إسلام

مسائل تتعلق بيوم عاشوراء



 

يوم عاشوراء : الحمد لله صاحب الإحسان ومنزّل القرآن. خلق الإنسان علمه البيان الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان فبأي آلاء ربكما تكذبان أنعم على الإنسان بنعم كثيرة فقال جل وعلا: ( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا) (النحل: 18 ). ومن هذه النعم الكثيرة ” يوم عاشوراء ” أجزل فيه العطاء وميزه عن بقية الأيام فليست بالفضل والأجر سواء.


صيام يوم عاشوراء

 

من الملاحظ أن بعض الناس يصوم هذا اليوم إما لعادة اعتادها، وإما لأنَّ أبويه أمراه، أو لأن الناس تصوم فصام معهم.. لكن السؤال هل استشعر الصائم هذا اليوم مافيه من الأجر ؟ وهل تعرف على سبب صيام هذا اليوم المبارك ؟ وهل تعرف على هذا اليوم ؟

كل هذه التساؤلات يجب التعرف عليها لمعرفة ما تعمل ولماذا تفعل ؟.. ولعلي بأذن الله أتطرق في موضوعي هذا بشكل مختصر إلى بعض الأحاديث المتعلقة بهذا اليوم المبارك التي أخبر عنها النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وبعض أقوال أهل العلم.

فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ” كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء تركه ” ( رواه البخاري ).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ” قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: “ما هذا ؟ ” قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: ” فأنا أحق منكم، فصامه وأمر بصيامه ” ( رواه البخاري ).

ففي هذين الحديثين الصحيحين إخبار أن صيامه كان قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بل إن سبب صيامه أنه اليوم الذي نجّى الله فيه موسى عليه السلام من فرعون فكان صيامه قبل البعثه أي بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فصامه تأسياً بفعل نبي الله موسى عليه السلام، فوجب علينا أن نتأسى نحن بفعل النبي صلى الله عليه وسلم.


حكم صيام يوم عاشوراء

 

أما حكم صيامه فقد اختلف العلماء في صومه هل كان بواجبٍ أول الإسلام أم سنة، واتفقوا على أنه سنة وليس بواجباً بعد فرض رمضان.. روي عن الإمام أحمد أنه كان مفروضاً لِما روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ” أن النبي صلى الله عليه وسلم صامه وأمر بصيامه فلما افترض رمضان كان هو الفريضة وترك عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه ” ( حديث صحيح )، والظاهر والله أعلم أنه كان في بادئ الأمر فريضة فلما فرض شهر رمضان أصبح صيامه مستحباً كما في الحديث.

ويؤكد ذلك الحديث الذي أخرجه النسائي و ابن ماجه و ابن خزيمة وأحمد وغيرهم بإسناد صحيح قال: ” خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عاشوراء فقال: ” أصمتم يومكم هذا ؟ ” قال بعضهم: نعم وقال بعضهم: لا، قال: ” فأتموا بقية يومكم هذا “، وأمر أن يؤذنوا أهل العروض ـ قرى المدينة ـ أن يتموا بقية يومهم هذا “، ثم نسخ وجوبه لما فرض شهر رمضان..

كما أخرج مسلم عن ابن مسعود: ” لما فرض رمضان ترك عاشوراء ” وكما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.. فلما نزل رمضان كان رمضان هو الفريضة وترك عاشوراء “.

ولكن صيامه يظل مستحباً والنسخ للوجوب كما في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ” فلما نزل رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر ” أي يوم عاشوراء بل الإجماع على استحباب صيامه للأدلة التي ترغب فيه أي سنة مؤكدة كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: ” ما رأيت النبي يتحرى صيام يوم فضَّله على غيره إلا هذا اليوم ( يوم عاشوراء ) وهذا الشهر يعني شهر رمضان ” ( رواه البخاري ) بل فيه دليل على أهمية هذا اليوم وفضله وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على صيامه.


أجر صيام يوم عاشوراء

 

أما بالنسبة لأجره وجزائه، فعن أبي قتادة رضي الله عنه ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام عاشوراء، فقال: ” يكفر السنة الماضية ” ( رواه مسلم ).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه ” أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عاشوراء ؟، فقال: ” احتسب على الله أن يكفر السنة التي تله ” ( رواه مسلم ).

وفي هذين الحديثين تأكيد استحباب صيامه والترغيب فيه وبيان فضله وما فيه من الأجر العظيم فإذا عرفنا سبب صيام يوم عاشوراء، ولماذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يحرص عليه توجَّب علينا أن نعتقد فيه الاعتقاد الصحيح وكذلك أن نعبد الله على بصيرة لأن الله قال: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ).( محمد: 19 )

فيجب علينا العلم قبل العمل لكي نعرف ماذا نفعل ونجتهد في هذا اليوم الاجتهاد الذي يليق به لكي نحظى بالأجر.. أما بالنسبة لليوم الذي يصام فيه فقد اختلف العلماء في صيام هذا اليوم ( يوم عاشوراء ) هل يصام التاسع أم العاشر قال الإمام النووي رحمه الله: ” وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أن يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم وممن قال بذلك ابن المسيب، و الحسن البصري، و مالك، و أحمد، وإسحاق.. وخلائق “. قال وهذا ظاهر الحديث ومقتضى اللفظ انتهى كلامه رحمه الله.

وقال الشافعي وأصحاب أحمد وإسحاق وآخرون ” يستحب صوم التاسع والعاشر جميعاً لأن النبي صام العاشر ونوى صيام التاسع.. وقال العلماء ولعل السبب في صومه التاسع مع العاشر أن لا يتشبه باليهود في إفراد العاشر في الحديث إشارة إلى هذا وقيل للاحتياط وتحصيل عاشوراء والله تعالى أعلم.. وقال بعض أهل العلم إنه يكره صوم العاشر إفراداً.. وقال بعضهم لا يكره ولكن لا يحصل على الأجر التام إذا أفرده.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ” صيام يوم عاشوراء كفارة سنة ولا يكره إفراده بصيام ” انتهي كلامه ( الاختيارات – 110 ).. وقال ابن القيم: فمراتب صومه – أي يوم عاشوراء – ثلاث أكملها: أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم، انتهى كلامه رحمه الله ( الهدي – 76 ). وعلى ذلك يصبح اليوم العاشر آكد الأيام.

قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – والعاشر أوكد من بقية الأيام.

نسأل الله أن يجعلنا ممن يتقرب إليه بالطاعات، والابتعاد عن المنكرات، اللهم إن نسألك حبك وحب من يحبك، وحب العمل الذي يقربنا لحبك، والله أعلم وأحكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


مساعد بن سعد الله العضياني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى