الحياة والمجتمعتعليمحول العالم

ما مفهوم العلمانية وما تطبيقاتها

مفهوم العلمانية مثل كثير من المفاهيم يسهل تعريفها بكلمتين أو ثلاثة بشكل قاطع.

لكن نقدر أن نقول أن العلمانية تعني ببساطة فصل الدين عن الدولة، وهي لا تعني عداء للدين بالضرورة.

مفهوم العلمانية في الحكم

مفهوم العلمانية في الحكم

أي أن الشعب يختار البرلمان والحكام، ويختار طريقة الحكم ونمط الحياة الذي يرغب أن يعيشه بعيداً عن سلطة رجال الدين.

الذين حكموا دولاً كثيرة قرأنا عنها في التاريخ، وكان نمط الدولة الدينية هي الدولة السائدة لآلاف السنين منذ أيام الفراعنة.

نظام الدولة الدينية

والمتبقي من نظام الدولة الدينية على أرض الواقع، والذي يمكن أن نشاهده حالياً بوضوح هما اثنان أو ثلاث دول فقط.

وعلى وجه التحديد دولة الفاتيكان التي يحكمها رجال الدين من الألف إلى الياء، وإيران التي يحكمها المرشد الأعلى للثورة.

وطبعاً على أساس ديني بالدرجة الأولى، وجميع السياسيين الذين يتم انتخابهم في إيران من وزراء وحتى رئيس الدولة.

ليسوا إلا أدوات مساعدة للمرشد الأعلى الذي هو من يحكم بنظام الحكم الإلهي.

والمملكة السعودية إلى حد كبير يمكن اعتبارها دينية، باعتبار المؤسسات الدينية تلعب فيها دوراً كبيراً في توجيه سياسات الدولة وتوجهاتها.

الانقسام بسبب العلمانية

إن مفهوم العلمانية على عكس كثير من المصطلحات مصطلح يثير الحساسية، وبسبب العلمانية سالت دماء كثيرة.

وبسبب إما الإيمان بها أو الكفر بها، سوف تسيل دماء أخرى كثيرة في السنوات القادمة.

لأن العلمانية ببساطة يقف منها فريقين متواجهين ليس بينهما أي نقطة التقاء.

فريق الفكر الإسلامي

فريق يكفر بالعلمانية ويعتقد أنها كفر بواح، وتطاول على الله سبحانه وتعالى وتطبيق الشريعة، وإيماناً منهم أن الحكم ليس إلا لله.

وأن أي تدخل من جانب العلمانيين في اختراع أو ابتكار نظم للحكم، ليست إلا من قبيل المخالفة الصريحة للدين.

وكثير من الإسلاميين دفع حياته بسبب معاداته للعلمانية والحكام العلمانيين، وبعضهم كتاب ومفكرين مشاهير كبار مثل سيد قطب.

وبعض مئات بل آلاف من الشباب الذي يفجر نفسه انتقاماً من النظم الكافرة، التي يعتقد أنها تحكم بغير شرع الله.

فريق الفكر العلماني

بالمقابل الملايين وعشرات الملايين من العلمانيين، يعتقدون أن العلمانية هي طوق النجاة للعالم الإسلامي قبل أن تكون طوق نجاة العالم.

معتقدين أنه بدون العلمانية سنتحول إلى دول تحوي مجموعات متناحرة لعدد غير منتهي من الطوائف الإثنية التي تستبعد بعضها الآخر.

ولأنهم على قناعة أنها فقط على صواب لأنها تحتكم إلى دينها فقط وما تعتقد أنه صحيح الدين.

التطرف في اتجاهين

المتطرفون من الجانبين يصعبون الأمور جداً، لأنهم يرفضون وجود نقطة التقاء، وخلاف المتطرفين من الجانبين، يوجد هناك معتدلون من الجانبين.

لأن الإسلاميين يرون أن العلمانيين كفار، فيما العلمانيون يرون أن الإسلاميين الرافضين لفكرة العلمانية بأنهم يعيشون في كهوف ظلامية.

وغير راغبين بأن يتحاوروا معهم أو يقبلوا تمثيلهم بأي شكل من الأشكال. لكن واقع الأمر، إذا استثنينا المتطرفين من الجانبين،

نجد مفهوم العلمانية وإن كانت لا تعانق الدين طوال الوقت ولا تعادي الدين طوال الوقت. بل أحياناً تحمي المتدينين.

وأحياناً تمثل حماية لهم في كثير من المجتمعات، التي يشكلون فيها أقلية.

ومن الغريب أن كثيراً من الإسلاميين يخرجون من بلادهم هرباً من حكام يكفّرونهم، لا يجدون سوى النظم العلمانية لحمايتهم.

ونرى الكثير من رموز الجماعات الإسلامية وقادتهم موجودون في عواصم دول علمانية، مثل فرنسا وبريطانيا وكندا وأمريكا.

وهناك يعيش هؤلاء الإسلاميون في مأمن، آمنين على أنفسهم وحياتهم ودينهم، ويمارسون شعائرهم بكل حرية.

لكن فقط إذا التزموا بقوانين هذه الدول.

تناقض

قال مفكر عراقي علي الوردي كلمة بديعة: في أي انتخابات في معظم الدول الإسلامية، سوف يصوت الناخبون بأغلبية لتطبيق الشريعة.

لكنهم لن يترددوا أبداً في أن يهجروا بلادهم إلى دول علمانية، تحكمها قوانين علمانية التي تقف على مسافة واحدة من كل الأديان.

مفهوم العلمانية بهذا المعنى ليس بدعة وليس غريباً على العالم الإسلامي.

بل أن حاكماً محسوباً على جماعة الإخوان المسلمين مثل الرئيس رجب طيب أردوغان، يتبنى هذا المفهوم أو على الأقل هذا ما يعلنه، وأظن أن هذا ما يؤمن به.

مفهوم العلمانية من المنظور التركي

في عام 2012 حضر الرئيس التركي إلى القاهرة في زيارة، عندما كان يحكمها الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي.

واستقبل من جانب الإسلاميين استقبال الفاتحين، وكان سبق حضوره تهليلاً كبيراً باعتباره مثالاً ناجحاً على فكرة الحاكم الإسلامي.

الذي استطاع أن يقهر العلمانية في بلاده، التي يمثلها الجيش أو المؤسسة العسكرية التركية.

لكنهم صدموا عندما حضر الرئيس التركي، واستضافته إحدى القنوات الفضائية وسألته عن مفهوم العلمانية.

فقال أن الدولة يجب أن تكون دولة علمانية، أي لا تكون مسلمة ولا مسيحية، الدولة يجب أن تكون دولة مؤسسات.

أي لا تتبنى ديناً معيناً من الأديان، ودور الدولة  أنها ترعى جميع مواطنيها، وأن تتكفل بحمايتهم وتكفل حقهم في العبادة.

وأن تقف معهم وتحمي الأديان من تغّول بعضهم على بعض.

وهذا مفهوم العلمانية الذي عرضه الرئيس التركي، ولم يعجب الكثيرين من أتباعه وإن كان يعبر عن وجهة نظر نعتقد أنها صواب.

المصدر يوتيوب قناة نعرف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى