إسلامقصص وحكايات

سقوط الأندلس القصة الحقيقية المخفية


 القصة الحقيقية المحذوفة من التاريخ والمخفية عن العرب

هذه قصة سقوط الأندلس . إنه تاريخ طويل وعصر من الذهب الخالص والحسرة. كتبت صفحاتها الأولى بالكثير من البطولات والتقدم العلمي والإزدهار، إنما نقشت السطور الأخيرة بالخيانات. كان تاريخاً يروي شرفاً عظيماً وعلواً كبيراً وذكرى رسمت بالدموع والحسرات.

كيف وصل بنا الحال إلى هنا؟ كيف لعصر امتد لثمانمائة عام، حول العرب المسلمون شبه الجزيرة الإيبيرية إلى جنة نضرة؟

كيف له أن ينهار ببساطة؟ أو كيف لمدينة كان العلم منتشراً بها كانتشار النور الذي يجلي الظلام أن تفقد قوتها؟

ما هي الأخطاء والكبوات التي وقع بها أسلافنا؟ وما هو السبب الحقيقي لانهيار الدولة؟

هذه القصة الحقيقية الكاملة لسقوط الأندلس

بدأت القصة منذ بداية الفتوحات الإسلامية، التى أطلقتها الدولة الأموية من شبه الجزيرة العربية، وحتى شمال أفريقيا، وصولاً إلى المغرب الاقصى، المواجه لشبه الجزيرة الإيبيرية. سقوط الأندلس

تتابعت الانتصارات والفتوحات. ومن أهمها في هذا الموضوع، معركة وادي لكة الواقع في قادس ضمن الأراضي الإسبانية اليوم.

الفتح الإسلامي في الأندلس

ففي 28 من رمضان الموافق 19 يوليو لعام 711 م، وقعت معركة وادي لكة بين قوات الدولة الأموية بقيادة القائد طارق بن زياد.

وجيش القوط الغربيين بقيادة الملك رودريك. انتصر الأمويون في تلك المعركة انتصاراً ساحقاً، أدى لسقوط دولة القوط الغربيين.

وسقطت معها معظم أراضي شبه الجزيرة الإيبيرية تحت سيطرة الأمويين. فامتد الفتح الإسلامي في باقي الأراضي شمالاً، إلى أن اصطدم المسلمون بمعركة بلاط الشهداء عام 114 هـ الموافق 732 م.

التي كانت بين قوات المسلمين تحت لواء الدولة الأموية، بقيادة والي الأندلس عبد الرحمن الغافقي، وبين قوات الفرنجة والبورغنديين بقيادة شارل مارتل.

انتهت بانتصار قوات الفرنجة وانسحاب جيش المسلمين، بعد مقتل قائده عبد الرحمن الغافقي. بعد الهزيمة في هذه المعركة، توقف المد الإسلامي. سقوط الأندلس

ويقول المؤرخون، لو أن المسلمون انتصروا فيها لكانت معظم دول أوروبا، بما فيهم فرنسا وألمانيا أصبحت دولاً إسلامية. إلا أنهم توقفوا عند حدود الأندلس؛ وبدأوا فيها حضارة عظيمة ما زلنا نكتشف آثارها الإيجابية وحسرة سقوطها إلى هذا اليوم.

عصر الإزدهار وانتشار العلوم في الأندلس

انتشر اﻹﺳﻼم في الأندلس ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻃﺎرق ﺑﻦ زﻳﺎد وﻣﻮﺳﻰ ﺑﻦ ﻧصير، وﺑﻘﻲ اﻹﺳﻼم ﻓيها ثمانية

ﻗﺮون ﻣﺘﻮاﻟﻴﺔ. قامت فيها الدولة في البداية على أسس العدالة والنهج السوي.

وانتشر بها العلم والتعليم  وعرفت أولى الجامعات العالمية التي ضمت طلاباً من مختلف أنحاء العالم.

كان على من يرغب في الحصول على علم فائض ومعرفة كبيرة، أن يتعلم اللغة العربية  لكي يستطيع الدراسة بها. فقد كانت الأندلس فردوساً للناظرين، وأرضاً خصبة جمعت الجمال والعلم والثقافة والاقتصاد والرفاهية الاجتماعية والعدل والمساواة.

بداية حكم ملوك الطوائف في الأندلس

دامت في تقدم ونمو بدون أي مشاكل أو اختلالات على مدار 330 عاماً، إلى أن بدأ عهد الطوائف. الذي كان بداية عهد الاضطرابات والفتن، ومن ثم الانحدار والإنكماش، إلى أن سقطت الأندلس تماماً بعد سقوط غرناطة، آخر معقل للمسلمين عام 897 هـ الموافق لأواخر عام 1491 م.

فما هي الأسباب تلك الأعوام المديدة التي أدت في النهاية إلى سقوط الأندلس، بعد حكم إسلامي دام فيها ثمانمائة عام؟

ما هي الأسباب التي يجب علينا دراستها جيداً لنعلم كيف تنقلب القوة إلى ضعف والعزة إلى ذل كي نتجنبها ونستفيد من أخطاء أسلافنا بما ينفع حاضرنا ويقوم ضعفنا؟

مع بداية عهد الطوائف في الأندلس، حل على المسلمين حالة من الرخاء، أدت بهم الى الابتعاد، وبشكل تدريجي عن منهجم، والأسس التي قامت عليها قوتهم. سقوط الأندلس

أضف الى ذلك الانقسام والتفرق الذي امتد إليهم بالدسائس، التي أوقعها بهم ملوك أوروبا عن طريق دعم حزب على حزب، ونفخ السموم بين ملوك الطوائف، الذين انغمسوا بالشهوات ومالوا مع المائلات.

يقول خوسيه أنطونيو كونديه وهو مؤرخ وكاتب إسباني: سقط العرب عندما نسوا فضائلهم التي جاؤوا بها، وأصبحوا على قلب متقلب يميل إلى الخفة والمرح والاسترسال في الشهوات.

فرط عقد دولة الأندلس

إن الأندلسيين في أواخر أيامهم، ألقوا بأنفسهم في أحضان النعيم، وناموا في الظل الظليل، وتقلبوا في الغنى الواسع والمجون. وتركوا فضائل أسلافهم البواسل في الكر والفر، والحرب والاستعداد.

عندما دخل المسلمون الأندلس كان نشيدهم التوحيد، وقائدهم طارق الذي نشر الإسلام فيها، بعد ثلاث سنوات فقط.

فاستمر حكم المسلمين فيها، وقوي بفضل الله وبهمة القائد المحنك عبد الرحمن الداخل، الذي قال عندما قدم إليه الخمر أريد شراباً يزيد في عقلي لا ينقصه.

وبعدما ذهب الفاتحون والقادة المؤيدون، أصبحت الأندلس يوماً بعد يوم تغرق في لعبة قذرة، رسمها ملوك أوروبا لتدمير المسلمين من الداخل، عن طريق اللهو والأغاني والمجون والخلاعة.

ومن ثم التفرقة والتبعية وحمية الجاهلية. وأخيراً إلى الرضوخ والولاء من ملوك المسلمين إلى ملوك الصليبين

إلى أن أعلن أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور إلغاء الخلافة عام 422هـ. فتحولت الأندلس من

دولة واحدة متماسكة إلى دول وطوائف بلغت 27 طائفة متقسمة متناحرة فيما بينها وسرعان

ما تحول هذا الخلاف إلى نزاع بين ملوك الطوائف المقسمين سقوط الأندلس

نزاعات دول الطوائف وسقوطها بيد الصليبيين

كان عهد دول الطوائف من أكثر عهود التاريخ الأندلسي تعقيداً وتشابكاً واضطراباً. ففيه انفرط   

عقد البلاد، وانقض القوي على الضعيف، ولجأ الضعيف إلى التحالف مع الصليبيين.

وكانت الممالك المسيحية في الشمال تتزايد قوتها، فقامت ممالك صليبية على إثر ضعف المسلمين، مثل مملكة قشتالة ومملكة أراغون ومملكة ليون والباسك.

وما عمق في جروح الأندلسيين، الحروب بين دولة بني ذي النون في طليطلة مع ملك سرقسطة بن هود. لجأ الطرفان فيها بلا خجل يطلبان مساعدة ملوك إسبانيا الصليبيين على بعضهم.

وكان الصليبيون يساعدون المسلمين بكل سرور، مقابل الحصول على مال أو قلاع أو أراضي أو حتى مدن كاملة .

استمر النزاع بين طليطلة وسرقسطة من سنة 1043 م إلى سنة 1046 م.

وفي ذلك الوقت كانت ممالك الصليبين تتوحد فيما بينها، وملوك الطوائف يتقاتلون. فتوحدت مملكتي قشتالة وليون تحت صولجان الملك ألفونسو السادس، الذي قام بالاستيلاء على طليطلة بالكامل عام 477 هـ الموافق 1085 م.

الاستعانة بدولة المرابطين

نتيجة التمزق السياسي وتفرق كلمة المسلمين في الأندلس، وانقضاض الفرنجة على البلاد ونهشها القلعة تلو القلعة. التمس الأندلسيون المساعدة من دولة المرابطين، والجيش الذي لا يقهر بالمغرب الأقصى.

خصوصاً بعد أن أمعن ألفونسو السادس في إذلال ملوك الطوائف المجاورين لبلاده.

وفي تطاوله على الإسلام ، إلا أن ملوك الطوائف أصابهم الخوف من القوة الجديدة الآتية من الجنوب. والتي قد تزيحهم عن عروشهم.

ولكنهم لا يدركون أن المرابطين جيش خرج لله لا للمال، فأرسلوا وفداً إلى المغرب لمقابلة أمير المرابطين يوسف بن تاشفين، وطلبوا منه العبور إلى الأندلس لمساعدة الأندلسيين.

فعندما علم يوسف أسد المرابطين ما جرى للمسلمين، قام بتحضير جيش المرابطين. الذي جعلت الشمس من جلودهم دروعاً، وبنى الإسلام والمنهج السليم في قلوبهم حصوناً لا يمكن لأحد أن يخترقها أبداً.

فأعلن يوسف النفير بالمسلمين لمساعدة إخوانهم في الأندلس. فجاءهم المدد الكبير من مراكش ومن الصحراء والزاب، ومن مختلف نواحي المغرب. كان جيشاً بأجساد بشر وبقلوب الأسود.

دخول المرابطين الأندلس

سار الجيش إلى الأندلس في 15 ربيع الأول 479 هـ الموافق 30 حزيران 1086 م، ووجه خلالها رسائل إلى ملوك الطوائف يستنفرهم للقتال.

فكان أول من لبى الدعوة صاحب غرناطة عبد الله بن بلكين الصنهاجي، وأخاه تميم صاحب ملقة. وأرسل ابن صمادح ملك أميرية ابنه المعز. وتوافد أيضاً أصحاب الثغر الأعلى وابن ذي النون وبنو عزون.

وسار هذا الجيش العرمرم، حتى حط رحاله عند سهل الزلاقة، الذي يبعد عن بطليوس ثمانية أميال.

في تلك الأثناء كان الملك ألفونسو مشغولاً بمحاصرة سرقسطة، وعندما سمع بقدوم المرابطين أسود الصحراء، قام فوراً برفع الحصار، وعاد إلى طليطلة.

واستدعى الجنود والفرسان من الممالك المسيحية المجاورة، فجاؤوه من إيطاليا وفرنسا ومن مختلف أنحاء أوروبا. ففاقوا جيش المسلمين عدداً والتحم الجيشان الصليبي والإسلامي في معركة الزلاقة يوم 12 رجب 479هـ الموافق 23 تشرين الأوَّل 1086م.

فانتصر فيها المسلمون نصراً كبيراً، قورن بنصر القادسية واليرموك. ولقب يوسف بن تاشفين بأمير المسلمين، فكان المرابطون الجيش الذي لا يهزم.

رفض أمير المؤمنين يوسف رحمه الله الجلوس في الأندلس، لأنهم قوم لا تناسب جلودهم الحرير. وقبل رجوعه إلى المغرب، قام بجمع ملوك الطوائف، ونصحهم بالاتفاق والإلتفاف، وأن تكون كلمتهم واحدة.

غدر ملوك الطوائف

وما إن رجع إلى المغرب، حتى تدهورت الأوضاع مجدداً في الأندلس. وعادت الخلافات بين ملوك الطوائف إلى سابق عهدها.

وأخذ ألفونسو السادس يفيق من هول الصدمة، ويسترد قوته. وعمل على مواصلة عدوانه على الأراضي الأندلسية، وضغطه على ملوك الطوائف والثأر لما ناله من المرابطين.

فاضطر يوسف بن تاشفين إلى أن يعود ثانية إلى الأندلس مجاهداً، في ربيع الأول سنة 481 هـ الموافق عام 1088 م.

ودعا ملوك الطوائف للوقوف والقتال معه، فلم يستجب له سوى المعتمد بن عباد وتميم وعبد الله بن بلقين، صاحبا مالقة وغرناطة وبعض الأمراء الآخرين.

إلا أن ملوك الطوائف عمدوا هذه المرة للغدر بابن تاشفين، فقطعوا الإمدادات عن معسكراته، وأبرموا معاهدات سرية مع ألفونسو السادس، وزودوه بالأموال والهدايا كي يكون نصيرهم ضد تدخل المرابطين.

فطالب أهالي الأندلس بإجماع الفقهاء وعلماء الدين، بعزل ملوك الطوائف وتوحيد الأندلس مع المغرب. فجاءته فتاوى علماء المشرق تؤيد هذا الرأي. سقوط الأندلس

وبناء على هذا، عبر المرابطون إلى الأندلس وهاجموا طليطلة. و قطعوا الطريق على ألفونسو السادس وجيوشه، كي لا يمد ملوك الطوائف بالمساعدة.

ثم شرعوا يضمون المدينة تلو المدينة، والحصن تلو الحصن. وما كاد يوسف بن تاشفين ينتهي من تحقيق انتصاراته، حتى تهيأ للنضال في شرق الأندلس، التي بدت وكأنها على وشك السقوط في أيدي الممالك المسيحية المجاورة.

فسيَر ابنه محمد بن عائشة على رأس جيش كبير إلى مرسية، فخلع صاحبها وضمها، ثم دخل وبرة ودانية وشطبة، ثم ضُمت بلنسية وتلتها بطليوس.

وتوحدت الأندلس وتحولت إلى ولاية تابعة للدولة المرابطية، ولم يبق خارج نطاق هذه الوحدة سوى إمارة سرقسطة وذلك بسبب موقعها الحدودي الخاص.

وفاة يوسف بن تاشفين

توفي يوسف بن تاشفين في 1 محرم 500 هـ الموافق 1106 م وخلفه ابنه علي. الذي تابع سياسة أبيه في حروب الصليبيين. فأرسل حملة عسكرية لغزو أراضي قشتالة، ففتحت مدينة أقليش وعاد إليها طابعها الإسلامي، وقضت على الجيش القشتالي. فاستطاع القائد علي بن يوسف إرجاع أراضي الأندلس، ورد إليها الإسلام.

وحقق انتصارات كبيرة على الممالك الصليبية المجاورة. كما ضم عدداً من مدن البرتغال للدولة المرابطية الإسلامية في سنة 503 هـ، وسيطر بعدها المرابطون على  سرقسطة بالكامل.

قيام دولة الموحدين في المغرب

كانت الدولة المرابطية قلعة الإسلام المنيعة ضد الصليبيين، إلى أن سقطت مراكش العاصمة المرابطية بيد عبد المؤمن بن علي زعيم الحركة الموحدية في 18 شوال 541 هـ الموافق 24 آذار 1147 م.

وقتل آخر أمراء المرابطين إبراهيم بن تاشفين، وجلس الموحدون على عرش المرابطين، وآلت إليهم أملاكهم بما فيها الأندلس التي بدأت تضعف بعد زوال الدولة المرابطية.

ففقد المسلمون في بداية العهد الموحدي جميع قواعدهم في الثغر الأعلى، على الرغم من أن الموحدين جاهدوا الصليبين في كامل أنحاء الأندلس؛ إلا أن الخيانات كانت خنجراً في ظهورهم.

بعد وفاة أبي يعقوب يوسف تولى ولده أبا يوسف يعقوب المنصور شؤون الخلافة الموحدية. فأبرم صلحاً مع ألفونسو الثامن ليتفرغ لقتال مملكة البرتغال، انتقاماً لهزيمة والده ومقتله على يد البرتغاليين.

وبعد أن استرد بعض الحصون عاد إلى المغرب فانتهز ألفونسو الثامن هذه الفرصة ونقض المعاهدة وهاجم أراضي الأندلس. حتى بلغ جنوبها ودمرت قواته في طريقها كل شيء بدون هوادة أو رحمة.

وما إن علم الخليفة الموحدي بما جرى في الأندلس، حتى عبر إليها على رأس جيش كبير بلغ تعداده أكثر من مائة ألف مقاتل. والتحم مع القشتاليين في رحى معركة طاحنة.

وهزمهم هزيمة قاسية وكبدهم نحو ثلاثين ألف قتيل، وقضى على قوتهم المدنية وأدخلهم في كبوة عسكرية دامت عدة سنوات.

توحيد الممالك الصليبية ضد المسلمين

عملت الممالك النصرانية بعد أن أدركت مدى حرج وضعها، إثر هزيمتها في معركة الأرض على التحالف ونبذ الخلافات والتصدي للخطر الإسلامي. واتفق الجميع على غزو الأندلس والتعاون على قتال المسلمين.

توحيد الممالك الصليبية ضد المسلمين
توحيد الممالك الصليبية ضد المسلمين

بارك البابا إنوسنت الثالث هذه الخطوة، وأيد قيام حملة صليبية في إيبيريا، مناشداً الملوك والأمراء المسيحيين للمساعدة. فتوافد المتطوعون وفرسان الجمعيات الدينية من كافة أنحاء المدن الإسبانية والفرنسية، بقيادة رجال الدين، وقد تقلدوا شارة الصليب.

واحتشد أكثر من مائتي ألف مقاتل من الفرسان والمشاة. والتقى الجمعان يوم الإثنين 15 صفر 609 هـ الموافق 17 يوليو 1212 م. ودارت بينهما معركة ضارية، انهزم فيها المسلمون وانسحبوا عائدين إلى إشبيلية.

قضت تلك الهزيمة نهائياً على سمعة الموحدين العسكرية في شبه الجزيرة الإيبيرية. وتحطم الدرع الذي كانت تشكله الجيوش الموحدية، القادمة من وراء البحر لحماية المسلمين في الأندلس.

بدء إنهيار الدولة وانتصار الصليبيين

ومع وفاة محمد الناصر أخذت دولة الموحدين تنهار في المغرب، تبعتها الأندلس. فقد جاء بعده خلفاء ضعاف لم يكونوا على مستوى الأحداث الخطيرة آنذاك.

توزع الحكم في الأندلس بعد وفاة محمد الناصر بين ثلاثة من أخوته. أولهم عبد الله في بالنسية ودانية وشطبة ومرسية. وأبو الحسن في غرناطة، وأبو العلاء إدريس في قرطبة.

وسرعان ما دبت الخلافات بين هؤلاء، وطمع كل منهم بأراضي الآخر، فاشتعلت الحرب بينهم. وتحالف الأمير عبد الله مع فرناندو الثالث ملك قشتالة، وغرقت الأندلس في الحروب الأهلية من جهة والهجمات الصليبية من جهة ثانية.

وتقطعت أوصالها إلى إمارات متناحرة بين ملوك المسلمين. وسيطر فيها أمير غرناطة محمد بن الأحمر على الأجزاء الجنوبية من الأندلس.

وفي الوقت الذي اندلعت فيه الثورات في ربوع الأندلس، كانت الممالك الصليبية تسير بخطى ثابتة، وتتطلع بأمل إلى انتزاع كافة المدن الأندلسية من أيدي المسلمين. مستغلة انهيار جبهتهم الدفاعية، وتراجع قوتهم العسكرية.

فبدأ ألفونسو التاسع بالهجوم على الأندلس، وفتح الطريق لباقي المدن الأندلسية. وفي أواخر ربيع الآخر سنة 633 هـ، سار جيش صليبي ضخم وضرب الحصار على قرطبة. فنضبت أقواتها  واضطر سكانها للتفاوض معهم بشأن التسليم.

دخول الصليبيين

فدخل الصليبيون المدينة في 22 شوال 633 هـ، وأعقب سقوطها خضوع معظم البلدات والحصون التابعة لها. بعد أن حكمها المسلمون مدة 525 سنة. وخلال الفترة الممتدة بين عامي 614 هـ و 648 هـ.

كانت جميع مدن وثغور غربي الأندلس، قد سقطت كلها في أيدي البرتغاليين. وبذلك تم القضاء نهائياً على سلطان المسلمين في الأراضي البرتغالية.

مملكة غرناطة الحصن الأخير
مملكة غرناطة الحصن الأخير

لم يبقَ في أيدي المسلمين في إيبيريا سوى مملكة غرناطة، الواقعة في جنوب شبه الجزيرة الإيبيرية. وقد صمدت هذه المملكة مدة قرنين ونصف، على الرغم من صغر حجمها الجغرافي وقلة عدد سكانها. وحافظت على ما بقي للمسلمين من سلطان سياسي وتراث حضاري.

ويرجع صمودها إلى عدة أسباب. أهمها بعدها عن الممالك الصليبية، وقربها من المغرب. مما سهل عليها طلب العون والمدد العسكري عند الحاجة. والسبب الثاني للصمود، تدريب أهلها على القتال وحمل السلاح والاستعداد الدائم لملاقاة العدو، والتزام سكانها بالقتال.

 

لكن حشد الصليبيين الكبير أدى الى هزيمة قاسية في معركة طريف، وكانت تلك الهزيمة نذيراً باقتراب نهاية الصراع على مصير الأندلس.

وعلى مدار خمس وعشرون عاماً توالت الهزائم على المسلمين، فخسروا معظم أراضيهم في غرناطة. وفي 12 صفر 897هـ الموافق 15 كانون الأول 1491 م، وقع الوزير أبا القاسم بن عبد الملك، بالنيابة عن الملك أبا عبد الله محمد بن علي، معاهدة مع الملك فرناندو الخامس؛ سلم بموجبها غرناطة وكافَة أعمالها إلى القشتاليين.

ودخلوها يوم الإثنين في 1 ربيع الأول 897هـ الموافق 2 كانون الثاني 1492م. وبسقوط غرناطة سقطت الأندلس نهائياً، وأسدل الستار على تاريخ المسلمين فيها.

الدرس الذي تعلمه الغرب ولم يتعلمه المسلمون

إن الغرب الصليبي تعلم من أخطائه الطويلة، أن سبب ضعفه هو الإنقسام الكبير والتناحر الطويل. فعمد على توحيد صفوفه ضد المسلمين، الذين أضاعوا الأندلس بسبب الانحراف والبعد عن شرع الله، وعن المنهج الإسلامي الذي وضعه وسماه. وانغماسهم في اللهو والشهوات، واستضافة الغانيات القانيات الموبقات. وبناءهم القصور بدلاً من بناء الحصون.

وبدلاً من تقويم الضعف والانقسام توجهوا إلى القتال في ما بينهم والاحتدام. وفي طلب للسلطة والنفوذ تحالفوا مع الصليبيين والمجوس. الذين أمدوهم بالسلاح والعتاد، من أجل الإعماق في جروحهم وإشعال الفتنة عليهم.

وفي الوقت الذي كان يجب على العلماء الدعوة للإصلاح، ووقف الهرج والنباح، انشغلوا في شرح القشور وتركوا الفتنة تمور وتجور. ونافقوا أمراء الطوائف لكسب ودهم، وأيدوهم بالفتاوى على بعضهم.

فكانت سنة الله الواحدة، فتوحد الجيش الصليبي وأطاح بحكم المسلمين في الأندلس.

إن الغرب يعلم تماماً هذه الحقيقة، وهي أن العرب توحدت كلمتهم وقويت شوكتهم بالإسلام. وما إن تركوا نهجه حتى عادوا كما كانوا، مفرقين مشتتين. سقوط الأندلس

ولكن الغرب يخفي هذه الحقيقة، في الوقت الذي أصبح فيه أغلب العرب المسلمين متناحرين مخدرين بالقومية والتبعية، ومشتتي الفكر ببرامج الترفيه ومسابقات الغناء والمواهب. يتنازعون فيما بينهم بسبب كرة جلدية منفوخة بالهواء.

فما نهاية هذا الأمر. لعل الأندلس تكون عبرة أو شرارة توقظ قلوبنا التي توقفت. أو توقظ عقولنا التي نامت منذ زمن طويل.

 يوتيوب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى