مال وأعمال

قروض الحكومات والدين العام

قروض الحكومات : معظمنا يتابع بقلق أخبار الدين العام أو قرض الحكومة ، لكن هناك عدد محدود جداً من الناس يرى في هذه القروض فرصة له، لأن يحقق دخلاً ويمكن أن يحقق ثروة.

كيف يمكن أن تحقق دخلاً من قرض الحكومة؟

هذا يقتضي منا فهم القصة من البداية.

ما هي قروض الحكومات

ما هي قروض الحكومات

كل الحكومات  تقترض في كل دول العالم صبيحة كل يوم، وهي تقترض لأن كل دولة لها مصروفات وإيرادات.

وفي الغالب تكون مصروفاتها في الرواتب والإنفاق على المشروعات والبنية التحتية والطرق والصرف الصحي والتعليم وغيره.

وكل هذه الأمور تحتاج مالاً أكثر من إيراداتها من الضرائب أو من الشركات التابعة لها.

لذلك يصبح هناك عجز، وهذا العجز بين المصروفات والإيرادات يسمى عجز الموازنة العامة. ولكي تسد عجز الموازنة العامة تلجأ للاقتراض.

قروض الحكومات والدين العام

قروض الحكومات والدين العام

إن قرض الحكومة إما أن يكون بالعملة المحلية أو بالعملية الأجنبية، إذا اقترضت بالعملة المحلية من السوق الداخلي يسمى دين داخلي، وان اقترضت بالدولار أو الين أو اليورو من الأسواق الخارجية يسمى دين خارجي.

مجموع الدينين يسمى الدين العام.

يمثل ارتفاع الدين العام خطورة على إستقرار أي دولة ولكن الدولة عندما تقترض، فإن مصدر قرض الحكومة هو أنت وأنا وأي مودع لأمواله في البنوك.

قروض الحكومات من البنوك

عادة عندما يذهب الناس إلى البنوك يضعون أموالهم دون أن يقصدوا إقراض الحكومة.

لكن ما يحصل أن البنك الذي تضع أموالك فيه بشكل حساب جاري أو شهادة او وديعة أياً كان شكل الإدخال، والبنك يضمن لك أموالك لكن لا يستشيرك في كيفية استثمارها.

فيستثمرها بعدة طرق، إما بأن يعطي الأموال لمستثمر يقوم بمشروع، أو عميل ليشتري منزلاً أو سيارة.

لكن سواء إقراض مستثمرين أو عميل يريد قرضاً شخصياً، تكون نسبته ليست كبيرة من محفظة البنك.

النسبة الأكبر تذهب إلى الاستثمار الآمن والمضمون والسهل هو في إقراض الحكومات، فالغالبية العظمى من أموال البنك والتي هي أموال المودعين تذهب إلى قرض الحكومة.

فالحكومة مثلاً تعرض على البنك حاجتها للمال لتسد عجز الموازنة، وتتفق معه على نسبة ربح مثلاً 15% والبنك يكون له خطة احتياطية بأن الودائع الأخرى  لديه يعطي عليها نسبة 12%.

وبهذه الطريقة أخذ منك المال وأعطاك 12% وأعطى المال للحكومة بنسبة ربح 15% والفارق 3% هي التي يحقق منها أرباحه.

عادة الغالبية العظمى من الناس تشارك في قرض الحكومة من غير أن تقصد بهذا الشكل.

المستثمر المحترف

لكن هناك مستثمر محترف يقصد أن يتعامل مع البنك أو إلى شركة أوراق مالية أو وسيط مالي استثماري، يطلب منه المساعدة في استثمار أمواله مباشرة في أدوات الدين وأوراقه.

وهذا لا يتطلب منك سوى أن تذهب للبنك، وتطلب استثمار نقودك في أموال الدين فيعطيك الشروط والحدود الدنيا.

وفي هذه الحالة البنك أو شركة الأوراق المالية يساعدك للدخول والاستثمار في الدين الحكومي.

الدين الحكومي

عبارة عن أن الحكومة تقترض بشكل دوري مرتين في الشهر، أو مرة في الأسبوع عن طريق عطاءات تدخلها البنوك.

وأنت لو طلبت أن تستثمر، يدخلك البنك ضمن أموال العملاء التي يستثمرها وتأخذ العائد عندما يتحقق.

أسباب الاستثمار في أوراق الدين الحكومي

لماذا بعض المستثمرين المحترفين يفضلون أن يستثمروا في أوراق الدين الحكومي وليس في شكل الودائع او الشهادات المعروفة؟ لأسباب:

إفلاس البنك

السبب الأساسي رقم واحد في العالم كله أن البنك يمكن أن يفلس، وبالتالي يمكن أن تضيع أموالك.

لكن عندما تقرض الحكومة فنسبة المخاطرة شبه معدومة، لأنه من النادر أن تفلس الحكومات. وبنسبة بسيطة جداً، وبالتالي تكون أموالاً مضمونة تماماً.

لكن بالنسبة للعالم العربي هذا الشرط غير قائم، لأن الحكومات في العالم العربي و في دول أخرى تضمن أموال المودعين في كل البنوك حتى لو أفلس البنك.

إذن تستوي أوراق الدين الحكومي مع الشهادات والودائع الموجودة في البنك.

قروض الحكومات والتسييل

هناك ميزة أخرى في أوراق الدين الحكومي ليست موجودة في الأدوات الأخرى وهي تسييله لا يترتب عليه خسارة بالضرورة.

فإن اشتريت أوراق دين حكومية عن طريق البنك أو السمسار المالي، وهذا يسمى السوق الأولي، لكن بعدما تشتريها يبقى الورق معك، يمكنك بيعها مرة أخرى عن طريق السوق الثانوي.

وهو بأن تعود للبنك وتصرح برغبتك ببيعها، أو أن تعود للوسيط المالي إذا كانت تتداول في سوق المال وهو سيبيعها لك.

يمكن ألا تكون ملماً بالتفاصيل لكنها بسيطة للبنك والوسيط المالي لأنهم يقومون بهذا كل يوم.

قروض الحكومات والعائد المادي

الميزة الثالثة أنه في الغالب يكون العائد على الدين الحكومي على الأقل في دولنا يمكن أن يكون أعلى قليلاً.

في كل الأحوال العائد يعود على الحكومة، وتكون حصلت على الأموال التي تريدها والبنك حقق نسبة فائدة على استثمار آمن، وكذلك أنت تحقق استثماراً آمناً ومضموناً ليس فيه نسبة مخاطرة.

ما معنى أدوات الدين الحكوميم

هي كلمة تبدو ثقيلة الوقع، وهي عبارة عن الأوراق التي تصدرها الحكومة لتخبرك أن لك في ذمتها أموال، وهي عبارة عن إيصال أمانة بأشكال مختلفة.

يمكن أن تكون بشكل فواتير تسمى أذون الخزانة  T Bills أو تأخذ شكل السندات Bonds. سواء كانت أذون خزانة أو سندات لا فرق بينهما إلا في فترة الاستحقاق.

أذون الخزانة Treasury Bills

فأذون الخزانة في كل دول العالم هي عبارة عن إيصالات أمانة تقدمها الحكومة لفترة أقل من سنة، عادة يكون لمدة 91 يوماً ومضاعفاتها إلى أقل من سنة.

فتأتي الحكومة وتطلب من البنك مثلاً 3 مليار لمدة 91 يوماً، فتقدم الحكومة عطاءً والعطاء تدخل فيه البنوك المختلفة وتقدم أفضل عرض للحكومة.

وأفضل عرض للحكومة هو أقل نسبة تكلفة على الحكومة، وشكل العائد على أدوات الدين الحكومية يتعدد، مثلاً فيما يتعلق بأذون الخزانة عادة الحكومات تعطي عليه قيمة إسمية وتبيعه برقم أقل.

فمثلاً الحكومة المصرية تقول أنها ستصدر أذون خزانة بداية من 25 ألف  جنيه ومضاعفاتها، فتكتب على الأذون رقم 25 يعني يستحق بعد 91 يوماً أنك ستحصل على 25 ألفاً.

لكن بكم أنت تشتريها؟ البنك يعرض العطاء بأن يشتريه ب 20 بحيث عندما يشتريه ب20 يأتي في نهاية 91 يوماً يأخذ 25 ألف فيكون استفاد 5 والحكومة تدفع 5 آلاف.

بنك آخر يقدم استعداده أن يأخذه مقابل 21 وبنك آخر يقول 22 وهكذا. فالحكومة تستقر على أفضل عرض وهو في الحالة الأقل سعر خصم.

السندات العادية

السندات العادية بنسبة الفائدة العادية التي نعرفها أن هناك سند والحكومة تريد أن تقترض لمدة سبع سنوات، وفي نهاية السنوات ستأخذ أموالك مع نسبة فائدة 10% أو أياً كانت النسبة.

عموماً السندات لها أشكال مختلفة وفي النهاية إذا كانت أذونات خزينة التي لأقل من سنة، أو فواتير لأقل من خمس سنوات، والسندات التي هي لغاية 30 سنة.

أياً كان الفرق بين هذه الأسماء هي في الفترة فقط التي تستحق السداد على الحكومة، وفي كل الأحوال العائد هو نسبة الفائدة التي يحصل عليها المقرض للحكومة.

قرض الحكومة من السوق الخارجي

نحن نتكلم على السوق الداخلي، لكن السوق الخارجي يتم بنفس الآلية، الحكومة تلجأ للسوق الخارجي لأسباب مختلفة، أهمها في حالة بلداننا أنها تريد الحصول على قرض بعملة أجنبية دولار أو يورو أو غيره.

وبالتالي تستعين بوسيط وليكن مثلاً بنك JPMorgan، فتطلب منه الحكومة أن يكون وكيلها ليرتب لها ما ، مثلاً مليار دولار لمدة خمس سنوات.

فيأتي البنك بعلاقاته وخبراته يطرح هذا الكلام في السوق الدولية، ويعني أنه سيطلع كل المؤسسات الدولية المهتمة أن الحكومة مثلاً تريد قرضاً بقيمة كذا وتعطي ضمانات السداد كذا ونسبة الفائدة كذا.

البنوك المهتمة تتقدم أيضاً بطلب للحصول على الأرباح، البنوك عندما تستثمر هذه الأموال فأيضاً تستثمر أموال مودعين.

إما عن طريق صناديق متخصصة في استثمار أدوات الدين الحكومية، أو تخصص جزء أساسي من أموالها ونشاطها في أدوات الدين.

الأموال الساخنة

الصناديق تضع خريطة العالم أمامها وتتابع كل يوم، ترى الحكومة المغربية مثلاً ما تستطيع تقديمه من فائدة، والمصرية والماليزية أياً كانت، وتذهب مباشرة إلى أعلى نسبة فائدة وتشتري السندات أو الأذون.

في مقابل الحصول على نسبة الفائدة إذا عرفت أن الشهر التالي هناك عرض أفضل يأتي من تركيا أو من الأرجنتين، تبيع فوراً وتذهب للحكومة التي تعرض نسبة فائدة أعلى.

هذا النوع من الأموال والاستثمارات يسمى الأموال الساخنة، لأنها تنتقل سريعاً من سوق لسوق بحثاً عن الربح ولذلك تكون فيها نسبة مخاطرة.

فإن خرجت كميات كبيرة لسوق آخر تربك السوق الذي خرجت منه وتؤثر كثيراً على قيمة عملته.

الحكومة المصرية في الفترة ما بين مايو 2018 حتى ديسمبر 2018 عانت من الارتباك نتيجة خروج جزء كبير من هذه الأموال الساخنة لأسواق قدمت عروضاً أفضل.

وهذا الأمر الذي أربك حسابات الحكومة، ثم عادت الأمور عندما أصبح الوضع والعرض أفضل من دول أخرى، أصبح هناك تدفقات من هذه الأموال الساخنة.

في النهاية نعرف كيف يصنعون ثروة من قرض الحكومة.

لماذا الحكومة تلجأ لهذا النوع من الأموال؟

لأنها كي تحصل على الدولار أو اليورو بالطرق الطبيعية يجب أن تكون لديها استثمارات حقيقة من الاستثمارات والقدرة على التصدير إلى الخارج والقدرة على اجتذاب السياحة.

وهي المصادر الحقيقية المختلفة للموارد للعملة الصعبة.

لكن إن كانت الحكومة ليس لديه القدرة لتحصل على هذه الأموال بهذه الطريقة بشكل كافي، أو أن المسألة تستغرق وقتاً، وهي في حاجة ملحة إلى عملة صعبة الآن، ويمكن لتسديد دين آخر.

في هذه الحالة تلجأ إلى الأموال الساخنة والاستثمار في أدوات الدين.

ويسمونه استثمار بينما هو عبارة عن إقراض، فهو استثمار يعود بالربح على المقرض، لكن لا يعود بأي فائدة على الاقتصاد المحلي.

لا يؤدي لا إلى صناعة ولا إلى زراعة ولكن هي عملية استفادة من حاجة الحكومات إلى الاقتراض، لا أكثر ولا أقل.

الرافعة المالية

على سبيل المثال الحكومة المصرية كانت تقدم فائدة مالية بنسبة 8% لمن يقرضها بالدولار في مقابل نسبة تتراوح من 0.5 إلى 3% في أسواق أمريكا والاتحاد الأوروبي بالتالي يحقق ثروة كبيرة جداً.

بعض المستثمرين المحترفين يحصل على نسبة أكبر بأن يطلب من البنك الذي يتعامل معه أن يعطيه رافعة مالية، فإذا كان المستثمر مستعداً أن يشتري أدوات دين مصرية بمائة ألف دولار.

فيطلب رافعة مالية، البنك يعطيه مائة ألف أخرى في مقابل ضمانة الأوراق المالية، والبنك يشتري له، وبعدها يحصل على نسبته والمستثمر يحصل على العائد من المائة ألف الأولى.

وبعد خصم البنك لمستحقاته على قرض الحكومة يأخذ النسبة المتبقية فيحقق بدلاً من 14.5 مثلاً بعد خصم الضريبة على الاستثمار في أدوات الدين الحكومية، يمكن يجد أنه يكسب 23% دون أن يبذل أي جهد.

شكراً لكم وإلى لقاء آخر إن شاء الله.

المصدر


جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com

ماكتيوبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى