يحقق الذكاء الاصطناعي قفزات سريعة، وهناك حديث حول تطورات جديدة، يمكن أن تغير الحياة على كوكبنا، بشكل جوهري.
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث ثورة، في كل جوانب حياتنا اليومية، العمل والتنقل والطب، والاقتصاد والاتصالات.
لكن هل سيعمل الذكاء الاصطناعي، على تطوير الطب، وتقليل الحاجة إلى الأطباء؟ ومتى ستسير السيارات ذاتية القيادة، على الطرق؟
هل ستستولي الروبوتات الذكية، على وظائفنا؟ وهل نحن نتجه فعلاً، نحو الواقع المرير، الذي تنعدم فيه الخصوصية، مع مراقبة كاملة.
ما هو الذكاء الاصطناعي؟ وما هي قدراته الفعلية؟ ما الذي سيتغير؟ وما الذي سيبقى محض من الخيال؟
رحلة البحث عن قدرات الذكاء الاصطناعي
للإجابة عن هذه الأسئلة، انطلقنا في رحلة مثيرة، للالتقاء بالعلماء، الذين يعملون لصنع مستقبلنا، في الولايات المتحدة، وبريطانيا وألمانيا، والصين.
المحطة الأولى بريطانيا
محطتنا الأولى هي وادي السيليكون في بريطانيا، يضم المكان المقر الرئيسي، لشركات آبل، وفيس بوك، ويمثل مركز الثورة الرقمية.
غير قطاع التكنولوجيا، من طاقة خليج سان فرانسيسكو، حيث تنطلق شركات ناشئة جديدة، كل يوم، وتضاعفت الإيجارات، فيما أصبح الذكاء الاصطناعي، حديث الجميع.
أمازون غو amazon go
فتح نوع جديد من الأسواق التجارية، أبوابه مؤخراً، أمازون غو amazon go وهو مول كبير، كل ما تحتاجه هنا، هو تطبيق من هاتفك الخلوي، تقربه من الماسح الضوئي وتدخل عن طريقه.
بينما يريني ليوناردو القوائم الجديدة لدى amazon go، ويشرح لي كيف يمكن للمساعدة اللغوية اليكسا، أن تقوم بمساعدتي، في تحضير المنتج في المنزل، عن طريق تطبيق الموبايل.
كنت اخضع للمراقبة المستمرة، وكنت مهتما بشراء المنتجات، وعلى السقف توجد مجموعة من المستشعرات والكاميرات، وتقوم تقنية التعرف على الصور، بتسجيل جميع تحركاتك.
ما الذي آخذ من الرفوف، وما الذي أعيده إليها، وما الذي آخذه معي، لا يزال هذا الفرع في مرحلة الاختبار، ولكن أمازون، تخطط لافتتاح خمسين متجراً آخر، خلال هذه السنة.
وعندما تنتهي من اختيار منتجك، تغادر المكان فحسب، لا يوجد وقوف في الصف، ولا يوجد أي موظفي خزينة، فتشعر نوعاً ما كأنك لص متاجر.
وبعد أن تخرج من المول أمازون غو، يصلك إيصال بالدفع، عن طريق التطبيق في الموبايل، وعن ثمن المنتج الذي اخترته.
مقهى الروبوتات
في الجوار يوجد مقهى للروبوتات، يمثل مكان آخر لصناعة المستقبل، فإن لطلب المشروبات، عبر التطبيق في الموبايل، قواعد التعاملات الرقمية، آخذة في الانتشار.
سوف يغير الذكاء الاصطناعي طريقتنا في التسوق، ولكن ما الذي سيحدث للموظفين؟
تقوم جامعة ستانفورد، بإجراء بحث عالمي، حول الذكاء الاصطناعي، بميزانية سنوية، تصل إلى ستة مليارات وخمسمائة مليون دولار.
ولكي نعرف كيف سيحدث الذكاء الاصطناعي، تغييراً في عالم الطب، قام الباحثون في الجامعة، بتطوير لوغاريتمات الذكاء اصطناعي، ويمكنها فحص الصور الشعاعية.
بحثاً عن أمراض معينة، ويمكنك التقاط صورة أشعة، بواسطة هاتفك الخلوي، ومن ثم تحميل الصورة، وبعد ثوان قليلة، تحصل على التشخيص.
البرنامج يعطيك مثلاً، احتمالات وجود عقدة صغيرة، أو اصابة بالتهاب رئوي، او استقصاء، أو السرطان، فكيف يتم ذلك؟
قراءة صور الأشعة السينية
يحدثنا خبير الحاسوب في جامعة ستانفورد: بدأنا بمجموعة كبيرة من بيانات صور أشعة للصدر، نشرها المعهد القومي للصحة، وهي تضم صور أشعة، وبطاقات لأمراض مختلفة.
وما إذا كانت موجودة في الصور، كانت لدينا مئات الآلاف من الصور، لذا قمنا بتدريب البرنامج، فأصبح بإمكاننا ادخال صور الأشعة ليعطينا الاحتمالات، للأمراض المتعلقة بالصورة.
تم تصميم الذكاء الاصطناعي، استناداً للدماغ البشري، الشبكة الضخمة التي تضم ما يقارب مائة مليار خلية عصبية مترابطة.
بعبارة بسيطة، هكذا يعمل الدماغ البشري، حيث تمر النبضات، من خلية عصبية إلى أخرى، فيما يشبه تداعي أحجار الدومينو.
وترتبط الخلايا فيما بينها، ويمكن تحفيز هذه الدائرة على جهاز حاسوب، كخلية عصبية رقمية، وهذه البنية الاصطناعية، قادرة على تعلم كيفية التعرف على مرض السل مثلاً.
التعرف على الأمراض
تحتاج الشبكة إلى تدريب، حيث يتم تمرير صور أشعة، لمرضى السل، عبر الشبكة، ولكن تصنيفها لا يكون دقيقاً، وفي كل مرة، يتم فيها تمرير البيانات، وتعديل الشبكة وتحسين قدرتها على التشخيص.
يتطلب تمرين الجهاز، آلاف وآلاف من البيانات السريرية، وحينها فقط، يمكن للشبكة القيام بتحديد صورة أشعة سينية، غير معروفة، بطريقة صحيحة.
يتابع محدثنا من جامعة ستانفورد: قمنا في إجراء هذا الاختبار، في هذه المرحلة، من خلال مجموعة من الدراسات، من بيانات المعاهد الصحية القومية.
حيث قامت مجموعة من أخصائي الأشعة، بتحديد الأمراض، وتمت بعدها المقارنة، بين دقة تشخيص الأخصائيين، والبرنامج.
فوجدنا أن النتائج كانت متقاربة جداً، من حيث الدقة في معظم الأمراض، وفي بعض الحالات، تفوق البرنامج على أخصائي الأشعة.
وفي بعضها تفوق الأخصائيون، على برنامج الذكاء الاصطناعي، ثم أعدنا التجربة، مع استخدام بيانات معيارية، كنا قد أصدرناها مؤخراً.
وهي عبارة عن مائتي ألف صور سينية للصدر، وكررنا الإجراء نفسه، حيث كان لدينا ثلاثة من أخصائي الأشعة الخبراء، وهم حاصلون على تدريب عال.
وقاموا بتحديد المرض، لكل مجموعة من الصور، وتمت بعدها مقارنة النتائج، فوجدنا مستوى متقارب في الأداء.
الدقة في تحديد تشخيص المرض
تشخيص صور الاشعة السينية بدقة، هي عملية معقدة، ولكن الذكاء الاصطناعي، يحرز تقدماً سريعاً في هذا المجال.
فيما يتعلق بتحليل الصور البسيطة، فقد تفوقت الحواسيب على البشر، من ناحية الدقة، وإذا نظرت إلى صورتك.
فإن هناك احتمالات، هناك حالات لا تكون الآلة مؤكدة تماماً، فما هو القرار الصائب، لتحديد المرض وما هيته.
من الجيد التحدث عن الاحتمالات، لأنها تعطي احساساً بعدم التأكد، لدى اللوغاريتمات، أو البرنامج بالنسبة لحالة معينة.
وهذه الاحتمالات، تجعل من الصعب على الإنسان، ترجمتها مما يعني مثلاً، عندما يعطي البرنامج احتمال 88% مقابل 92% بنسبة للقرار، الذي يجب اتخاذه في العيادة.
وفي المستقبل، بدلاً من اظهار الاحتمالات الدقيقة، يمكن اظهار نتائج، بمعنى غير المحتمل، أو أن وجود هذا المرض، مرجح أو ممكناً.
الرعاية الصحية بقوة الذكاء الاصطناعي
يساعد الذكاء الاصطناعي، على إحداث ثورة في مجال الرعاية الصحية، اذ يستخدم العلماء اللوغاريتمات، الذكاء الاصطناعي، للبحث في البيانات، التي تبدو لنا تافهة.
مثل الحركة للأعلى والأسفل لخطواتنا، التي نمشيها كل يوم، وهم يسعون لإيجاد أي أنماط واضحة، يمكن أن تكون علامات تحذير مبكرة، للإصابة بالأمراض.
يعمل الباحثون في مدينة برمنجهام الإنجليزية، على تطوير طرق تشخيص ثورية، حتى الآن، فإنه لا توجد أية فحوصات محددة، تدل على مرض باركنسون، مما يجعل التشخيص صعباً، ويمكن أن يعمل الذكاء الاصطناعي، على تغيير ذلك.
تشخيص مرض الباركنسون
يمكن أن يكون تغير أصواتنا، علامة مبكرة على الإصابة بمرض باركنسون، ماكس ليتل، هو عالم رياضيات، في جامعة آستون قام مع فريقه، بتحليل آلاف من التسجيلات الصوتية.
وطوروا برنامجاً يمكنه ايجاد الفروقات، في أنماط الصوت، بين المصابين وغير المصابين، بمرض باركنسون، بلغت دقة التشخيص في دراسة مخبرية، ما يقارب 99%
يعد عمل ماكس، مثالاً على التغيرات الكبيرة التي يحدثها الذكاء الاصطناعي، في مجال الطب، ولم يعد استخدام الذكاء الاصطناعي، لتطوير طرق تشخيص جديدة، حكراً على الأطباء.
بل أصبح الأمر، يشمل محللي البيانات والمبرمجين، وعلماء الرياضيات، من أمثال ماكس، ولدراسة مرض الباركنسون يحدثنا ماكس قائلاً:
عندما يمشي شخص ما، تقوم المستشعرات في هاتفه الذكي، بتسجيل حركات مشيه، للأعلى والأسفل، وعند فحص التطبيق في الموبايل، لخطواته تلك.
سيحدد ما إذا كان مصاباً بمرض الباركنسون، أم لا، للمرة الأولى، هذا يجعل التشخيص لمرض باركنسون ممكن، مما يمكن الأطباء، من التدخل المبكر.
البيانات والخصوصية
تكشف البيانات أيضاً على الهواتف الذكية، عن النشاط البدني، والبيانات تكون موجودة فعلاً، ولكن هناك الجانب الأخلاقي، فيما يتعلق بجمع تلك البيانات، واستخدامها لتلك الأغراض.
بعد مقابلتنا، أخبرني ماكس ليتل، بأنه رفض عروضاً مغرية، للانضمام إلى عمالقة التكنولوجية، فجميع الشركات متلهفة للدخول في عالم الذكاء الاصطناعي.
لا شك أن الذكاء الاصطناعي، سوف يحسن من قدرات الأطباء، على اكتشاف الأمراض وتشخيصها، ولكن وسط كل هذه الفرص، التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، هناك حاجة ماسة للتنظيم.
الرحلة الثانية إلى الصين
والآن نتوجه إلى الصين، البلد الذي شهد تغيراً مدهشاً، خلال السنوات القليلة الماضية، وعاصمتها بكين، التي تعج بالحياة.
البلاد بأكملها متعطشة للتقدم، وتسير بقوة نحو المستقبل، يسير الزمن هنا بشكل أسرع، وتهدف الصين لأن تكون بحلول عام 2030 الدولة الرائدة عالمياً، في مجال الذكاء الاصطناعي.
هنا الكثير من المؤشرات، على أنها ستحقق هذا الهدف، لأن الحكومة قامت بتمويل برامج مساعدات، بقيمة المليارات من اليورو.
مطاعم ذكية
وفي أحد المطاعم الذكية في بكين، نجد روبوتات تعمل على خدمة الناس، الذكاء الاصطناعي في المطبخ، اضافة إلى نادل آلي، لتوزيع الطعام على الزبائن.
نتحدث مع الباحثة في مجال التصميم، جيشي يوست، سفيرة الانترنت السابقة، للحكومة الألمانية، وهي تقضي فصل دراسي، للبحث في جامعة تشونغ جي في شنغهاي.
سألتها عن تجربتها في الصين، فقالت: هناك توق شديد في المدينة، ومن الممتع الحديث مع الشباب، لأنهم يرغبون بأن يكونوا محركي التغيير.
الشباب هنا يعملون ليل نهار، ولديهم نموذج جديد، لنسبة ساعات العمل يسمى 699، يعني ذلك، أنهم يعملون من التاسعة صباحاً، حتى التاسعة مساءً، على مدى ستة أيام في الأسبوع.
وقد كانوا يعملون سابقاً، على مدار الساعة بدون استراحات، وكلف انشاء المطعم عشرون مليون دولار، واستثمروا المبلغ، لتصبح العملية رقمية بالكامل.
هناك روبوتات في المطبخ، لتقديم الطعام، وروبوتات لتوزيع الطعام، بطريقة رقمية، ويقوم النظام بتفقد الثلاجات، وسلاسل التزويد، كل شيء يظهر على لوحة المتابعة، مرتبط بالشبكة.
الخصوصية هنا هي وجهان لعملة واحدة، فالذكاء الاصطناعي، هو للمصلحة العامة، ووجود كاميرات مراقبة في كل مكان، يزيد معدل الكشف عن الجرائم.
ومن الصعب علينا أن نفهم ذلك، لأن الخصوصية مهمة، ولكن في الصين، هناك تقاليد مختلفةِ، وطرق أخرى للتعامل مع الأمر.
مركز التحكم في المدينة
لقد أذهلتني الصين، لكنها أيضاً تصيب بالحيرة، كيف يمكن أن يتوافق الاثنان، الحضارة العظيمة للصين القديمة، والدولة الصينية المعاصرة، مع انتشار كاميرات مراقبة في كل مكان.
شنزن لونغانع، في قلب المنطقة الاقتصادية، في شمال هونغ كونغ، هناك مركز التحكم في المدينة الذكية، حيث تعرض الشاشة العملاقة، البيانات المتعلقة بكامل المدينة مباشرة.
أعداد السكان الجدد في كل حي، تخطيط المدارس، مستويات المياه وانقطاع الكهرباء، وكل هذه المعلومات، يتم تجميعها وتقييمها، من قبل أجهزة الذكاء الاصطناعي.
أخبرني كبير المهندسين هناك، أن الشركة الصينية العملاقة، في مجال التكنولوجية في الصين، هي من طورت المشروع، الذي جعل المدينة تعمل بكفاءة أكبر.
يقوم نظام مراقبة ذكي، بمسح المدينة بكاملها، ويتم تحديد المباني المخالفة، ومن ثم إزالتها، وعند النظر إليها، تبدو مثل خلفية في أحد أفلام الخيال العلمي.
نظام المراقبة الدائمة
يقوم موظفون لديهم كاميرات بث حي، مثبتة على أجسامهم، بتفتيش الشوارع الجانبية، وهذه هي المراقبة الكاملة.
يقوم النظام، بتسجيل كل الأشخاص الذين يطلعون على الصور، وكل من يطلع عليها، يعاقب، والمواطنون يوافقون على ذلك بهدف التقدم.
لا يسمح بكسر إشارة المرور، ويتم ضبط المخالفين بكل سهولة، وعند تخطي إشارة المرور مرة واحدة، تنخفض النقاط المسجلة كمواطن.
لا يمكن تصور المراقبة الشاملة في الغرب، ولكن هنا في الصين، يرون الأمر بطريقة مختلفة، فقد ساهمت في خفض معدل الجريمة.
شفافية تامة، في سبيل الحصول على مجتمع فعال، قد تبدو بعض هذه الإجراءات مفيدة، ولكن هل نريد حقاً قياس وتحليل والتحكم في كل شيء فقط، لأن ذلك ممكن من ناحية تقنية؟
ألن يقودنا ذلك إلى طريق الديكتاتورية في التعامل، مع البيانات، ربما كانت الثقة، أفضل من المراقبة الذكية.
وادي السيليكون
وادي السيليكون، اسم مرادف للابتكار والحرية اللامحدودة، وتوجد في وادي السيليكون، أكبر الشركات البارزة، في مجال الذكاء الاصطناعي، إلا أن مقرات تلك الشركات، مختفية في مبان عادية منخفضة.
فيس بوك، نستخدم خدماته ونثق بموظفيه، ونعطيهم بياناتنا، ولكن دخول الشركة ممنوع، على عامة الناس، وكل ما يمكن فعله، هو التقاط صورة شخصية، عند بوابة الدخول.
في شركة آبل المجاورة، النموذج الثلاثي الأبعاد في المبنى، في مركز الزوار، يمكن الوصول إليه بكل سهولة، أما ما يجري في الداخل فهو سري تماماً.
مقر جوجل google
أردنا أن نزور مقر جوجل في كاليفورنيا، وذلك بعد إجراء مقابلة، ولكن كل ما رأيناه، هو المماطلة، وتركتنا شركة غوغل في الخارج، ولم تسمح لنا بالدخول.
تمتلك هذه الشركات، سلطة متنامية على حياتنا اليومية، كما تحظى بنفوذ سياسي متزايد، وتنفق غوغل أكثر من ستة ملايين يورو سنوياً، لتكسب التأييد في بروكسل وحدها.
ويظهر سجل الشفافية في الاتحاد الأوروبي، انعقاد أكثر من مائتي اجتماع، مع ممثلي شركة جوجل منذ عام 2014، وتعد الشركة أنشط جماعة للضغط في بروكسل.
ثم حصلنا على المقابلة التي طلبناها، في داخل شركة غوغل، ولكن ليس في بروكسل، بل في ميونخ بألمانيا، مع أحد الموظفين في الشركة، يانز ريد كار.
استخدام اللوغاريتمات في جوجل
يقول يانز: الذكاء الاصطناعي، له أهمية كبرى بالنسبة لنا، في شركة جوجل، حتى أننا أعدنا تسمية كامل قسم الأبحاث لدينا، ليصبح جوجل ai
كما أن الذكاء الاصطناعي، يقود جزء كبير، من عمليات تطوير المنتجات لدينا، ونوجه جزء كبير من جهودنا، نحو تحسين جودة منتجاتنا.
مثل الترجمة الآلية، فمن خلال استخدام اللوغاريتمات، شهدنا تقدماً أسرع من خلال السنتين الماضيتين، مما شهدناه سابقاً.
وسوف يتقدم المجتمع بفعل تطبيق هذه الخدمات، واستخدام الذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة، والأمر المهم، هو فعله بشكل مسؤول تحت مبادئ الشفافية.
تقنية google home
ولكن ماذا عن تقنيات مثل google home الميكروفون الذكي، الموجود في غرفة المعيشة، يحدثنا عنها يانز قائلاً:
لا يقوم برنامج google home، بالتجسس، هناك رقاقة صغيرة في الجهاز، تنتظر سماع الكلمات الأساسية، مثل قول ok google أو hi google.
وحينها فقط، يعمل الميكروفون، لإرسال الصوت، والأوامر وطلبات البحث إلى الإنترنت، وإلى جوجل، وبالتالي عرض النتائج في البحث.
ما مدى تدخل غوغل في الإتحاد الأوروبي؟
يجيبنا يانز بقوله: بالأحرى نسأل، ما مدى أخلاقية تعامل شركة ما، مع تطوير المنتجات، فقد قمنا بوضع قواعد خاصة بنا، وفقاً للمبادئ التي تقود أفعالنا، وأبحاثنا وتطوير منتجاتنا، والتي تساعدنا في قراراتنا التجارية.
وفي مقرها في الولايات المتحدة، تواجه شركة جوجل، ضغطاً سياسياً متصاعداً، حيث التقينا في واشنطن، مع باري لين، رئيس مؤسسة open market الفكرية.
وحذر باري، من المخاطر التي يخلقها تأثير عمالقة التكنولوجيا، ويقول: علينا أن نعرف، أن الأشخاص الذين ينقلون المعلومات إلى الجمهور، هم يتحدثون عن أنفسهم فقط.
الواقع في واشنطن، أن المجتمع مليء بالعملاء، الذين يمثلون مصالح جوجل وأمازون، وفيس بوك وغيرهم.
احتكار الشركات
نظراً للقوة الاحتكارية لكبرى شركات التكنولوجيا، فإن النداءات في واشنطن، تتعالى لوضع لوائح تنظيمية، وعندما يكون لديك حالة احتكار، في مجال الأبحاث أو التجارة.
فهذا يعني أن عامة الناس، لا يعرفون كيفية استخدام المعلومات، ولا تلك السلطة، الاحتكار في حد ذاته، خطر ما لم يتم تنظيمه بدقة، من قبل العامة.
تعتزم شركة جوجل، السيطرة على العالم، ويسعون إلى توجيه الأفكار من شخص إلى آخر، والاتصالات بين شخص وآخر، وحتى على مستوى الصفقات.
ويهدفون إلى إدارة كل شيء، يمكنهم السيطرة عليه، ويريدون معرفة ما يحدث في موازين الحرارة في بيوتنا، ومعرفة ما نشاهده على التلفاز.
جوجل وفيسبوك وأمازون، هل سيستمر تأثير عمالقة التكنولوجيا في الازدياد، ما الذي يمكن فعله، للسيطرة في مجالات احتكارها.
هناك شيء واحد واضح، أن الذكاء الاصطناعي، يعزز استحواذهم على السلطة، وهناك حاجة ماسة لمراجعة سياسة مكافحة الاحتكار.
الرحلة الثالثة بوسطن
النقل، هو أيضاً من المجالات التي يساهم الذكاء الاصطناعي، في مسيرة تقدمها وابتكاراتها، يمكن أن نرى السيارات ذاتية القيادة، في شوارع المدن في المستقبل القريب.
في بوسطن ومعهد ماساتشوستس المرموق للتكنولوجيا، هناك خبير بارز في مجال السيارات الذاتية القيادة، يعمل مع فريقه، على إنتاج نماذج أولية، لمركبات التحكم الذاتي.
يحدثنا سيرتاتش كارامان: أعتقد أننا نجحنا في بعض العناصر، من خلال الحواسيب والآلات، ومن بينها عمليات رسم الخرائط، وتحديد المواقع.
كل هذه التقنيات، تعمل بشكل ممتاز، يمكن للحاسوب تحديد موقعك، بدقة سنتيمتر واحد، وأحياناً ميليمتر واحد.
وهذا أكثر بكثير، مما تطلبه قيادة السيارات، لا تستطيع الحواسيب النظر حولها، ومعرفة أماكن الآخرين، ولكن القيادة تتطلب ذلك.
السيارات الذاتية القيادة
المطلوب في قيادة السيارات، هو فهم ما سيحدث لاحقاً، خلال الثواني والدقائق، وحتى الساعة القادمة، وهذا هو الجزء الأساسي المفقود.
قد ينجح الأمر في بيئة مختبر بسيطة، ولكن على أرض الواقع، لا تزال اللوغاريتمات عاجزة، على عكس ما يروج له البعض في إعلاناتهم.
إن صنع سيارة ذاتية القيادة، يتطلب من الصانعين، تلبية متطلبات تقنية على مستوى عال جداً، وسنفاجئ إذا حصل الأمر خلال عشر سنوات، أو أنه سيفشل خلال عشرين عاماً.
السيارة ذاتية القيادة، هي حلم بعيد المنال، إلا أن أنظمة مساعدة القيادة، عملت فعلاً على زيادة السلامة على الطرق.
وهناك مبادئ يجب أن تقود القرارات المتخذة، من قبل التكنولوجيا، في أثناء الحوادث، وتعامل المختبر الاعلامي، في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، خلال السنوات الماضية.
مع التسائل الأخلاقي، الذي يسيره الذكاء الاصطناعي، حيث أن هناك بوصلة أخلاقية، يجب على الأجهزة الذكية المستقبلية، الرجوع إليها.
القيادة والمبادئ الأخلاقية
يحدثنا عن هذا إياد رهوان، من كبار الخبراء في العالم، حيث قام مع فريقه، باستبيان أسموه الآلة الأخلاقية، لاكتشاف أخلاقيات برمجة السيارات ذاتية القيادة، في السيطرة على الحوادث.
يقول إياد: في معظم الأحيان، الناس لا يتذكرون أي شيء، ولا يكون لديهم وقت للقيام برد فعل، فكل شيء يحدث بسرعة كبيرة، لذا فهم يفاجئون ويحدث الحادث.
لا يمكن توقع قيام الإنسان بالتصرف الصحيح، فالفترة الزمنية قصيرة، إلا إذا اتخذ الشخص قراراً مسبقاً، كأن يشرب الكحول ويقود السيارة، أو يقطع الإشارة الحمراء.
حينها يمكنك لومه على وقوع حادث، أما غير ذلك، لا يمكن لومهم، ولكن بسبب سرعة الأجهزة الالكترونية، ولأن السيارة ذاتية القيادة، تعمل على تقييم البيئة المحيطة، ملايين المرات كل ثانية.
فإن الوقت يمر أبطئ بكثير، بالنسبة إلى الآلة، مما يمكنها من تقييم الموقف، وتغيير الاستراتيجية، ويوجد احتمال لإصدار الحكم الأفضل، من الخيار العشوائي.
الذي قد يقوم به الإنسان، في موقف مماثل، وعندما تصبح الأبعاد متعددة، فإن التصرف الصائب، لا يعد واضحاً.
اختبار اتخاذ القرارات قبل الحادث
أظهر المسح الذي أجراه فريق إياد، خيارات متعددة، لحوادث السيارات، بالنسبة للمارة، عندما تقطع السيارة الذكية الطريق، وكل من هذه الخيارات، فيها معضلة خاصة.
وطلب من المشاركين، اختيار الكيفية، التي تتخذ فيها اللوغاريتمات القرار، وحصلوا على نتائج لأربعين مليون قرار، وما زالوا يتلقون المزيد.
مكنهم ذلك من تحليل، ما يتفق عليه الناس، وما يختلفون فيه، وهناك فوارق ثقافية، في الخيارات الأخلاقية.
يتفق الناس دائماً على الحفاظ على الأرواح، وإنقاذ الأطفال، والحفاظ على سلامة من يعبرون الشارع، بشكل قانوني، أكثر من الذين يقطعونه بشكل مخالف.
الجزء الأكثر اثارة للاهتمام، هو أنه يمكنك اختيار بلد ما، مثل ألمانيا، ومقارنة نتائجها بالمعدل العالمي، ونرى أنهم في ألمانيا، يفضلون عدم التصرف.
الذكاء الاصطناعي يتخذ القرارات
فإذا لم يكن عليك التصرف، فإنك تفضل الاستمرار إلى الأمام، وهذا يعني بعبارة أخرى، أن هناك بعض القبول، لقيام التكنولوجية باتخاذ القرار.
وكلما اخترت عدم التصرف، هذا يعني استمرار السيارة بالسير إلى الأمام، وحدوث الحوادث،
وتظهر المقارنة بين ألمانيا وفرنسا، وجود فروقات ثقافية.
إذا يميل الفرنسيون، إلى حماية النساء في الحوادث، كما أن هناك تركيز أكبر على الأطفال، على عكس الألمان فإن الفرنسيين، لا يرغبون في ترك الأمور للقدر.
بل يريدون من الآلة، أن تتخذ القرار، فالآلة هي عبارة عن مرآة، في المرة الأولى تتصرف دون وعي، أو بشكل غريزي، وفي حالة الحوادث.
فإنك تتصرف بطريقة عشوائية، وعليك اتخاذ قرار واع، والآلة تجبرك على اتخاذ القرار، لذا فإنه لا يمكنك التجاهل، لأنه عليك في نهاية الأمر، برمجة شيء ما.
السيارات بدون سائق، ليست جاهزة بعد، للسير على الطرق، كما أن التساؤلات الأخلاقية، لا تزال تحوم حولها.
يحمل الذكاء الاصطناعي، احتمالات هائلة، تفيدنا في الحياة اليومية، والطب والتنقل، ولكن علينا أن ننظر إلى الاحتمالات التقنية.
فما الهدف الذي يخدمه هذا التقدم؟ هو سؤال لا يمكن للوغاريتمات الذكاء الاصطناعي، الاجابة عنه، البشر فقط، من يستطيعون الإجابة.