تفسير الأحلام : ﺑﺴﻢ ﺍﷲ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﷲ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻰ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻳﻦ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺒﻴﻦ.
ﺍﻋﻠﻢ ﻭﻓﻘﻚ ﺍﷲ ﺃﻥ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺒﺘﺪﺉ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻳﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻗﺴﻤﻴﻦ، ﻓﻘﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻟﻘﻮﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ” :ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﻣﻦ ﺍﷲ ﻭﺍﻟﺤﻠﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ “ﻭﺍﻟﻤﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ.
ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺟﻤﻴﻌﻪ ﺃﻱ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﺧﻠق ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎء ﺑﺎﻟﺒﺸﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﻨﺬﺍﺭﺓ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪﺭﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺟﺰءﺍً ﻣﻦ ﺳﺘﺔ ﻭﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺟﺰءﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ.
ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻭﻓﺴﺎﻕ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻗﺪ ﻳﺮﻭﻥ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﻜﺮﻭﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻣﺎﺕ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻜﺘﻤﺎﻧﻪ ﻭﺍﻟﺘﻔﻞ ﻋﻦ ﻳﺴﺎﺭﻩ.
كتاب تفسير الأحلام
ﻭﻭﻋﺪ ﻓﺎﻋﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻀﺮﻩ ﻭﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻜﺮﻭﻩ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺗﺮﻭﻳﻌﺎً ﺃﻭ ﺗﺤﺰﻳﻨﺎً ﺑﺎﻃﻼً ﺃﻭ ﺣﻠﻤﺎً ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭﺍﻟﺨﺪﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻐﻴﺮﺓ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ، ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻔﻼﺕ ﻭﺍﻟﺰﺟﺮ ﻋﻦ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻬﻠﻜﺎﺕ.
ﺇﺫ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻵﻣﺮ ﺑﺎﻟﻔﺤﺸﺎء ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺃﺑﺎﻃﻴﻞ ﺍﻷﺣﻼﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺃﻥ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﻳﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻡ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﺃﻭ ﺷﺮ.
ﻭﺇﻥ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻟﻤﻮﺟﺐ ﻟﻠﻐﺴﻞ ﻣﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﺗﺮﺍءﻯ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺁﻣﺎﻟﻬﺎ ﻭﺗﺨﺎﻭﻳﻔﻬﺎ ﻭﺃﺣﺰﺍﻧﻬﺎ ﻣﻤﺎ ﻻ ﺣﻜﻤﺔ ﻓﻴﻪ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺆﻭﻝ ﺃﻣﺮ ﺭﺍﺋﻴﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻐﺸﻰ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﻨﺎﺋﻢ ﺍﻟﻤﻤﺘﻠﺊ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﺎﻟﻲ ﻣﻨﻪ.
ﻛﺎﻟﺬﻱ ﻳﺼﻴﺒﻪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻘﻈﺔ ﺇﺫ ﻻ ﺩﻻﻟﺔ ﻣﻨﻪ ﻭﻻ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻓﻴﻪ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﻄﺒﻊ ﻓﻴﻪ ﺻﻨﻊ، ﻭﻻ ﻟﻠﻄﻌﺎﻡ ﻓﻴﻪ ﺣﻜﻢ ﻭﻻ ﻟﻠﺸﻴﻄﺎﻥ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻨﻪ ﺧﻠﻖ.
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺫﻟﻚ ﺧﻠﻖ ﺍﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻗﺪ ﺃﺟﺮﻯ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺃﻥ ﻳﺨﻠﻖ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ ﻋﻨﺪ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﻤﻮﻛﻞ ﺑﻬﺎ ﻓﺘﻀﺎﻑ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺇﻥ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺨﻠﻖ ﺃﺑﺎﻃﻴﻞ ﺍﻷﺣﻼﻡ ﻋﻨﺪ ﺣﻀﻮﺭ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﻓﺘﻀﺎﻑ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﻟﻴﻪ.
ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﺫﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻣﻪ ﻣﻔﺘﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺮﺍﺋﻲ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻘﺺ ﺭﺅﻳﺎﻩ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺃﻭ ﻧﺎﺻﺢ ﺃﻭ ﺫﻱ ﺭﺃﻱ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻪ ﻛﻤﺎ ﺭﻭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺒﺮ.
ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﺑﺮ ﻳﺴﺘﺤﺐ ﻟﻪ ﻋﻨﺪ ﺳﻤﺎﻉ ﺍﻟﺮﺅﻳﺎ ﻣﻦ ﺭﺍﺋﻴﻬﺎ ﻭﻋﻨﺪ ﺇﻣﺴﺎﻛﻪ ﻋﻦ ﺗﺄﻭﻳﻠﻬﺎ ﻟﻜﺮﺍﻫﺘﻬﺎ ﻭﻟﻘﺼﻮﺭ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻋﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ “ﺧﻴﺮ ﻟﻚ، ﻭﺷﺮ ﻷﻋﺪﺍﺋﻚ ﺧﻴﺮ ﺗﺆﺗﺎﻩ ﻭﺷﺮ ﺗﺘﻮﻗﺎﻩ.
محمد بن سيرين
ابن سيرين هو أبوبكر محمد بن سيرين البصري. التابعي الكبير والإمام القدير في التفسير، والحديث، والفقه، وتعبير الرؤيا، والمقدم في الزهد والورع وبر الوالدين، توفي 110 هـ بعد الحسن البصري بمائة يوم، وكان عمره نيفاً وثمانين سنة.
سمع عن أبا هريرة وابن عباس وكثيرًا من الصحابة وكان محدثًا فقيهًا إمامًا غزير العلم، علاَّمة في تفسير الأحلام، رأسًا في الورع ذا دعابة، لا يرى الرواية بالمعنى. استكتبه أنس بن مالك بفارس. وروى له أصحاب الكتب الستة وغيرهم وكان عالماً بالحساب، والفرائض، والقضاء، ذا وفرة، يفرق شَعره ويخضب بالحناء، يصوم يوماً ويفطر يوماً. اشتهر ابن سيرين بالورع وكان عالما بارعا بتأويل الرؤى.