داء الكلب : يعد مرض فيروسي يسبب التهاب حاد في الدماغ ويصيب الحيوانات ذات الدم الحار.
ويعتبر مرض حيواني المنشأ أي أنه ينتقل من فصيلة إلى أخرى، من الكلاب إلى الإنسان مثلاً وينتقل غالباً عن طريق عضة من الحيوان المصاب.
داء الكلب يؤدي للوفاة عندما يصيب الإنسان بمجرد ظهور الأعراض إلا في حال تلقيه الوقاية اللازمة ضد المرض، وهو يصيب الجهاز العصبي المركزي مما يؤدي إلى إصابة الدماغ بالمرض ثم الوفاة.
تعريف داء الكلب
ينتقل فيروس داء الكلب إلى الدماغ عبر الأعصاب المحيطية، وغالباً ما تستغرق فترة حضانة المرض عدة أشهر حسب مسافة وصول الفيروس للجهاز العصبي المركزي.
تبدأ الأعراض بالظهور بمجرد وصول الفيروس للجهاز العصبي المركزي ولا يمكن معالجة العدوى ويؤدي غالباً إلى الوفاة خلال بضعة أيام.
الأعراض المبكرة لداء الكلب
هي:
- الشعور بالضيق
- الصداع والحمى التي تتزايد لتتحول إلى ألم حاد
- حركات عنيفة وتهيّج لا إرادي
- الاكتئاب ورهاب الماء (أو الكلَب)
ينتاب المريض في النهاية نوبات من الجنون والخمول، مما يؤدي إلى غيبوبة، وعادة ما يكون السبب الرئيسي للوفاة هو قصور التنفس.
يتسبب داء الكلب في وفاة خمس وخمسين ألف 55,000 شخص تقريباً في جميع أنحاء العالم. 95٪ منهم في آسيا وأفريقيا، تقريبا 97٪ منهم يتوفّون بسبب عضات الكلاب.
تمكنت الولايات المتحدة من مراقبة الحيوانات وبرامج التطعيم للقضاء على الكلاب المحلية الحاملة للمرض.
وفي العديد من البلدان، كأستراليا واليابان، تم القضاء على الحيوانات البرية الحاملة لداء الكلب بشكل تام في حين تم القضاء على داء الكلب المعروف في المملكة المتحدة.
حيث تمّ العثور على خفافيش مصابة بفيروس مشابه في البلد في حالات نادرة.
علامات داء الكلب والأعراض
عادةً تكون الفترة بين الإصابة وبداية ظهور الأعراض المشابهة للأنفلونزا ما بين ( 2-10) أسابيع.
لكن فترة الحضانة حسب ما تم توثيقه فإنها يمكن أن تكون قصيرة بقدر 4 أيام أو أطول من 6 أعوام وذلك يعتمد على مكان وخطورة الجرح الملقّح وعلى كمية الفيروسات التي دخلت.
بعدها مباشرة تتوسع الأعراض لشلل طفيف أو جزئي و قلق وأرق وارتباك وهيجان وسلوك شاذ وزور (جنون الارتياب أو جنون العظمة).
بالإضافة إلى رعب وهلوسة تتطور إلى هذيان.
أطلق على داء الكلب أيضاً “رهاب الماء” وذلك لأن ضحاياه المصابون بالشلل الموضعي والغير قادرين على الابتلاع عُرف عنهم بالإصابة بتهيّج عند رؤية الماء.
بعد ظهور أول الأعراض فإنّ الوفاة تحدث في الفترة من ( 2-10) أيام، فما أن تظهر الأعراض تصبح إمكانية البقاء نادرة حتى مع تعاطي الدواء الخاص والعناية المركزة.
في 2005 كانت جينا جيسي أول مريض يعالج ب “بروتوكول ميلووكي” لتصبح أول شخص على الإطلاق نجا من داء الكلب دون الحصول على العلاج الوقائي الناجح بعد تعرضها للفيروس.
إن تحليل “المقصد للعلاج” وُجد أن هذا البروتوكول لديه معدل نجاة 8 % تقريباً .
فيروس داء الكلب
فيروس داء الكلب هو نوع من أنواع الفيروسات الكلبية، من فصيلة الفيروسات الربدية (Rhabdoviridae)، رتبة الفيروسات السلبية الأحادية (Mononegavirales).
لدى الفيروسات الكلبية تماثل حلزوني، ويبلغ طوله حوالي 180 نانومتر، وشريحة حوالي 75 نانومتر .
هذه الفيروسات مغطاة وتحتوي على الحمض النووي الريبي وحيد البناء الجين (RNA) بحس سلبي.
المعلومات الجينية معبأة بروتين نووي رايبوزي معقد والذي يرتبط بإحكام بالبروتين النووي الفيروسي.
يرمز لجين الحمض النووي الريبي (RNA) بخمس جينات:
- البروتين النووي (N)
- فسفوري (P)
- بروتين المصفوفة (M)
- بروتين سكري (G)
- الحمض النووي الريبي البوليميرازي وتعني الإنزيمات المتعددة- الفيروسي ( L )
يخضع الفيروس لعمل نسخ متماثلة داخل الخلايا في العضلات أو الأعصاب.
طريقة تفاعل الفيروس
يتفاعل الجزيئ الثلاثي المدبب على السطح الخارجي لغشاء الفيروس مع مستقبلات معينة للخلايا، حيث الأكثر احتمالاً هو مستقبلات أسيتيلكولين (acetylcholine).
يقوم الغشاء الخلوي بالقرص في موكب معروفة ب “بينوسايتوسيس (pinocytosis)” وتسمح بدخول الفيروس إلى الخلية عن طريق جسيم داخلي.
ومن ثم يستغل الفيروس البيئة الحمضية لذلك الجسيم ويربطه بغشاءه، مطلقاً بروتيناته الخمسة وشريط واحد من الرنا (RNA) في السيتوبلازم.
يقوم بروتين L بنسخ خمسة أشرطة من الرنا المرسل (mRNA) وشريط موجب القطبية للرنا (RNA) من الشريط الأصلي للرنا سالب القطبية مستعملاً نيكلوتيدات حرة في السيتوبلازم.
ثم تُترجم هذه الأشرطة الخمسة إلى بروتينات المناظرة لها (P,L,N,G,M) في رايبوسومات حرة في السيتوبلازم.
تتطلب بعض البروتينات تعديلات مابعد عملية الترجمة، على سبيل المثال، بروتين جي ينتقل عبر الشبكة الأندوبلازمية الخشنة أو المحببة.
حيث تخضع لعملية الطي، ومن ثم تُنْقَل إلى أجسام غولجي، حيث تضاف مجموعة السكريات إليها لتصبح جليكوزيل
عندما توجد كمية كافية من البروتينات فإن الإنزيم الفيروسي سيبدأ بتشكيل خيوط سالبة جديدة للحمض النووي الريبي (RNA) وذلك من قالب الخيط الموجب للحمض النووي الريبي.
هذه الخيوط السالبة ستُشكّل تجمعات من بروتينات N وَP وَ L وَ M ومن ثُم ستنتقل إلى غشاء الخلية الداخلي حيث يكون بروتين G مضمراً نفسه في الغشاء.
سيلتف البروتين G حول تجمع البروتينات N-P-L-M آخذاً معه بعضاً من غشاء الخلية المضيفة الذي سيُشكّل غلافاً خارجياً جديدًا لجسيم فيروسي. بعد ذلك يتبرعم الفيروس من الخلية.
من لحظة دخول الفيروس يكون الفيروس موجِّه للعصب، حيث ينتقل بسرعة عبر الممرات العصبية إلى الجهاز العصبي المركزي ومن ثم إلى أعضاء أخرى. وتستقبل الغدد اللعابية تركيزًا عاليًا من الفيروسات وهذا يسمح بمزيد من التنقل.
تشخيص داء الكلب
من الممكن أن يكون داء الكلب صعب التشخيص، ففي مراحله المبكرة يمكن الخلط بينه وبين الأمراض الأخرى أو المعدية والطريقة المرجعية لتشخيص داء الكَلَب هو عن طريق تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) أو عن طريق زراعة فيروسية لعينات من الدماغ تؤخذ بعد الوفاة.
الطريقة المرجعية لتشخيص داء الكلب هي باستخدام الاجسام المضادة الفلورية (FAT) و التشخيص المناعي الكيميونسيجي (IHC) كما هو موصى به من قبل منظمة الصحة العالمية.
ويمكن أيضا أن يتم تشخيص المرض بشكل موثوق به بأخذ عينات من الجلد قبل الوفاة.
كما يمكن إجراء التشخيص عن طريق عينات اللعاب والبول والسائل النخاعي، ولكنها ليست بالغة الدقة. يشمل الدماغ على أجسام تدعى أجسام النيغري.
ويمكن عن طريقها تشخيص عدوى داء الكلب بنسبة 100%، لكنها تتواجد بنسبة 80% من الحالات فقط.
وإذا بالإمكان، يجب أن يفحص الحيوان الذي تم تلقي القضم منه بداء الكلب.
التشخيص التفريقي
في حالة اشتباه بداء الكلَب البشري قد تتضمن أي مسبب لالتهاب الدماغ، وبشكل خاص عدوى الفيروسات مثل الفيروسات الهربسية، والمعوية، والاربوفيروسات (arboviruses) مثل فيروس غرب النيل.
أهم الفيروسات للاستبعاد هي فيروس الحلأ البسيط من النوع الأول وفيروس النطاقي الحماقي.
بالإضافة إلى ذلك ولكن بشكل أقل شيوعاَ الفيروسات المعوية والتي تشمل:
- فيروسات كوكساكية (coxsackieviruses)
- الفيروسات الايكويّة (echoviruses)
- الفيروسات السنجابية (تسمى أيضاَ فيروس شلل الأطفال polioviruses)
- الفيروسات المعوية البشرية (enteroviruses 68 إلى 71. .)
هناك أيضا أسباب جديدة يمكنها أن تسبب التهاب الدماغ الفيروسي كالذي حدث في عام 1999م.
حيث انتشرت في ماليزيا 300 حالة مصابة بالتهاب الدماغ بمعدل وفيات بلغ 40%.
وكان سببه فيروس نيباه، الذي يُعرف مؤخراً بالفيروسة المخاطانية بالإضافة إلى ذلك، يمكن للفيروسات المعروفة تقتحم أماكن جديدة.
وهذا ما يفسره انتشار التهاب الدماغ مؤخراً بسب فيروس غرب النيل في شرق الولايات المتحدة وقد تساعد العوامل الوبائية (مثل المناخ والموقع الجغرافي وعمر المريض وتاريخ السفر وإمكانية التعرض للعضات وللقوارض ولحشرات القراد) في التشخيص المباشر.
إن التشخيص الزهيد لمرض داء الكَلَب سيصبح ممكناً للحالات ذات الدخل المنخفض حيث يمكن تشخيص مرض داء الكَلَب بشكل دقيق بعُشر تكلفة الفحوصات التقليدية وذلك باستخدام التقنيات الأساسية للمجهر الضوئي
طرق الوقاية
في السابق كانت جميع الحالات البشرية المصابة بداء الكلب تنتهي بالوفاة حتى تم تطوير لقاح في عام 1885 م من قبل لويس باستور وإميل رو.
وقد استخلص هذا اللقاح من الأرانب المصابة بالفيروس، وذلك بإضعاف الفيروس في الأنسجة العصبية ليجف من خمس إلى 10 أيام.
وما زالت هذه اللقاحات لتستخدم في بعض الدول كونها أرخص من الطرق الحديثة التي تعتمد على زراعه الخلايا المنتجة للقاح .
بدأ لقاح داء الكلب الناتج من مضاعفة الخلايا البشرية في عام 1967م، ويوجد حالياً لقاح جديد ناتج من أجنه الدجاج وهو أقل تكلفة ولقاح نقي يستخلص من خلايا الفيروس.
وهناك أيضا لقاح مزدوج يدعى V-RG تم استخدامه بنجاح في بلجيكا، فرنسا، ألمانيا، والولايات المتحدة للحد من انتشار داء الكلب بين الحيوانات غير الداجنة.
ويتتم استخدام التطعيم للبشر وغير البشر حالياً كوسيله للحماية من الفيروس قبل التعرض له كما يعد تطعيم الحيوانات الأليفة في بعض الولايات من داء الكلب هو مطلب أساسي.
- تطعيم الكلاب والقطط والأرانب والقوارض ضد داء الكلب.
- ابقاء الحيوانات الأليفة تحت الاشراف.
- عدم لمس الحيوانات البرية أو الضالّة.
- الاتصال بضابط مراقبة الحيوانات عن مشاهدة حيوان برّي أو ضال، وخاصة إذا كان الحيوان يتصرف بغرابة.
إذا عضك حيوان اغسل الجرح بالماء والصابون لمدة 10-15 دقائق ثم اتصل بمزوّد الرعاية الصحية لتحديد مدى حاجتك لتلقي العلاج الوقائي بعد التعرض مطلوباً.
علاج داء الكلب
ينجح العلاج بعد التعرض بدرجة كبيرة في منع المرض إذا تمت معالجته فورا، الذي غالبا ما يستغرق عشرة أيام بعد العدوى.
وذلك بغسل المكان المصاب في أسرع وقت ممكن بالصابون والماء تقريبا لخمسة دقائق فذلك يؤثر تماما في تقليل عدد جسيمات الفيروس.
إذا توفر مطهر قاتل للفيروسات مثل محلول البوفيدين أو صبغة اليود أو محلول اليود المائي أو الكحول (الايثانول) يجب ان توضع بعد الغسل.
يجب أن تُشطف بالماء جيدا الاغشية المخاطية التي تغرضت للفيروس مثل العين والانف أو الفم.
توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية المرضى بأخذ جرعة واحدة من الغلوبولين المناعي لداء الكَلَب البشري (HRIG) وأربع جرعات من لقاح داء الكَلَب على مدى 14 يوم.
جرعة الغلوبولين المناعي يجب أن لا تتعدى 20 وِحدة لكل كيلوجرام من وزن الجسم.
الغلوبولين المناعي مكلف ويشكل الغالبية العظمى من مجمل التكاليف لعلاج ما بعد التعرض، تصل تكلفتها إلى عدة آلاف من الدولارات.
ويجب أن يتسلل أكبر قدر ممكن من هذه الجرعة حول القضمة، مع إعطاء الباقي عن طريق الحقن العضلية العميقة بحيث تكون بعيدة عن موقع اللقاح.
تُعطى الجرعة الأولى من لقاح داء الكلب في أسرع وقت ممكن بعد التعرض، مع جرعات إضافية في اليوم الثالث واليوم السابع واليوم الرابع عشر من أول لقاح تم أخذه.
المرضى الذين تلقوا تطعيما سابقا قبل التعرض لا تتلقى الغلوبولين المناعي، فقط التطعيم في يوم الإصابة واليوم التالي.
اللقاحات الحديثة ذات الأساس الخلوي تشبه لقاح الأنفلونزا من حيث الألم والآثار الجانبية.
التطعيمات القديمة والقائمة على النسيج العصبي والتي تتطلب عدة حقن مؤلمة في البطن بإبر كبيرة تكون رخيصة، ولكن يجري التخلص منها والاستعاضة عنها بنظم التطعيم تحت الجلد.
يجب أن يؤخذ التطعيم داخل العضلات في العضلة الدالّية وليس في المنطقة الأَلَوية التي تؤدي إلى فشل التطعيم نظراً لحقن الشحم عوضاً عن العضلات.
في الأطفال يستخدم جانب الفخذ كما في تطعيمات الأطفال الأساسية (الإستشهاد مطلوب).
تعد توقيه ما بعد التعرض لداء الكَلَب فعاله بنسبة 100٪ إذا بدأت بدون تأخير أو بتأخير بسيط. يجب إعطاء العلاج في الحالات التي يتم فيها التأخر في إعطاء توقيه ما بعد التعرض بشكل كبير لأنه قد يكون فعالاً.
المصادر
جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com
شاهد أيضاً: