إسلامشخصياتقصص وحكايات

قصة سفيان الثوري


سفيان الثوري وفضائله

مقدمة عن سفيان الثوري

هو سفيان بن سعيد الثوري، يعرفه الكثير من الناس ومن عوام المسلمين سمعوا باسمه، هذا الأمام العابد الزاهد نحسبه كذلك والله حسيب.

من العلماء الذين افتري عليهم وذكرت بعض القصص في سيرته وهي موضوعة مكذوبة، كما هو الواقع في بعض العلماء.

مر معنا أبو حنيفة رحمه الله ذكر عنه بعض القصص المكذوبة، إما من قبل محبيه أو من قبل المجافين والحاسدين والحاقدين، فسفيان الثوري أبو عبد الله ممن ناله شيء من ذاك.

ولد في أواخر الخلافة الأموية سنة ٩٦ أو ٩٧ للهجرة وعاش إلى سنه ١٦١، ويعرف أن الخلافة الأموية سقطت في أواخر سنة هـ130و قامت الدولة العباسية هـ١٣١.

 ولد في زمن الدولة الأموية وعاصر بعض خلفائها ثم أدرك قرابة الثلاثين سنة من الدولة العباسية.

قصص مكذوبة عن سفيان الثوري

ذكر في الحقيقة في بعض كتب التراجم والسير، طلبه أبو جعفر المنصور أحد خلفاء بني العباس، ولاذ فراً سفيان الثوري من العراق إلى مكة وكان قد أراد أن يبطش به.

فالقصة لأنه لاذ بالبيت أي بالكعبة وقال كلمة تنسب إليه وهو بريء منها، قال (أكون بريء منك إذا دخل أبو جعفر مكة) والعياذ بالله.

يقال كان يناجي الله سبحانه وتعالى، وهذا مستحيل من غير الممكن أن يقولها مسلم وفي قلبه خشية من الله، فكيف ينسب مثل هذا الكلام لإمام من أئمة المسلمين.

يقولون إن أبو جعفر لم يدخل مكة وتوفي، وهذا كذب فلا يقول رجل مسلم أنا بريء منك مهما كان الحال والظرف الذي يمر فيه، وهذا مثال على القصص المكذوبة على الإمام الكبير.

من هو سفيان الثوري؟

هو سفيان بن سعيد ابن مسروق بن رافع بن عبد الله بن موهبه بن أبي عبد الله بن منقذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبه بن عامر بن ملكان بن ثور، فهو نسب إلى جده العاشر الثوري ابن ثور ابن مناه بن أد بن طابخة بن لياس إلى آخره النسب فهذا هو نسبه عليه رحمة الله.

ولد 97 هجري، كان من بيت علم وعمل، فأبوه محدث سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، وكان من أصحاب الشعب، ويعد من سادات التابعين.

وأخذ العلم عن الكبار وأخذ العلم عنه جملة من المحدثين من ضمنهم ابنه سفيان، ولا شك أن هذه نعمة وفضل من الله تعالى أن يجعل الإنسان ينشأ في بيئة صالحة من أبوين صالحين يحثانه على العلم والقرآن.

لا يستوي الذي نشأ في بيئة صالحة من أبوين صالحين مع من ينشأ في بيئة فاسدة ويكون أول أعداءه أقربائه.

نعمة المنشأ الصالح

كم من الناس يعانون، يلتزم الشاب ويستقيم ويهتدي أو تلتزم الفتاة وتستقيم وتتحجب، ويكون أول أعدائهم والمستهزئين لهم أقربائهم أبوه أمه أخواته أعمامه.

فلا شك أن هذا يزيد من الابتلاء ويحتاج لمزيد من المجاهدة والمعاناة والأجر على الله قدر المشقة.

وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة (أجرك على قدر نصبك)، فالذي وفق أن يكون في بيئة صالحة عليه أن يحمد الله، وعليه أن يعلم أن هذه حجة قد أقيمت عليه لا عذر له عند الله إذا أتى في ذلك اليوم العظيم، فيذكره الله عز وجل بنعمه الكثيرة عليه.

ومن هذه النعم قد خلقت وأخرجتك من أبوين صالحين فكان يفترض هذا أن يعينك بدل من أن تشذ، لكن من الممكن أن يخرج الولد الفاسق من الأب الصالح ومن الممكن أن يخرج الولد الصالح من الأب الفاسق.

ألم يقل الله تعالى (يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي)، قد أشار إليه بعض أهل العلم، إذاً المراد من هذه الآية أن يخرج الولد الصالح من الأب الفاسد والعكس.

وكم رأينا ومر معنا من أناس ملحدين بلغ بهم الحال لدرجة الإلحاد، وتجدوا ابنه من أصلح عباد الله، والعكس كم من أناس كانوا علماء ربانين تنظر إلى أبنائهم يكونون من البعد عن شرع الله بل يكونون من الفسقة.

لكن ليس هذا هو الأصل (الْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا) هذا هو الأصل، أن الإنسان إذا كان صالح في نفسه وقام بما يجب عليه مع أبناءه وبناته من الأمر بالمعروف النهي عن المنكر والتوجيه بالتي هي أحسن، فإن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا.

ثناء العلماء لسفيان الثوري

ولد في خلافة أمير المؤمنين سليمان بن عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي، وكان مولد بالكوفة لذلك ينسب للكوفة.

هذا الإمام الكبير العلم سفيان الثوري قد أثنى عليه العلماء ثناءً عظيماً، وقد قالوا فيه أقوالاً يصعب حصرها.

 ما قال عنه وكيع بن الجراح الإمام الكبير (كان سفيان بحراً من العلم لا ينفد آخره بعيد غوره).

وقال الأوزاعي رحمه الله (لم يبقى من تجتمع عليه الأمة بالرضى والصحة إلا سفيان) أي بصحة المعتقد ونقل الحديث.

وقال ابن المبارك (لا أعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان).

وقال سفيان بن عيينه (ما رأيت احداً أفضل من سفيان ولا رأى سفيان مثل نفسه) أي في زمانه، كان يعيش هو في زمان العلماء فيه كثر والعباد فيه كثر والأئمة فيه كثر.

فكون العلم يفوق كل هؤلاء الأئمة، فلا شك أنه على قدر راسخ من العلم وباع طول من الفقه والزهد حتى يعلوا الأئمة في زمانه.

 قال أبو بكر بن عياش (إني لأرى الرجل يصحب سفيان فيعظم) وهذا شأن أهل العلم أن الذي يصحبهم لا شك أنه يشرف بشرفهم والعكس صحيح.

كما قال الله تعالى (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29)سورة الفرقان

قصة الإمام أحمد بن حنبل وبقية بن مخلد

فالمرء على دين خليله ولينظر المرء من يخالل، الإمام أحمد رحمه الله أحد تلاميذه بقيه بن مخلد و قد أتاه من بلاد الغرب، ضرب ألوف الكيلو مترات وقد كاد أن يقتل مراراً مشياً على الأقدام.

لكن تتخيل يأتي من أقصى المغرب مشيا على قدميه ليصل إلى بغداد عاصمة الخلافة  العباسية وإلى حاضرة العلم والعلماء آنذاك، ليلقى الإمام أحمد بن حنبل فيأتيه.

فإذا أحمد في المحنه، في محنه خلق القرآن وقد منع من التحديث، ثم بعد قصة طويلة الإمام أحمد حدث بقيه في بعض الأحاديث، ثم افتقد بقيه في مجلسه بعدما فرجت المحنة وكشفت الغمة.

وخرج أحمد رحمه الله أخذ يتحدث كعادته أخذ يتفقد طلابه، افتقد بقية بن مخلد فقيل له أنه مريض فذهب إليه، وإذا بقيه ساكناً في فندق لأنه ليس من أهل بغداد أي في نزل.

وصاحب الفندق لا يعرف من بقيه بن مخلد، لكنه تفاجأ أن في الخارج زحمه و ناس وصياح، فتوقع أنه أتاه خليفة أو أمير، سأل من؟ قالوا أبو عبد الله الإمام أحمد.

وطبعاً الإمام أحمد إمام أهل السنه والجماعة، فخرج إليه صاحب الفندق مسرعاً وهو يرحب به ويقول له حللت أهلا ونزلت سهلا.

تفضل نعم خدمة فقال: أردت أن أزور شخصاُ عندك أسمه بقية، فاستغرب صاحب الفندق وقال: تعرفة، قال: نعم أعرفه فدخل عليه الإمام أحمد وزاره.

فيقول بقية بن مخلد عن نفسه بعد هذه الزيارة أصبحت أكرم بالطعام والشراب والمسكن من قبل صاحب الفندق كرامة للإمام أحمد.

الإنسان يشرف بمن يصاحب ومن يجالس، ولكن يحذر الإنسان أن يكون في هذا الأمر رياء وسمعة بعض الناس.

تقول في تلفوني رقم الشيخ فلان وفلان وامس كنت جالس مع هذا الشيخ وقبل أسبوع كنت عنده في بيته وأنا أمون عليه إذا أتيت لا أجلس إلا عنده مثل هذا الكلام من الكذب والتسميع والرياء أمر قبيح.

ومثل هؤلاء العلماء لا يقربونهم غالباَ، لأنه يكون صاحب مصلحة وليس عنده جديه في طلب العلم، لأن العلماء الربانيين من أفرس عباد الله، ينظرن بنور من الله سبحانه وتعالى.

هذا تعليق عنما ذكره أبو بكر بن عياش عن يحيى بن معين، هؤلاء الأسماء من نتحدث عنهم أناس قمم من العيار الثقيل واحد بمئة ألف في زماننا.

سفيان الثوري والفقه بالدين

فعندما يقولون الكلام العظيم ويزكون سفيان الثوري بهذه التزكية العظيمة لك أن تتخيل فضل وقدر سفيان.

قال ما خالف أحد سفيان في شيء إلا كان القول قول سفيان، أي رجل وعالم لا يمارا في الضبط والحفظ إذا اختلف مع أحد في مجلس مذاكرة، وهذا كان أمر سنه عندهم يتذاكرون الحديث.

يتعاونون على البر والتقوى والطاعة وطلب العلم، أي إذا قالوا سند كذا او متن كذا دائما يكون القول ما قال سفيان، فدائما حفظ سفيان ضبط سفيان فيقولون كضبط وحفظ واتقان سفيان ابن الثوري عليه رحمة الله.

وقال شعبة بن الحجاج أمير المؤمنين (قال شعبة وسفيان بن عيينه وأبو عاصم النبيل ويحيى بن معين وغيره واحد من العلماء، أبو سفيان أمير المؤمنين في الحديث).

وهذه شهادة من فك أسد، أي كلمة ثقة لا تخرج منهم إلا بالتي والتي.

ورواة الحديث كانوا يفرّون منه، خاصة من أبي زكريا يحيى بن معين كان يخاف إذا قال ضعيف، خلص انتهى، فمن ذا الذي يحصل كلمة ثقة من أمثال هؤلاء، فكيف إذا قالوا أمير المؤمنين في الحديث.

وقال يونس بن عبيد ما رأيت أفضل من سفيان، فقال له رجل يا أبا عبد الله يقول ليونس (رأيت سعيد بن جبير ورأيت إبراهيم النخعي ورأيت عطاء عالم مكة ورأيت مجاهد ابن جبر من تلامذة ابن عباس هؤلاء الكبار رأيتهم وتقول ما رأيت أفضل من سفيان الثوري وتقول هذا).

فقال هو (أقول والشهادة لله ما رأيت أفضل من سفيان الثري حتى بعد ذكرك لهؤلاء القمم).

وروى وكيع عن شعبة قال: سفيان احّفظ مني.

وقال عبد العزيز بن رزمه: (قال رجل لشعبة خالفك سفيان فقال شعبة دمغتني أي ألجمتني.

وقال المهدي رأى أبو إسحاق السبيعي سفيان الثوري مقبلاً يمشي، فقال أية الله في سورة مريم (وآتيناه الحكم صبيا)، تذكر هذه الآية عندما رأى هذا الإمام الكبير.

كذلك يقول عبد الله بن المبارك، كتبت عن ألف ومائة شيخ ما كتبت عن أفضل من الثوري.

وقلنا ذلك في تراجم سابقة مع ذكر هذه الفضائل للأئمة الكبار، لا ندعي لأحد العصمة كما ادعاها اليهود والنصارى لأحبارهم ورهبانهم.

وكما ادعى أهل البدع لما يسمونهم بمراجعهم يدعون العصمة لهم، نحن من أهل الإسلام كلن يأخذ من كلامه ويرد إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم.

بعض المآخذ في حياة الثوري

فسفيان الثوري على هذه الجلالة العظيمة كان فيه بعض التشيع لعلي بن ابي طالب.

يقول الحافظ الذهبي، كان سفيان الثوري رأس في الزهد والتأله، أي التعبد والخوف من الله، رأس بالحفظ في معرفة الآثار، رأس بالفقه لا يخفي الله لومة لائم من أئمة الدين.

ثم قال واغتفر له غير مسألة اجتهد فيها وفيه تشيع يسير، كيف هذا التشيع اليسير؟ قال: كان يثلث بعلي ومعتقد أهل السنة والجماعة.

كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيميه في رسالته العظيمة الواسطية قال (بأن اهل السنة والجماعة يخطئون من يقدم علي على عثمان بالفضل وليس بالخلافة)، أي من قال علياً أفضل من عثمان بالفضل أما بالخلافة اجمع المسلمون.

كما قال أحمد بن حنبل الإمام رحمه الله قال من قدم علياً على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار.

أهل الشأن وأهل زمانه الأنصار أجمعوا على مبايعة عثمان على علي في الخلافة، قال من قدم علي على عثمان بالفضل أهل السنة يخطئونه، أما من قدم علياً على الشيخين أبي بكر وعمر فأهل السنة يبدعونه، فقال وهو أضل من حمار أهله لا شك.

