إسلام

حكم الإسلام في رضاع الكبير


توضيح رضاع الكبير مع الشيخ عبد الله رشدي

ماذا يعني رضاع الكبير ؟ يتم تصوير القضية بشكل مشين ومسيء للإسلام، لينفّر المسلمين الشباب والأجيال الصاعدة، والتي لا تعرف شيئاً من الدين.

يقول: أن لو أن أحدهم جالس في مكتب مع زميلته في العمل، فلا يريدون أن تكون هناك خلوة شرعية وتريد أن تجلس براحتها معه كزملاء وأصدقاء.

فتقول له سأرضعك كما ولدي الذي في البيت، فيقوم ويجلس في حجرها فترضعه كما الرضيع.

ويقول لك إن الإسلام هو الذي يقول ذلك وحديث النبي عليه الصلاة والسلام والبخاري هو الذي يقول ذلك.

هل هذه الصورة التي قلتها بهذا الشكل والوضع الذي يتكلمونه صحيحاً أم خزعبلات وخرافات وافتراءات ما أنزل الله بها من سلطان؟ فلننظر في المسألة.

ما أصل مسألة رضاع الكبير ؟

في الإسلام الأخوة تثبت إما بالنسب أو بالرضاعة، وكما نعلم كلنا الأخوة بالنسب ، ولكن الأخوة بالرضاعة فيجب أن تكون الرضاعة قبل سن السنتين في الحولين الأوليين من العمر كما قال الله

( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين )

وكما قال سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الرضاعة من المجاعة ، وتعني الطفولة.

وكما قال سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: لا رضاعة إلا ما شد العظم وأنبت اللحم، أي في سن قبل الفطام.

وفي حديث رواه الترمذي رحمه الله تعالى عن الرضاعة قال: وكان قبل الفطام.

إذن، هذا هو السن الذي يحدث فيه الرضاع وتعتبر شرعاً السيدة المرضعة أم للولد أو البنت الذي رضع منها.

قضية سالم بن أبي حذيفة

كان التبني موجوداً قبل الإسلام، ثم جاء الإسلام وحرّمه. فكان رجل اسمه أبو حذيفة قد تبنى سالم، وزوجة أبو حذيفة كان اسمها سهيلة بنت سهل.

فلما كان سالم متبنىً كان مثل ابنهما يعيش معهما في المنزل بين أبيه وأمه بالتبني، فأنزل الله سبحانه وتعالى تحريم التبني في القرآن ( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ) إلى آخر الآيات.

فحصلت مشكلة، حيث أن سالم لم يعد ابنهما، فأصبحت السيدة سهيلة سترتدي الحجاب أمامه، حيث أن البنوة أبطلت.

فذهبت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقالت له يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أرى أن في نفس أبي حذيفة من دخول سالم شيئاً.

كأن زوجها أبو حذيفة لم يعد مرتاحاً لدخول سالم الذي كان ابنهما، إلى المنزل فماذا تفعل؟ فقال: أرضعيه تحرمي عليه.

وسالم كان رجلاً بالغاً، إذن حدث هنا استثناء لحالة سالم من الأصول العامة والأحاديث التي ذكرناها كلها ان الرضاعة يجب أن تكون للأطفال الرضع.

فما معنى أرضعيه تحرمي عليه؟

هل معناه أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر سهيلة أن تلقم ثديها في فم سالم مثل إرضاع الأم لولدها؟ هل هذا معناها؟

لو كان حصل هذا الكلام، إذن لكانت القضية صحيحة ولكن لم يحدث هذا، وهذه الحالة كانت خاصة بسالم وانتهت هنا.

هل تم إرضاع سالم كطفل رضيع؟

هل تم الرضاع بطريقة أن يلتقم سالم الثدي ويرضع مباشرة كأنه رضيع؟ لا لم يحدث ذلك، ولأن المدلسين لا يقرأون ظنوا أن هذا ما حدث.

في الطبقات الكبرى لابن سعد، وكذلك ذكر هذا الأثر الحافظ بن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة، ذكر أن ما حدث أنه كان يوضع له اللبن في شيء ليشربه فشرب ذلك خمس مرات.

في الرواية لابن سعد بعد ذلك: فصار يدخل على سهيلة بعد ذلك وهي حاسرة عن رأسها، وهذا دليل على أنها كانت محجبة الرأس أمامه.

إذنن لم يحدث أن سالماً رضع من شهيلة كالطفل الرضيع من أمه.

هل يمكن الأخذ بهذا الأمر في الوقت الحالي؟

هل يمكن تطبيق ذات القضية تماماً؟ تأتيني الكثير من الأسئلة عن هذا الموضوع عن رضاع الكبير .

لا يوجد في الإسلام شيء إسمه رضاع الكبير ، ويتصورون أن هذا ينفع أن تقوم المرأة في مكتب العمل بإرضاع زميلها وهو كبير وبالغ.

وتصور هذا في المخيلة فج، وينقدح في ذهن الإنسان أن الإسلام يحلل شيئاً مثل هذا الشيء المشين.

لكن أولاً قلنا أن في الرواية كان يوضع له اللبن في شيء ليشربه، لكن العامل الثاني هو أن هذه الحالة هي حالة خاصة بسالم، لا يقاس عليها ولا يُعمل بها في هذا الزمن.

الإمام ابن عبد البر في التمهيد يقول: أجمع العلماء على أن الموضوع كان خاص بسالم وحده، والحديث الذي في صحيح الإمام مسلم يقول: بعد قصة عائشة: وأبى سائر أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يدخلن أحداً عليهن بهذه الصفة.

كانت عائشة فقط هي التي ترى أن هذه الصفة مستمرة عند الحاجة. وبقية زوجات سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام كلهن رفضن هذا الأمر.

( وأبى سائر نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يدخلن أحداً عليهن بهذه الرضاعة، وقلن والله لا نرى ذلك إلا شيئاً خاصاً بسالم ) أو كما ورد في الرواية.

خاتمة

فالوهم في فهم القضية أن يرضع بنفسه وأن يتم إرضاع الكبير فهذا غير موجود. والقضية بأن يعزف على هذا الوتر لتشعر أن في الدين تناقضات لتكره السنة وتكره البخاري وتنكر السنة.

ومن ثم يجعلك تكره القرآن كما نعلم، إنه مسلسل عفن يعملون عليه ونحن نرد ونوضح قدر استطاعتنا.

وإن شاء الله تعالى لن نألو جهداً ولا ندخر وسعاً في الرد على أي شبهة تأتينا.

ونلتقي إن شاء الله في المرات القادمة في فيديوهات لتوضيح مسائل أخرى إن شاء الله.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى