يوسف بن تاشفين كيف انه كان من قادة الحركة المرابطية التي نشأت في المغرب العربي، ونشرت التوحيد والعدل والجهاد في سبيل الله.
وكانت حركة مرنة لفهمها للخلاف، ليس عندهم صراع مذهبي ولا تشدد بالدين، كان عندها مرونة وحرية تعبير.
على عكس حركة الموحدين فيما بعد التي جاءت بتشدد وألغت حركة المرابطين، كانت حركة فيها الكثير من المشاكل.
باسم السلفية المغرقة في التشدد، ألغوا هذه الحركة العظيمة حركة المرابطين.
يوسف بن تاشفين استطاع أن يوحد المغرب العربي وأن ينشر الدين بالذات في القبائل الأمازيغية التي هي أصل المغرب العربي.
العرب جاؤوا فتحوا المغرب العربي، لكن أصل المغرب العربي هم قبائل الأمازيغ.
وحد المغرب العربي ونشر الدين والعدل وكان سلوكه كالخلفاء الراشدين ولذلك اسمه في التاريخ الخليفة الراشد السادس.
تحرير يوسف بن تاشفين الأندلس
وبعدها جاءت النداءات من الأندلس بسقوط طليطلة وهي عاصمة المسلمين في الأندلس وكان حدث خطير جداً سقطت بيد نصارى أوروبا الذي جاؤوا بحرب الاسترداد.
وتظهر عظمة يوسف بن تاشفين عندما جاءته هذه الطلبات، ظهرت بعظمة إيمانه بالله، وأنه لم يأتي من أجل ملك بل جاء من أجل هذا الدين.
ظهرت أيضاً نوع من صلاحه عندما سمي مستجاب الدعوة، الأمير مستجاب الدعوة جاءت من قصة.
عندما انهالت الاستغاثات من أهل الأندلس وحتى ملوك الطوائف الذين كانوا بالأندلس بدئوا يستغيثون بـ أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، أنقذنا من النصارى الذين يأخذون الأندلس.
فنالته هذه الأخبار القادمة من هناك على وضع دولة الإسلام وتسلط الصليبيين على المسلمين.
جمع يوسف الفقهاء والمشايخ المرابطين واستشارهم في ذلك، فأجابوه جميعاً يجب نصرة المسلمين في الأندلس وهو واجب شرعي علينا.
لا يجوز أن نرى إخواننا يسقطون ولو كانوا دويلات أخرى وحكام أخرين لا يجوز أن نتفرج.
عندها يوسف بن تاشفين أرسل في بلاد المغرب العربي مستنفراً الناس للجهاد في سبيل الله ونجدة هذا الدين.
في أوائل سنة 409 هـ عبر أمير المسلمين بجيوشه البحر.
أول ركوبه البحر في سفينة وإذا بعاصفة فجائية اضطرب البحر، هو بحر قصير مضيق جبل طارق، لكن تعالت الأمواج وهدرت منذرة بصعوبة العبور.
هنا نهض الأمير يوسف بن تشافين وسط سفينته وبدأ يدعوا الله مناجيه عز وجل (اللهم إن كنت تعلم أن في جوازنا هذا خيرة للمسلمين فسهل علينا جواز البحر، وإن كان غير ذلك فصعب حتى لا أجوزه)
ما كاد ينتهي من دعائه حتى وهذه العاصفة التي بدأت فجأة قد انتهت فجأة هدأ البحر وسكنت الريح وعبرت الأساطيل بسهولة.
لذلك كانوا يلقبونه بالأمير مستجاب الدعوة.
يوسف بن تاشفين صار عمره كبير.
وعجوز ونرى هذا البطل العجوز المجاهد المتوكل على ربه المستعين به في الشدائد لا يكون بينه وبين ربه إلا أن يقول يا رب حتى يقول له المولى أجبتك يا عبدي.
معركة الزلاقة
عبر زعيم المرابطين يوسف بن تاشفين بجيوشه الكبيرة و المتحمسة للجهاد مضيق جبل طارق يواجه أعداء الإسلام ونجد المسلمين في الأندلس.
عندما وصل الخبر لأهل الأندلس الفرحة غامرة، ونزوله على أرض الأندلس ضجة كبيرة عند أوروبا وعند ألفونسو السادس قائد النصارى في أسبانيا.
فهو أيضاً عندما رأى أن المسلمين في المغرب يريدوا أن يساعدوا المسلمين في الأندلس أعلن ألفونسو السادس النفير العام الصليبي في أوروبا.
فتحرك صليبي إسبانيا وأوروبا وجاء متطوعون بالآلاف بالذات من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، واستمد العون المباشر من بابا روما.
ألفونسو السادس باجتماع هذه القوة الكبيرة عنده أغتر بنفسه، وأرسل رسالة طويلة للزعيم يوسف بن تاشفين يهدده فيها ويتوعده ويصف له قوة جيشه وكثرة جنوده.
هنا البطل العظيم المحنك لم يرد عليه إلا أنه أخذ رسالته بعد ترجمتها قلبها وكتب عليها ثلاث كلمات فقط، كان لها وقع الصاعقة على ألفونسو.
كتب على ظهر رسالته الطويلة، الذي يكون ستراه.
فارتاع ألفونسو وعلم أنه لا يتعامل مع رجل كلام وملوك طوائف، إنما رجل له عزم وحزم.
في اليوم 12 من رجب سنة 479 هـ وكانت يوم جمعة، كانت بلاد الأندلس على واحدة من أكبر وأعظم المعارك في تاريخنا الإسلامي.
واحدة من اللقاءات الحاسمة والمصيرية بين الإسلام والصليبية، المسلمون من أندلسيين ومغاربة تحت قيادة البطل المجاهد يوسف بن تاشفين.
عندما قام بهذه الحركة كان عمره 80 سنة، ومع ذلك ما زال يجاهد على صهوة جواده شاهراً سيفه محمساً جنوده.
والنصارى من إسبان وطليان وفرنسيين وغيرهم تحت قيادة ألفونسو السادس عاهل صليبي أسبانيا.
فكانت معركة الزلاقة الشهيرة في تاريخنا، كانت معركة عارمة وقاسية في منتهى العنف، ثبت فيها كلا الفريقين بقتال لا فرار فيه.
الخطة الذكية التي وضعها يوسف بن تاشفين قامت على أنه يتراجع واستدرج الجيش الصليبي ثم هاجمه من مؤخرة الجيش ونفذ قلب الجيش من وراءه.
ودفع بكتيبة يسمونهم الحرس الأسود، وكانوا شديدي الشراسة من الأمازيغ الأبطال مجاهدين مؤمنين.
استطاعت هذه الكتيبة البطلة أن تقضي على ما تبقى من مقاومة لدى الصليبيين.
وانتهت معركة الزلاقة العظيمية بنصر خالد للمسلمين على الصليبيين وذلك كله بفضل الله عز وجل وثم بفضل القيادة البارعة والحكيمة للبطل العجوز العظيم يوسف بن تاشفين.
توقف يوسف بن تاشفين عن فتح الأندلس
وبعد هذا النصر العظيم الذي حققه يوسف بن تاشفين في الزلاقة، كان من المفروض أن يواصل فتح حتى يستعيد مدينة طليطلة التي سقطت وتحرك من أجلها.
في نفس اليوم وهو يوم الفتح والنصر العظيم في الزلاقة، وهذا البطل بقة سعادته بنصر الإسلام والمسلمين.
جاءه الخبر المفجع الذي قطع سعادته وبدد فرحته خبر وفاة ولده الأكبر وولي عهده أمير أبي بكر وقد تركه أميراً على بلاد المغرب.
صارت المغرب الآن بلا حاكم، اضطر يوسف بن تاشفين أن يعود لبلاد المغرب ليضبط البلاد حتى لا تضطرب بعد وفاة أميرها.
وترك في الأندلس حامية مرابطية فيها حوالي ثلاثة آلاف مقاتل تحت تصرف ملك اشبيلية المعتمد بن عباد، هو لم يأتي منافستهم على الملك هو جاء سند لهم.
وتوقفت مسيرة فتح المرابطين بالأندلس والتقط الصليبيين أنفاسهم، إلا أنه كان قادر على الإكمال وكسح الأندلس، إلا أنه توقف هذا الفتح.
ورجعت أوضاع الأندلس إلى السوء من جديد.
إلغاء حكم الطوائف في الأندلس
بعد عودته جاءته رسائل استغاثة من أهل شرق الأندلس وخاصة في المدن والجزر الشرقية إسبانيا والأندلس بولينيسيا مورسيا وغيرها .
لأنها وقعت تحت تهديد النصارى وعلى وشك أن تسقط من يد المسلمين.
أرسل يوسف بن تاشفين الرسائل إلى ملوك الطوائف الذين كل منهم مشغول بشهواته، 22 ودويلة في الأندلس يتنافسون على الملك ولا أحد منهم يقف أمام النصارى.
فرفضوا أن يتحركوا لنصرة إخوانهم في شرق الأندلس.
هنا تحرك الأمام العظيم الإمام الباجي ومجموعة من كبار علماء الأندلس أصدروا فتوى عظيمة وعجيبة.
أصدروا فتوى بإلغاء حكم ملوك الطوائف والبيعة بيعة كل مسلمين الأندلس يمثلهم علماء الأندلس يبايعون دولة المرابطين.
ألغوا حكامهم، هنا تحرك العلماء عندما شاهدوا أن الحكام يضيعون الدين والأمة وبلادهم.
وأرسلوا وفداً على رأسه الأمام الباجي فتوجه وعبر البحر إلى المغرب وبايعوا يوسف بن تاشفين.
عندما علم المسلمون في الأندلس أنه لا ناصر لهم ولا منقذ لهم بعد الله عز وجل إلا الأمير المجاهد يوسف بن تاشفين.
أرسلوا وفدهم وصرخاتهم أنهم يعلمون لا يريد الدنيا ويريد الله عز وجل وأنه لن يتخلف أبداً عن نجدتهم.
هنا استجاب يوسف بن تاشفين لواجبه الشرعي، وحرك جيوشه نحو الأندلس في شهر ربيع الأول من سنة 481 هـ .
أرسل إلى ملوك الطوائف يطلب منهم الانضمام إليه، هو لا يريد أن يلغي ملكهم أبقوا ولاة على مدنكم لكن ضمن أمة موحدة وشاركوا في الجهاد.
وبعضهم رفض فهجم عليه وألغى ملكه، وطلب من الباقين الذين انضموا إليه للاستعداد للجهاد وكان الهدف تطهير منطقة شرق الأندلس من التهديدات الصليبية.
لكن للأسف هؤلاء الذين شاركوا معه اختلفوا فيما بينهم وكثرة شكواهم من بعضهم على بعض، فتحول إشغاله من الجهاد إليهم.
وصلته المعلومات الدقيقة أن بعضهم بدأ يتعاون في السر، حكام خونه ويتعاونون بالسر مع ألفونسو السادس من أجل إفشال حملة يوسف بن تاشفين.
لأنهم شعروا أن ملكم سيذهب وعندهم أن تذهب الأندلس والدويلات الأخرى وتسقط بيد النصارى ويبقى ملكه على هذه الدويلة.
هذه الأمور أغضبت أمير المرابطين يوسف بن تاشفين وساءه ضعف هذا الوازع الديني لدى هؤلاء الأمراء الذين يفترض أن يكونوا أغير الناس على المسلمين.
فقرر يوسف بن تاشفين العودة إلى بلاد المغرب لكنه كان يضمر شيء آخر.
توحيد يوسف بن تاشفين الأندلس
لم يستطع أن يوحد جيش ممزق وفيه صراعات، عاد وفي نيته شيء أخر.
أعظم وأروع إنجازات علمنا تحققت عندما عاد يوسف بن تاشفين إلى المغرب سنة 482 هـ وقد عرف حقيقة الأوضاع في الأندلس وخيانة الحكام.
ومن خلال نظرته الثاقبة قرر القيام بأعظم أعماله على الإطلاق وهو اسقاط دولة ملوك الطوائف الهزيلة، وتوحيد الأندلس تحت راية واحدة قوية.
تماماً كما فعل من قبل في بلاده في المغرب الممزق.
ما الذي بعث يوسف بن تاشفين على اتخاذ هذا القرار الخطير؟
الباعث الأول والأهم هو الحفاظ على دولة الإسلام في الأندلس وإنقاذها من المحو والضياع.
تأثر يوسف بن تاشفين في البداية بما شاهده من اختلاف أمراء الطوائف وضعف عقيدتهم وانتهاكهم في الترف و انهماك في الشهوات والفسق والضلال، وهذا ما أدى لإرهاق شعوبهم الضرائب الجائرة.
أدرك يوسف أن هذه الحياة الماجنة العابثة التي يعيشها الرؤساء في الأندلس قد أثرت عليهم وأثرت على علاقتهم مع شعوبهم.
وانعكس هذا الترف من الحكام على الشعوب وهي التي قوضت مناعتهم وفتت في رجولتهم وعزائمهم وقعدت بهم عن متابعة الجهاد في سبيل الله.
ومدافعه عدوهم وهو متربص بهم على الدوام، لكنهم مشغولين في الشهوات وخلافها.
هذا الشقاق الذي بينهم لم ينقطع حتى بعد معركة الزلاقة العظيمة.
فقرر أن يقضي عليهم وعلى ملكم لأنه إذا تركها في مجراها سيستولي الصليبيين على كل الأندلس و يعيدونها نصرانية أخرى.
الباعث الثاني عقلية عسكرية استراتيجية ثاقبة، نظر استراتيجي تكتيكي يكشف عن عقلية متقدمة لديه.
عندما رأى يوسف بن تاشفين؛ أن الأندلس على وشك أن تسقط عرف أن أطماع الصليبيين ستمتد إلى المغرب، الأندلس بالنسبة للمغرب تعتبر بعد استراتيجي دفاعي في غاية الأهمية.
وعندها بدأ بالتنفيذ وصدقت توقعات يوسف بن تاشفين.
سنة 483 هـ انتقل البطل العجوز الذي تجاوز ال83 سنة في أعظم إنجازاته ووحد الأندلس وأزال دولة الطوائف الذليلة الخامة.
استفتى كما ذكرنا يوسف بن تاشفين؛ علمائه وأرسل الاستفتاء إلى الغزالي والطرطوشي في بغداد قبل أن يتصرف.
وقال أنا أريد أن أتصرف بحكم شرعي وليس بهوى نفس، فأفتوا جميعاً علماء المغرب وعلماء الأندلس وعلماء المشرق بأنه يجب القضاء على هذه الدويلات.
تحرك يوسف بن تاشفين نح الأندلس بصبر وإصرار استطاع أن ينتقل إلى الأندلس، وبقي يعمل على إزالتها واحد تلوى الأخر لإعادة الأندلس دولة موحدة.
استقلت شعوب الأندلس هذا العهد الجديد بالقوة والوحدة، ولم يؤثر هذا الانتصار على حياته الجهادية والزاهدة وبقي في ورعه إلى أن اقتربت وفاته.
عاش حياته كلها جهاد في سبيل الله.
وفاة يوسف بن تاشفين
بعد قرن واحد من الزمان في 1 محرم سنة 500 هـ وعمره مئة سنة كاملة رحل بطلنا العظيم بعد أن أوقف المد النصراني في الأندلس.
وبعد أن نشر العدل الدين، عاش حياة لم يكن للدنيا فيها نصيب.
ترجل الفارس الشجاع موحد الأمة بعد أن أتم عمله الذي عاش وجاهد من أجله.
إنجازات يوسف بن تاشفين
- وحد بلاد المغرب والأندلس تحت راية واحدة.
- أعاد الإسلام الصحيح بربوع المغرب العربي.
- أزال الظلم وأزال الطواغيت المتسلطين على رقاب العباد.
- صد الصليبيين عن مسلمي الأندلس.
- أوقف حرب الاسترداد الإسبانية فترة من الزمن ورفع شأن المسلمين في المغرب العربي.
في الوقت الذي كانت أمة الإسلام في المشرق تعاني الضعف من التفرق وقد سقط بيت المقدس بيد الصليبيين.
لو قدر أن يكون يوسف بن تاشفين؛ بأرض المشرق لتغيرت الحملات الصليبية تماماً وتغير التاريخ.
وربما تغيرت كل أمور المسلمين لما يحمله هذا الرجل من مشروع كامل وقوي لوحدة المسلمين وإقامة دولة إسلامية على الأساس الكتاب والسنة.
رحمه الله تعالى رحمة واسعة.
المصدر:
يوتيوب/ المبدعون طارق سويدان