علي رضي الله عنه بنفسه لا يعتقد هذا الأمر كما روي عنه في نهج البلاغة.

الكتاب المقدس عند القوم على منبر الكوفة وهو يقول: (من قدمني على أبي بكر وعمر جلدته الحد، حد المفتري).

هو يقول عن نفسه رضي الله عنه وأرضاه، وهذا بإجماع الأمة، لم يشذ إلا مجموعة قليلة، لكن لا يعتد بشذوذهم ومخالفتهم.

الذي يقدم علي على عثمان في الفضل وليس بالخلافة هذا أهل السنة يخطئونه، على أن الذي استقر عليه أهل السنة أيضأً أن عثمان أفضل من علي بالفضل وهو كذلك.

فترتيب الخلفاء الأربعة عليهم رضوان الله في أفضل كترتيبهم بالخلافة أبو بكر عمر عثمان علي.

أهل الكوفة كانوا فيهم شيء من التشيع والتحزب لعلي بن أبي طالب، كما أن أهل الشام في تلك الأزمنة فيهم شيء من التشيع والتعصب لبني أمية ومعاوية على وجه الخصوص.

وأهل السنة وسط بريئين من ذلك، فسفيان ولد في الكوفة فتأثر في هذا المحيط الذي حوله فيه شيء من التشيع لعلي بن أبي طالب.

لأنه كان يثلث بعلي ولا يثلث بعثمان، هذا مما أخذ عليه، ولكن ليس هو برافض، بل أنه من أهل السنة.

ولكن كان عنده هذه المخالفة اليسيرة والتي تحتمل هو لا يسب عثمان ولا في أبي بكر وعمر لا يطعن في عرض عائشة.

لا يقول القرآن محرف، لا يقول في عصمة الأئمة، لا يقول بوجود المهدي المسردب، هذه الخرافة لا يقول بالمتعة ولا يقول بالخمس.

هو من أهل السنة وكل هذه القضايا ما ظهرت في زمن علي بن ابي طالب ولا في زمن الحسين، ما ظهرت إلا متأخرة لأنه مذهب سياسي خبيث وهدام لكنه أتخذ من التشيع لآل البيت ستار.

المسألة الثانية التي أخذت عليه، هو أنه يقول ويفتي بجواز النبيذ، نبيذ التمر.

ومعلوم أن كل مسكر حرام، ولا يلزم أن يكون هذا الخمر من خمر العنب.

كل مسكر حرام فهو كان معروف من مذهب أبي حنيفة، مما أخذ عن الأحناف وأبو حنيفة بالكوفة، فكان مذهبهم سائد في ذلك الوقت.

والأمر يسير ولا يوجد عالم إلا وله ذله ومخالفة، أبى الله العصمة إلا لكتابه ورسوله.

لكن هذه المخالفات اليسيرة المغمورة في بحار حسناتهم لا تسقطهم، هذا من الظلم أن تسقط أمثال هؤلاء الأئمة.

فتقول هذا خالف لا اوفق عليه وخلص وكفى بالمرء أن تعد معايبه.

ويكمل الكلام الإمام الذهبي بعد أن ذكر الإشكالية التي أخذت على سفيان أنه في تشيعه يسير لعلي، وأنه كان يقول بالنبيذ، ويقال رجع عن ذلك أي عندما تبين له الحق في مسألة علي بن أبي طالب وكذلك في مسألة النبيذ رجع عن ذلك.

وهذا هو الظن بهؤلاء العلماء الذين يديرون مع الحق حيث دار.

وقال الذهبي وكان ينكر على الملوك ولا يرى الخروج عليهم، كان شديد ولا يرى الخروج وهذا فصل سابقاً.

وأيضاً مما أخذ عليه أنه كان يدلس في روايته كان يدلس عن الضعفاء، ليس كحال شعبة لا يقبل بالتحديث إلا أخبرنا وحدثنا.

إلا أن سفيان يقبل في التدليس وكان يدلس، وقال ربما دلس عن الضعفاء.

وقال كان سفيان بن عيينه مدلساً وما عرف له تدليس عن ضعيف، وهذه أمور يسيره محتملة لا تخرج الإنسان من دائرة أهل السنة ولا تجعله في خانة أهل البدع.

هذه من الأخطاء المغفورة التي لا يخرج بها عن دائرة أهل السلف.

فضائل سفيان الثوري

قال وكيع سمعت سفيان يقول( ليس الزهد بأكل الغليظ ولبس الخشن لكنه قصر الأمل وارتقاب الموت).

أي من الممكن أن يكون الإنسان غنياً أميراً وجيهاً ويكون زاهداً، ليس شرطاً أن يكون الإنسان زاهدا ً فيكون شحاداً يتعفف الناس.

هذا ليس صحيح ولكن من الممكن أن يوجد من الناس من هو فقير وفي قلبه من التعلق بالدنيا والكبر لما لو وزع على أهل الأرض لوسعهم.

وهذا قد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم قال (وعائل مستكبر) فقير وحافي، ومع ذلك فيه من الكبر والله أعلم.

 الأخر الغني لو وقع في شيء من الكبر قد يغتر بملكه وأمواله وعقاراته ومنصبه، فربما يداخله شيء من الكبر، وهو حرام ولكن نقول لو دخل فيه سبب، ولكن هذا الفقير دليل على سوئه وخبثه، فيقول هذا هو الزهد الحقيقي أن يكون قلب الإنسان زاهداً.

قد سمعت أحد الفضلاء يقول ينقل عن رجل مليونير، يقول هذا الرجل يختم القرآن في كل يومين أي في الشهر 15ختمه، وربما كثير من الناس يعدون من الفقراء وذوي الدخل المحدود يمكن لا يختمون القرآن في الشهر مرة.

هذا الرجل الذي وسع الله عليه لم تلهه أمواله وضيعة وأرصدته، ونقل بإسناد متصل قال أعرفه.

عبد الله بن المبارك من أعبد عباد الله ومن أرق الناس قلبا ومن أكثر الناس خشية وورع، وكان من أغنياء الناس لدرجة أنه يحجج الناس على نفقته.

فكان يخرج ويقول لمن كان في قريته من يريد الحج أعطني المبلغ وأنا أصرف عليكم، ويجمع الأموال ثم يذهب بهم للحج، وأثناء الطريق يطعمهم طعاماً ربما لم يذوقوه في بلادهم، ثم يذهب بهم إلى مكة.

بعد أداءهم النسك وهم يأكلون ويشرون وينامون دون تكلفه، لأنهم يعتقدون أنهم دفعوا أموالهم سابقاً، وعبد الله بن المبارك من يدفع.

ثم يقول هل أوصاكم اهلكم شيئاً، فيتبضعوا ثم يذهب بهم إلى المدينة، وبعد أن ينتهوا يعودون لبلادهم، ثم بعد عودتهم لبلادهم يجمعهم على عشاء أو غداء.

وبعد أن يطعمهم يدعوا غلامه ويأتي بهذه الصرر وهي الأموال التي دفعوها، ويعطيهم إياها.

فالذي يستطيع أن ينفق هذه النفقات هو غني ومن أورع الناس، وخرج مجاهداً في سبيل الله، لا يلزم أن يكون الإنسان غنياً فاسقاً وفقيراً تقياً وخير المال الصالح.

يقول أبو قطن عن شعبه (ساد سفيان الناس بالورع والعلم).

وعن أبي السر قال قيل للفضيل بن عياض والذي كان سارقا ًقاطع طريق، ويوم من الأيام أتى ليتسور جدار يذهب لجارية يلقاها.

وهو يتسور في الليل سمع قارئاً يقرأ قول الله عز وجل (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم ۖ).

ألم يأن أي لم يأتي الوقت أن تتوب وترجع، أن تخشع قلوبهم لذكر الله تخيلوا في طريقة للسرقة ولقاء هذه الجارية فوقف وسمع هذه الآية. فقال بل آن يا ربي ثم ترك هذا الأمر ورجع عنه وتاب وأصبح يلقب بعابد الحرمين.

أبو يوسف الجويني الإمام المعروف يلقب بإمام الحرمين لأنه كان له مقام في المدينة وفي مكة درس هنا وهنا.

وأيضاً الفضيل بن عياض نزل بمكة وفي المدينة وكان عابد هنا وهناك وكان سارقاً لكلمة سمعها تاب لله عز وجل.

قيل له الفضل بن عياض ما كان يذهب إليه من الورع فقيل له: من إمامك في هذا، فقال من سفيان الثوري عليه رحمة الله.

 عبادة سفيان الثوري

عن علي بن الفضيل، وأظنه علي بن الفضيل بن عياض، لأن الفضيل بن عياض له ابن هو علي، وكان من أعبد الناس ومن أحسن الناس صلاة.

قال (رأيت سفيان الثوري ساجداً حول البيت الكعبة فطفت سبع أسابيع قبل أن يرفع رأسه) أسابيع أي أشواط.

لو نطوف سبعة أشواط ونقول إن صحن الحرم فارغ ونقول مثلاً كل طوفه تأخذ خمس دقائق فسبع طوافات بخمس دقائق، أي ما يزيد عن نصف ساعة وهو ساجد لله تعالى.

عن ابن وهب قال (رأيت الثوري في الحرم بعد المغرب صلى ثم سجد سجدة فلم يرفع رأسه حتى نودي بصلاة العشاء).

كما ينقل عن اويس القرني من أئمة التابعين، والذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان باراً بأمه، كان يعبد لله أمراً فوق الخيال، يجعل ليله للركوع فيجعل غالب صلاته راكعاً، والركوع عبادة عظيمة.

لو ركع الإنسان وتأمل في هذا الذكر الذي يقوله سبحان ربي العظيم، بينمنا في السجود يقول سبحان ربي الأعلى، وهل هناك حكمة؟ نعم لان هذه ليلة السجود وربما يسجد طيلة الليل لله رب العالمين.

وأظنه هو الذي قال (والله لأعبدن الله عز وجل في الأرض كما تعبده الملائكة في السماء).

نقول هذه القصص لنتأسى ونقف عند هذه الومضات المشرقة لنشحذ الهمم ونعمل كعملهم.

سفيان الثوري يعظ نفسه

وعن عبد الله بن عبدان قال: حدثنا عبد الله أن رجلاً كان يتبع سفيان الثوري أي يلاحظه، فيجده دائما يخرج رقعة من ثوبه ينظر فيها ثم يعيدها، فحب هذا الرجل أن يعلم ما في هذه الرقعة.

ففي يوم من الأيام وقعت الرقعة في يده فإذا فيها مكتوب (سفيان أذكر وقوفك بين يدي الله عز وجل).

وهذا فائدة جميلة بعضنا لا يسلك هذا المسكلك، وهذا مسلك سلفي أثري، أن يعظ الإنسان نفسه ويذكر نفسه بنفسه.

بعض الناس يجب أن يذكرهم أحد، أو ينتظر من جمعة لجمعة حتى يسمع موعظة، يجب أن تكون حريصاً على نفسك أكثر من غيرك عظ نفسك بكلمات موجزة، أنت أعلم بزلاتك وذنوبك ومعاصيك فعظ نفسك.

عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يفعل هذا الأمر، كان مع أحد الصحابة أظنه أنس، كانا يسيران ثم فصلهم جدار، أي واحد ذهب يمين وأخر يسار فيقول سمعته يقول (عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخن بخ والله لتتقين الله ابن الخطاب أو ليعذبنك الله).

فيحتاج المسلم أن يعظ نفسه، لأنك أنت أعلم بأخطائك وزلاتك وذنوبك والله اعلم بك من نفسك.

نحن لا نقول أن تجعل رقعة أو ورقة أجعل معك أشرطة أو سيديات في السيارة مواعظ تتكلم عن الجنة والنار والموت والجحيم، حتى تقرع هذه القلوب قرعاً تهزك هزاً لتحرك هذه النفوس.

لأن هذه القلوب يعلوها الصدأ، وهذا الصدأ الذي يكن على القلب وهو لا يزال بمنظفات هذا يزال بذكر الله والأخرى والموت، كما أوصاك نبيك صلى الله عليه وسلم أكثروا من ذكر هادم اللذات.

عن سفيان بن عمر قال: صلى بنا سفيان الثوري المغرب فقرأ قول الله عز وجل (إياك نعبد وإياك نستعين) قرأها فبكى حتى انقطعت قراءته، ثم عاد فستأنف القراءة وقال: الحمد لله رب العالمين ولم يستطع أن يكمل إياك نعبد وإياك نستعين.

القرآن كله مرده لهذه الآية والدين كله من التوحيد إلى إماطة الأذى عن الطريق مرده لهذه الآية.

لكن هم هؤلاء الكبار الذين اختلط القرآن وتفسيره والفقه بشحمهم ولحمهم، يتكلمون بآيات وأحاديث ليسوا كحالنا كل آية يقرؤونها يتدبرون ويتمعنون معانيها ولذلك يتأثرون بالقرآن عليهم رحمة الله.

عن عبد الرحمن ابن رسته، سمعت أبن مهدي يقول: بات سفيان عندي ليله قال فجعل يبكي في قيام الله في صلاته فقيل له: كل ذلك من الذنوب.

فقال: (لذنوبي أهون عندي من ذا ورفع شيئاً حقيراً من الأرض عوداً أو أذى، قال ولكني أخاف أن أسلب الإيمان قبل أن أموت).

لحظات الاحتضار وساعات الانتقال من الدنيا إلى الأخرة لحظات حرجة والأعمال بخواتيمها، فالإنسان ممكن لذنب واحد يمكر الله به بلحظات الاحتضار، فيسلب منه الإيمان.

وهذا واقع أقرأ الجواب الكافي لابن القيم، والسيد الخاطر لابن الجوزي وغير، هناك كتب كثيرة عند أهل العلم لحال المحتضرين، وكتاب المحتضرين لابن أبي الدنيا عندما يذكر سوء الخاتمة.

 من الناس من يقال لهم قل لا إله إلا الله، هكذا يلقن يقول لا أستطيع أن أقولها، يسلب الإيمان ويحول بينه وبين أن يقول هذه الكلمة.

لو تفكر الإنسان بهذا المعنى ربما يبكي إيامه ولياليه إلى أن يموت، وأن يسلب الإيمان عند لحظات الاحتضار فقال هذا الذي كلما فكرت فيه بكاني.

وعن يحيى القطان قال ما رأيت رجلاً أفضل من سفيان لولا الحديث، كان يصلي ما بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، فإذا مع مذاكرة الحديث ترك الصلاة وجاء.

وليس هذا بالغريب الأن في زماننا من العلماء من يفعل هذا الأمر يصلي بين الظهر والعصر، ليس بأمر غريب ولا يتصنع، ومن الذي يعرفه من لازمه.

لذلك كثير من الأحوال لا تعرف عنهم إلا بعد وفاتهم، وهنا تأتي أهمية الوقف على سيرهم، بعض الناس ينظر أن العالم عبادته ما تظهر لهم وليس صحيح قد يكون له في بيته شأن أخر.

وسمعت بعض مشايخنا يحدث عن بعض مشايخه دون ذكر اسماً، يعرف عنه أنه من عادته يحي ما بين الظهر والعصر في كل يوم غالباً، هذا الوقت يقضي في الصلاة تطوع لله عز وجل.

يقول عن عبد الله بن مهدي: كنا عند سفيان الثوري فكأنه قد أوقف للحساب من كثرة حضور القلب والخشوع والتفكر في الأخرة، غلب عليه على أمر دنياه، كأنه الأن يحاسب بين يدي الله عز وجل، قال: فلا نتجرأ أن نكلمه هيبة له وتقديراً.

قال: فنعرض بذكر الحديث فيشغل ثم يدخل معنا في مجال الحديث وينسى ما كان فيه فنسوق الأسانيد ونتذاكر الحديث.

موقف من حياة سفيان الثوري

سفيان الثوري عليه رحمة الله على هذه الفضائل الكثر التي مرت معنا بالحديث والزهد والورع والخشية والعلم والعمل، وكان إمام بالسنة كما قال، لا يعني أنه يسير التشيع أنه رافضي لذلك نقل عنه الحافظ الذهبي رحمه الله هذه الكلمة.

جاءه شعيب بن حرب قال: قلت لسفيان الثوري حدثني بحديث في السنة ينفعني الله به، فإذا وقفت بين يديه وسألني عنه قلت يا رب حدثني بهذا سفيان فأنجو أنا وتأخذ أنت.

أملاه جملاً تعد زبدة عقيدة السلف، نظراً لأن في زمانهم كثرت الأهواء والفرق وكثرت البدع وأطلت برأسها، كبدعة الخروج والرفض بدعة القدر وبدعة الإرجاء، وكل بدعة تفرخ بدع وطوائف.

 فاحتاج أهل السنة أن يبينوا الصحيح، فصنف الكتب التي تبين الصراط المستقيم.

فقال له سفيان (أكتب بسم الله الرحمن الرحيم القرآن كلام الله غير مخلوق) خلافا للمعزله الذين يقولون القرآن مخلوق، قال منه بدأ وإليه يعود مخالف لأهل الكلامة الذين يقولون هو كلام النبي أو كلام جبريل وأعوذ بالله.

الله عز وجل يقول وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ( وكلم الله موسى تكليما ).

و يكمل سفيان (ومن قال غير هذا فهو كافر والإيمان قول وعمل) خالف الخوارج والمعزلة والجهمية فرق كثير خالفوا أهل السنة، وأهل السنة ثبتوا وتمسكوا بالكتاب والسنة والإيمان قول وعمل ونية يزيد وينقص.

وتقدم الشيخين أبي بكر وعمر من قدم غيرهم عليهم فهو رافضي خبيث مبتدع ظال كما قال ابن تيمية: أضل من حمار أهله، إلى إن قال له سفيان (يا شعيب لا ينفعك ما كتبت حتى ترى المسح للخفين).

هي مسألة فقهية ولكن خالف فيها الرافضة أهل السنة، يمسحون على أرجلهم وينكرون على أهل السنة أن يمسحوا على الحوائل، نسأل الله السلامة والعافية.

قال (حتى ترى أن إخفاء بسم الله الرحمن الرحيم أفضل من الجهر) وهذه مسألة فقهية، أن الإمام لا يجهر وإنما يسر بها.

قال (وحتى تؤمن بالقدر ) أن الله عز وجل قد قدر مقادير البشر خلاف الجهمية وخلاف الجبرية والقدرية.

قال (وحتى ترى الصلاة خلف كل بر وفاجر) قواعد في منهج أهل السنة والجماعة لأن الخوارج لا يرون الصلاة خلف كل بر وفاجر، والرافضة لا يرون ذلك ولا عبرة بخلافهم أصلاً لان الحق مع أهل السنة والجماعة.

فقال (وأن أرى الصلاة خلف كل بر تصلي خلفة وفاجر تصلي خلفه) لأن القاعد من صحة صلاته لنفسه صحت إمامته لغيره.

قال (والجهاد ماض إلى يوم القيامة) ليس كما يقول أهل البدع، الروافض يقولون بأنه لا يوجد جهاد حتى يخرج الإمام المهدي الذي لن يخرج لأنه غير موجود أصلا ولذلك عطلوا الجهاد عن الأمة فتكالب أعداء الأمة عليها في القديم وفي الحديث.

لذلك انظر لتاريخهم الطويل المظلم ما فتحوا شبراً من الأرض، ولا نصروا رايه للمسلمين، بل كانوا على العكس كانوا شوكة في خاصرة هذه الأمة، أنظر لتاريخ الأمة الطويل لترى المخازي لهؤلاء.

فقال (والصبر تحت لواء السلطان ليس فوضى) لا دين إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمام ولا إمام إلا بسمع وطاعة.

هكذا قال عبد الله بن عمر يعيش الناس لهم إمام وجماعة حتى تستقيم الأمور، ويقول الصبر تحت لواء السلطان جار أم عدل، (وأدي الذي عليك وسأل الله الذي لك).

فقلت والقائل شعيب (يا أبا عبد الله الصلاة كلها؟ قال: لا لكن صلاة الجمعة والعيدين صلي خلف من أدركت)، ولعله يرى أن صلاة الجماعة لا تجب في المسجد فلذلك قال هذا الكلام.

(فأما سائر ذلك فأنت مخير لا تصلي إلا خلف من تثق به وتعلم أنه من أهل السنة، فإذا وقفت بين يدي الله وسألك عن هذا الذي أمليته عليك فقل يا ربي حدثني بهذا سفيان بن سعيد ثم خلي بيني وبين ربي عز وجل).

ويقول هذا من الثقة وأن كل كلمة قد قالها يعلم أنها من الكتاب والسنة.

قال الإمام الذهبي معقباً على هذا الكتاب هذا ثابت عن سفيان.

وفاة سفيان الثوري

توفي بعد أن فر بدينه من أبي جعفر المنصور، بعد ذلك المهدي من خلفاء بني العباس فر منهم لسنوات بمكة، وفي البصرة ثم جاءت منيته بالمرض رحمه الله.

توفي رحمه الله بعد أن عانى المرض في شعبان سنة 161 هـ وله من العمر 64 سنة قضاها في العلم والعبادة ونشر الخير.

مر صاحبان عبد الرحمن بن المهدي وجليل بن حازم وحماد بن زيد بعد ما دفن سفيان، فمر وتذكراه فقال قائلهم: من كان يبكي على حيّ بمنزلة بكى الغداة الثوري سفيان، فقال الأخر أبكي عليه وقد ولا وسؤدده وفضله ناظر كالغصن ريان.  

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمه رحمة واسعة، وأن يجازيه خير ما جاز عالماً عن أمة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يغفر له ما أسلف، وأن يجازيه بالإحسان إحسانا وبالسيئة عفواً وغفرانا.

وأن يجمعنا به بالفردوس الأعلى مع الحبيب صلى الله عليه وسلم، والله أعلم

أبيات شعرية لسفيان الثوري

وله أبيات جميلة يقول كان ينشدها:

إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى   ***   ولاقيت بعد الموت من قد تزودا

ندمت على ألا  تكون كمثله   ***   وأنك لم  ترصد لما  كان أرصدا

ويقول: يَسُرُّ الْفَتَى مَا كَانَ قَدَّمَ مِنْ تُقًى   إِذَا عرفَ الدَّاءَ الَّذِي هُوَ قَاتِلُهُ

ويقول: أرى أشقياء الناس لا يسأمونها * على أنهم فيها عراة وجُوَّع

أراها وإن كانت قليلاً كأنها  * سحابة صيف عن قليل تَقَشع

ويقول: ماضر من كانت الفردوس مسكنه … ماذا تجرع من بؤس وإقتار

تراه يمشي كئيباً  خائفا وجلا … إلى المساجد  يمشي بين أطمار        

ثم كان يقبل على نفسه فقال:

يا نفس مالك من صبر على النار قد حان أن تقبلي من بعد إدبار

أرى الرجال بدون الدين قد قنعوا وليس بعيشهم يرضون بالدون

فاستغني بالدين عن دنيا الملوك كما استغن الملوك بدنياهم عن الدين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى