حول العالمشخصيات

الاستعمار الأوروبي لقارة أمريكا


في منتصف القرن الخامس عشر كان العالم القديم هو فقط المعروف لأوروبا على الرغم من اكتشاف الفايكينج أمريكا الشمالية قبل ذلك بخمسمائة سنة.

إلا أن القارة وعشرات الملايين من قاطنيها كانوا ما زالوا مجهولون بالنسبة للأوروبيين.

التجارة أدت لاكتشاف أمريكا

على مدار قرون طويلة ظلت أوروبا تتجه بصفة أساسية لآسيا لتجارة الحرير والتوابل والبضائع الأخرى.

كانت الطرق التجارية من أوروبا إلى الصين والهند الشرقية محتكرة من بعض الدول، كالدولة العثمانية وجمهورية فينيسيا وجنوة.

الذين كانوا يفرضون الضرائب العالية على السفن التي تسلك الطرق المعروفة للتجارة مع آسيا.

لكن ملوك أسبانيا والبرتغال كانوا يتمنون كسر الاحتكار بمحاولة البحث عن طرق جديدة مؤدية إلى آسيا للتجارة.

تم بناء وتطوير سفن أكثر كفاءة لدعم الحملات الاستكشافية التي ستنطلق عبر المحيط الأطلنطي.

كريستوفر كولومبوس

عاش كريستوفر كولومبوس الذي تعود أصوله إلى جمهورية جنوة في مدينة لشبونة.

كان يحلم البحار الشاب باكتشاف طريق جديد من أوروبا إلى كاثاي وسيبانغو والذين هما حالياً الصين واليابان.

وطبقاً لحساباته كانت تلك المناطق قريبة بما يكفي للوصول إليها عن طريق المحيط الأطلنطي.

اقترح كولومبوس مشروعاً للملك البرتغالي الذي كان رافضاً لتمويله، لأنه كان مركزاً على استكشاف طرق تمر حول أفريقيا.

وبعد ذلك عرض كولومبوس المشرع على الملوك الكاثوليك في إسبانيا الذين ترددوا في البداية قبل الموافقة على تمويل الحملة.

الاكتشاف الإسباني

انطلق كريستوفر كولومبوس في حملته سنة 1492 على رأس ثلاث سفن، وطاقم مكون من 90 رجلاً.

وبعد الإبحار لمدة سبعين يوماً اكتشفت الحملة جزيرة تعتبر حالياً من جزر الباهاماس، وكان أول لقاء مع السكان الأصليين سلمي وودي.

كولومبوس كان مقتنعاً أنه وجد الهند الشرقية، ولذلك أسماهم الهنود. وعلى مدار ثلاثة شهور ظل كريستوفر كولومبوس يتنقل من جزيرة إلى جزيرة أخرى بحثاً عن سيبانغو.

لكنه في الحقيقة  كان قد وصل إلى ما يعرف حالياً بكوبا وهاييتي وجمهورية الدومينيكان الذين أسماهم هسبانيولا.

عندما عاد كولومبوس إلى أسبانيا تم الترحيب به كبطل كبير.

وبعد ذلك أبحر مرة أخرى كريستوفر كولومبوس ولكن هذه المرة كان معه 17 سفينة عليها جنود ومزارعين وقساوسة بهدف تأسيس مستوطنة دائمة في جزيرة هيسبانيولا.

تأسست مدينة لا إيزابيلا تكريماً لملكة قشتالة وأصبح كولومبوس حاكماً للمدينة، بالإضافة إلى استمراره في استكشاف المناطق المحيطة.

معاهدة تورديسيلاس

لتجنب الحرب في الأراضي التي تم اكتشافها مؤخراً اجتمع ملوك أسبانيا والبرتغال وتوصلوا لمعاهدة تورديسيلاس لاقتسام الأراضي.

تم تحديد خط طول معين لم يكن أحد يعرف بما يمر، وكان الاتفاق أن أي أرض تكتشف على غرب خط الطول هذا تصبح من حق ملوك أسبانيا.

في حين أن الأراضي التي تقع على شرقه تصبح من نصيب البرتغال.

بالإضافة إلى ذلك طلب البابا من الملوك الأسبان التبشير بالمسيحية في الأراضي الجديدة.

حاولت إنجلترا من ناحيتها أن تصل إلى كاثاي، التي هي الصين، عن طريق شمال الأطلنطي مما قادها إلى اكتشاف أرض جديدة في أمريكا الشمالية.

نجح فاسكو دي جاما أن يفتح للبرتغال طريقاً بحرياً جديداً إلى الهند، بأن يلف حول راس الرجاء الصالح في أفريقيا، وبالفعل سيطرت البرتغال على هذا الطريق التجاري لعشرات السنين

أثناء بعثة برتغالية ثانية أبحرت السفن إلى غربي الأطلنطي تفادياً للتيارات القوية، اكتشفت أرضاً جديدة شرق خط طول تورديسيلاس.

وسرعان ما تم تأسيس مستعمرات برتغالية هناك، والتي أصبحت فيما بعد دولة البرازيل.

قارة أمريكا

سنة 1506 مات كريستوفر كولومبوس دون أن يدرك أنه اكتشف قارة جديدة ، لأنه ظل يظن أنه وصل إلى أراض ممتدة من آسيا الشرقية.

كان أمريكو فيسبوتشي المستكشف الإيطالي الذي سافر عدة مرات إلى الأراضي الجديدة هو أول من اقترح أنها عالم جديد وقارة مختلفة عن آسيا. ومنذ ذلك الحين سميت قارة أمريكا على اسمه.

وسرعان ما تدهورت أحوال السكان الأصليين في المستعمرات الجديدة بسبب الغزاة الإسبان الذين كانوا اسمهم الكونكيستادور وكانوا معروفون بقسوتهم.

وبدأوا بالفعل باستبعاد السكان الأصليين والاستيلاء على آراضيهم من قبل الكونكيستادور.

بالإضافة إلى ذلك أن السكان الصليين أصيبوا بأمراض مختلفة لم يتعرضوا لها من قبل بسبب وصول الغزاة. ولم تكن لديهم مناعة ضدها مما أدى إلى هلاك أعداد كبيرة منهم.

إمبراطورية الأزتيك

سمع الإسباني هيرناندو كورتيز عن مدينة اسمها تينوتشتيتلان كان من المفترض أنها مدينة غنية ومليئة بالذهب.

وفي طريق حملته أدرك كورتيز أنه في امبراطورية مهمة اسمها الأزتيك، كانت تسيطر على ما يعرف حالياً بدولة المكسيك.

وفي أثناء حملته تعرف كورتيز على قبائل محلية تعيش تحت سيطرة الأزتيك، ومجبرة على خدمة الإمبراطورية وتقديم ضحايا بشرية كأضحيات دينية.

أرشدت القبائل المحلية حملة كورتيز إلى العاصمة تينوتشتيتلان التي رحبت بالإسبان في البداية.

وفي جنوب القارة اكتشف البرتغالي فرناندو ماجلان الذي كان يحاول الوصول إلى الهند مضيقاً سمي بعد ذلك بإسمه.

وأصبحت حملته أول حملة بحرية تعبر من المحيط الأطلنطي إلى المحيط الهادي. وبعد ذلك أصبحت أول حملة تكمل دورة كاملة تقريباً حول الكرة الأرضية.

بعد ذلك بسنة حاول الإسبان السيطرة على إمبراطورية الأزتيك وقامت الحرب في تينوتشتيتلان وفرض الكونكيستادور بمساعدة حلفائهم من القبائل حصاراً لمدة 75 يوماً على العاصمة.

 بالإضافة إلى ذلك أدى وباء الجدري الذي جاء مع الإسبان إلى القضاء على أعداد كبيرة من السكان الأزتيك الذين اضطروا للاستسلام في النهاية.

ودخل كورتيز المدينة وأصبح حاكماً للمدينة التي سميت أسبانيا الجديدة.

الاستعمار

المستعمرات الإسبانية بدأت تزرع منتجات لم تكن معروفة سابقاً في أوروبا مثل الذرة والبطاطا والتبغ والكاكاو.

وتم تصدير المحاصيل الزراعية بالإضافة إلى الذهب والفضة التي تم الحصول عليهم من الغزوات والمناجم إلى أوروبا.

وشهدت المستوطنات تحولاً دينياً بوصول الرهبان الكاثوليك مثل الفرنسيسكان، وحاولوا تأسيس كنيسة أطهر من الكنائس في أوطانهم ونشر المسيحية بين السكان المحليين.

حضارة المايا والإنكا

كان لها أصول  قديمة جداً وكانت موجودة في شكل دويلات مختلفة، وغير موحدة في أمريكا الوسطى، فبدأ كورتيز بغزو أراضيهم وضمها إلى إسبانيا الجديدة.

وبعد سنوات من الاستكشافات الأولية لامبراطورية كبيرة وغنية جداً اسمها الإنكا موجودة في أمريكا الجنوبية وبالذات في ما يعرف حالياً بدولة البيرو.

حصل فرانسيسكو بيتزارو على إذن الملكية الإسبانية لقيادة أقل من مائتي جندي للسيطرة عليها.

توقيت وصول حملة بيتزارو كان موفقاً جداً، حيث أن الإنكا كانوا في حالة انقسام بسبب حرب أهلية على تولي الحكم بعد وفاة الإمبراطور بوباء الجدري.

الأسبان كان لديهم أسلحة أكثر تقدماً وأحصنة، والتي لم تكن معروفة للسكان الأصليين، استطاعوا أن يأسروا إمبراطور الإنكا الجديد أتاوالبا.

على الرغم من أطنان الذهب التي قدمت للإفراج عنه تم إعدام أتاوالبا في النهاية وانهارت الإمبراطورية وتم إنشاء مملكة البيرو التابعة لمملكة إسبانيا.

أمريكا الشمالية

حاول البروتستانت الفرنسيون أيضاً أن يستعمروا العالم الجديد، ولكنهم فشلوا بسبب القوات الإسبانية والبرتغالية الموجودة وبسبب ظروف الطقس السيء.

أصبحت أوروبا مهتمة أكثر فأكثر باستعمار أراضي العالم الجديد، وفرنسا استطاعت أن تؤسس في أمريكا الشمالية مستعمرة فرنسا الجديدة التي طورت تجارة الأسماك والفراء.

وسرعان ما تبعهم الإنجليز والهولنديين الذين أسسوا مستعمرات على الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية.

وحصلت مواجهات بين المستعمرات الأوروبية في أمريكا الشمالية وبين القوات الأوروبية في أوروبا نفسها.

كانت المستعمرات الفرنسية عادة تتحالف مع القبائل المحلية، في حين أن الإنجليز كانوا حلفاء لقبائل الإيروكواس.

التجارة والحرب

في نصف القرن السابع عشر ازدهرت تجارة العبيد عن طريق التجارة المثلثية.

كانت السفن تخرج من غرب أوروبا إلى غرب أفريقيا محملة ببضائع كالمنسوجات والكحول وتستبدلهم بالعبيد.

العبيد كان يتم نقلهم إلى أمريكا في ظروف قاسية جداً بحيث أن الكثير مات منهم قبل أن يصلوا للعمل في المزارع.

ومقابل ذلك كانت السفن تعود إلى أوروبا محملة ببضائع من قارات أمريكا كالذهب ومنتجات زراعية مختلفة.

في المجمل يعتقد أن أكثر من 10 مليون أفريقي تم نقلهم إلى قارتي أمريكا كعبيد.

سنة 1763 خسرت فرنسا الجديدة الحرب الرابعة والأخيرة بين المستعمرات وأصبحت بالتالي المستعمرة خاضعة لبريطانيا التي تنازلت عن جزء كبير من الأراضي لأسبانيا مقابل فلوريدا.

موجة الاستقلال

قامت حرب الاستقلال الأمريكية بين المستعمرات الثلاثة عشر البريطانية التي كانت على الساحل الشرقي لأمريكا.

فرنسا وإسبانيا والمقاطعات المتحدة في هولندا ساندوا الاستقلال لأمريكا.

سنة 1783 حين اضطرت بريطانيا أن تعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية التي أصبحت أول مستعمرة أوروبية تحصل على استقلالها.

وبدأت روسيا بإنشاء مستوطنات على الساحل الشمالي الغربي لأمريكا فيما يعرف اليوم بألاسكا، في حين أن أسبانيا ضعفت بسبب حربها ضد فرنسا التي كانت تحاول السيطرة عليها في أوروبا.

انتصرت المستعمرات الإسبانية في قارات أمريكا وحصلت على الاستقلال، وكوبا كانت آخر دولة تحصل على استقلالها سنة 1898.

الفتوحات الأخيرة

أعلنت تكساس استقلالها عن المكسيك وانضمت بعد ذلك كولاية جديدة إلى أمريكا. مما تسبب في توتر بين البلدين.

وهذه كانت من أسباب الحرب المكسيكية الأمريكية التي انتصرت فيها أمريكا واستغلت الفرصة لضم كاليفورنيا ونيو مكسيكو. وتم تقسيم أوريغون بين المستعمرات البريطانية ودولة أمريكا.

وفي سنة 1867 اشترت أمريكا ألاسكا من روسيا.

في جنوب أمريكا الجنوبية كانت شعوب المابوتشي الأصلية آخر السكان المحليين الذين قاوموا محاولات الاستعمار.

ومع ذلك أطلقت الأرجنتين وتشيلي حملات جنوبية للوصول للمحيطين. ومع هزيمة شعوب المابوتشي أصبحت قارة أمريكا بالكامل تحت سيطرة دول مستقلة من القوى الأوروبية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى