الدكتور طارق سويدان – الثورة تأكل أبناءها
قصة أبو مسلم الخرساني في تأسيس الخلافة العباسية وكيف الثورة تأكل أبنائها.
من العبارات الشهيرة التي قيلت في الثورات (الثورة يخطط لها المفكرون ويقوم بها الشجعان ويجني ثمارها الانتهازيون).
مقولة لدانتون الذي كان قيادياً بارزاً في المراحل الأولى للثورة الفرنسية، كان هو المحرك الأساسي للإطاحة بالملكية وإقامة أول جمهورية فرنسية ثم أخذ للمقصلة.
قبل أن يتم إعدامه في أبريل 1794 على أيدي من قام بالثورة معهم، نتيجة اتهامه بالفساد والتساهل مع أعداء الثورة قال قبيل إعدامه مباشرة (إن الثورة تأكل أبناءها).
وقال لروبسيل الذي كان يحاكمه ويريد قتله (روبسيل سوف يأتي عليك الدور)، تحققت نبوءة دانتون ولم يمضي سوى أربعة أشهر وجرى إعدام روبسيل بالمقصلة أيضاً.
الثورة تأكل أبناءها، ستكون هذه المقولة بداية لقصة حدثت في الشرق وهي قصة أبي مسلم الخراساني.
نشأة أبو مسلم الخرساني:
نعود إلى البدايات لمعرفة جهود أبي مسلم في تأسيس الخلافة العباسية.
وهو عبد الرحمن بن عثمان بن يسار الخرساني ويكنى أبو إسحاق، ولد سنة مائة هجرية في أصبهان في فارس.
نشأ في الكوفة، وكانت فكرة الدعوة العباسية بدأت قبل ذلك بعام واحد.
الدعوة العباسية السرية بدأت سنة 99هـ واستمر طور العمل فيها ينتقل من مرحلة لأخرى في سرية كاملة.
وخلال هذه الفترات أصيبت هذه الدعوة بانتكاسات وضربات وتراجع، وتظهر أحياناً ثم تضرب وكان من الواضح أنها دعوة لا تنتصر وبحاجة لقائد قوي.
فظهر على ساحة الأحداث أبو مسلم الخرساني، واتصل بإبراهيم الإمام وهو قائد العباسيين الذي يعد لإقامة الدولة العباسية ويزيل الدولة الأموية.
فلما التقى إبراهيم الإمام مع هذا الشاب الصغير الذي كان عمرة 19 عام توسم فيه النبوغ والعزيمة فختارة لقيادة خراسان.
كتب له كتاباً لقيادة كل خراسان وتسلم أبو مسلم القيادة رغم معارضة البعض لحداثة سن أبي مسلم.
لكنه فوراً أظهر براعة فائقة في قيادة العمل والتف حوله الفرس والموالي وذلك لسبب غريب.
كانوا يعقدونه من أحفاد أخر ملوك الفرس، ولمى اقتربوا منه أعجبوا بشخصيته وأتبعوه على حداثة سنه، فهو ذو قدرة قيادية ومكانه بين الناس.
تأسيس أبو مسلم الخرساني للدولة العباسية
دخل أبو مسلم في طور العمل العلني سنة 129 هـ، عندما نزل قرية من قرى مرو، ومرو هي عاصمة مناطق خراسان وهي مناطق أفغانستان وما حولها الآن.
وجعلها مناطق للدعوة ورفع على حصنها راية العباسيين السوداء، إشعاراً بظهور الدولة العباسية، وفعلاً سيطر على هذه الدولة.
وجاء عيد الفطر فصلى إماماً بالناس في هذه القرية، وبنفس اليوم كتب أبي مسلم لوالي خراسان من قبل الأمويين وهو نصر بن سيار يدعوه للدخول في طاعة العباسيين.
فأرسل له نصر جيشاً كبيراً، أبي مسلم بجيش صغير استطاع أن ينتصر على جيش كبير سنة 130هـ، أول صدام عسكري في التاريخ بين العباسيين والأمويين.
وبعد انتصار أبي مسلم زادت قوته بدرجة كبيرة، وأصبح يتقرب إليه الناس، حتى القبائل العربية المتناحرة في خرسان بدأت تتحد خوفاً من أبي مسلم، لأنهم كانوا يشعرون أنه فارسي أنه سيقضي على ملك العرب ويأتي بملك الفرس.
إضافة أن أبي مسلم كان يسرف في قتل العرب لذلك العرب اتحدوا ضده، وأبدى خلال تلك الفترة صنوف من الدهاء والمكيدة ما خطرت على بال إمام الدعوة العباسية.
يقولون احتال حيلاً في السيطرة على الأمر، فكان يرسل للقبائل العربية اليمانية التي هي ضده يستميلهم، ويكتب إلى المضرية التي هي أعداء لليمانية ويستميلهم.
ويقول لهؤلاء ولهؤلاء بالسر الإمام العباسي أوصاني بكم خيراً ولست أعدوا رأيه فيكم، فبعضهم يميل إليه وبعضهم يرفضوه، فأوقع القبائل العربية التي كانت متحدة ضده في بعضها بعض.
في نفس الوقت كان يرسل قادته يستولون على القرى والمدن من المناطق التي كان عليها نصر بن سيار، ولا يوجد أي مقاومة تذكر.
الدولة الأموية كانت في ترهل مع هذا التوسع، استطاع أن يسيطر على العاصمة مرو وأخذ البيعة للعباسيين في العاصمة.
ثم واصل فتوحاته حتى بسط سيطرته ونفوذه على كل خراسان وألغى حكم الأموي، وكان أول مكان ينتصر فيه العباسيون.
فتوحات أبو مسلم الخرساني
بعد أن انتهى أبو مسلم الخرساني من فتح خراسان، بدأ يتطلع إلى غيرها، كلما فتح مكاناً أخذ البيعة من أهله على كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
والبيعة للرضا من آل محمد (أي واحد مرضي عنه من العلماء يكون من آل الرسول صلى الله عليه وسلم) وبالتالي إلغاء للدولة الأموية، هذه المسألة كانت تثير العواطف لأن أهل المنطقة كان إيمانهم جديد فأقبلوا عليه، وصارت بلاد خراسان كلها عباسية ونقطة انطلاق الجيوش العباسية على باقي بلاد الخلافة الأموية.
مقتل مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين
في سنة 130 وقع في يد الخليفة مروان بن محمد، والذي هو آخر الخلفاء الأمويين، كان يطلقون عليه مروان الحمار.
وكلمة حمار ليست شتيمة، إنما تدل على صبره وصموده، بسبب أن العباسيين يحاولون أن يقضوا عليه وهو ينتقل من بلد لبلد، وبقي يقاتلهم خمس سنوات ولا يقدرون عليه.
فوقع في يد مروان الحمار خليفة الأمويين كتاب من إبراهيم إمام العباسيين إلى الدعاة العباسيين وفيه بعض التعليمات، فانكشفت خطتهم وتنظيمهم، فأرسلوا إليه للقبض على إبراهيم الإمام، وكان مقيم في الحميمة في الأردن قريب منهم.
فقيدوه وأرسلوه إلى الخليفة في دمشق، قائد العباسيين قبض عليه ودخل السجن وأتباعه منتصرين في خراسان ولم يقتله.
في سنة 132هـ مات إبراهيم إمام العباسيين في سجن مروان بن محمد، لكنه استطاع أن يرسل رسالة قبل أن يموت بأن الخلافة من بعده إلى أخيه عبد الله بن محمد المشهور بالسفاح.
وبالفعل اختير أبو العباس السفاح أول خليفة لبني العباس في ربيع الآخر سنة 132 هـ، وثق أبو العباس السفاح علاقته بأبي مسلم الخراساني.
ومع تطور هذه العلاقة انتقل أبو العباس من الحميمة، لأنه انكشف أمره فيها إلى الكوفة، ولهم أنصار كثيرون.
وهناك رتب أنصاره لأن له دعم من أبي مسلم الخراساني، فأخر الدعم وجهز جيشاً وبدأ بتحريك الجيش من الكوفة لقتال جيش الشام الذي أرسله مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية.
بينما أبي مسلم بقي متحصن في خرسان يزيد من نفوذه في تلك المناطق، التقى الجيشان الجيش العباسي الناشئ الجديد مع الجيش الأموي العريق،
ومع ذلك هُزم الأمويين، وفر مروان بن محمد وبدأوا يتبعونه من قرية إلى قرية من مدينة إلى مدينة، ولكن انتهت الدولة الأموية لأنه أصبح مطارد، وأخيراً استطاعوا أن يصلوا إليه في مصر، وقتلوه في قرية بوصير في مصر وزالت الدولة الأموية سنه 132هـ.
خلافة أبو العباس السفاح
أصبح أبو العباس السفاح هو الخليفة، وكان يقدر أبي مسلم الخراساني ولا يقطع أمراً من دونه، لأنه يرى بأبي مسلم الركن الذي قامت عليه الدولة العباسية.
فلما تولى أبو العباس السفاح الخلافة كأول خليفة عباسي، ظل أبو مسلم والياً على خراسان، وزادت قوته.
وقام سلطان ونفوذ السفاح على أكتاف ثلاثة رجال، أولهم بلا منافس أبو مسلم الخراساني في المشرق، ثانيهم أخوه أبو جعفر المنصور في مناطق شمال العراق وأرمينيا، وأما الثالث فعبد الله بن علي وكان بالشام ومصر.
هؤلاء الثلاثة اثنين من العباسيين وأبو مسلم فارسي، وكانوا الثلاثة يكرهون بعض وبينهم شر وحقد وضغائن وفتنه.
هذه الاختلافات ما لبثت أن طفت على السطح وظهرت بقوة بعد وفاة السفاح.
عندما مات السفاح كان أبو مسلم الخرساني ذو قدر عنده، وأتى أبو جعفر وهو يكره السفاح وبدأت من هذه اللحظة شرارة أن الثورة تأكل أبنائها.
يقارن المؤرخون الحجاج بن يوسف القفي بأبي مسلم الخراساني بكثرة القتل، رغم أن الكثير يعتقدون أن الحجاج بن يوسف الثقفي هو أشهر وأكبر طاغية في تاريخنا هذا صحيح فيه بعض الحقيقة.
إلا أن أبي مسلم الخراساني كان أكثر طغياناً منه، يقول الإمام الذهبي وهو مرجع في علم الرجال (كان أبو مسلم بلاء عظيماً على عرب خراسان فإنه أبادهم بحد السيف) كان يكثر من قتل العرب.
الثورة تأكل أبنائها في قصة أبو مسلم الخرساني
أبو مسلم الخارساني الذي كان سبباً رئيسياً في إقامة الدولة العباسية، لكن من خلال قصته نتحدث أن الثورة تأكل أبنائها.
ما الذي يجعل الثورة تأكل أبناءها؟
أسباب منطقية رئيسية لهذه المسألة، أولاً أن الثوار قد يتفقون على ضرورة التغيير السياسي، لكنهم ينسون الاتفاق على البديل إذا انتصروا.
ولذلك كما قال أحمد شوقي (أصدقاء السياسة أعداء بعد الرئاسة).
ومن الأسباب التي قد تؤدي إلى قتل أبناء الثورة، أن تحول مجموعات الثوار بعد الثورة انتصاراتها إلى مراكز قوة، وهذه المراكز تعيق أهداف الثورة فيتم التخلص منها.
وأيضاً من أسباب أن الثورة قد تنجح ولكنها تُفضل تفكيك الدولة العميقة التي كانت موجودة قبل ذلك، وتنجح الدولة العميقة في القضاء على الثورة وإعادة النظام القديم ولو بوجوه جديدة.
وبالتالي قد يستهين بعض أبناء الثورة ويضربون ببعض، وقد توجد مراكز قوة مختلفة في الثورة تستند إلى قوة إقليمية أو خارجية.
فتبدأ حرب المصالح من خلال قوى الثورة المختلفة وتأكل القوة أبناءها، لأن الوجوه المتصدرة في بداية الثورة كانت مجرد صور ليست حقيقية، صور أمام الشعب.
وأن المحرك الحقيقي هو محرك خفي يظهر بعد أن تهدأ الأوضاع ويتم التخلص من تلك الدمى.
ولعل كثرة الدماء التي أهدرها أبو مسلم 600ألف، جعلت منه ورقة محروقة يجب التخلص منها لتحسين صورة الدولة الجديدة التي هي الدولة العباسية.
ومن الأشياء التي قد تجعل العباسيين يفكرون بالتخلص منه أن قد بلغت قوة أبي مسلم حدا يمس بهيبة الخلافة.
فمن الأسباب التي أدت لنقمة الخليفة الثاني أبي جعفر المنصور شعور أبو مسلم أنه لولا هو ما كانت الدولة العباسية، فالمفروض أن تكون مكانته قرب الخليفة وهو أولى بالخلافة منهم.
هو الذي صنع الدولة والحقيقة لولا أبو مسلم وسيطرته على خراسان ما قامت الدولة العباسية.
وأيضاً من الأشياء التي جعلت المنصور ينقم عليه، كان أبو مسلم غير معروف النسب لا يعرفون أصله من أين، في البداية ادعى نسب الملوك الفرس الذين قضى عليهم الإسلام فكسب الفرس بذلك بعدها.
الخلافات بين أبي مسلم الخراساني وأبو جعفر المنصور
لما انتصرت الثورة العباسية ادعى أبو مسلم الخراساني أنه من سلالة سليط ابن عبد الله بن عباس، فعندها شعر أبو جعفر المنصور أن هذه خطوة من خلالها يطلب الخلافة.
وتجرأ وخطب عمت المنصور أمنة بنت علي، واعتبر العباسيون هذا الطلب نفسه إهانة كبيرة لهم، ومن الأشياء التي جعلت أبو جعفر المنصور ينقم عليه أنه كان مستهيناً به.
دخل مرة أبو مسلم على الخليفة الأول العباسي أبو العباس السفاح وسلم عليه (السلام عليك يا أمير المؤمنين).
فرد عليه السلام، وكان أبو جعفر جالساً، فقال السفاح (يا أبا مسلم هذا أبو جعفر).
قال أبو مسلم الخرساني (يا أمير المؤمنين هذا موضع لا يؤدى فيه إلا حقك)، أي بمعنى أن أي واحد ثاني هنا ليس له قيمة، فشعر المنصور أن ليس له قيمة عنده.
كان أبو مسلم الخرساني يتجاهل أبو جعفر المنصور، لما كان المنصور ولياً للعهد أبو جعفر المنصور ما نسي.
لما تولى أبو عباس الخلافة ذهب إلى خراسان لأخذ البيعة من أبي مسلم والأخرين، لأخيه كخليفة وله كولي عهد.
هناك رأى أبو جعفر المنصور قوة نفوذ أبو مسلم الخرساني وسطوته، لاحظ أنه ما أحفوا به كولي للعهد للخلافة العباسية، ورأى البهرج الذي كان يعيش فيه أبو مسلم الخرساني.
كان أبو مسلم الخرساني إذا خرج من مدينته أربعة ألاف شخص يسيرن في موكبه يرفعون أصواتهم بالتكبير، بين طرف بداية موكبه ونهايته خمسة كيلومتر، وقصص كثيرة أوغلت صدر المنصور على أبي مسلم.
جاءت الأخبار بموت السفاح وتولي المنصور، بينما كان أبو مسلم عائد من الحج فبايع المنصور، أي أرسل أنه بايع المنصور ولم يهنئه بالخلافة، فعرف المنصور أن هذا الرجل ينوي الخلاف والشر.
ولما تولى المنصور، رأى أن يضرب الذين يخاف منهم ببعض، فعمه عبد الله بن علي يضربه بأبي مسلم الخراساني حتى يقضي أحدهم على الأخر.
ثم يتفرغ هو للباقي منهم بعد أن تكون قوته قد أنهكت.
وبالفعل نجحت فكرة المنصور، وتحرك أبو مسلم والتقى بجيش عبد الله بن علي وانتصر عليه.
لكن النتيجة بالنسبة لأبي جعفر المنصور سيئة، لأن أبو مسلم انتصر بسرعة على عبد الله بن علي، فهذا زاد من قوة أبي مسلم وزاد من اعتماد الدولة العباسية على وجدة.
لأنه بدونه العباسيين نفسهم يمكن أن ينقلبوا على الخليفة.
وكان أشد ما فعل شرارة الشر بين الرجلين، أن المنصور أرسل رجل من عنده إلى أبي مسلم بعد انتصاره على عبد الله يحصي الغنائم التي أخذها من جيش عبد الله.
