلى الحجاج بالخبر، أخذ نعليه فلبسهما، وخرج يسرع إلى أسماء.

وعندما دخل عليها قال لها: كيف رأيتني صنعت بعدو الله، فقالت له: رأيتك أفسدت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك، وأعادت عليه حديث ثقيف.

وقالت أسماء: ولكني أخبرك، قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ثقيف، كذاب ومبير، فأما الكذاب فرأيناه، وأما المبير فما أخاله إلا إياك، فانصرف عنها، ولم يرجع إليها.

أسماء بنت أبي بكر الصديق من رواة الحديث

وماتت أسماء بنت أبي بكر، بعد ليال من موت ابنها، وذلك في سنة 73 للهجرة، وقد روت أسماء بنت أبي بكر الأحاديث الكثيرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن الأحاديث عن أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت: سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: أرأيت احدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة، كيف تصنع فيه؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة، فلتقرصه ثم لتنضحه بالماء، ثم لتصلي فيه.

والمعنى عند غسله، أن تفرك الدم بين أصابعها مثل القرص، ثم لتنضحه بالماء، والنضح يطلق على الرش والغسل، وأكثر الروايات أتت هنا بمعنى الغسل، وبعد القرص تغسله وتصلي فيه.

 سعيد الكملي

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى