شخصيات

المعتمد بن عباد الأمير الذي حير المؤرخين

المعتمد بن عباد الأمير الذي حير المؤرخين ، يقول أبو بكر بن عمار: مما يزهدني في أرض أندلس أسماء معتضد فيها ومعتمد

ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد.

حديثنا اليوم عن المعتمد بن المعتضد بن عباد، الذي حار فيه المؤرخون، هل هو شخص جيد؟ أم شخص سيء؟

وسنتحدث عن ملوك الطوائف، وأكثرهم سيطرة، وأكثرهم خدمة للإسلام في الأندلس، وعندما ترون أعظمهم، اعلموا أنه أفضل ملوك الطوائف.

شخصية المعتمد بن عباد

شخصية المعتمد بن عباد

وهو أبو القاسم محمد بن عباد، بن محمد بن إسماعيل، بن قريش بن عباد اللخمي، كما ذكر في كتاب الإحاطة بأخبار غرناطة.

تولى المعتمد حكم اشبيلية بعد موت أبيه، وسمى نفسه المعتمد على الله، ولعل المضحك والمبكي والطريف بالأمر، أنه سمى نفسه معتمد، بناءً على اسم جاريته اعتماد.

ويقال أنه كان يحب شرب الخمر والمراقص، وكان متوغلاً في ملذات الدنيا، وعندما استتب له الحكم في اشبيلية، أراد أن يأخذ غرناطة.

ودخل في مناوشات عسكرية مع عبد الله بن بلقين الصنهاجي.

ولم يستطع أن يأخذها، ثم صرف نظره نحو طليطلة، فأخذها لأجله الجيش القشتالي، بقيادة ملك قشتالة ألفونسو السادس.

ألفونسو السادس يسيطر على مدن الأندلس

قرر ألفونسو السادس، أن يستأثر بطليطلة لنفسه، فلم يعطها للمعتمد، مع أن المعتمد كان يدفع له الجزية.

ثم رأى ألفونسو، أن من حقه أن يأخذ الأندلس بكاملها، فصار يجوب الأندلس كلها، ولا يستطيع أن يدخل المدن المحصنة بالأسوار، ولكنه أخذ جميع القرى في طريقه.

وزحف ألفونسو السادس حتى وصل إلى البحر الأبيض المتوسط، جنوب الأندلس، ومن أحد المرافئ هناك، أرسل رسالة إلى المرابطين قال فيها:

إني قد قتلت المسلمين في الأندلس، وفعلت فيهم الأفاعيل، فتعالوا قاتلوني هنا.

مع أن المرابطين حينها كانوا يسيطرون على ثلث أفريقيا، ولكن ألفونسو لا يستطيع أن يدخل الأندلس، وفيها ملوكها.

المعتمد بن عباد وتهديد ألفونسو 

ألفونسو السادس لا يستطيع أن يهاجم المعتمد بن عباد، لأنه يملك أكبر جيش في الأندلس، ومع ذلك أرسل إليه سفارة، على رأسها رجل يهودي، اسمه ابن سالم، ومعه خمسمائة فارس.

وعندما وصلت السفارة، سلمت المعتمد الكتاب، والذي كان فيه بعض الشروط المجحفة، أقبحها أنه يطلب من المعتمد، أن يسمح لزوجة ألفونسو أن تلد في الجامع الكبير في قرطبة.

ومن بين الشروط أن تزداد الجزية، التي يعطيها سنوياً، وأن يقدمها، قبل أن يصل موعدها، فأعطاهم المعتمد كماً كبيراً من الذهب.

ولكن الرجل اليهودي استفز المعتمد، وقال له: هذه الدنانير خفيفة، أنتم زيفتموها وغششتموها، وستعطونا أكثر من هذا في العام القادم.

هذه الأمور استفزت المعتمد وقرر بجرأة، أن يرسل جيشه ليقتل جميع الفرسان في السفارة، وفعلاً باغتهم ليلاً، وقتلوهم عن بكرة أبيهم.

وأرسل السفير اليهودي وحده، وذهب إلى ألفونسو ليخبره، فوصل الخبر إليه وهو متجه إلى قرطبة، فلم يكمل المسير، وعاد إلى اشبيلية.

المعتمد بن عباد يطلب السند من المرابطين

حاصر ألفونسو اشبيلية لعدة أيام، ثم كتب كتاباً، ووضعه في سهم ورماه إلى حصن المعتمد، يقول له:

” أرسل لي بعض المراوح، حتى أروح بها عن الذباب الموجود هنا “

هذه الرسالة كان مضمونها، أنني أتيت لأحاصرك، ولن أذهب، فأرسل لي المراوح، أخذ المعتمد الكتاب، وقلبه وكتب وراءه، سأرسل لك بعض المراوح، بأيدي جنود المرابطين.

وهنا فطن ألفونسو، إلى أن المعتمد ربما قد راسل المرابطين، وربما يكونوا في طريقهم إليه، فخاف أن يأتوه من خلفه فيهزم.

فانسحب وفك الحصار، وعندما رأى المعتمد ذلك، أقام اجتماعاً في قرطبة، وحضر فيه القضاة والعلماء والمشايخ، واستشارهم بإدخال أحد ليساعد المسلمين.

أشار بعض الحاضرين، أن يستقدم الزيريين الذين كانوا يحكمون أفريقيا، والتي كانت تونس والجزائر، وجزء من ليبيا.

ولكن اعترض عليهم القاضي عبد الله بن محمد بن أدهم، وقال لهم: أخشى أن يفسد الزيريون الأندلس، كما أفسدوا افريقيا، وأن يقاتلوا أمراء الأندلس بدل القشتاليين.

بمعنى أنهم كانوا من صنف ملوك الطوائف، فأشار عليهم بالمرابطين، والمعتمد بن عباد كان يميل قلبه تجاه المرابطين.

فقرر أن يعقد اجتماعاً ثانياً، وجمع إليه أمراء الأندلس، ومن ثم ثالث في اشبيلية لأمراء الأندلس أيضاً.

وفي كلاهما ناقش المعتمد، دخول المرابطين وامكانية أنهم يأخذون الحكم.

وقال مقولته الشهيرة: تالله إني لأؤثر رعي الجمال في الأندلس، على أن أرعى النصارى وأخدمهم، وأدفع لهم الجزية، إن رعي الجمال أفضل من رعي الخنازير.

وبهذا حسم الأمر، ووافقه أغلب الأمراء، وبعد الاجتماع قال ابن المعتمد الرشيد: يا أبي، أنت الآن بهذا تعطي ملكنا للمرابطين.

فقال له أبوه: والله يا ابني، لا أريد أن أكون سبباً في عودة الأندلس إلى ديار الكفر، ولا أريد أن ألعن، على المنابر كما لعن من قبلي.

يوسف بن تاشفين يتقدم إلى الأندلس

اتفق ثلاثة عشر أميراً من أمراء الأندلس، وقرروا أن يكتبوا كتاباً، ليوسف بن تاشفين، يدعونه بالقدوم إلى الأندلس.

وفعلاً قرر يوسف بن تاشفين، أن يأتي إلى الأندلس، ولكنه تأخر عليهم، لأنه كان لديه امبراطورية كبيرة، فقرروا أن يعطوا الجزية للنصارى مؤقتاً، حتى لا يكشف أمرهم.

ثم أتت رسالة من يوسف تاشكين إلى المعتمد بن عباد، يطلب منه الجزيرة الخضراء، ليعطيها للمرابطين، حتى يستقر فيها الجيش، ووافق على ذلك.

وأتى يوسف بن تاشفين إلى الأندلس، وحدثت معركة الزلاقة، وهزم ألفونسو السادس في المعركة، وقاتل مع يوسف المعتمد بن عباد بشراسة، وكان سبباً رئيسياً في هزيمتهم.

وهذا يعطينا فكرة أن الجيش الأندلسي، كان يفتقر إلى القيادة، التي تمتلك الشجاعة، وعندما أتى يوسف بن تاشفين جمعهم، وقاتلوا من الفجر إلى العصر، حتى تعب الطرفان.

قتال المرابطين والأمراء على الأندلس

دخل يوسف بن تاشفين وحسم المسألة، ثم عاد إلى المغرب مستعجلاً، لوفاة ابنه، وعاد بعدها ليحرر الحصون في الأندلس.

ومن ثم عاد مرة أخرى، عندما طلب منه، أن يأخذ الحكم من يد ملوك الطوائف، لأنهم عادوا إلى ما كانوا عليه.

وخشي العلماء والقضاة وأعيان الأندلس، أن يعودوا مثلما كانوا، بأن يدخلوا النصارى بيدهم، إلى أرض المسلمين.

فأرسلوا له، وهناك من يقول، أن يوسف كان في نفسه شيء من هذا الأمر، فدخل وطلب من ملوك الطوائف، أن يسلموه الحصون، ولكنهم رفضوا.

فقاتلهم جميعاً، منهم من استسلم بدون قتال، ومنهم من قاتل حتى الموت، والمعتمد بن عباد، قاتل ضد المرابطين بشراسة، ولم يسلم الحكم حتى وقع أسيراً.

وأخذوه إلى طنجة، وكانت طنجة مدينة صالحة للعيش حينها، وكان من الممكن للمعتمد أن يعيش بها برخاء، ولكن للأسف قام عبد الجبار بن المعتمد، بالثورة ضد المرابطين.

وهذا ما جعل المرابطين، يبعدون المعتمد بن عباد ومن معه من عائلته، إلى مكان ناء يسمى أغمات، وبقي في المنفى، حتى يقال أنه أمضى أربع سنوات هناك، إلى أن توفي ودفن فيها.

 المصادر

خالد الحضري


جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى