حول العالم

الحرب العالمية الأولى في عشرة دقائق


منذ حوالي مائة عام، حدثت حرب حجمها كبير، ورطت أكثر من ستين جندي حول العالم، وسنحاول عرض أحداث ونتائج الحرب العالمية الأولى .

ما هو السياق الأول لحدوث الحرب العالمية الأولى؟

لكي نعرف أصول الحرب العالمية الأولى، يجب أن نعود إلى عام 1841 بعد نهاية الحرب الفرنسية، التي حدثت بين الإمبراطورية الفرنسية والاتحاد الألماني الشمالي، المتحالف مع ولايات ألمانية جنوبية.

حيث أنه وبعد ستة أشهر من الحرب، انهزمت فرنسا أمام الألمان، الذين قاموا بإنشاء الألمانية الموحدة، ونتيجة الحرب كانت هي ضياع الكرامة الوطنية الفرنسية، بعد تنازلها عن مناطق الألزاس والموزال للألمان.

قوة التحالفات بين الدول

في خلال السنوات التي تلت ذلك، تقدمت ألمانيا بقوة في الصناعة والاقتصاد، والإمبراطورية الألمانية، بنت تحالفات مع الامبراطورية النمساوية المجرية.

وبعد ذلك مع المملكة الإيطالية، التي كانت في حالة انزعاج من فرنسا، بسبب استعمارها لدولة تونس، وهؤلاء الثلاثة كونوا الحلف الثلاثي.

وكبرت قوة الإمبراطورية الألمانية، وقررت استعمال الدول الافريقية، من ناحية أخرى، أقامت فرنسا تحالفاً مع الإمبراطورية الروسية.

ومضت سرياً معاهدة عدم اعتداء مع إيطاليا، لكي تتجنب حرب ثانية من ناحية إيطاليا، التي كانت في حالة اندلاع حرب مع ألمانيا.

في هذا الوقت، كانت الإمبراطورية البريطانية، متخوفة من زيادة قوة الجيش الألماني، ومن أسطوله البحري.

فقررت الخروج من العزلة والتقرب من فرنسا، ومن الامبراطورية الروسية، وهؤلاء الثلاثة كونوا الوثاق الثلاثي كحلفاء.

اندلاع الحرب العالمية الأولى

في منطقة البلقان، حصلت أزمة البوسنة، عندما ضمت الإمبراطورية النمساوية المجرية، البوسنة والهرسك لها.

وهذه الحركة أزعجت صربيا، التي كانت تحلم في توحيد الشعوب السلافية الجنوبية، والإمبراطورية الروسية كانت مؤيدة لموقف صربيا، ضد الإمبراطورية النمساوية المجرية.

وفي يوم 28 يونيو في عام 1941، في سراييفو عاصمة بوسنيا، حصلت عملية اغتيال ولي عهد النمسا وزوجته، من شاب صربي قومي.

واتهمت الامبراطورية النمساوية دولة صربيا، بتنظيم الاغتيال، والأزمة تطورت بسرعة كبيرة، إلى إعلان الحرب على صربيا، على الرغم من تهديدات روسيا وتضامنها الكامل مع صربيا.

بهذه الطريقة، انتشرت الحرب في كل أنحاء أوروبا، بين الوثاق الثلاثي والتحالف الثلاثي، باستثناء مملكة إيطاليا، التي قررت أن تكون محايدة في البداية.

خطة شيلفن

أعلنت ألمانيا الحرب على فرنسا وروسيا، وركزت قوتها لاحتلال فرنسا أولاً، لاعتقادها أن تعبئة الجيش الروسي الكبير ستأخذ وقتاً.

وتجنبت ألمانيا قوات فرنسا المركزة على الحدود الشرقية، لمهاجمة فرنسا من الشمال، عن طريق بلجيكا ولوكسمبورغ، البلاد المحايدة للحرب.

الجيوش الفرنسية والبريطانية والبلجيكية، قررت التراجع، وانتقل مقر الحكومة الفرنسية إلى بوردو، خوفاً من وصول الجيوش الألمانية إلى باريس.

القوات الألمانية قررت محاولة حصار القوات الفرنسية، الموجودة على الحدود الشرقية، ولكنها تعرضت لهجوم من جيش باريس، فاضطرت إلى التراجع نحو الشمال، وهذا كان فشلاً لخطة الشيلفن.

السباق نحو البحر

هدف ألمانيا الجديد، كان السيطرة على الموانئ البحرية الاستراتيجية، مثل كاليه دونكيرك وبولوني، حتى تمنع المساعدات والإمدادات البريطانية الفرنسية.

الجيوش البلجيكية، كانت أضعف من صد التقدم الألماني، ففي معركة هيزل، قامت القوات البلجيكية بفتح السدود، التي تتحكم في الماء.

حتى تغرق السهول وتمنع تقدم القوات الألمانية إلى الموانئ، وعند ذلك توقف تقدم الجيش الألماني، وحوصرت خنادق في الجبهة، تمتد إلى سبعمائة كيلو من بحر الشمال إلى سويسرا.

الجبهة الشرقية

باستقرار جبهة الحرب في الغرب، بعثت ألمانيا بقواتها لتعزيز ومساندة قوات النمسا المجر المتعثرة، ضد هجوم الإمبراطورية الروسية.

وبعد التردد، قررت الامبراطورية العثمانية، أن تدخل الحرب إلى جانب ألمانيا، مما أدى إلى فتح جبهات جديدة في الحرب.

واحدة في القوقاز، وفي سينا ضد بريطانيا المسيطرة على سلطنة مصر، بهدف السيطرة على قناة السويس، وجبهة ثالثة كانت في الكويت، لهدف السيطرة على موارد البترول.

وحتى تضعف الإمبراطورية العثمانية، ساندت بريطانيا الحركة العربية في الجزيرة العربية، التي كانت ثائرة ضد السيطرة العثمانية.

في عام 1916 في حملة جاليبولي، هجمت القوات الفرنسية والبريطانية، من ضمنها قوات من أستراليا ونيوزيلندا، على الإمبراطورية العثمانية.

وذلك للسيطرة على مضيق الدردنيل، وتساند روسيا ضد الألمان، ولكن الحملة بائت بالفشل، لأن الجيوش العثمانية استطاعت هزم وطرد قوات الاحتلال.

من ناحية أخرى، المملكة الإيطالية قررت أن تنضم للوثاق الثلاثة، وتحارب النمسا المجر، بعد وعود بكسب بأراضِ جديدة في حالة الانتصار.

التدويل

في آسيا دخلت اليابان في حرب ضد ألمانيا، وسيطرت على مستعمراتها في المحيط الهادي والصين، أما في أفريقيا، تعرضت المستعمرات الألمانية إلى ضغط قوي، من القوات الفرنسية والبريطانية والبلجيكية.

وتم حشد أناس كثر من المستعمرات في أفريقيا، للتعبئة في الجيوش الأوروبية، للمشاركة في الحرب، فرنسا مثلاً.

التي حشدت تقريباً 800 ألف جندي، وأرسلت جزء كبير منهم إلى أوروبا، الإمبراطورية البريطانية حشدت تقريباً 2مليون و700 ألف جندي، نصفهم على الأقل من الهند البريطانية.

في منطقة البلقان حاربت بلغاريا مع دول المركز، الذين هم ألمانيا والنمسا المجر، والإمبراطورية العثمانية، وهاجمت صربيا واحتلها.

التقنيات الجديدة التي استخدمت في الحرب العالمية الأولى

في الجبهة الغربية الإمبراطورية الألمانية، طورت ألمانيا ابتكارات عسكرية، فمثلاً كانوا من أول الدول الذين استخدموا مناطيد زافين، في القصف الجوي.

لندن وباريس، كان يحصل عليهم هجوم جوي بشكل مستمر، والطيران كان يستعمل في البداية للاستطلاعات الجوية فقط، ولكن تم تزويد الطيران، بسرعة بمدافع رشاشة، وهذه كانت أول معارك جوية في تاريخ الحروب.

وابتكرت ألمانيا أيضاً استخدام الغواصات، في المياه الاقليمية البريطانية، وذلك لإغراق السفن البريطانية، ومن الابتكارات الجديدة أيضاً في الحرب، هي استخدام الأسلحة الكيماوية، والغازات السامة، وهذه تسببت في سقوط عدد كبير جداً من الضحايا.

حرب الاستنزاف

في الجبهة الغربية، بقي وضع الخنادق ثابتاً، بالرغم من محاولات فاشلة كثيرة، للاختراق والتقدم تكلفت أرواح كثيرة.

الجنود في الخنادق، كانوا يعيشون في ظروف صعبة وسيئة جداً، بسبب الطين وانتشار الحشرات، والآفات والفئران، وروائح الجثث المتحللة.

الحالة المعنوية العامة للجنود، بدأت تنهار، لدرجة أن بعض الجنود الفرنسيين، تمردوا ولكنهم تعرضوا للقمع.

في الناحية الأخرى، الوضع بدأ يصعب على ألمانيا، التي بدأت تركز على الحرب الاقتصادية، بأن تجعل غواصاتها تغرق وتدمر كل السفن المتجهة لبريطانيا، حتى السفن التجارية.

الثورة الروسية ودخول أمريكا في الحرب

رومانيا التي بقيت محايدة في أول عامين في الحرب، انضمت للحلفاء في عام 1916، ولكنها تعرضت للهزيمة بعد ذلك من دول المركز.

الامبراطورية الروسية، خسرت حوالي مليون وسبعمائة ألف جندي، في معارك ضد ألمانيا والنمسا المجر، وكانت المعنويات منخفضة جداً.

وفي هذا الوقت، قامت ثورة صغيرة في روسيا، أحاطت بالنظام الموجود، وأمريكا كانت تتعرض لحصار تجاري فرضته ألمانيا.

بمنع أي سفن أمريكية من الوصول إلى أوروبا، بالاضافة إلى ذلك، اعترضت المخابرات البريطانية تلغرام ألماني، يعرض مساعدات ألمانية للمكسيك، لإعادة أراضيها من أمريكا.

أمريكا التي كانت محايدة في البداية، قررت أن تدخل الحرب إلى جانب الحلفاء، وهذه كانت من الأشياء التي غيرت موازين القوى.

في روسيا قامت ثورة أخرى، أدت إلى وصول البولشفيك للحكم، وإنشاء الاتحاد السوفييتي، وانسحاب روسيا تماماً من الحرب العالمية الأولى.

نهاية الحرب العالمية الأولى

خف الضغط على ألمانيا من ناحية روسيا، مما جعلها تركز قوتها على الجبهة الغربية، ونجحت فعلاً بالقيام بثغرة جعلتها تقترب من باريس.

ولكن مع تحرك القوات الألمانية السريع، في اتجاه الجنوب، هجمت جيوش فرنسا وبريطانيا وأمريكا، بهجوم مضاد وفككت الدفاعات الألمانية.

في حالة التوتر هذه، بدأ الجنود الألمانيين يتراجعون إلى الشمال، بالاضافة إلى ذلك، صربيا وجنود الحلفاء في جبهة صالونيك.

استطاعوا أن يصدوا احتلال دول المركز وبلغاريا وصربيا، وبالفعل تم تحرير صربيا، واستسلام بلغاريا تماماً.

وفي ألمانيا بدأت تقوم حركات تمرد وثورات، أجبرت الإمبراطور أن يتنازل عن العرش، وهذه من الأشياء التي جعلت ألمانيا تستسلم، وتوقع على هدنة مع الحلفاء.

وهذه كانت نهاية الحرب العالمية الأولى، التي سقط بها أكثر من 18 مليون إنسان.

العواقب الوخيمة التي حصلت بعد انتهاء الحرب

في يوم 28 يونيو في عام 1919 الحلفاء المنتصرين، وقعوا معاهدة السلام، وأعلنوا أن ألمانيا وحلفائها، هم المسؤولين الوحيدين عن الحرب وكل نتائجها.

ألمانيا أصبحت في وضع، أجبرت به أن توافق على كل مطالب الحلفاء، التي كان من ضمنها، دفع تعويضات مالية كبيرة.

وتم تفكيك الامبراطورية النمساوية المجرية والعثمانية، لدول جديدة ومستعمرات، وألمانيا كانت تشعر حينها بالذل، وضياع الكرامة الوطنية.

حيث أن الجيش أجبر على التفكك، وتنازلت عن المستعمرات، و15% من أراض ألمانيا، تم التنازل عنها لصالح فرنسا وبلجيكا والدنمارك وبولندا.

النقطة الإيجابية الوحيدة بالنسبة إلى ألمانيا، هي أنها لم تتعرض إلى أي معارك على أراضيها، وبالتالي كانت القوة الصناعية في ألمانيا، مازالت قائمة، ولكن وضع الإذلال الذي فرض على ألمانيا، ترك في نفوس ألمان كثر، رغبة حقيقية بالانتقام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى