سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.
حين تستهل السورة بكلمة سبحان. وسبحان علم على التنزيه، سبحان يعني تنزيه لله، وتعني أن ترفعه عن الحق سبحانه وتعالى أن يكون له مثيل في البشر.
لا ذات مثل ذاته ولا صفات مثل صفاته ولا فعل مثل فعله.
إذن، سبحان معناها تنزيه مطلق لله عن أن يكون له شبيه في ما خلق، لا في لا ذات ولا في الصفات ولا في الفعال.
فإذا قال لك: الله موجود وأنت موجود. قل: ولكن وجود الله غير وجودي، لأن وجودي عن عدم وليس ذاتياً فيّ، ووجوده لا عن عدم وهو ذاتي فيه. فذاته ليست مثل الذوات.
كمثل وصفه له سمع ولك سمع، ولكن نزّه سمع الله عن سمعك، لأنك تسمع بأذن وبوسائل، وهو لا يسمع كذلك.
ونزّهه أيضاً في الفعل. فإذا قال: الله فعل ذلك، فلا تأخذه بمقاييس فعلك، ولكن خذه بمقاييس أنه منزّه أن يشبه فعله فعلك.
كلمة سبحان تدل على أن ما يأتي بعدها أمر خارج عن نطاق قدرات البشر، فإذا ما سمعته إياك أن تقول وكيف يحدث هذا؟
قول سبحان في الإسراء
قل: نزّه الله في فعله أن يكون كفعلك. فإذا قال: أنه أسرى الله بمحمد من مكة إلى بيت المقدس في ليلة، مع إنهم يضربون إليها أكباد الإبل شهراً، إياك أن تقول كيف حدث هذا؟
( سبحان من أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير )
لماذا؟ لأن فعل الله ليس كفعلك، والله لم يقل سرى محمد من مكة إلى بيت المقدس، وإنما أسرى الله به من مكة فالفعل ليس لمحمد ولكنه لله. وما دام لله فإياك أن تحّكم الزمن.
في خلق الزوجين
وإذا ما مثّل لنا لك كلمة سبحان ، فيقول ( سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون )
الأزواج هم الزوجين اللذين سيأتي منهما التكاثر، والتكاثر يأتي بالزوجية، في أنفسكم فتتزوجون لتنجبوا أولاداً وفي النبات بتلقيح الأنثى من الذكر، ومما لا نعلم، فحالياً الكهرباء سالب وموجب، وفي الذرة أيضاً.
إذن، كل شيء فيه زوجين ( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكّرون ) ( فسبحان الذي خلق الأزواج كلها ) لأنه خلقة الأزواج يجب أن يكونا زوجين صالحين ليتكاثروا.
قلنا سابقاً أن الصانع الذي يصنع أكواباً لتخرج على أنها كوباً بحجمها لا يصنعها صغيرة وتكبر بعدها. كما صنعها الصانع تبقى كما هي.
ولا يصنع كوباً أنثى وأخرى ذكراً ويجمعهما فينجبا أكواباً، إذن ( فسبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ).
وكل يوم العلم يعطينا الجديد في ضرورة وجود الموجب والسالب والذرات وما فيها.
في التسخير
كلمة سبحان لا يأتي بعدها إلا شيء يدهش العقل ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون )
حين تمسون كانت الدنيا مظلمة وبعدها تصبح، فكل شيء نقول عليه سبحان ، ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ) كل شيء عجيب تقول سبحان الله تنزيهاً لله.
نحن لم نكن ربطنا الحيوانات بل تذلل لنا، والجمل ينخ ليركب الرجل والولد الصغير يجر الجمل ويحمله الحمل ويصيره به ليقف وهكذا.
فهذا التسخير ممن؟
وحتى تعرف الفرق فهذا هو الجمل، الصبي يعمل به، كذلك ثم يأتيك برغوث صغير يؤرقك ولا تعرف كيف تمسكه. لم لم يذلله الله إليك؟
ولذلك قال فذللناها ولو لم يذللها ما استطعت أن تجعلها تخدمك فسبحانه.
كل شيء تقول فيه سبحان
فسبحان ترد في القرآن كله في الأشياء العجيبة، فعندما تسمعها من الله تقول سبحانه هذا تنزيه لا أحد يستطيع على ذلك إلا هو.
ولكن هناك فرق في وجودها في طيات السور، ووجودها في استهلالات السور.
( سبحان الذي أسرى بعبده ) جاءت في أول السورة فكل ما يأتي بعدها من جنس ما يقف عنده العقل.
وسبحان هذه إسم وهو يدل على الثبوت والدوام، فكأن تنزيه الله موجود قبل أن يوجد من ينزّهه. التنزيه ثابت لله قبل أن توجد أنت يا من تنزه الله.
في الخلق
( هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم )
فنقول الخالق فهو خالق قبل أن يخلق، لأنه لم يُخلق، وصفة الخلق فيه إنما خلق لأنه خالق.
سبحان تعني تنزيه لله ثابت له ولو لم يوجد المنزّه، وإن وجد المنزّه يبتدأ بقول سبحان الله ويسبح.
( سبح لله ما في السماوات وما في الأرض ) هل سبح وسكت؟ بل يسبح لله مافي السماوات وما في الأرض.
ما دام التنزيه ثابت لله بسبحان وإن لم يوجد المنزّه، وحين وجد المنزّه نزّه فسبحت السماوات والأرض وما في السماوات وما في الأرض.
( ويسبح ما في السماوات وما في الأرض ) وما دام الأمر كذلك فلا تتقاعس أنت أيها المكلف فسبح باسم ربك الأعلى وانته من المسألة.