التفكر في الكون و خلق السماوات والأرض جزء من عبادة التفكر و هي عبادة عالية المكانة و جليلة الشأن و عظيمة النفع .
فقد تفكر النبي صلى الله عليه وسلم في الكون و كذلك نبي الله إبراهيم عليه السلام تفكر في الكون و الكواكب .
التفكر في الكون وخلقه
إن التفكر بكل ما حولنا يدعو إلى الإدراك العقلي بقوة الخالق و جلالته و هو فريضة في الإسلام ، فهو مفتاح الوصول إلى معرفة الله تعالى والإيمان به .
و التفكر في الكون و في خلق السماوات والأرض يؤدي إلى الإيمان بوحدانية الله تعالى ، ومعرفة عظمته ، وقدرته ، وعلمه ، وحكمته .
قال الله تعالى : وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ*
أي أنه سبحانه وتعالى يأمر المؤمنين التفكر في الكون للانتفاع بما في السماوات وما في الأرض من خيرات و منافع .
وينظرون ما فيه من سنن و قوانين و ظواهر ، و هي لا شك مسخّرة للإنسان أيضاً .
و قد أثنى الله سبحانه وتعالى على الذين يعملون عقولهم في التفكر في الكون و خلق السماوات والأرض و يوظفونه التوظيف الموفق حيث قال الله تعالى :
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ*
و قد وصف الله تعالى أولي الألباب بصفتين أساسيتين جامعتين لكل صفات الخير و خصال البر هما قال سبحانه وتعالى :
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ*
التفكر من الكون عبادة
إذن ، فإن التفكر فريضة من فرائض الإسلام و عبادة من عباداته و أصل من أصوله ، هي عبادة رحبة واسعة قام بها الأنبياء والمرسلون و العلماء و الصالحون .
يثاب عليها المسلمون و يؤجرون و بها يتقدمون بالحضارة و يرتقون بالإسلام ، و بتركها يتأخرون و يتقهقرون .
التفكر في الكون علم
قال الله تعالى : قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ*
هنا ينقسم مجال التفكر إلى قسمين التفكر في خلق الله و التفكر في شرع الله تعالى .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق ، فإنه لا يدرك إلا بتصديقه .
فمجالات التفكر المشروعة كثيرة لا يحصيها إلا من أوجدها سبحانه ، فالسماوات بما تحتويه من نجوم وكواكب .
و الأرض و ما عليها من مخلوقات منها ما يرى بالعين المجردة ، و منها ما هو متناهي الصغر .
و الظواهر الكونية كالرياح والأمطار و الرعد والبرق و تعاقب الليل والنهار ، و توالي الأيام والشهور والسنين ، وغيرها ميدان واسع للتفكر .
إن التفكر في الكون واسع الباب لا يوازي بالطبع التفكر في آيات القرآن الكريم و إعجازه في ألفاظه وتدبر معانيه .
فالكون كالكتاب المفتوح يحتاج إلى العلم به و التفكر بتباعد أرجائه فهو الدال على وجود الله و شاهد على عظمته و سعة علمه و جلالة حكمته .
التفكر وأهميته في الإسلام
لم يكن للعرب قبل الإسلام رصيد علمي حضاري ، إلا ما كان لهم من الشعر والخطابة و الحكم والأمثال ، حتى أتى الإسلام .
فأدرك السلف قيمة التفكر وأهميته في الإسلام ، فكانوا مثالاً يحتذبه وقدموا للبشرية نتاجاً فكرياً علمياً متميزاً في كل المجالات .
و أسهموا إسهاماً علمياً حضارياً بارزاً ، ولولاه لتأخرت النهضة العلمية الحديثة عدة قرون .
لقد حول العلماء المسلمون الأوائل بوصلة البحث العلمي من الجانب النظري التجريدي إلى الجانب العلمي التطبيقي .
فهم الذين أسسوا المنهج التجريبي في البحث العلمي يقوم هذا المنهج على النظر و المشاهدة و الملاحظة و الرصد و الاستقصاء و التجربة .
وهم بهذا المنهج أحدثوا نقلة نوعية جذرية في مناهج البحث وتلك حقيقة يعترف بها من أخذ عنهم و نهل من معينهم .
جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com