تمثال الحرية
يعتبر تمثال الحرية أحد أشهر المعالم، إن لم يكن الأشهر في العالم، أي شخص يزور مدينة نيويورك يمكنه رؤية هذا المعلم، لكن لا يعلم الجميع أن سيدة الحرية لها أسرارها الخاصة، أحد هذه الأسرار يقول أنها قد لا تكون سيدة أبداً، لنبدأ الحديث عن هذه أسرار:
أولا:
كان تمثال الحرية مجزئ إلى قطع، يصعب كثيرا تخيل ذلك لكن التمثال وصل من فرنسا في السابع من يونيو من عام 1885 في أكثر من ثلاثمئة قطعة نحاسية وتم نقل الشحنة الثمينة في 214 صندوقا على متن السفينة الفرنسية إيزير،
لكن لم تكن الذراع الشهيرة الحاملة للشعلة موجودة هناك بل كانت تقف في مانيسوسغويربارك لستة سنوات للمساعدة في جمع الأموال لتمويل قاعدة التمثال، عندما وصلت السفينة التي تحمل التمثال اتى مئتا ألف شخص للترحيب به في أميركا وأقيمت مراسم الافتتاح الرسمية، في ال28 من أكتوبر 1886 وترأسها الرئيس غرافور كليفلان.
ثانيا:
أقيمت له حملة من أوائل حملات التمويل الجماهيري، في البداية قام النحات الفرنسي فريدريك أوغستي بارثولدي في جمع أموال في بلاده لبناء التمثال، ولم تقم الحكومة المحلية بتمويله في الواقع وعندما تم الانتهاء من صنعة قدمه كهدية لأمريكا بشرط واحد هو بناء قاعدة له،
لم ترق هذه الفكرة للحكومة الفيدرالية لذلك ظل حال التمثال مبهماً لبضع لسنوات، بعد ذلك تدخل الناشر الصحفي الأمريكي المؤثر جوزيف بوليتزر بالموضوع وبشكل أساسي وبدأ حملة من أوائل حملات التمويل الجماهيرية الضخمة في التاريخ ووعد كل مساهم بتحية فخرية في صحفه،
وعلى الرغم من ان 80% من التبرعات كانت مبالغ صغيرة من مواطنين من الطبقة المتوسطة فقد نجح بوليتزر بجمع المبلغ اللازم من أكثر من 120 ألف متبرع، و بالمناسبة قصيدة العملاق الجديد التي لايزال من الممكن العثور عليها على لوحة برونزية داخل التمثال كانت جزءا من حملة جمع التبرعات.
ثالثا:
لم يكن لون تمثال الحرية أخضر دائماً، تمثال الحرية مصنوع من النحاس لذلك كان لونه بالبداية مثل لون البنس الامريكي وبحسب جمعية نيويورك التاريخية فقد تحول للون الأخضر بالكامل بفعل الاكسدة بحلول عام 1920 وفي إحدى الفترات كان لونه نصف بني ونصف أخضر وقد نجى اللون الجديد بعد عملية الترميم ويقال أن الطلاء المسمى باتينا لن يختفي أبداً
رابعا:
استخدم كمنارة بالبداية كان من المفترض ان يعمل التمثال كمنارة للسفن المبحرة الى ميناء نيويورك وبعد عاميين من وصوله إلى أمريكا عمل كمنارة بالفعل لمدة ست عشرة سنة، عمل مصباح التمثال كمنارة، لم يكن ساطعاً بما فيه الكفاية وبعد استنفاذ جميع الأفكار لإصلاحه اقترح بارثولدي تغطية التمثال بالذهب بالكامل لجعل التمثال أكثر سطوعا، رفض الكونغرس هذه الفكرة لأن تنفيذها مكلف جداً.
خامسا:
يدور حول الرقم سبعة، من السهل ملاحظة وجود سبع أشواك في تاج التمثال التي ترمز إلى الحرية العالمية عبر المحيطات والقارات السبعة،
وتكمن الإشارة الأقل وضوحاً إلى الرقم سبعة في عدد النوافذ الموجودة في رأسه، توجد خمسة وعشرون نفاذة والتي تشكل الرقم 7 إن قمت بجمع عددي الرقم، كما توجد 16 ورقة حول الشعلة ويبلغ طول المعلم نفسه 151 قدم و الذي يعادل 46 متر ومجموع الأعداد في كلا الرقمين هو 7، من الجلي أن هذا الرقم قد عنى الكثير لصانعي التمثال.
سادسا:
البناء الداعم للتمثال كان من تصميم غوستاف إيفل، بنيت قاعدة تمثال الحرية في فورتود القديمة في جزيرة لايبردي وتحتضن حالياً متاحف تعرض تاريخ التمثال في صور ومقاطع فيديو قديمة وقصص شفهية مسجلة والشعلة الأصلية التي حملتها سيدة الحرية في عام 1886،
ساعد المهندس الشهير ألكسندر غوستاف إيفل في تصميم الهيكل الداخلي الفولاذي لإبقاء التمثال ثابت وهو قوي بما يكفي لتحمل ما يقرب 600 صاعقة في السنة وعندما تكون الرياح قوية قد يتمايل التمثال لمسافة سبعة سنتيمترات تقريبا والشعلة لحوالي 12 سنتيمتر،
يقود سلم مؤلف من 354 درجة إلى درج سيدة الحرية وهو مفتوح للزوار لكن يمنع الدخول للشعلة ، بعد صعودك للدرج ستصل إلى رأس التمثال وحينها بإمكانك النظر عبر النوافذ التي داخله يبدو الأمر مخيفا بعض الشيء لكن في غاية الروعة.
سابعا:
قد يكون مرتبطاً بالماسونية، توجد نظرية شائعة تتدعي أن الشكل الأساسي لتمثال الحرية كان يفترض ان يمثل فتاة ريشية عربية وكان يفترض ان يقف عند المدخل الجنوبي لقناة السويس في مصر، لم يتمكن حاكم مصر من دفع تكاليفه لذا أعاد بارثولدي تصميمه ومنحه شكلا مختلفا واسما جديدا وأرسله كهدية للشعب الأمريكي للاحتفال بذكرى الثورة الأمريكية،
إذا ما علاقة ذلك بالماسونية؟
كان بارثولدي نفسه ماسونياً فقد مثل ماسونية معبد الشرق الكبير الفرنسية، ومن هنا جاء اهتمامه بالنسر ويزعم أننه أراد وضع التمثال هناك ليرمز للشرط الذي يظهر الطريق،
الشعلة التي تحملها سيدة الحرية تعد رمزاً مهماً في ثقافة الماسونية لأنها تمثل شعلة التنوير أو شعلة العقل المتوهج، كما شارك الماسونيون في حفل وضع حجر الاساس في عام 1884، وترأسه المعلم الأكبر ويليام أي برودي بصحبة أعضاء من المنظمة الماسونية
ثامناً:
قد يعود وجه تمثال الحرية لرجل، عندما تفكر في تمثال الحرية هل تراه كامرأة؟
يعتقد الغالبية أنه يمثل إله الحرية الرومانية ليبرتاس، تقول القصة المنقولة على نطاق واسع ان بارثولدي شكل وجه التمثال على أمه لكن تزعم المؤلفة الصحفية إليزابيث ميتشل أن النحات استخدم وجه أخيه كنموذج فأثناء دراستها لصور عائلة بارثولدي لاحظت الكاتبة أن أمه تملك شكل حواجب مختلف وأنف أنحف وشفتين أرق وفم أصغر،
ثم أشارت للشبه الواضح بين أخ النحات في سنوات رشده والتمثال، بسبب حالته الصحية العقلية قضى شقيق بارثولدي سنوات في المشفى وأمضى فريدريك ساعات في مرافقته وقد ساعده ذلك في نسخ وجهه بكل التفاصيل الدقيقة،
توجد نظرية أخرى قدمتها الكاتبة الفرنسية نتالي سالمون وتتدعي ان شكل وجه سيدة الحرية مصمم على غرار جدتها سارة سالمون ووفقا لروايتها فقد اعتقد بارثولدي أن ملامح سارة جميلة للغاية
وعلى الرغم أنها هاجرت إلى أمريكا فقد زارت هي وزوجها النحات في مرسمه عندما عادا لفترة وجيزة إلى باريس في عام1875، و هناك احتمال أنه استغل هذه الفرصة لرسم سارة ثم استخدم هذه الصور كنماذج في وقت لاحق.
اقرأ أيضاً… ماتشو بيتشو (مدينة السماء المفقودة)
تاسعا:
يوجد أكثر من تمثال حرية واحد، وهنا لا نتحدث عن نسخ الهدايا التذكارية البلاستيكية أو تمثال الحرية في وسط لاس فيغاس، يمكنك العثور على تمثال حرية أصغر والذي كان النموذج الأصلي للتمثال الكبير في حديقة لوكسمبورغ في باريس،
يقف التمثال هناك منذ عام 1906 بعد أن قدمه بارثولدي لمتحف لوكسمبورغ للمعرض العالمي في عام 1900، تم تشييد نسخة أخرى للمعلم المميز في جزيرة في نهر السين للاحتفال بالذكرى المئوية للثورة الفرنسية في عام 1889 ويحتوي على تاريخين الرابع من يوليو عام 1776،
و الرابع عشر من يوليو عام 1789 و اللذان يرمزان إلى الصداقة بين الشعبين وأهمية الثورة، كما توجد نسخة بحجم طبيعي للشعلة في برج ألما في باريس، قام أشخاص من جميع أنحاء العالم بتمويل بناءه كرمز للصداقة الفرنسية الأمريكية وتم وضعه في مكان قريب من برج إيفل بالذكرى المئوية للتمثال.
اقرأ أيضاً… المنطقة 51 … ماذا تخفي؟
اقرأ أيضاً… ما الذي تكشفه الوثائق السرية عن مآساة البوسنة؟