نتكلم اليوم عن الأغالبة ، فمن هم؟ إنهم السلالة التي جاءت من إبراهيم بن الأغلب.
وإبراهيم بن الأغلب كان أحد القادة الموجودين في تونس في القرن الثاني الهجري 180 هجرية، وكان يحكم في ذلك الوقت الدولة العباسية التي قامت عام 132 هجرية.
كيف نشأت دولة الأغالبة
بعد خمسين سنة من قيام الدولة العباسية كانت هناك فتن وثورات متكررة في بلاد العالم الإسلامي، حيث انفصلت المغرب والأندلس.
وانفصل غرب الجزائر وانفصل وسط الجزائر وانفصلت عمان وأجزاء من اليمن وانفصلت أجزاء من الشرق، فكل فترة يحدث انفصال.
وحالياً حدثت فتنة في القيروان في سنة 180 هجرية كان يحكم المسلمين حينها هارون الرشيد الخليفة العباسي، وكان رجلا صالحاً كان يحج عاماً ويجاهد عاماً وله أيادي بيضاء كثيرة.
لكن في ذلك الزمن لم تكن الدولة تملك القدرة الكبيرة للسيطرة على كل بلاد العالم الإسلامي، فتكررت الفتن واستقلت دول.
تونس كانت على أبواب الاستقلال عن الدولة العباسية. حيث حدثت فتنة وثورة وظهر إبراهيم بن الأغلب.
وحدث نوع من الدعم للجيش العباسي له ولعائلته فاستطاع هارون الرشيد أن يعيد الأمور مرة أخرى للدولة العباسية لكن على شفا حفرة، واعتمد على إبراهيم بن الأغلب في هذا الأمر.
ظهور إبراهيم بن الأغلب
وكان إبراهيم بن الأغلب يوصف بالعلم والتقوى والورع، لم يكن رجلاً شريراً بل من الصالحين، لكن كان لديه طموحاته الخاصة.
بأن يكون له سيطرة على البلد دون أن يكون تابعاً لغيره، يريد أن يؤسس ملكاً خاصاً به.
تونس والمغرب والجزائر وليبيا كل تلك المنطقة كانت تسمى أفريقية، ولو خصصت أكثر يمكن أن تقول تونس هي أفريقية، ولكن كان يطلق الاسم على كل شمال أفريقيا عدا مصر.
هذه المنطقة كانت تعتمد على الإعانات المقدمة من الدولة الأموية ومن ثم العباسية.
فكانت الدولة العباسية في زمن هارون الرشيد ترسل لها مائة ألف دينار سنوياً إعانة من خزينة الدولة لهذه المناطق.
وكانوا يأخذون مائة ألف أخرى من مصر، حيث كانت مصر تنفق على شمال أفريقيا وكان خراجها ضخماً وذلك منذ أيام عمر بن الخطاب.
وذلك حين فكّت مصر مجاعة عام الرمادة، وكان إنتاج القمح كثير وفيها زراعة، فالإنتاج الذي يخرج منها كان يُصرف على عدد كبير من الولايات الإسلامية.
ومن ضمن هذه الولايات شمال أفريقيا كلها من أول ليبيا حتى المغرب، يأخذون مائة ألف سنوياً من مصر ومصر تابعة للخلافة العباسية في ذلك الوقت.
كيف حكم الأغالبة تونس
إبراهيم بن الأغلب قدم عرضاً لهارون الرشيد بأن لا يأخذ المائة ألف، بل سيعطيه أربعين ألفاً من ميزانية تونس للدولة العباسية.
وكان ذلك نظير إعطائه ولاية شمال أفريقيا له ولأبنائه من بعده أي تكون بالوراثة لسلالة الأغالبة وليس للعباسيين.
استشار هارون الرشيد أصحابه فأمْلوا عليه بقبول الطرح، فقبل عام 184 للهجرة وبذلك تأسست دولة الأغالبة .
وهنا أقول أن هذا القبول قبول غير جيد، ولم يكن من المفروض أن يقبل لكن يبدو أنه قبل عن ضعف.
لأنه كان لديه القدرة العسكرية أن يمنع إبراهيم بن الأغلب من الاستقلال بالدولة، وخاصة أن هناك تجارب سابقة مثل الأدارسة في المغرب والدولة الصفرية في جنوب الجزائر والإباضية في عمان.
هناك تجارب سابقة أن هذا يمكن أن يحدث ولكنه قرر أن يكون بينهم رابط أفضل من أن يكونون بعيدين عنهم.
فالأدارسة عندما استقلوا بالمغرب لم يعد هناك لهم أي علاقة بالدولة العباسية، والدولة الأموية عندما استقلت بالأندلس لم يكن لها أي علاقة بالدولة العباسية.
إنما إبراهيم بن الأغلب بهذا الطلب سيدعوا للخليفة العباسي على المنابر في خطبة الجمعة وسيعطيه من خراج الدولة، وفي الشكل الخارجي هو يدين بالولاء للدولة العباسية.
لكن هذا برأيي ولاء ظاهري، وتعتبر تونس والجزائر وليبيا في ذلك الوقت استقلوا استقلالاً كاملاً عن الدولة العباسية.
الاستقلال التام
أن يعطوا المال للدولة العباسية كل سنة ولكن ليس للدولة العباسية كلمة لا من قريب ولا من بعيد على هذه البلاد، وهذا ما سيؤثر على قصتنا بعد ذلك.
فعندما يحتاجون للدعم بعد ذلك لن يأتي ولن يذكر إسم الدولة العباسية إطلاقاً، فقد أصبح الأغالبة في مواجهة الأعداء الأمة في هذا الجانب من الدولة.
إبراهيم بن الأغلب حكم من سنة 184 هجرية إلى سنة 196 هجرية، وبعده أتى ابنه عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب وحكم من سنة 196 إلى 201 خمسة سنوات.
وبعده ابنه الثاني زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب يتولى الحكم من 201 إلى 223 هجرية اثنان وعشرون سنة.
هذا الأخير زيادة الله ابن إبراهيم بن الأغلب هو الذي فتحت في عهده صقلية.
فتح صقلية
إذن صقلية فتحت في زمن الأغالبة وهم كانوا ظاهرياً يتبعون الخلافة العباسية، لكنهم مستقلون عنها وليس لهم رباط سوى الدعاء للخليفة العباسي على المنابر في يوم الجمعة.
لا يوجد أي نوع من التواصل، حتى هذا المبلغ المادي الذي كان يُدفع انقطع بعد فترة وانتهى الأمر.
والدولة العباسية لم يعد لديها القدرة على طلب هذه الأموال بعد هارون الرشيد حين أتى الأمين والمأمون والمعتصم، وبعدها ضعفت الدولة العباسية ولم يكن لديها القدرة .
وبعد ظهور الأغالبة في تونس ظهرت في مصر الدولة الطولونية ثم الإخشيدية وبدأت الدولة العباسية تتفكك بقوة.
زيادة الله بن إبراهيم هو الذي تم في عهده فتح صقلية وهو رجل خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً.
عسى أن يغفر الله له فهو رجل له محاسن وله بعض المواقف الطيبة، وله كذلك مساوئ لا تستقيم أن تكون في حاكم مسلم.