كارثة تغير المناخ: وفقاً لآخر تقرير للأمم المتحدة بشأن المساهمات القومية المحددة لموافقة إتفاق باريس، إنه من المتوقع أن مستوى الإنبعاثات العالمية سوف تزيد بنسبة 0.5% فقط بحلول عام 2030.
ولجعل الحد من الإحتباس الحراري بنسبة 1.5 درجة، فإن الانبعاثات سوف تقل ليس فقط بنسبة 0.5 درجة، وإنما على الأقل بنسبة 45% بحلول عام 2030.
وحتى إذا تحققت أهداف إتفاقية باريس، وهي البقاء تحت درجتين بسبب الديناميكيات الداخلية لنظام كوكب الأرض.
ليس من الممكن استبعاد خطر تتالي نقاط التحول الشاملة، والذي من الممكن أن يدفع نظام الأرض الكامل إلى حالة الدفيئة.
تغير المناخ والعمل الدولي
في سيناريو كهذا، لن يساعدنا أي مقدار من تحليل التكاليف والفوائد، فنحن بالفعل في حالة خطرة للغاية مقاربة عتبة الخطر، حيث لا يوجد نقطة رجوع.
ولكن هناك احتمالية وجود مسار للإشراف، وهو الذي نسابق الزمن من أجله، ولا يزال بإمكاننا إذا استطعنا حقاً العمل معاً.
إن مشكلة تغير المناخ معروفة بصعوبة العمل الجماعي، وأكبر تحدي نواجهه هو خلق ظروف لتجعل العمل معاً ممكناً، مثل نطاق قانوني مناسب كأبسط المتطلبات لأي عمل إنساني.
فكيف يرى القانون مناخ الكوكب، وهل يؤكد عدم قدرتنا على معالجة التغير المناخي ؟
إذا أتيحت لنا فرصة النجاح، لسنا نحتاج فقط لقطع كميات كبيرة من الانبعاثات، ولكن أيضاً نحتاج لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغطاء الجوي عن عمد لاستكمال استعادة المحيط الحيوي على نطاق واسع.
وبذلك يمكننا اكتساب مناخ متوازن، ولكن كيف لهذا أن يحدث إذا كان المناخ المتوازن في الطبيعة غير ملموس قانونياً وغير مرئي اقتصادياً، ولا يبقى داخل حدود أي بلد؟
تغير المناخ ومفهوم المناخ المتوازن
لنفهم المشكلة التي تجعلنا على حافة الخطر، ونفهم أولاً ما هو المناخ المتوازن.
المناخ المتوازن هو مظهر مرئي لنظام كوكب يعمل بشكل جيد، والذي في المقابل يعتمد على محيط حيوي مرن ويعمل بشكل جيد.
هذا التوازن مبني على نمط معين لدوران الغلاف الجوي والمحيطات، نمط لديناميكيات متوازنة لنظام كوكب يعمل.
ويمكن تشبيهه بالآليات التي تتعرض لضرر بسبب الأعمال البشرية، مما يقود التركيب البيوكيميائي للغلاف الجوي إلى ارتفاع الحرارة.
والذي يساهم في ذوبان الجليد القطبي بين عدة عواقب أخرى، مما يغير اختلافات درجات الحرارة بين القطبين والمناطق الاستوائية، والنمط المتوازن للديناميكا الحرارية للكوكب.
ففي القطب الشمالي الآن تظهر العاقبة، وهي عدم استقرار أنماط دوران العلاف الجوي، بالإضافة إلى إبطاء دوران المحيط.
فالطريقة التي تتحرك بها المادة حول الكوكب، تخلق أنماط حركة مستقلة، والتي تطابق مناخاً مستقراً يمكن تصنيفها كمكسب غير ملموس، لكنه أساس كل شيء.
إن النظام الذي يدعم الحياة على الأرض هو أساس الحضارات البشرية، ولكن رغم أن تغير المناخ معروف ككارثة عامة، لكن في عالم القانون، المناخ المستقر غير معترف به كمصطلح.
المسألة الكبرى المهددة للخطر هي أن المعايير الصحيحة ليست بشيء مادي، لا يمكننا أن نلمسها أو نقسمها وهي تمر عبر الحدود، ولن يمكن فعل أي مطالبات سيادية.
وبما أن الحالة القانونية للمناخ ليست واضحة، فما هي معايير تغير المناخ من منظور القانون عندما تدخل التغيرات المناخية مخططات الأمم المتحدة، ؟
تغير المناخ والمناخ المستقر من المنظور القانوني
عام 1988 كان هناك اقتراح لإدراك مناخ مستقر كميراث مشترك للبشرية، ولكن رفضت الدول أن تقبل المصلحة المشتركة، واختارت نهجاً مختلفة.
التغير المناخي مسألة تخص البشرية بأكملها، والذي مازال في إطار قانوني لاتفاقية باريس يسمى مصدراً للقلق، وهو مفهوم سياسي مبهم.
أي أننا قلقين بشأن شيء ما، ولكن بمصطلح قانوني، حتى اليوم لا أحد يعرف أين المشكلة، فنحن لا نعرف حقوق وواجبات الدول التي تبعت هذا القلق.
وعلى الجانب الآخر، فقبول مصطلح الميراث يعني أننا نقبل وجود هذا الصالح المشترك الحقيقي الذي ينتمي للجميع.
وتحت معيار القلق الحالي، فإن كل دولة تلتزم بإنتاج انبعاثات أقل، ولكن حتى لو تم تحقيق ذلك في النهاية، فحصيلة ضرر أقل ما زالت ضرراً.
إنها لعبة ذات حصيلة سلبية، ولكن النمط الحالي أيضاً يضيف بعداً آخر. ففي كل الأحوال الانبعاثات موجودة.
ومن أجل التعرف على قيمة التخلص من الانبعاثات المصرحة، فإن تقليل أو تنظيف كل الانبعاثات لمصلحة الجميع ليس له قيمة، وهذا يحدث بسبب أن أسلوب القلق لا يؤخذ في الاعتبار.
وبالتالي، فإن إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي لمصلحة البشرية بأكملها هو كتنظيف شيء لا ينتمي لأحد، ولن يعوضك أحد عملك لمصلحة الكوكب.
فلا يوجد اليوم آليات اقتصادية لتعويض المكاسب التي قام بها أحد لصالح الجميع، وفي المسألة الحالية للنموذج القانوني فلدينا فقط آليات للقضاء على الانبعاثات.
قيمة الاستقرار المناخي
ما هو الأكثر قيمة؟ العمل البيوكيميائي غير المرئي الذي تنتجه الغابات ليتوازن المناخ، أم قطع الشجر لاستخراج الأخشاب؟
لسوء الحظ، فإن النظام الاقتصادي الحالي يقدّر السلع فقط، مثل الأخشاب، فول الصويا، الأبقار وغيرهم.
بينما القيمة الحقيقية ليست بشيء مادي يعطى، إنها شيء يصنع على مر تاريخ الاقتصاد، وثروة اليوم هو صنع ضرر أقل وتجنب الخسائر.
الذي يخلق قيمة حقيقية لمجتمعاتنا، هو المكسب غير الملموس الذي تصنعه الطبيعة، الذي يحافظ على استقرار المناخ.
فاقتصادنا الحالي يعطي قيمة للأشياء الخاطئة ويتجاهل أو يقلل من شأن الطبيعة، وهذا يحدث لأننا غير قادرين على التعرف قانونياً على الصالح المشترك العالمي غير الملموس.
وبالتالي العمل الطبيعي الذي يشجع الحياة على الأرض يعتبر عاملاً ثانوياً بالنسبة للاقتصاديين، مع أن عمل الطبيعة ذو قيمة أعلى للكوكب.
ولتقديم هذه القيمة للاقتصاد، هناك حاجة لاختراع قانون يعرّف الآليات الطبيعية ويقدّر ما يهم حقاً، ويبني اقتصاداً متجدداً مع نظام حكم مستقر للمحافظة على مناخ مستقر.
آليات حماية البيئة
قامت العلوم الاقتصادية بالفعل بتصميم الآليات لتجنب إماتة الأراضي المشاع ولإتاحة العمل الجماعي لإدارة المشاعات، وصممت علوم البيئة أيضاً الحدود البيئية.
لذا، فإننا نملك شروط تحديد الآليات الفعالة وإدارتها كعامل مشترك للجميع.
لذا فإن مناخاً مستقراً كميراث مشترك للبشرية، يحتاج الى الإبتكار القانوني، الذي يعطي قيمة لصنع الطبيعة بدون تخريبها، ولأخذ فوائدها للمناخ.
ويمكن وضع أنشطة تسترجع وتحافظ على مناخ مستقر في الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة، لتشجيع كل جهة فاعلة ليس فقط لتجنب الضرر، ولكن لإنتاج نوافع للصالح المشترك.
هذا ممكن فقط من خلال وجود نظام مسؤول قادر على إعطاء تأثير اقتصادي لكل من التأثير الايجابي و السلبي الذي ينتجه الجميع للصالح المشترك.
ومع الحدود البيئية، يمكننا أن نحدد مساحة آمنة للبشرية، والعامل المشترك الكوني الذي سيوحدنا جميعا، وحول الصالح المشترك، لتنظيم النظام الحكومي لإدارة استخدامها.
وقف تغير المناخ من النظرية الى التطبيق
إن إعادة التفكير في الحالة القانونية لتغير المناخ هي ليست مناقشة نظرية، وإنما هي هي احتمالية تجاوز عقبة عدم قدرتنا الحالية لإتخاذ قرارات للعمل المشترك العالمي.
فبعد المفاوضات على الميثاق العلمي للبيئة، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تؤجل عملية التصريح على مستوى أعلى متوقع لعام 2022 في الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين للبرنامج البيئي التابع لها.
وهذه فرصة مميزة لمعالجة النظام بأكمله، بما فيه التغير المناخي، فأزمة التنوع الأحيائي والأوبئة العالمية جميعهم مترابطون.
ونحن نحتاج أن ندرك، نستعيد ونحمي بيتنا البيئي غير الملموس وغير المرئي، يجب أن نخلق منارة للأمل لجيلنا والأجيال القادمة.
اقرأ أيضاً… التغير المناخي قد يسبب انقراض البشر
اقرأ أيضاً… اتفاقية باريس للمناخ ومعضلة التزام الدول بها