فغضب أبو مسلم وقال (أكن أميناً على الدماء ولا أكون أميناً على الأموال) أي يطلب مني أن أقضي على خصومة ولا يأتمنني على الأموال.
وشتم المنصور ووصلت الشتيمة للمنصور، هنا المنصور لجأ إلى الحيلة ليستدرج أبا مسلم إلى الكوفة عاصمة العباسيين.
في ذلك الوقت وخاصة عندما وصله أخبار أن الخرساني ينوي العودة إلى بلدة خراسان، فعندما علم أبو جعفر بذلك أيقن أن أبا مسلم إذا رجع إلى خراسان يتحصن بها ويعلن الاستقلال.
فعزم أن يتفاهم معه وأرسل إليه وهو في الطريق رسلاً يطلب منه العودة إلى الكوفة، وفي نفس الوقت وصل كتاب من نائب أبي مسلم على خراسان وكان المنصور استماله واستدرجه.
فأرسل رسالة إلى أبي مسلم يقول فيها (إنا لن نخرج إلا طاعة لله وأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم نخرج لمخالفة خلفائنا، فأطع الخليفة فيما أمرك به).
الأن نائبه في خرسان تنكر له فتحير أبا مسلم، عندها وجد أن من الأسلم أن يذهب فعلاً ويتفاهم مع المنصور في الغنائم.
نهاية أبو مسلم الخرساني
علم المنصور أن أبا مسلم الخرساني قادم إليه ومستعد للتفاهم، أرسل في الطريق قادة القوم ووجوه الناس ووجوه بني هاشم.
بعض الأمراء من بني العباس قادة الجيش يستقبلونه في الطريق ويبالغون في الاحتفال به.
فكسب أبا مسلم إلى صفه، اطمئن أبو جعفر المنصور لأن الوحيد الذي يمكن أن يهدد ملكة هو أبا مسلم.
فلما دخل أبا مسلم على المنصور انبسط له المنصور في الحديث، اطمئن أبو مسلم أن المسألة انتهت.
ثم أتى المنصور يعاتبه في الأشياء التي فعلها ومن هذه الأشياء، أنهما ذهبا إلى الحج وفي العودة أبا مسلم سبق المنصور وهل أحد يسبق ولي العهد.
أيضاً خطب عمته أمنه، وادعى أنه من ولد سليط بن عبد الله بن عباس، وأبو مسلم ذكي يجيب على كل هذه المعاتبات بصورة جيدة وأسباب وجيهة.
حتى وصل المنصور لسؤاله عن سبب قتله سليمان بن كثير وإبراهيم بن ميمون وهم من القادة العظماء، وغيرهم من القادة كان يقتل بالظن.
فقال أبو مسلم لأنهم عصوني وخالفوا أمري، هنا غضب المنصور وقال أنت تقتل إذا عصيت وأنا لا أقتلك ولقد عصيتني.
فقال له أبو مسلم أتشبهني بأعدائك يا أمير المؤمنين، فصفق المنصور بيديه وفجأة وإذ الحراس يخرجون ويقتلون أبا مسلم ويقطعونه تقطيعاً.
وقتل أبو مسلم الخرساني بهذه الطريقة البشعة بسنه 137هـ.
وقف المنصور على جثة أبي مسلم وهو قتيل ويقول (رحمك الله يا أبا مسلم بايعتنا فبايعناك، وعاهدتنا فعاهدناك، ووفقت لنا فوفينا لك، وإنا بايعناك على أن لا يخرج علينا احد في هذه الأيام إلا قتلناه فخرجت علينا فقتلناك وحكمنا عليك حكمك على نفسك لنا).
والأن أصبح الأمر خالصاً لبني العباس من دون الناس وأخذوا جثته ورموها في نهر دجلة ولم يدفنوه.
الخاتمة
الثورة ستظل تأكل أولادها إلا إذا كانت ثورة مبادئ وثورة قيم همها إقامة حضارة إنسانية وليست صراع على الدنيا والكراسي، الثورات تتفكك وتأكل أبنائها عندما تقوم بلا قيم أو تكتفي بإسقاط النظام السابق.