غير مصنف

بركة خان القائد المغولي المسلم


المغولي الذي قضى على إمبراطورية المغول

السلطان بركة خان بن جوجي بن جنكيز خان وهو ابن عم هوكلاو. 

وكان بركة خان هو زعيم القبيلة الذهبية أو مغول الشمال، والتي تعد أولى قبائل التتار إسلاماً، وأكثرها تعاطفاً وتأدباً مع المسلمين.

تحالف مع الملك الظاهر بيبرس سلطان مصر والشام أحد سلاطين دولة المماليك البحرية.

نشأة بركة خان

نشأ بركة خان؛اجد والمدارس في نواحي مملكته وأخذ بالإسلام جل عشريته وأسلمت زوجته.

إسلامه وتأثره بالصوفية

تروي المراجع التاريخية أن الحاكم المغولي قد أسلم تأثراً بالعالم المسلم نجم الدين مختار الزاهدي.

وهو عالم من أعلام خوارزم وهي إحدى المدن التابعة لأوزبكستان. عرف بالتصوف والفقه وسعة العلم وكان يلقب بصانع الأولياء.

وأثناء وجوده في مدينة سراي جوك في أقصى غرب كازخستان الحديثة، التقى به بركة خان؛ وأخذ يستفسر عن العقيدة الإسلامية.

وطلب منه في هذه الأثناء أن يؤلف له رسالة حول الدين الإسلامي، توضح بالبراهين بطلان عقائد التتار.

وفعلاً استجاب العالم المسلم المتزهّد لطلب حاكم المغول، وألّف رسالة الزاهديّ التي اعتنق على إثرها القائد المغولي الدين الحنيف.

والذي تبع طريق هداه شقيقه تيمور خان، لينتشر بعد ذلك الإسلام في كامل الإمبراطورية العظمى.

فيما ذكرت مراجع أخرى أن بركة خان قد أسلم تأثراً بزوجة أبيه رسالة التي كانت معتنقة للإسلام بفضل انتشاره في المناطق المجاورة التي تحكمها إمبراطورية خوارزم المسلمة.

برغم الحقد الذي حمله التتار في حربهم مع المسلمين، إلا أن ذلك لم يمنع المسلمين من إرسال من يعلمهم دينهم.

لقد وصل نور الإسلام إلى قلب بركة خان؛ ابن عم هولاكو، الذي قضى على الخلافة العباسية وقتل خليفة المسلمين وأجرى من دماء المسلمين أنهاراً.

غير أن ذلك لم يمنع بركة خان؛ من الإسلام رغم  خلافه للأسرة، وما يمكن أن يتلقاه من أسرته.

محاولته حماية المسلمين

وقد ظهرت هذه العقيدة بوضوح عندما فكر القائد المغولي هولاكو في الهجوم على بغداد، وكان مونكو خان أخو هولاكو هو خال المغول، وقد نال هذا المنصب بمساعدة قوية من باتو الأخ الأكبر لبركة خان.

وحاول هولاكو إقناع أخيه الأكبر مونكو خان بهذه الفكرة، وبالفعل وافق على الفكرة ورحّب بالهجوم على باقي بلاد المسلمين، وبدأ هولاكو في الإعداد لذلك.

وما أن وصلت الأخبار إلى بركة خان؛ حتى التهبت مشاعره، وأسرع إلى أخيه باتو وألحّ عليه في منع الهجوم على المسلمين، وقال له:

إننا نحن الذين أقمنا مونكو خاناً أعظماً، وما جازانا على ذلك إلا بالسوء في أصحابنا، ويخفر ذمتنا ويتعرض إلى مملكة الخليفة وهو صاحبي وبيني وبينه عقود ومودة، وفي هذا ما لا يخفى من القبح.

وبالفعل اقتنع باتو تماماً بكلام أخيه، وبعث إلى هولاكو يكفّه عما ينويه من قتال المسلمين، وبالفعل أجّل هولاكو الهجوم على المسلمين حتى وفاة باتو.

كان بركة خان يقنع ويحث كثيراً من جنود هولاكو بالشام على الدخول في الإسلام، والانضمام إلى جيش بيبرس، وبالفعل اقتنع الكثير منهم وتحولوا إلى حرب هولاكو.

الحلف مع المماليك ضد هولاكو

دخل بركة خان في حلفٍ مع المماليك الذين انتصروا على التتار في موقعة عين جالوت. وكثرت المراسلات والاتصالات بينه وبين السلطان بيبرس، وكان لها أثر كبير في توجيهه لحرب هولاكو.

وبالفعل اتفق بركة خان؛ وبيبرس على محاربة هولاكو، وكتب بركة خان برسالة إلى بيبرس يقول فيها:

قد علمت محبتي للإسلام وعلمت ما فعل هولاكو بالمسلمين فاركب أنت من ناحية حتى آتيه أنا من الناحية الأخرى حتى نهزمه أو نخرجه من البلاد، وأعطيك جميع ما كان بيده من البلاد.

لم يكتف بركة خان بمناصرة المسلمين، فلقد انقلب حرباً ضروساً على المغول الوثنيين عموماً وعلى هولاكو خصوصاً.

حيث لم ينس بركة خان ما فعله هولاكو بالخلافة العباسية أبداً، عندما اكتسح هولاكو بجحافله بغداد، فقد حاول بركة خان بشتى الوسائل أن يوقف هذا المد الجارف الذي ينذر بمحو الإسلام من الوجود.

ولكن لأن معطم جنوده كانوا لا يزالون على الوثنية فقد رفضوا الانصياع لأمره بمحاربة هولاكو، لأنهم بذلك سيخالفون الخان الأعظم للمغول والذي وافق على الهجوم على بغداد.

المواجهة مع هولاكو

أخذ بركة خان؛ في اختلاق الذرائع والحجج لإشعال الحرب ضد هولاكو، ووجد ضالته في مسألة الغنائم.

حيث كان من عُرف جنكيز خان القديم أن أسرة جوجي لها ثلث الغنائم التي يحصل عليها المغول جميعاً في أي معارك يخوضونها.

وقطعاً لم تكن الغنائم دافعاً لبركة خان فأرسل رسلاً من طرفه وأمرهم أن يشتدوا وأن يغلظوا على هولاكو في السؤال، وبالفعل نجحت الحيلة واستشاط هولاكو غضباً وقتل رسل بركة خان.

وسيّر جيشاً لمحاربة بركة خان فانهزم جيش هولاكو شر هزيمة، وذلك سنة 660 هجرية، فعاود الهجوم مرة أخرى بجيش أكبر، فانهزم جيش بركة خان، وكان يقوده أحد قواده واسمه نوغاي.

فأراد هولاكو أن يجهز بالكلية على بركة خان، فأرسل جيشاً جراراً فيه معظم جنوده يقوده ابنه أباغا.

فخرج لهم بركة خان بنفسه على رأس الجيش ومزّق جيش هولاكو شر تمزيق سنة 661 هجرية في منطقة القوقاز، ولم ينجو منهم سوى القليل.

أما هولاكو فوجد أن كل البلايا والهزائم التي ألحقت به وبالتتار جميعاً كان سببها بركة خان، فاشتد غيظه وحقده عليه وحاول محاربته عدة مرات.

ولكنه هزم شر هزيمة مما أشعل الغيظ في قلبه حتى وصلت نيران غيظه إلى عقله وجسده فاصيب بجلطة في المخ بعد وصول خبر هزيمة ولده أباغا أمام بركة خان.

وظل يعاني من الصراع حتى هلك سنة 663 هجرية فانتقم بركة خان للإسلام والمسلمين من هذا المجرم الطاغية الذي دمر دولة الخلافة الإسلامية وسفك دم الملايين من المسلمين.

وفاة بركة خان

وفي سنة 665 لقى بركة خان ربه بعد أن قام بأعمال جليلة في خدمة الإسلام.

بعد إسلامه أظهر شعائر الإسلام في ممكلته وأكرم الفقهاء واستدعى العلماء من الأطراف والمشايخ من الآفاق والأكناف يعلم الناس دينهم ويبصرونهم طرائق توحيدهم.

وبذل في ذلك الرغبات وأفاض على الوافدين منهم بحار الهبات وأقام حرمة العلم والعلماء وعظّم شعائر الله تعالى وشعائر الأنبياء.

لقد ومدحه الكتاب والمؤرخون فقالوا عنه: أنه كان يحب العلماء والصالحين وكان ملكاً جواداً عادلاً شجاعاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى