أخبارالحياة والمجتمعحول العالممال وأعمال

هل سيتفكك الاتحاد الأوروبي بسبب كورونا

الاتحاد الأوروبي بداية النهاية: في الفترة الأخيرة بدأنا نسمع عن تغيرات في موازين القوى العالمية تحصل قريباً.

وخصوصاً بعد ما يحصل بسبب فيروس كورونا وتأثيره المدمر على اقتصادات الدول الكبيرة.

شكل من أشكال تغيّر موازين القوى هو تفكك الاتحاد الأوروبي، حيث كانت تشير التوقعات إلى أنه سيتفكك بعد 10 أو 20 سنة.

وهذا الحديث كان قبل فيروس كورونا، لكن بعد فيروس كورونا فالكلام اختلف جذرياً.

نشأة الاتحاد الأوروبي

نشأة الاتحاد الأوروبي

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أصبح في العالم قوتان أمريكا والاتحاد السوفييتي، أما أوروبا حينها كانت مدمرة ومهلهلة بسبب الحروب.

وحينها دعا رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل إلى ضرورة تجمّع أوروبا لتكون القوى العظمى الثالثة ويكون لأوروبا وزن في العالم.

وفي نفس الوقت هناك هدف أكبر هو الحماية من خطر تمدد الاتحاد السوفييتي في أوروبا وتمدد الفكر الشيوعي.

وخاصة أن الاتحاد السوفييتي كان مسيطراً على ألمانيا الشرقية. وبرغم هذه الدعوات لم يكن هناك أي استجابة حقيقية حتى 1950.

حين أقدم وزير الخارجية الفرنسي روبرت شومان على اتفاقية مع ألمانيا الغربية لإنتاج الفحم والصلب معاً وتكوين اتحاد صغير بينهما.

بالتالي من وجهة نظره أنه من المستحيل أن هذه الدول تحارب بعضها بعد ذلك لأن الفحم والصلب كان من أهم العناصر لتقوم حرب ما بين بلدين في هذا التوقيت.

لم يمضي أكثر من أربعة أشهر على هذه الاتفاقية، حتى انضمت إليهم أربعة دول وهي إيطاليا ولوكسمبورج وهولندا وبلجيكا.

والاتحاد فيما بينهم في أمر صغير مثل انتاج الفحم والصلب ونحوها كان ناجحاً جداً، وهذا كان النواة الحقيقية للتمهيد لإنشاء الاتحاد الأوروبي.

بعد ستة سنوات وفي عام 1957 استطاعت هذه الدول الست أن يجتمعوا في إيطاليا ويتفقوا على إنشاء السوق الأوروبية المشتركة.

أي تجارة أكبر ومصالح متبادلة فيما بينهم بدون جمارك وحرية حركة للعمال أي ازدهار اقتصادي أكثر لكل البلاد المشاركة.

كيف انضمت بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي

كيف انضمت بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي

حينها كانت بريطانيا تراقب ولا تريد الانضمام، حتى وجدت أن الاتحاد ناجح وله أثر إيجابي جداً على اقتصادات الدول المشاركة.

فطلبت الانضمام إليهم في الاتحاد، لكن الرئيس الفرنسي شارل ديغول رفض، والرفض لم يكن لمرة واحدة بل لثلاث مرات.

فشارل ديغول لم يكن يريد لبريطانيا أن تدخل الاتحاد، لأنه كان يرى أن بريطانيا أقرب كحليف للولايات المتحدة الأمريكية.

فخاف أن بريطانيا تدخل وتؤثر على قرارات الاتحاد لصالح أمريكا. ظلت بريطانيا تحاول الدخول في الاتحاد الأوروبي حتى سنة 1969.

حين استقال شارل ديغول عن الحكم وبالتالي أصبحت فرصتها أكبر في الدخول في الاتحاد وتم قبولها فعلاً عام 1973.

منذ ذلك التاريخ وإلى سنة 1979 بدأت دول أخرى تشارك وتدخل في الاتحاد الأوروبي.

نشأة عملة اليورو ومشكلة اليونان

نشأة عملة اليورو ومشكلة اليونان

سنة 1979 فكرت الدول الأعضاء في الاتحاد بأن ينشئوا العملة الأوروبية الموحدة، لكن طرحها لم يكن سهلاً أن يتم بسرعة.

بل يجب أن تصل باقتصادات الدول المشاركة إلى معايير وأرقام معينة، وبالتالي يكونوا قادرين ومتقبلين فكرة العملة الموحدة.

لذلك عام 1979 أنشأوا نظام ERM أو Exchange Rate Mechanism وهو نظام للسيطرة على أسعار صرف عملات الدول المشاركة.

عام 1992 كان الاتحاد السوفييتي قد انهار وألمانيا توحدت وتجمعت دول أوروبا التي كانت مشاركة في الرابطة الاقتصادية وأنشأوا الاتحاد الأوروبي بالشكل الذي نعرفه حالياً.

ظهرت عملة اليورو عام 1999 وأوروبا أصبحت سعيدة بما وصلت إليه لكن بدأت المشاكل مع انضمام اليونان عام 2000.

وتزويرها ارقامها الاقتصادية لتظهر أنها ضمن المعايير الاقتصادية لباقي دول الاتحاد الأوروبي ولا مشكلة من إنضمامها إلى عملة اليورو.

وتأتي أزمة عام 2008 وتعري الجميع، وتنهار دولة اليونان وينكشف التزوير الذي قامت به.

فيحاول الاتحاد الإثبات لأعضائه والعالم كله أنه لن يترك اليونان تغرق في مشاكلها الخاصة فأعطوها حزم مساعدات على شكل ديون.

ومنذ 2010 إلى وقتنا الحالي ومشكلة اليونان لم تحل بل غرقت بالديون، فلم تقبل بالقواعد التقشفية التي فرضها عليها الاتحاد.

وهنا تبدأ الحركات اليمينة المتطرفة والحركات الشعبوية في اليونان باستغلال هذه الحالة لتصل إلى السلطة وبالتالي تحارب لتخرج من الاتحاد.

مسألة البريكست

مشكلة الاتحاد الأوروبي حالياً هي الأحزاب اليمينة لأنه في عام 2015 بدأت هذه الأحزاب في بريطانيا تنادي للخروج من الاتحاد.

وعلى عكس المتوقع تأتي نتيجة الاستفتاء في بريطانيا لصالح الخروج وتخرج بريطانيا من الاتحاد بما سمي البريكست.

وخلال بحث الاتحاد الأوروبي عن حل لخروج بريطانيا، وإذ يجد إيطاليا تقع في أزمة ديون فالمفروض على الاتحاد أن ينقذها.

لكن حتى ينقذ إيطاليا عليها أن تنفذ القواعد التقشفية التي يفرضها عليها الاتحاد، ولكن إيطاليا ليست مثل اليونان.

وحدث صدام ما بينهم على مدار سنتين من 2018 إلى الوقت الحالي، واتفقوا على مضض على مساعدات وأرقام ميزانية.

المهم أن الاتحاد الأوروبي أثناء وقوعه في أزماته يقوم ترامب بزيادة بعض التعرفات الجمركية على الاتحاد كما فعل مع الصين.

ولا تكاد مشكلة التعرفات الجمركية تحل حتى يأتي فيروس كورونا.

مصادر تمويل الاتحاد الأوروبي

أمر يجب أخذه بعين الاعتبار وهو أن الاتحاد الأوروبي له محفظة يصرف منها على المشاريع والتطوير والخطط في الدول الأوروبية.

وتأتي هذه الأموال من الدول المشاركة بأن تخرج كل دولة نسبة 1% من دخلها القومي. بالإضافة إلى أن له مصادر أخرى يجني منها المال.

على الرغم من أن دولة مثل ألمانيا من الدول التي تساهم بأكبر رقم 17 مليار يورو سنوياً بعكس اليونان.

التي هي من أكبر الدول التي تستفيد من الميزانية إلا أننا نجد أن اليونان يخرج منها أصوات للخروج من الاتحاد.

وفي ألمانيا لا يريدون الخروج بل يريدون البقاء، مع أن المفروض أن ألمانيا ليست هي المستفيدة.

ألمانيا الدولة الأهم في الاتحاد الأوروبي

الحقيقة عكس ما يظهر فإن ألمانيا من أكبر الدول المستفيدة من الاتحاد الأوروبي ومن أكبر الدول التي تحافظ على الاتحاد.

وهذا لأن ألمانيا من أكبر الدول المنتجة والمصدرة ولا تريد خسارة سوق 28 دولة، بالإضافة إلى أن ألمانيا تعتبر أن لها السيادة الأكبر في الاتحاد والعضو الأقوى سياسياً.

فلها قدرة التأثير على قرارات عن غالبية الدول وبالتالي لها قوة سياسية عالمية من خلال الاتحاد.

وجهة نظر بريطانية

بريطانيا ليست مثل ألمانيا اقتصادياً، وبريطانيا ترى أن ألمانيا هي المستفيدة الأكبر والمهيمنة على الاتحاد الأوروبي.

والبريطانيون أصحاب دعوة الخروج من الاتحاد الأوروبي يرون أن وجودهم في الاتحاد يسبب خسارة مالية لهم بلا فائدة.

فبريطانيا تشارك سنوياً بمبلغ 12 مليار يورو أي في سبع سنوات 84 مليار يورو، وهذا ما يسبب فجوة كبيرة جداً في ميزانية الاتحاد.

فإن ميزانية الاتحاد ليست سنوية بل تخرج كل سبع سنوات وآخر ميزانية كانت في عام 2013 وستنتهي في سنة 2020.

معضلة الميزانية الجديدة

في نهاية 2020 سيتم وضع ميزانية جديدة للسنوات السبع القادمات، لذلك حالياً هناك خلافات كبيرة جداً ليعوضوا 84 مليار يورو.

فإما الدول المشاركة تزيد نسبة مشاركتها أو يقللوا الإنفاق على المشاريع التي خططوا لها.

وحتى الآن دول الاتحاد الأوروبي منقسمون انقساماً كبيراً في هذا الأمر وجاء فيروس كورونا وأضاف مشكلة أكبر.

في إحصائية تمت عام 2017 عن دول الاتحاد الراضين عن وضعه وستجد أمراً خطيراً فالدول الأولى تتقدمها ألمانيا المستفيدة الأكبر.

وآخر مركز بين الدول ستجد إيطاليا وهي تشارك سنوياً بمبلغ 3.7 مليار يورو في الميزانية وليست را    ضية عن وضعها.

وحالها أقل من حال بريطانيا التي تسبقها بست مراكز تقريباً، وقد خرجت بريطانيا من الاتحاد.

هل ستخرج إيطاليا من الاتحاد

الآن في إيطاليا يوجد أحزاب يمينة شعبوية، فيتوقع أن تكون إيطاليا الدولة التالية التي ستخرج من الاتحاد الأوروبي.

ولو خرجت إيطاليا فيعتبر وبنسبة كبيرة جداً أن الاتحاد الأوروبي قد انتهى، وما يعزز فكرة خروج إيطاليا هو فيروس كورونا.

لأن الدول الأوروبية لم تقم بمساعدة إيطاليا عندما أصبحت من أوائل الدول الأوروبية الموبوءة بفيروس كورونا .

حيث قام الجميع بإقفال حدودهم بسرعة وبدون تقديم أية مساعدات بل مجرد خطابات ورسائل.

وحتى ولو حصل وقام الاتحاد الأوروبي بمساعدة إيطاليا فقد جاء ذلك متأخراً جداً على عكس دول أخرى مثل روسيا.

التي كانت من أوائل الدول التي بعثت بمساعدات لإيطاليا ومن بعدها الصين ومن ثم مصر.

فالأولى أن تساعد دول الاتحاد إيطاليا في محنتها، والنتيجة غضب الإيطاليين لدرجة أنهم نشروا فيديوهات وهم يحرقون أعلام الاتحاد.

نعم هناك مشاكل، وعاجلاً أم آجلاً الاتحاد الأوروبي سيتفكك، لكن ما الذي سيحدث بعد التفكك؟ وما علاقة روسيا والصين بالتفكك؟ وما الذي سيستفيدون منه؟


المصادر

قناة اقتصاد الكوكب

Majority of Europeans ‘expect end of EU within 20 years’

The Demise of the European Union

Will Brexit and coronavirus end the EU?

Coronavirus could be final straw for EU, European experts warn

Coronavirus crisis puts EU credibility on the line, says France

Coronavirus shakes foundations of the European Union


 مواضيع ذات صلة

كيف تتجهز للأزمة الاقتصادية عام 2020

أنجيلا ميركل المرأة الحديدية 


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى