طشقند أوزبكستان : المدينة الصخرية و تلفظ ” توشكنت ” هي عاصمة أوزبكستان وأكبر مدنها، عدد سكانها يصل 2٬309٬300 نسمة.
هي إحدى محطات طريق الحرير، ومن المدن المهمة في آسيا الوسطى وتبعد عشرات الكيلومترات عن الحدود الكازاخية.
طشقند الموقع والحضارة
تأثّرت طشقند بحضاراتي السغديانية والتركية قبل وصول الاسلام إليها في القرن الثامن الميلادي، و فتح العرب المسلمون المدينة في القرن الثامن الميلادي.
دمرها جنكيز خان عام 1219م، واستولى عليها تيمورلنك عام 1361م ثم أعاد تيمورلنك بنائها لتستفيد من تجارة الحرير التي كانت تمر من خلالها.
وفي عام 1865م، استولى عليها الروس الإمبراطوريون في العهد السوفييتي عندما طبّقوا سياسة نقل السكان.
وأوفدوا إليها سكان من جميع المناطق السوفييتية مما غيّر تركيبتها السكانية، بنفس الوقت طور السوفييت المدينة بشكل كبير.
وبعد استقلالها عن السوفييت عام 1991م أصبحت عاصمة أوزبكستان المستقلة وتطورت بشكل كبير وبقيت المدينة تحوي أعراق مختلفة ومختلطة بأكثرية أوزبكية.
أصل اسم طشقند
طشقند اسم أذري يعتقد أنه تركي الأصل مؤلف من كلمتين: “طش” وتعني الحجر، و”كند” وتعني مدينة.
وتلفظ بالأذرية “توشكنت” وبالروسية “تاشكنت”.
وقد اشتهرت بالعربية بطشقند.
وهناك دلائل إلى عودة اسمها إلى قبيلة شاش التي استوطنت المنطقة في القرن الخامس ما قبل الميلاد ولهذ دعيت بـ”شاش-كند” أي أرض الشاشيين.
ومع الأيام وبخاصة مع استيطان الروس فيها، تحولت إلى طشقند.
عرفت اسم المدينة قديماً باسم “شاش” بالعربية أو” تشاتش/ جاج” بالفارسية.
وللمرة الأولى جاء ذكر تشاتش كاسم جغرافي في كتابات الملك الساساني الإيراني شابور الأول عام 263م.
أما في المصادر العربية، جاء ذكر “شاش” ما بين القرنين التاسع والعاشر تحت اسم “بنكث” أو “بينكينت”.
وفي نهاية القرن العاشر الميلادي وللمرة الأولى وردت التسمية التركية “طاشقند” في كتاب المـؤرخ أبو ريحان البيروني وحلت محل الأسماء الأخرى.
وصفها الشاعر أبو الربيع البلخي بقوله:
الشاش بالصيف جنة ومن أذى الحر جنة .. لكنني يعتريني بها من البرد جنة
وكما وصفها الشاعر عبد العزيز جنكيز خان في هـذه الأبيات:
طاشقند التي حوت الجمالا .. تحاكي الجـنة المأوى الـزلالا
وقد عرفت بـ” شاش” يوم كانت .. يشيد لعلمها الناس الرحالا
وقد ذكر ياقوت الحموي في معجم البـلـدان بقوله: الشاش خرج منـها العلماء ونسـب إليها خلـق من الرواة والفصحاء.
وقد أطـلق عليها المؤرخـون لقب ” بوابة الشرق ” وكذلك أطلق عليها ” بلد الألف مدينة “.
وكما يسميها المعاصرون بـ ” نجمة الشرق “.
تاريخ مدينة طشقند
مرّت طشقند عبر تاريخها العريق بالعديد من التغييرات في تكوينها وكذلك باسمها.
التاريخ القديم
أشارت الأبحاث التنقيبية أنه استوطنت من قبل شعوب قديمة كونها واحة على نهر شرشك على السفح الغربي لجبال تيان شان.
ومن المعتقد انها موقع “بيتيان” عاصمة اتحاد الكانجو.
عصر شاش
في فترة ما قبل الإسلام وحتى بداياته، عُرفت المدينة، والمنطقة المحيطة بها، بإسم “شاش”. وفيما بعد، سمّيت باسم “تشاتش-كند” أي بلاد التشاش.
بُنيت الإمارة في الفترة ما بين القرنين الثالث والخامس ما قبل الميلاد جنوب نهر “سير داريا”.
وكانت تتألّف من 30 مدينة وأكثر من 50 قناة مياه مما جعلها مركز تجاري مهم بين قبائل السوغديانيين والترك.
فترة الإسلام
فتح المسلمون بلاد ما وراء النهر، أي بلاد آسيا الوسطى ، في أواخر القرن الأول الهجري على يد القائد قتيبة بن مسلم الباهلي الذي فتحها بعدما فتح بخارى وسمرقند فأرسل جزءاً من جيشه لفتح شاش سنة أربع وتسعين من الهجرة.
فوجدوا أن لبعض مدنها دور كبير في نشر الثقافة وتبادل الفكر مع من جاورها من بلدان وممالك، فأولى المسلمون تلك المدن اهتمامًا كبيرًا.
وكان من من أشهرها سمرقند وطشقند وترمذ، وغيرها من المدن التي أسهمت في نشر الثقافة الإسلامية في منطقة آسيا الوسطى.
في القرن العاشر الميلادي، حكمها القرخانيون وسمّوها باسمها التركي “تاشكاند”.
وفي فترة حكم السمانيد، ثم أتراك كراكنيد، تم بناء العديد من المساجد، وازدهرت التجارة في هذه المنطقة.
وفي القرن الثالث عشر الميلادي، غضب سلطان الدولة الخوارزمية محمد خوارزم شاه على أهل شاش (طشقند) فقتل أهلها وخرَّب بيوتها مما استنفز جنكيزخان فدفع المغول لتدمير بلاد المسلمين بدءا من مملكة الخوارزمية وانتهاءاً بغداد التي دمّروها سنة 1258م.
ثم أعاد تيمورلنك بناءها في القرن الرابع عشر الميلادي. وعاشت طشقند بعد حكم التيموريين، تحت حكم الأوزبك والقزق (القرغيز).
علماء مسلمون خرجوا منها
الإمام أبو الشاشي : (904م – 976م.) ويضاف إلى اسمه “الكبير” احتراما وتقديرا وكان يلقّبونه بـ”حضرة الامام” وبلغة الأوزبك “حزت امام”.
كان إمام عصره وعالما في العلوم الإسلامية كالفـقه والحديث والتفسير. تفـقّه على المذهب الشـافعي ونشـره في موطنه. من مؤلفاته:
- دلائـل النبوة
- محاسن الشريعة
- جوامع الكلم
- أدب القاضي
- شرح الرسالة
- الفـتاوي
الإمام أبو سعيد الحافظ الهيثم بن كليب الشاشي: ولد في بنكاس قرب طشقند وتوفي عام 946م. من أشهر العلماء في رواية الأحاديث الشريفة، ولقّب بـ” الإمام الشاشي” ومن مـؤلفـاتـه:
- المسند
- المسند الكبيرفي الحديث
أحمد بن محمد بن إسحاق : المعروف بنظام الدين، الفقيه الحنفي، المتوفى سنة 344هـ. وهو من تلاميذ أبي الحسن الكرخي، الذي قال فيه: “ما جاءنا أحد أحفظ من أبي علي، سكن الشاشي بغداد، ودرس بها.
وهو أحد الأشخاص الذين نسب إليهم كتاب أصول الشاشي، وهو من كتب أصول الفقه المعتبرة، ودرس في عدد من البلدان.
عصر خانية الخوقند
في عام 1809 ضُمت طشقند إلى خانية الخوقنديين. كانت تعتبر من أغنى بلاد وسط اسيا بتعداد يصل لـ100٬000 نسمة.
وعاشت عصرا مزدهرا بسبب تجارتها مع الروس إلا أنها كانت تحت ضغط الضرائب الخوقندية المرتفعة.
كان الطشقنديون يفضّلون مذاهب المدارس الدينية البخارية على تعاليم الخوقنديين.
لكن هذه المنطقة أصبحت محل نزاع بين العديد من قادة المنطقة الذي فتح الفرصة للروس بغزوها.
عصر القياصرة الروس
في أيار/مايو 1865م، قام الجنرال الروسي ميخائيل تشيرناييف بهجوم على المدينة مخالفا أوامر القيصر الروسي .
بالرغم من أن دفاعات المدينة كانت قوية (كان للمدينة سور بطول 25 كلم و100 بوابة ويدافع عنها 30٬000 مقاتل) استطاع الروس بعددهم القليل من احتلال المدينة بخدعة قاموا بها في خلال يومين فقط.
وخسر الروس 25 مقاتل بينما قُتل آلاف من المدافعين بما فيهم عليمغول حاكم الخانية الخوقندية.
وقام تشيرناييف بحملة دعائية كبيرة (كان يلتقي بالعامة على الطرقات ويتجوّل من دون سلاح وأوقف الضرائب لمدة عام ولقب نقسه الحاكم العسكري لطشقند) لكسب تعاطف الأهالي لهذا لقّبه زعماء المدينة بلقب “أسد طشقند”.
كما طلب من القيصر الروسي، الكسندر الثاني، أن يحوّل المدينة إلى خانية مستقلة بحماية روسية.
وافق القيصر طلبه و أغدقه بالهدايا والأوسمة والمديح إلا أنه استبدله بحاكم آخر لعدم ثقته بطاعته.
خلفه العسكري كوستانتين فونكوفمان بالحكم وحول طشقند إلى معسكر للجيش الروسي واستوطن الروس مستعمرات الجهة الأخرى من قناة أنكور وأخذ التجار والمستوطنون الروس بالتوافد على المدينة.
واعتمدت طشقند عاصمة منطقة تركستان الروسية.
وأصبحت طشقند مركز للعمليات التجسسية بين الروس والبريطانيين، فيما عرف باللعبة الكبرى، وذلك للسيطرة على آسيا الوسطى. وفي عام 1874م، أنشأت مقاطعة تركستان العسكرية.
وفي عام 1874، وصل خط سكك الحديد العابر لقزوين إلى المدينة واستوطن بها عمّال بناء الخط وهم من كانوا نواة الثورة البلشفية التي حدثت في المدينة.
المصادر
جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com