إسلام

كيف كانت أحوال مكة دينياً قبل البعثة


السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، اليوم سوف نأتي على ذكرى أحوال مكة الدينية من الداخل، ما هو الواقع الديني في مكة.

تحدثنا عن البيزنطيين والمسيحية، تحدثنا عن الفرس والزرادشتية، تحدثنا عن نصارى العرب ونجران المناذرة والغساسنة.

ولكن ما الذي كان يدور في مكة؟

فإذا ذهب أحدهم ووقف في داخل مكة، ومن حول الكعبة، ما الذي سيره؟ الكعبة موجودة هذه الكعبة التي بناها ابراهيم، ورفع قواعدها ابراهيم واسماعيل عليهما السلام.

وأهل مكة يعرفون ذلك، ويعتبرونه شرف عظيم، لذلكم يرون أنفسهم في النهاية أبناء ابراهيم وجيران الحرم، وهذا الحرم بناه ابراهيم.

وبالتالي علاقتهم مع ابراهيم، علاقة أساسية، لا يمكن أن يتخلصوا منها، ولكن الشيء الغريب أن المفهوم الابراهيمي الحنفي التوحيدي.

قد استبدل بمفاهيم معوجة، ما الذي حدث؟ عبر السنين يقول بعض الاخباريين مثل الكلبي وغيره يقولون:

أنه بعد ما توسعت قبيلة جرم في مكة، سافر بعضهم إلى خارج مكة، فكان يأخذ كل واحد منهم حجراً من مكة.

ويقول: أنا يعني أتبارك فيه، باعتبار أني مسافر، و تحول بعد ذلك إلى وثنية، الله أعلم بذلك، لكن العالم كان فيه الوثنية.

من أين جاء العرب بعبادة الأصنام والآلهة

رأينا آلهة الرومان، وآلهة اليونان، ورأينا آلهة موجودة في كل مكان، من الأوثان وعبادة الكواكب.

وهذا انعكس على البيئة العربية الداخلية في جزيرة العرب، وأعتقد أن العرب جاءوا بمثل هذه الأصنام والأوثان، من محيطهم الخارجي.

أي جاؤوا بها من بلاد الشام، من بلاد فارس وهكذا، واستخدموها استخدام اجتماعياً، مودة بينكم حاولوا أن يكون لكل قبيلة، صنم أو بيت، يحجون إليه أو يعبدونه.

حتى يجمع فيما بينهم، هذه القبائل تريد رمزيات تلتقي عليها، مثلاً لنقل، مكة كان لديها الكعبة، ولكن في داخل الكعبة وضعت هبل.

عبادة صنم هبل

وهبل صنم كان مكسور اليد، بيد واحدة وضع له يد من ذهب، وقدسوه، ونصبوه في داخل الكعبة قريباُ من بئر أمام الكعبة، وكان هذا الإله مهم جداً بالنسبة لأهل مكة، في مسألة القداح.

والقداح هو أن تأتي بمجموعة من العصي، مكتوب عليها افعل ولا تفعل، أو سافر أو لا تسافر، فاذا أراد الرجل أن يفعل شيء، ذهب إلى هبل، وضرب له بالقداح، من قبل سدنة هبل.

ثم يقول له أن هبل يقول لك أن تسافر أو لا تسافر، وبناءً على ذلك يتقرر ما الذي يقوم به، بناءً على رغبة هذا الاله المزعوم، المسمى هبل.

إساف ونائلة

أيضا كان قريباً من الكعبة اساف ونائلة، وهما تمثلان لرجل وامرأة، ويقال أنهما قديماً دخلا الكعبة، وأحدثا أي أنهما ارتكبا الفاحشة داخل الكعبة، فمسخا إلى صنمين.

والغريب أن هذان الصنمان اللذان من المفروض أنهما ارتكبا الخطيئة، عبدتهم قريش فوضعت واحد على الصفا والثاني على المروة، وقيل أنهما وضعا جنب الكعبة، وقدسا من قريش.

عبادة اللات والعزى ومناة

ومن الآلهة التي عبدت في الجزيرة، كانت اللات، وهي خاصة قبيلة بثقيف، القريبة من الطائف، ثم كانت هناك مناة لقبيلة الأوس والخزرج، والعزة، وهي قبيلة مناطق نجد.

إذاً كانت القبائل تعبد آلهة، من أجل طلب اللحمة القبلية الداخلية، والاجتماع والتوحد، على شيء ما رمزي بالنسبة لهم.

ما هو مقدار التدين الفردي، يعني كيف كانت علاقتهم بهذه الآلهة؟

الحقيقة ليست علاقة روحانية عميقة، لأنه كانوا في كثير من الأحيان، كما ورد في الأخبار، أن أحدهم  يكون عنده آلهة، من عجوة، فإذا جاع أكله.

شعائر النبي ابراهيم التي غيرتها قريش

تقديس الآلهة

لم يكن أهل قريش يقدسون فعلياً الآلهة، لكن كان لديها محاولة لإرتباط بالغير، الانسان دائماً يخاف من

المجهول، يخاف من الغيب، يخاف من الموت، يريد شيئا ما.

وهذه الآلة المزعومة، أحياناً تحل بعض الاشكاليات، المتعلقة في الشعور بالغربة في هذه الدنيا، بالخوف والقلق والتوتر، فيلجأون إليها، فلا تزيدهم بعد ذلك إلا ضلالاً.

إذاً هذه الشعيرة الكبرى من شعائر دين ابراهيم، قد تم انتهاكها، وهي شعيرة التوحيد، بأن أشرك أهل قريش وأهل مكة، ومعهم العرب، في عبادة الله عز وجل، بآلهة نصبوها حول الحرم.

لدرجه أنه كان حول الكعبة كما يقال، 360 من الأصنام، لأن كل قبيلة كانت تأتي وتضع

صنم لها داخل الكعبة صنم ممثل لها.

الحُمس في الحج

الشعيرة الثانية المهمة بالنسبة للنبي ابراهيم، كانت الحج، وقد حافظ عليه قريش، فكان لا يزال يقام في الأشهر، التي حدد فيه الحج.

ولكنهم أحدثوا في الحج بدعة، فقد حولته قريش إلى مناسبة للاستعلاء، على بقية قبائل العرب، فابتدعوا الحُمس أي المتحمسون لدينهم.

وبما أنهم من أهل الحرم، فلديهم مكانة أعلى منزلة من الحجيج، فالحاج القادم من الخارج، ينبغي أن يكون له رجل من الحُمس، ليأويه ويعطيه الملابس ويستقبله.

وإذا لم يكن لديه أحد، يرمي ملابسه خارج الحرم، ويطوف في البيت عريانا،ً لذلك كان طعام الحُمس مقدم مع لباسه.

فهي عملية اقتصادية، وهي توظيف لقدر من الانتهازية والجشاعة من قريش، وقالوا أيضاً، أن العرب يقفون في عرفة.

أما الحُمس لا يخرجون إلى عرفة، بل يقفون عند المزدلفة، فهم لا يخرجون للخارج، وهذه البدع التي انتهكوا فيها العشيرة الثانية في مكة.

الأشهر الحرم وتقديمها وتأخيرها

هناك شيء مهم من أيام ابراهيم، هي الأشهر الحرم، وهي أربعة أشهر، ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب.

هذه الأشهر، أقرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم فلا تظلموا فيهن أنفسكم).

وهذه الأشهر مفيدة لأهل قريش، فبها يأتي الحجيج، آمنين في الصحراء، فهي ذات وظيفة مهمة لقريش وللعرب جميعاً.

لذلك تآلفت قبائل العرب لاحترامها، من أجل التجارة والحج وغيرها، ولكن مع تضارب مصالحهم، قدموا بدعة جديدة.

فجاءوا بالنسيء، أي الكهنة، فكانوا يقدمون ويؤخرون في الشهور، كما يريدون، كأن يأجلوا الشهر للعام القادم ومثل ذلك.

السيطرة على منطقة الحرم

والأمر الرابع من تراث ابراهيم، هو الحرم، منطقة مكة، لأن مكة ليست الكعبة حرم لوحدها، بل هو كبير وواسع.

ولذلك هذه المنطقة، حافظت عليها قريش، لأنه يحميها من هجمات القبائل، وعندما كانت الهجمات تحدث في الأشهر الحرم، كانت تسمى بحروب الفجار.

وحروب الفجار كثيرة 580 و590 للميلاد، وكان النبي الكريم لا يزال شاباً، وحدثت بين قبائل قيس عيلان، وقبائل كنانة.

وسببها التجارة والبضاعة والتفاخر، وموسم عكاظ، بمعنى أن انتهاكها يعد جريمة، لذلك قوة مكة واستثنائية قريش، في قبائل العرب.

هي في المكان المحرم، وفي الزمان في الأشهر الحرم، والمكانة بمسألة الحُمس، وفي أنهم سدنة البيت، وهم ورثة ابراهيم عليه السلام.

سيطرة قريش على مكة والحرم دينياً / أحوال مكة 

قريش من حيث المبدأ، تعرف أن هناك إله واحد، هو رب العالمين، خالق السماوات والأرض، ولكنها صنعت من الأصنام والأوثان والشعائر، مجموعة من النظم، التي تخدمها.

فقد وظفت هذه الديانات والبدائل، لخدمتها اقتصاديا واجتماعياً وسياسياً، فكانت قريش لا تختلف عن البيزنطيين، في توظيفهم للمسيحية، بموضوع التبعية.

ولا عن الفرس في توظيفهم للمجوسية، ولا يفترقون عن العالم، الذي كان قد انحرف تماماً عن الفكرة الأساسية.

أن الدين لله، وهو ليس مطواعاً بيد الملأ أو السادة، أو أصحاب السلطة والمال، ومن هنا كان لا يمكن أن يستمر حال العالم هكذا.

رسالة النبي ابراهيم عليه السلام

إن رسالة النبي ابراهيم عليه السلام عندما خرج من قومه، الذين حاربوه، انطلق في دينه، ولكنه انطلق مهاجراً.

وللناس كافة، وليس لبني قومه، الذين بُعث إليهم، والفرع الاسماعيلي، الذي زرع قرب الكعبة، في الصحراء البعيدة.

سينتظر قروناً من الزمن، لكي يتحول مرة ثانية إلى عالمية جديدة، يطلقها نبي من نسل اسماعيل وابراهيم، هو محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام.

 أحوال مكة – وضاح خنفر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى