سارس كورونا 2 : في يوم 7 شباط وبالتنسيق مع اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات أعلنت منظمة الصحة العالمية اختيار إسم SARS-CoV2 للفيروس الذي انتشر في الصين مؤخراً.
واختاروا أيضاً إسم COVID-19 اسماً للمرض الذي يسببه هذا الفيروس.
كيف تمت تسمية سارس كورونا 2
هناك قواعد تتبع حينما يتم اختيار إسم الفيروس الجديد، على سبيل المثال البعد عن إلصاق الإسم بمكان أو بشعب ما.
خوفاً من وصم هذا المكان أو الشعب في المستقبل بسبب اقتران إسم المرض به.
وطبعاً الإسم يعكس درجة القرابة الجينية بين الفيروس الجديد والسارس كورونا ون القديم الذي ظهر في عامي 2002 و 2003.
منذ ظهور سارس كورونا 2 هناك العديد من الأسئلة التي تشغل بال المتخصصين وعامة الناس على حد سواء.
ما مدى خطورة المرض؟ كيف ينتشر؟ ما هي الوسائل العلاجية والوقائية المتاحة؟ ومن أين أتى؟
في ظل المعلومات العلمية الموثقة المتوفرة خلال الأسابيع القليلة الماضية، سنتحدث عن انتشار المرض والوسائل العلاجية التي يتم تجريبها حالياً.
خطورة مرض COVID-19
على الرغم من التزايد الملحوظ في عدد الاصابات وتفوق سارس كورونا 2 على سارس كورونا 1 وميرس في عدد الوفيات.
إلا أن معدل الوفيات لا يزال حتى الآن يتأرجح ما بين 2-3% مقارنة ب 10% لسارس و 35% في ميرس.
ولو ركزنا أكثر على معدلات الوفيات وقمنا بتقسيمها حسب الشرائح العمرية المختلفة سنجدها أعلى في المراحل العمرية المتقدمة.
وقد تصل إلى 15% وهذا معناه أن وجود مشاكل مرضية أخرى مصاحبة لعدوى سارس كورونا 2 تزيد الأمور سوءاً.
أكثر المعرضين للإصابة هم الأطباء وأعضاء الأطقم الطبية بشكل عام، حوالي أكثر من 3000 حالة إصابة تم تسجيلها في المستشفيات.
وبعد متابعتنا لسلوك انتشار المرض خلال الشهرين الماضيين نستطيع وصفه بأنه سريع الانتشار والعدوى أكبر من سارس كورونا 1 وميرس.
لكنه أقل ضراوة من الاثنين، وفي 80% في الحالات لا يتعدى توصيف المرض إنه طفيف، ويتماثل المصاب للشفاء بعد تلقيه العناية الطبية خلال فترة المرض.
فلو كان سريع الانتشار وعالي الضراوة في نفس الوقت لكانت الحالة مأساوية بشكل كبير.
والتفسير المنطقي لكثرة عدد حالات الوفاة، هو أنه انعكاس لسرعة انتشار الفيروس إلى عدد كبير من الحالات وفي وقت قصير.
لماذا سارس كورونا 2 ينتشر بسرعة كبيرة
الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي بشكل عام تنقسم إلى ثلاثة أنواع:
- نوع يتكاثر بسهولة في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي وهي منطقة الأنف والحلق.
- النوع الثاني يتكاثر بسهولة في المنطقة السفلى من الجهاز التنفسي وهي منطقة الرئة.
- والنوع الثالث يصيب المنطقتين.
وكلما كان تكاثر الفيروس مركزاً بشكل أكبر في المنطقة العليا من الجهاز التنفسي كلما كانت فرصة انتشاره أسهل وأسرع لأنه يخرج بكميات كبيرة مع الإفرازات التي تخرج من المصاب
سارس كورونا ون الذي ظهر في عامي 2002 و 2003 لا ينتمي إلى النوع الذي يتكاثر بشكل أكبر في الجزء السفلي من الجهاز التنفسي.
وبالتالي كانت فرصة انتقال العدوى أقل نسبياً، والشخص المصاب لم يكن ينقل العدوى إلا عندما تظهر عليه الأعراض.
وبالتالي السيطرة على انتشار المرض كانت أسهل.
فيروس سارس كورونا 2 من أي نوع
الصورة التي تتشكل أمامنا عن الفيروس أنه ينتمي للنوع الثالث الذي يتكاثر في الجزء العلوي والجزء السفلي من الجهاز التنفسي.
وبالتالي فإن معدل انتشاره من المتوقع أن يكون عالياً.
والمعلومة المثيرة للقلق أكثر أن هناك بعض الشواهد التي تقول أن المصاب قادر على نقل العدوى قبل بداية ظهور الأعراض.
أي أن المصاب يحمل الفيروس الذي يتكاثر بكميات كبيرة في الجهاز التنفسي العلوي ولا يشعر بشيء ويعيش حياته بشكل طبيعي.
ويتنقل ويختلط بالناس وتكون فرصة انتشار العدوى أكبر ومقدرتنا على السيطرة على انتشار المرض ستكون عالية.
فترة حضانة سارس كورونا 2
كم تكون فترة الحضانة التي يتكاثر فيها الفيروس في الجهاز التنفسي للشخص المصاب قبل أن تظهر عليه الأعراض ؟
تقول دراسة منشورة على الدورية العلمية Euro Surveillance أن المتوسط حوالي ستة أيام لكنها يمكن أن تتراوح من يومين إلى 11 يوماً.
لذلك ستجد أن فترة الحجر الصحي لأي شخص عائد من الصين تستمر مدة 14 يوماً حتى يتم التأكد من خلوه من العدوى.
دراسات بحثية حول سارس كورونا 2
في ورقة بحثية قصيرة منشورة في 19 شباط في مجلة مهمة تدعى The New England Journal of Medicine.
أجريت دراسة على 18 شخصاً في الصين مثلوا بقعتي مرض في عائلتين وكان فيهم واحد لا يظهر عليه أية أعراض.
وهذه الدراسة المهمة توضح وجود نسب عالية من المادة الوراثية الخاصة بفيروس سارس كورونا 2 في مسحات الأنف والحلق.
التي أخذت من الأشخاص الذين تمت عليهم الدراسة، وفي مراحل مبكرة جداً من المرض قبل ظهور أي أعراض.
تجعل الناس تشعر أن شيئاً ما خطأ يجعلهم يلجأون إلى الطبيب أو المستشفى فيتم تشخيصهم بشكل سليم.
والشخص الذي لم تظهر عليه أية أعراض في الدراسة، وجدوا في عيناته نسب عالية مماثلة من الفيروس مثل بقية الأشخاص.
وفي دراسة أخرى في ألمانيا منشورة بنفس المجلة أجريت على مواطنين ألمان عائدين من ووهان ووصلت إلى نتائج مشابهة جداً.
وهذا معناه أننا نتعامل مع فيروس قادر على الانتقال من شخص مصاب إلى سليم قبل ظهور الأعراض أو في ظل وجود أعراض خفيفة جداً.
ويمكن لهذه الملاحظات أن تفسر لنا لماذا ينتشر الفيروس بمعدلات عالية داخل الصين وللأسف الشديد في طريقه إلى الانتشار خارجها.
مؤشر انتشار الوباء RNOT
هناك بقع لانتشار العدوى في ثلاث دول غير الصين هم كوريا الجنوبية وإيران وإيطاليا.
ولا أخفيكم سراً الموضوع يتجه إلى باتجاه غير مطمئن، وفرصة نجاحنا في وقف انتشار الوباء تقل مع الوقت.
وكمحاولة لوضع صورة الوباء الحالي في قالب رقمي ومحدد، يقوم المتخصصون في علم الوبائيات بحساب مؤشر اسمه RNOT.
وهذا الرقم يعبر عن مدى قابلية الفيروس في الانتشار، فشخص واحد مصاب يمكن أن ينقل العدوى إلى عدة أشخاص سليمين.
رغم أن الرقم غير ثابت ويمكن أن يتأثر بالظروف البيئية لكنه مؤشر مهم ويقول لنا إلى أين نتجه.
الحسابات الحالية تقول أن مؤشر RNOT الخاص بفيروس سارس كورونا 2 يتراوح ما بين 3 إلى 4 تقريباً.
ويمكن لشخص واحد مصاب أن ينقل العدوى إلى ثلاث أو أربع أشخاص.
طالما الرقم يزيد عن 1 معناه أن الفيروس مازال في مرحلة الانتشار، فإن انخفض عن 1 فهذا يعني أن الوباء بدأ بالانحسار.
لكي ننجح في السيطرة على الانتشار نحتاج إلى تقليل عدد الإصابات التي تحدث كل يوم بنسبة 7%.
وبغياب أي أدوية أو تطعيمات لا تزال محالات السيطرة على انتشار الوباء تعتمد بشكل كبير على اتباع القواعد الصحية الأساسية.
والتعرف على المصابين وعزلهم وتجنب الاحتكاك بهم.
كيف تنتشر عدوى الفيروس
المعلومات المتاحة لحد الآن تقول أن انتقال العدوى يتطلب احتكاكاً لصيقاً مع الشخص المصاب أو إفرازاته او الأسطح التي يلمسها.
أو ما يطلق عليه المتخصصين Droplet Transmission هذه القطرات التي تخرج مع إفرازات المريض تكون ثقيلة الوزن.
وبالتالي تسقط في البيئة المحيطة بالمريض ولا يحملها الهواء لمسافات بعيدة.
والفيروس الموجود على الأسطح في البيئة الخارجية قادر على إحداث العدوى لمدة ما زالت مجهولة.
مدة انتشار العدوى
لا توجد دراسات قامت على سارس كورونا 2 ، وكل المعلومات المتاحة لنا اليوم مبنية على دراسات قامت على سارس كورونا ون.
وبحسب دراسة تتراوح المدة ما بين 4 إلى 6 أيام وقد تصل إلى 9 أيام.
لم يتوفر دليل قوي حتى الآن أن سارس كورونا 2 قادر على الانتشار عن طريق الهواءAirporn transmmission.
وهذا يحدث عندما تجف القطرات الخاملة للفيروس فيخف وزنها وتظل معلقة في الهواء الذي يحملها معه إلى مسافات بعيدة.
مثل ما حدث بالفعل مع سارس كورونا ون ويمكن أن تكون هذه رحمة من الله علينا في هذا الأمر.
أعراض الإصابة بالعدوى
بالإضافة إلى الأعراض التنفسية المعتادة، لاحظ الأطباء ظهور أعراض غثيان وإسهال على المرضى المصابين بسارس كورونا 2.
وبعض الدراسات تمكنت من عزل الفيروس من عينات البراز المأخوذة من المرضى.
مما فتح جدالاً يدور حالياً حول ما إذا كان السارس كورونا 2 قادراً على أن يعدي الخلايا المبطنة للجهاز الهضمي.
وإذا كانت العدوى بإمكانها الانتقال عن طريق الفم أم لا.
وهذ يفتح جبهة أخرى مختلفة لا نستطيع مجابهتها حالياً عن أن ذلك احتمال قائم لكنه غير مؤكد حتى الآن.
طفرات فيروس كورونا
بعض الناس يقلقون من حدوث طفرات في الفيروس أثناء انتقاله بين البشر تجعله أكثر ضراوة، لكن موضوع الطفرات أمر متوقع.
وهي خاصية بيولوجية متأصلة في طبيعة الفيروس، لكن ما يطمئن أن أغلب هذه الطفرات التي تحدث لم تكن ضارة.
فلا تكسبه خصائص جديدة مع أن الاحتمال قائم رغم ضآلة الفرصة.
بحوث تطوير أدوية علاج كورونا
هناك مجهودات بحثية كثيرة تجري حالياً لتطوير أدوية وتطعيمات لسارس كورونا 2 لكنها ستتطلب بعض الوقت.
لذلك في العديد من التجارب السريرية تحاول إعادة تطويع بعض الأدوية المتوفرة بالفعل لعلاج سارس كورونا 2.
على سبيل المثال بعض أدوية HIV التي تنتمي إلى عائلة Brokeys Inhabitors، وهناك بصيص أمل أن تكون لهذه الأدوية تأثيراً فعالاً ضد السارس كورونا تو.
وهناك عقار كيميائي اسمه راندوسيفير تطوره شركة غيلياث كان له تأثير جيد على سارس كورونا 2 في بعض التجارب المعملية.
وفي بعض التجارب التي تمت على الحيوانات المعدية بفيروس ميرس الذي ينتمي لنفس عائلة سارس كورونا تو.
هذه نتائج أولية مبشرة بالخير لكن الله أعلم هل ستنتهي بنا إلى دواء نستخدمه مع البشر، هذا ما ننتظر رؤيته.
هذه هي كمية المعلومات التي توفرت لنا خلال السابيع القليلة الماضية عن طرق انتقال سارس كورنا تو.
ولماذا ينتشر بمعدلات متسارعة، وما هي طاقات الأمل التي لا تزال مفتوحة أمامنا للسيطرة على انتشار الوباء.
المصادر
قناة virolvlog
المراجع
https://www.eurosurveillance.org/content/10.2807/1560-7917.ES.2020.25.5.2000062
https://www.nejm.org/doi/full/10.1056/NEJMc2001737
https://www.nejm.org/doi/10.1056/NEJMc2001899
https://www.journalofhospitalinfection.com/article/S0195-6701(20)30046-3/fulltext
https://www.nature.com/articles/s41422-020-0282-0
https://www.nature.com/articles/d41573-020-00016-0
https://www.pnas.org/content/early/2020/02/12/1922083117
جميع الحقوق محفوظة لموقع ماكتيوبس للنشر والتوثيق 2020 / MakTubes.com