إسلام

عبقريه عمر بن الخطاب



عبقريه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لعباس محمود العقاد، يقدم كتاب عبقرية عمر وصف ودراسة لأوصاف عمر بن الخطاب ومجموعة من الدلالات على خصائص عظمته والاستفادة من هذه الخصائص لعلم النفس وعلم الأخلاق وحقائق الحياة

قدم العقاد مجموة من الحوادث قد لا تكون أهم من غيرها في حياة عمر بن الخطاب لكنها كانت تقدم تعريفا بشخصية عمر ليستخلص الكاتب مجموعة من الافكار شكلت مجتمعة خريطة نفسية لشخصية عمر وأهم هذه الأفكار التي جاءت في الكتاب

عمر العبقري

( لم أرّ عبقرياً يفري فريه ) كلمة قالها النبي عليه الصلاة والسلام من علامات العظمة التي تحيي الامم أن تختص بقدرتين:

أولهما:

أن تبتعث كوامن الحياة ودوافع العمل في الأمة بأسرها

والأخرى:

أن تنفذ ببصيرتها إلى أعماق النفوس فتعرف بالبديهة الصائب فيم تكون عظمة العظيم ولأي المواقف يصلح

وكلتا القدرتين كان لهما الحظ الوافر في سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

وقد كان عمر قوي النفس، بالغاً في القوة النفسية ولكنه على قوته البالغة لم يكن من أصحاب الطمع، ولم يكن ممن يندفعون الى الغلبة والتوسع في السلطان والجاه يحفزه إليه وهو كاره،

لأنه كان مفطوراً على العدل وإعطاء الحقوق والتزام الحرمات ما لتزمها الناس من حوله وكان من الجائز أن يهجيه خطر على قبيلته فينبري لدفعه ويبلى في ذلك بلاء يتسامع به العرب في جيله وبعد جيله

صفاته:

كان عمر رجلا ممتازا بعمله ممتاز بتكوينه فإذا وصفته للأقدمين الذين يقيسون العبقرية بالفراسة والخبرة

عرفوا من صفته ان الذي يوصف لهم رجل ممتاز واذا وصفته للمحدثين الذين يقيسون العبقرية بالعلم

عرفوا من تلك الصفة أنه رجل ممتاز أو رجل موهوب

كان مهيبا رائع المحضر حتى في حضرة النبي الذي تتطامن عنده الجباه وأولها جبهة عمر

( أذن النبي يوماً لجارية سوداء أن تفي بنذرها ” لتضربن بدفها فرحاً أن رده الله سالماً فأذن لها عليه السلام أن تضرب بالدف بين يديه ودخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب والصحابة مجتمعون فما هو إلا أن دخل عمر وحتى وجمت الجارية وأسرعت إلى دفها تخفيه والنبي عليه السلام يقول:

إن الشيطان ليخاف منك ياعمر ومن صفاته أنه كان طويلاً جسيماً صلباً يصرع الأقوياء وكانت له فراسة عجيبة نادرة يعتمد عليها ويرى أن (من لم ينفعه ظنه لم تنفعه عينه)

العدل والرحمة والغيرة والفطنة والإيمان الوثيق صفات مكينة فيه لا تخفى على ناظر وأكثر ما اشتهر به عمر العدل، فقد كان عادلاً

لأنه ورث القضاء من قبيلته وأبائه فهو من أنبه بيوت بني عدي الذين تولوا السفارة والتحكيم في الجاهلية  وكان عادلا لأنه قوي مسقيم يتكوين طبعه أو بتكوين الموروث

إذ كان أبوه وجده نفيل من أهل الشدة والبأس وطبع عمر بصفة الغيرة فكان الغيور بين الغيورين وقال محمد عليه الصلاة والسلام

( إن الله غيور يحب الغيور، وإن عمر غيور)  هو الذي أشار على النبي بحجاب امهات المسلمين وكان يرى احداهن في الظلام ذاهبة لبعض شأنها فيقول لها:

عرفتك يافلانة،ليريها بأنها بحاجة لمزيد من التحجب وقد ضجرت إحداهن منه لهذا فقالت له:

وإنك علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل في بيوتنا

على ان الغغيرة في ابن الخطاب لم تكن مقصورة على المرأة بل غيرته على المرأة لم تكن إلا شطراً وغيرة عمر غيرة محمودة فهو يغار على حق أو يغار على عرض أو يغار على دين أو يغار على صديق وصاحب حرمة ولا يغار من هذا وذاك لنعمة أصابها

إنما كان يغار على شيء يحميه ويعلم من نفسه القدرة على حمايته فهي غيرة من يريد الحماية لغيره ولا يريد انتزاع الخير لنفسه عمر والدولة الاسلامية يعد عمر بن الخطاب مؤسسا للدولة الاسلامية قبل ولايته الخلافة بسنتين فكان مؤسسا لها منذ أسلم فجهر بدعوة الإسلام وأذانه وأعزها بهيبته وعنفوانه

وكان مؤسساً لها يوم بسط يده إلى أبي بكر فبايعه بالخلافة وحسم الفتنة التي أوشكت أن تعصف بأركانها

وكان مؤسساً لها يوم أشار إلى أبي بكر بجمع القرآن الكريم وهو في الدولة الإسلامية دستور الدساتير

أما ملاك النظم الحكومية فجعلها كلها نظام شورى فجمع عنده نخبة الصحابة للمشاورة والاستفتاء، وجعل موسم الحج موسما عاما للمراجعة والمحاسبة

واستطلاع الاراء في اقطار الدولة يفد فيه الولاة والعمال لعرض حسابهم واخبارهم واخبار ولاياتهم ويفد اصحاب المظالم والشكايات لبسط ما يشكيهم ويفد فيه الرقباء الذي كان يبثهم في انحاء البلاد للمراقبة فهي جمعية عمومية

كأوفى ماتكون الجمعيات العمومية في عصر من العصور وقبل ان يضع دستورا للبلاد وضع دستورا لنفسه قوامه ان الحكم محنه للحاكم ومحنة للمحكومين وان الخليفة مسؤول عن ولاته واحدا واحدا في كل صغيرة وكبيرة ولا يعفيه من اللوم أنه أحسن الاختيار

قال يوما لمن حوله:

( أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمرته بالعدل أكنت قضيت ماعلي؟

قالوا نعم

قال لا حتى انظر في عمله أعمل بما أمرته أم لا )

ولما سئل يحل للخليفة من مال الله، قال: (إنه لا يحل لعمر من مال الله إلا حلتان: حلة الشتاء وحلة للصيف وما أحج به وأعتمر وقوتي وقوت أهلي كرجل من قريش ليس بأغناهم ولا بأفقرهم ثم أنا بعد رجل من المسلمين)

قبل ان يقال إن عمر كان أكبر فاتح في صدر الإسلام ينبغي ان يقال أنه كان يومئذ أكبر مؤسس لدولة الإسلام وإنه أسسها على الإيمان ولم يؤسسها على الصولجان

خرج يوما يوقظ الناس لصلاة الفجر ثم يسوي الصفوف للصلاة فلم يؤم الناس حتى فاجأه القاتل بطعنتين إحداهما في كتفه والأخرى في خاصرته وقبل ثلاث طعنات

فلم تشغله هذه الطعنات عن الصلاة ولم يفكر ان يشغل المسلمين بمقتله عن أداء فريضتهم 

وسأل عن عبد الرحمن بن عوف ليصلي بالناس ولم يهمه من قتله وبعد أن حمل إلى منزله إلا أن يعرف المظلمة كان قتله أم لبغي من القاتل؟ فلم علم أنه أبو لؤلؤة قال:

ولم قاتله الله وقد أمرت به معروفاً ثم حمد الله قائلاً: (الحمد له الذي لم يجعل قاتلي يحاجني عند الله بسجدة سجدها له قط، ما كانت العرب لتقتلني) وهمه بعد ذلك أن يلقى حسابه عند الناس وهو وشيك أن يلقى حسابه عند الله فأمر ابن عباس أن يخرج إلى المهاجرين والأنصار يسألهم:

أعن ملأ منكم ومشورة كان هذا الذي أصابني؟

فصاحوا معلنين

( والله ولو وددنا أن الله زاد في عمره من أعمارنا ) وتوفي رضي الله عنه بعد ان وصى ان يدفن بجوار صاحبيه رسول الله عليه الصلاة والسلام وأبو بكر الصديق

وقال شهود دفنه (فلما حمل فكأن المسلمين لم تصبهم مصيبة إلا يومئذ)

اقرأ أيضاً…الإمام علي – عبقرية الإمام علي رضي الله عنه

اقرأ أيضاً… حرب أصحاب الفيل، القصة الكاملة بالتفاصيل الخفية التي لم تروى

اقرأ أيضاً… السيدة فاطمة الزهراء | كيف ماتت؟ ولماذا دفنها الإمام علي سراً؟

عبقريه عمر – عبقريه عمر – عبقريه عمر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى